سؤال وجواب

هل كان الطوفان إقليميًا أم عالميًا؟

 421- هل كان الطوفان إقليميًا أم عالميًا؟

يقول علاء أبو بكر ” هل حدث الطوفان في الأرض كلها؟ هذا ما تقوله التوراة في (تك 7: 6، 23) {فمحا الله كل قائم كان على وجه الأرض. الناس والبهائم والدبابات وطيور السماء. فانمحت من الأرض. وتبقى نوح والذين معه في الفلك فقط} فكيف عاشت إذًا سلالة (يابال) و(يوبال) و(توبال قايين) بعد الطوفان وأصبحوا من سكان الخيام والرعاة وعازفي الآلات الموسيقية، مع العلم أن نوحًا وذريته ليسوا من سلالة قايين؟”(1).

وقال البعض أن الطوفان كان إقليميًا، ولكن الكاتب ضخم الحدث فجعله كارثة عالمية(2)(3).

ج

أولًا: لم يذكر علاء أبو بكر الشاهد على استمرار أنسال يابابا ويوبال وتوبال بعد الطوفان، فمن المعروف أن نسل قايين لم ينجو منه أحد قط في الطوفان، ولو كلف نفسه ورجع فقط إلى فهرس الكتاب المقدَّس ص 681 لعلم أن “يابال” لم يرد إلاَّ مرة واحدة في (تك 4: 20) قبل الطوفان. وفي ص 686 يوضح أن ” يوبال ” لم يرد اسمه إلاَّ مرة واحدة (تك 4: 21) قبل الطوفان أيضًا، أما اسم ” توبال ” فنجده في ص 655 من فهرس الكتاب المقدَّس، وقد ورد مرتين، ففي (تك 4: 22) جاء اسم توبال بن قايين، وفي (تك 10: 2) ورد اسم توبال بن يافث بن آدم، وهو بالطبع غير توبال بن قايين وتوبال بن يافث ورد ضمن أبناء يافث (1 أي 1: 5) واقترن اسمه باسم أخيه يوان (أش 66: 19) واقترن اسمه أيضًا باسم أخويه ياوان وماشك (حز 27: 13) واقترن اسمه باسم أخيه ماشك (حز 32: 26) واقترن باسم أخويه ياوران وماسك (خر 38: 2، 3، 39: 1) وغير هذا لم يرد اسم ” توبال ” في أي مكان آخر من الكتاب المقدَّس، وهذا هو أ ب في أسلوب البحث.

ثانيًا: رأى البعض أن الطوفان كان إقليميًا:

وتبنى هذه النظرية ” جون سميت ” سنة 1839م الذي استبعد حدوث طوفان شامل متسائلًا: من أين أتت كل هذه المياه التي تغمر العالم كله؟ وإلى أين تذهب؟ وعالج شمولية الطوفان – من وجهة نظره الرافضة – في نحو 60 صفحة بكتابه ” الكتاب المقدَّس وعلم الجيولوجيا ” وعلل حدوث الطوفان بحدوث فوالق عظيمة (Faults) في منطقة الشرق الأوسط أدت إلى هبوط مستوى الأرض، واندفاع المياه الجوفية لأعلى، وفي نفس الوقت عندما هبط مستوى الأرض في هذه المنطقة فإنه تسبب في انخفاض الضغط الجوي مما أدى إلى سحب الهواء بشدة وحدوث أمطار غزيرة.

ويقول ” أ. ف. كيفن“.. ” هل كان الطوفان شاملًا بالمعنى الجغرافي، أي أنه غطى كل ميل مربع من وجه الأرض، أم أنه كان شاملًا بمعنى أنه أغرق كل البشر فقط..؟ إنه مادام الطوفان كان شاملًا في محو الجنس البشري، فليس من الضروري أن يكون شاملًا جغرافيًا. يسجل دليتزش Delitzsch {أن الغرض من الطوفان كان إقامة جنس بشري جديد أفضل، عن طريق إبادة الجنس القديم غير القابل للإصلاح، وكان يكفي لعلاج هذا علاجًا جذريًا، إغراق المنطقة التي كان الجنس البشري منتشرًا فيها} ثم أن المنطقة التي كان البشر منتشرين فيها كانت بالنسبة لهم هي الأفق الجغرافي، أي ” كل الأرض ” في نظرهم”(4).

ويقول الأستاذ توفيق فرج خله ” يعتقد البعض الآخر أن الطوفان كان إقليميًا قاصرًا على البقعة الآهلة بالسكان، وهي تقريبًا الجهات المتاخمة لنهري الدجلة والفرات، وأصحاب هذا الرأي يفسرون النصوص المذكورة من باب المجاز على سبيل أن الوحي أطلق الكل وأراد الجزء كما هو شائع في اللغات المختلفة وكقول الكتاب مثلًا {وجاءت كل الأرض إلى مصر ليوسف لتشتري قمحًا لأن الجوع كان شديدًا في كل الأرض} (تك 41: 57) ويقصد بذلك البلاد المتاخمة لمصر، وكقوله {وفي تلك الأيام صدر أمر من أوغسطس قيصر بأن يُكتتب كل المسكونة} (لو 2: 1) والقصد من ذلك البلاد التي كانت تحت حكمه”(5).

ويقول ” هيربرت وولف“.. ” بالرغم من الحجج القوية المؤيدة لفكرة الطوفان العام، إلاَّ أن بعض المفكرين يفسرون بأن الكتاب المقدَّس يبين لنا أيضًا بأن الطوفان كان أمرًا محليًا ومحدودًا، فمن الناحية الجغرافية فإن الكتاب المقدَّس يذكر أن مكان إقامة نوح وأهل بيته كان ينحصر في آسيا الصغرى، ولقد رسا فلكهم عند جبال أراراط (تك 8: 24) في منطقة تقع شمال آشور، وبذلك لم يبعد الفلك كثيرًا إلاَّ بحوالي 100 ميل عن المكان الذي بدأ فيه طوفانه، وهذا دليل على أن الطوفان كان في هذه المنطقة المحدودة من آسيا الصغرى.

وعندما يذكر الكتاب المقدَّس تدفق المياه المستمر وأنها غطت قمم الجبال (تك 7: 19) من المحتمل أنه يشير بذلك إلى مكان مألوف لنوح ولمن معه، ومن جهة نظرهم نجد أن المياه قد غمرت العالم (المكان) الذي كانوا يقيمون فيه والجبال التي كانت بالقرب منهم وليست تلك التي تبعد عنهم آلاف الأميال..

كما يسوق أصحاب هذا الرأي حجة أخرى وهي مشكلة كثرة المياه التي غمرت الأرض وكيفية تصريفها والتخلص منها. إن أصحاب فكرة ” الطوفان عالميًا ” وأنه غمر كل الأرض يعجزون عن تفسير وشرح كيفية التخلص من هذا الكم من المياه، فإذا كانت مياه هذا الطوفان قد غطت الجبال يبلغ ارتفاعها 15000 قدم ولا تستطيع الأرض استيعابها، فأين ذهبت هذه المياه؟ إن سفر التكوين 8: 1 يذكر بأن الله أجاز ريحًا على الأرض فهدأت المياه، فهل هذا يعني أن البحار والمحيطات ازدادت عمقًا لتستوعب هذه المياه؟ أم هل تدخل الله بطريقة معجزية للتخلص من هذه المياه؟ إن سفر التكوين يذكر أن صرف تلك المياه استغرق عامًا حتى استطاع نوح وأهل بيته الخروج من الفلك، وهذا يعتبر زمناٌ قصيرًا بالنسبة لهذا الكم الهائل من المياه. كذلك فإن اختلاط المياه العذبة بالمالحة كان يتطلب معجزة لكي تظل الأسماك حية، علمًا بأن نوح لم يحتفظ بأي أسماك داخل الفلك.

كذلك يسوق أصحاب الرأي حجة أخرى وهي قلة أعداد الحيوانات والطيور التي اصطحبها نوح معه داخل الفلك مما جعل من الممكن رعايتها والاهتمام بها وذلك دليل على محلية الطوفان، علمًا بأن عملية إدخال هذه الحيوانات والمخلوقات داخل الفلك كانت تعتبر معجزة أخرى.

وعندما حاول نوح عند نهاية الطوفان أن يطمئن على جفاف الأرض، أطلق حمامة أحضرت له غصن زيتون (تك 8: 11) وكان هذا دليل على تصريف المياه وبقاء شجرة زيتون حيَّة، وهذا ما يدل على أن الطوفان كان نشطًا من الناحية الجيولوجية وأن الأرض ظلت نسبيًا على ما هي عليه. كذلك يسوق أصحاب هذا الرأي دليلًا آخرًا وهو بقاء مجرى كل من نهري دجلة والفرات على حالهما تقريبًا بعد الطوفان إذ يذكر (تك 14: 2) بأن مجرى نهر دجلة كان يمتد من شرق آشور (تك 11:10)”(6)(7).

ثالثًا: كان الطوفان عالميًا والأدلة على ذلك كثيرة نذكر منها الآتي:

1- شهادة الكتاب المقدس: أوضح سفر التكوين بوضوح تام أن الطوفان كان عالميًا. فقد قضى على كل الجنس البشري والكائنات الحيَّة (ما عدا المائية) باستثناء نوح وأسرته، فقال الله لنوح ” فها أنا آتٍ بطوفان الماء على الأرض لأهلك كل جسد فيه روح حياة من تحت السماء. كل ما في الأرض يموت” (تك 6: 17)..

” وأمحو عن وجه الأرض كل قائم عملته” (تك 7: 14)..

” وتعاظمت المياه كثيرًا جدًا على الأرض فتغطت جميع الجبال الشامخة التي تحت السماء” (تك 7: 19)

فالنص إذًا واضح تمامًا أن المياه غطت جميع الجبال الشامخة، بل لو أنها غطت جبلًا واحدًا شامخًا فلابد أن تغطي أمثاله من الجبال الكائنة في المسكونة، لأن المياه لا بُد أن تكون في مستوى واحد..

” فمات كل ذي جسدٍ كان يدبُّ على الأرض من الطيور والبهائم والوحوش وكل الزحافات التي كانت تزحف على الأرض وجميع الناس. كل ما في أنفه نسمة روح حياة من كل ما في اليابسة مات. فمحا الله كل قائمٍ كان على وجه الأرض الناس والبهائم والدبَّابات وطيور السماء فانمحت من الأرض” (تك 7: 21 – 23) بل أن السيد المسيح أشار لشمولية الطوفان عندما قال “ولم يعلموا حتى جاء الطوفان وأخذ الجميع” (مت 24: 39) وأوضح معلمنا بطرس الرسول أنه لم ينجو أحد غير ثمانية أنفس من البشر (1 بط 3: 20).

2- ضرورة صنع الفلك: لو كان الطوفان إقليميًا لاكتفى الله بنقل نوح من مكانه إلى مكان آخر ليس به طوفان، بعيدًا عن منطقة ما بين النهرين، وما كان هناك حاجة لصنع الفلك، وحمل الحيوانات والطيور، ولو كان الطوفان محليًا لانتهى بعد بضعة أيام، أما هذا الطوفان فقد استغرق أيامًا طويلة.

3- خط سير الفلك: يقول د. هنري موريس Henry Morris ” إن فكرة طوفان محلي هي فكرة غير صحيحة، لأنه لو كان محليًا لتحرك الفلك سابحًا في المياه جنوبًا إلى الخليج الفارسي بدلًا من أن يسبح شمالًا حيث أن جميع مياه الفيضان في هذه المنطقة تتدفق جنوبًا”(8).

4- مستوى المياه: يقول دكتور ” جورج مولفنجر ” George Mulfinger ” أن ارتفاع المياه لهذه الارتفاعات الشاهقة يؤكد عالمية الطوفان، لأن المياه تسعى لأن تكون في مستوى واحد، إذًا فمن غير المحتمل أن تنحصر في مكان واحد”(9).

5- انتشار الطبقات الرسوبية في أنحاء شتى من العالم، فإن كانت الفيضانات يترتب عليها رواسب، فإن هذا الطوفان ترتب عليه تكوين طبقات رسوبية تجدها في الولايات المتحدة كما تجدها في الهند، وفي كثير من بلاد العالم.

6- ظاهرة الترسيب المقلوب: من المفروض أن نجد الصخور الأقدم أسفل الصخور الأحدث، ولكن اكتشف علماء الجيولوجيا أن هذه القاعدة اختلت في بعض الأماكن، حيث وجدوا الصخور الأحدث أسفل الصخور الأقدم، مما يشير لحدوث انكسار في القشرة الأرضية وتزحلق جزء من القشرة المكسورة واعتلاءه جزء آخر، وهو ما يسميه العلماء Upheaval حيث تبدو أجزاء من طبقات الأرض وكأنها مقلوبة(10).

7- انتشار ظاهرة الحيوانات والنباتات المتحجرة في أنحاء مختلفة من العالم: ومعنى هذا أن هذه الحيوانات والنباتات تعرضت للموت ودفنت سريعًا تحت طبقات الأرض قبل أن تتحلل ومظهر هذه الحفريات يدل على أنها قد دُفنت حيَّة بكاملها في تلك المقابر وبطريقة سهلة لم تسمح لها بالتحلل، ومن هذه المقابر مقابر الأفيال بسيبريا شمال شرق روسيا بالقرب من القطب الشمالي، ومقابر فرس النهر بصقلية، والخيل بفرنسا، ويقول ” جيسلر”.. ” أنه وُجدت في شقوق أرضية عميقة في أماكن عديدة من العالم، وفي تلال مرتفعة من 140 – 300 قدم على سطح الأرض هياكل حيوانات، وهذه الهياكل غير كاملة مما يثبت أنها لم تسقط في تلك الشقوق وهي حيَّة، إنما حملتها المياه وهي ميتة، وتمثل هذه الهياكل عدة أنواع من الحيوانات مثل الدببة والذئاب والعجول والضباع ووحيد القرن والغزلان، وحيوانات أخرى أصغر حجمًا، وهذه الظاهرة تؤكد أن الطوفان كان عنيفًا، وأن هذه الأحداث حدثت في عام واحد”(11)(12).

ويقول الأستاذ رشدي السيسي ” ومما يؤيد قصة الطوفان كما وردت في سفر التكوين، أن جميع الأساطير، في كافة أنحاء العالم، تتفق جميعها في أن الطوفان قد أغرق العالم كله، وقضى على الجنس البشري بأكمله، فيما عدا أولئك الذين احتموا منه داخل الفلك، ومما يؤيد وجهة النظر هذه – من الناحية العلمية – تلك الأصداف والمخلفات الحيوانية والنباتية، التي عثر عليها الناس، ومازالوا يعثرون عليها مبعثرة في الأماكن المرتفعة، والصحاري، والوهاد، وفوق قمم الجبال، بعد أن انحسرت مياه طوفان نوح عن تلك الأماكن، وأي زائر الآن للأديرة بوادي النطرون أو غيرها من براري وصحاري مصر، يجد هذه الأصداف وغيرها من مخلفات الأحياء المائية.. ويدعم هذا الرأي أيضًا ما قاله الأستاذ الجامعي ” وليم بوكلند ” حين عُيّن أستاذًا للجيولوجيا بجامعة أكسفورد ” أن الحقيقة الكبرى للطوفان الذي غمر العالم، منذ زمن بعيد جدًا -وليس غير سحيق- قد دُعمت بأسس حاسمة لا نزاع فيها، بحيث أننا لو لم نكن قد قرأنا عن هذا الطوفان، في الكتاب المقدَّس أو في أي مرجع آخر، فإن علم الجيولوجيا نفسه كان سيفترض حدوث مثل هذه الكارثة كي يفسر ظاهرة الحدث الفيضاني”(13).

8- مقابر الأسماك المتحجرة: من المعروف أن الأسماك عندما تموت تطفو على السطح أو تغوص في القاع حيث تلتهمها بقية الأسماك، ولكن العلماء وجدوا مقابر جماعية تضم بلايين الأسماك، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وقال الباحثون أنها كانت في حالة صراع عنيف مع الموت، وفي حديث ” د. ميللر ” H. Miller عن رواسب ديفون التي تغطي جزءًا كبيرًا من إنجلترا قال ” في فترة من تاريخنا حدثت كارثة مروعة أدت إلى هلاك الأسماك، وتنتشر هذه الأسماك أيضًا في أوركتي وكرومارتي وتظهر عليها علامات موت عنيف، فالأسماك ملتوية بقوة ومنكمشة ومقوسة، وفي كثير من الحالات يوجد الذيل منثني حول الرأس وعظام العمود الفقري بارزة والزعانف مفرودة تمامًا كما هو الحال في الأسماك التي تموت في حالة تشنج واضطراب عنيف”(14).

كما تحدث ” هاري لاد ” من المساحة الجيولوجية بالولايات المتحدة عن مُجمَّع سمكي بقاع الخليج في سانتا بربارا بولاية كاليفورنيا حوى أكثر من مليون سمكة متوسط طولها من 6-8 بوصة، وحجز هذا العدد الضخم من الأسماك في هذا الخليج يؤيد حدوث الطوفان.

9- وجود نباتات وحيوانات قارية في مناطق باردة: فقد تم اكتشاف بعض النباتات القارية مثل سعف النخيل، وبعض الحيوانات القارية مثل التماسيح وبعض الزواحف وأسماك أبو منقار وذئب البحر الذي يعيش في أعماق البحر، وأسماك الشمس، والرنجة، والكراكي، وأسماك قشرية متعددة، وبعض الطيور.. تم اكتشاف كل هذا في مناطق باردة ثلجية مما يؤكد حدوث فيضان شديد، ويؤكد أيضًا تغير المناخ على سطح الأرض.

10- وجود مزيج من الحفريات المتحجرة في أنحاء العالم: فقد وجدت في مناطق معينة حفريات لكائنات حيَّة تنتمي إلى بيئات مختلفة، فمن الذي جمع هذه الكائنات وجرفها إلى هذه المناطق إلاَّ فيضان عنيف.

11- وجود كائنات محفوظة بحالة جيدة: حتى أن الباحثين عثروا على أوراق نبات مازالت تحتفظ بخضرتها، ومثلها العثور على الأجزاء الرخوة من الحشرات مثل الغدد ومحتويات الأمعاء، وأيضًا العثور على الشعر والريش وقشور الأسماك، مما يدل على أن هذه الكائنات تعرضت للدفن بسرعة مذهلة، ويقول د. هنرى موريس ” أن معظم الصخور الرسوبية في القشرة الأرضية والتي تحتوي على بقايا متحجرة قد ترسبت من المياه الجارفة، ومن الواضح أن بعضها تكون بفعل الرياح أو انهيار الجليد أو عوامل أخرى، ولكن الغالبية العظمى من الصخور الرسوبية يرجع أصلها إلى الماء الذي غمر الأرض”(15).

12- العثور على بعض مصنوعات الإنسان في الصخور الرسوبية: ففي عام 1851 م. تم العثور على وعاء معدني منقوش داخل كتلة من الرواسب في دورشستر، وأيضًا العثور على إناء معدني على شكل جرس ارتفاعه 5ر4 بوصة، واتساع القاع 5ر6 بوصة، والفوهة 5ر2 بوصة، وسمكه 5ر8 بوصة، وعلى جدرانه يوجد حفر مجموعة من الزهور، وحول الجزء الأسفل رسم شجرة عنب مُطعَّم بالفضة، وكان الحفر والتطعيم من صنع صانع ماهر، وهذا يتفق مع ما قيل عن توبال ” توبال قايين الضارب على كل آلة من نحاس” (تك 4: 21) وفي سنة 1889م اكتشف ” كورتز ” Kurtz دمية من الطين لفتاة مدفونة على عمق 300 قدم من سطح الأرض، وكل هذه المصنوعات جرفها الطوفان وتركها تحت أو في جوف الطبقات الرسوبية.

13- العثور على حفريات بحرية متحجرة على قمم الجبال: فما الذي دفع بهذه الكائنات البحرية إلى أعلى الجبال إن لم يكن طوفان شامل غطى الأرض كلها؟!! كما وجدت بحيرات مغلقة في ارتفاعات شاهقة، ويقول نيافة الأنبا بولا أسقف طنطا:

  • تم العثور على عظام أسماك ومحارات القواقع البحرية والأسماك الصدفية على قمة جبل أفريست.
  • وعندما تسلق الجيولوجيون جبل أرارات اكتشفوا أن على القمة أصدافًا بحرية. كما تم اكتشاف بحيرتين مالحتين في المناطق المجاورة لجبل أرارات.
  • وبحيرة فانLake Von في شرق تركيا والتي توجد على ارتفاع 5640 قدمًا فوق سطح البحر، وفي بحيرة مالحة وغنية بنوع من أسماك الرنجة تؤكد حقيقة الطوفان.
  • وأيضًا بحيرة أورمياLake Urmia في إيران والتي توجد على ارتفاع 4900 قدمًا فوق سطح البحر وطولها 90 ميلًا واتساعها 30 ميلًا، وهي ضحلة حيث أن عمقها 20 قدمًا على الأكثر ودرجة ملوحتها 23 % تؤكد هي الأخرى على حقيقة الطوفان.

ولقد أكد علماء الجيولوجيا أن هذه البحيرات المالحة قد تختلف عن مياه الطوفان المالحة التي غمرت الأرض كلها وغطت قمم الجبال”(16).

14- وجود حمم متوسدة على ارتفاع 14000 قدمًا على جبل أرارات: والحمم المتوسدة هي عبارة عن حمم بركانية اندفعت من جوف الأرض وسقطت في وسط مائي فأخذت أشكالًا مستديرة تشبه الوسادة، وهذا دليل على أن هذه الجبال كانت مغمورة بمياه الطوفان، ودليل على أن وقت الطوفان حدثت زلازل وبراكين مما أدى إلى انطلاق الحمم البركانية من جوف الأرض، وهذا يؤكد شمولية الطوفان(17).

_____

(1) البهريز جـ1 ص 48.

(2) راجع الخوري بولس الفغالي – البدايات أو مسيرة الإنسان إلى الله ص 116 – 122.

(3) موريس بوكاي – القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم ص 53 – 55.

(4) مركز المطبوعات المسيحية – تفسير الكتاب المقدَّس جـ 1 ص 161.

(5) من إجابات أسئلة سفر التكوين.

(6) AN INTRODUCTION TO THE OLD TESTAMENT PENTATEUCH, P 102-104.

(7) ترجمة بتصرف قام بها الأستاذ بشرى جرجس خليل أستاذ اللغة الإنجليزية بإكليريكية طنطا.

(8) أورده نيافة الأنبا بولا – الكتاب المقدَّس والعلم ص 96.

(9) المرجع السابق ص 96.

(10) راجع نبذة التوافق بين العلم الحديث والكتاب المقدَّس ص 23، 24 – إصدار كنيسة مارجرجس اسبورتنج.

(11) Geisler BECA 49 , 50.

(12) راجع جوش مكدويل – برهان يتطلب قرارًا ص 346.

(13) مجلة الكرازة في 3/10/1975م ص 7.

(14) أورده نيافة الأنبا بولا – الكتاب المقدَّس والعلم ص 97، 98.

(15) أورده نيافة الأنبا بولا – الكتاب المقدَّس والعلم ص 100.

(16) الكتاب المقدَّس والعلم ص 102.

(17) راجع نيافة الأنبا بولا أسقف طنطا – الكتاب المقدَّس والعلم ص 92 – 103.

هل كان الطوفان إقليميًا أم عالميًا؟