كيف تكفي سفينة نوح لكل الكائنات الحيَّة، وكل ما يدب على الأرض، بالإضافة إلى ما تحتاج إليه من طعام خلال عشرة أشهر؟
417- كيف تكفي سفينة نوح لكل الكائنات الحيَّة، وكل ما يدب على الأرض، بالإضافة إلى ما تحتاج إليه من طعام خلال عشرة أشهر؟(1)
وقال آخرن أن فلكًا بهذا الحجم هو ضرب من الخيال، فيقول الخوري بولس الفغالي ” وأمر الرب نوحًا أن يصنع سفينة طولها 300 ذراع أي 150 مترًا، وعرضها 50 ذراعًا أي 25 مترًا، وعلوها 30 ذراعًا أي 15 مترًا. وهذا يعني أن مساحتها تساوي سبعين ألف متر مربع، وهو رقم خيالي. أما ذكر جبل أراراط فهدفه أن يُدخل الخبر في حيز الواقع. نحن لن نبحث عن بقايا نوح وسفينته إلاَّ في “أرجيده” أي جبل الفلك كما يقول الأتراك، ولا في ” كوك أي نوح ” أي جبل نوح كما يقول الإيرانيون فيدلون بذلك على منطقة أرمينيا.. ولكن ما نستطيع أن نؤكده هو أن السفينة لم تكن بهذا الاتساع، وإنها لم تحوَ هذه الحيوانات المتنوعة مهما حاولت الصور السينمائية أن تصوّرها لنا”(2).
ج:
1- جميع الكائنات التي يمكنها أن تسبح في الماء لم تدخل إلى الفلك، وهذه تمثل نحو 60 % من الكائنات الحيَّة (الحيوانية) والذي دخل إلى الفلك الكائنات البرية والطيور فقط. وقد تم إدخال زوج واحد من كل جنس (Gensus) وليس من كل نوع (Species) والجنس أعم من النوع، فمثلًا العصافير أو الحمام أو الكلاب ما أكثر أنواعها، فلم يدخل نوح إلاَّ زوج واحد أو سبعة أزواج من كل منها ” من الطيور كأجناسها ومن البهائم كأجناسها ومن كل دبَّابات الأرض كأجناسها” (تك 6: 20) ويقول بروفسور “برايس”.. ” يوجد في الوقت الحاضر ما يقرب من أربعين أو خمسين نوعًا من القطط من عائلة ” الفيلدا ” ولكن جميعها، وليس عندي شك في ذلك، قد جاءت من أصل واحد مشترك، وهناك سبعة أنواع من عائلة ” الأكويدا” (وهو الحصان) ويحتمل جدًا أن تكون جميعها بالمثل قد جاءت من أصل مشترك واحد. وهذا الاعتراف من جانبنا لا يهدم إيماننا بحقائق سفر التكوين. وإنما هو من ناحية أخرى يبين أن الحيوانات التي دخلت إلى نوح في الفلك كانت أصولًا قليلة”(3).
2- أجرى العالِم الأركيولوجي ” وليم بترك ” William Mathew Petric دراسة جاء فيها ” أن الفلك كان عبارة عن سفينة كبيرة جدًا، وأن وحدة مقياسها (الذراع) التي كانت تستخدم قديمًا طولها 5ر22 بوصة، وعلى هذا الأساس فالفلك سفينة ضخمة طولها 5ر562 قدمًا، وعرضها 5ر93 قدمًا، وارتفاعها 15ر65 قدمًا. ومن دراسته أيضًا نرى أن قاع الفلك كان مفلطحًا في أسفله ومربعًا عند الأطراف وقائم الزوايا، غير مقوَّس وليس له مؤخرة أو مقدمة، وهذا يجعل حمولته تزيد عن حمولة أي سفينة أخرى بنفس المقاسات بمقدار الثلث، وعلى ذلك كان حجم الفلك 000ر958ر2 قدمًا مكعبًا، وهذا الحجم يجعل حمولتها ضخمة جدًا كحمولة قطار شحن به ألف عربة من العربات الكبيرة”(4).
3- يقول نيافة الأنبا بولا أسقف طنطا ” أجرى الدكتور Howard Osgood إحصائية عن الحيوانات التي تشكل وزنًا له اعتباره والموجودة في منطقة العراق حيث عاش نوح والتي ينبغي أن تدخل في الفلك فوجدها كما يلي:
حيوانات من حجم الفأر إلى حجم الغنم 575 حيوانًا.
حيوانات من حجم الغنم إلى حجم الجمل 290 حيوانًا.
.. وإذا فرضنا أن نصف الفلك يخصص للحيوانات، والنصف الآخر لطعامها نجد أن الأمر كان سهلًا جدًا على الفلك لهذه السعة.. بل ومدة تجهيز الفلك (120 سنة) كانت كافية لتجهيزه وتخزين الأطعمة ولتجميع الحيوانات، وهذا مما يؤكد صحة وصدق الكتاب المقدَّس”(5).
4- إنني لا أتعجب من أرباب النقد الأعلى الذين يطرحون مثل هذه الأسئلة العقلانية، ويطرحون من عقولهم كل ما هو فوق مستوى العقل، ولكنني بالأكثر أتعجب من بعض الأخوة المسلمين الذين يتبنون هذه الأفكار، اعتقادا منهم بتحريف الكتاب، أو بغية منهم هدم أركان الإيمان المسيحي، وهم يتغافلون إن الكثير من آراء مدرسة النقد الأعلى ضد عقيدتهم تمامًا، ويتغافلون أنهم فيما هم يهاجمون الكتاب المقدَّس فإنهم يهدمون عقيدتهم التي شبُّوا عليها.
5- الذين يدَّعون أن حجم الفلك مُبالغ فيه، نقول لهم إن هذا يتوقف على مدى تصديقنا لكلمة الله، فالإنسان الذي يؤمن أن موسى النبي كتب هذا السفر بوحي من الروح القدس، يؤمن بالعصمة الكاملة الشاملة لكل ما جاء في الكتاب. أما الإنسان العقلاني فإنه يمحص كل شيء بعقله ويشكك في كثير من الحقائق الإيمانية، وقد تم الإشارة من قبل إلى التقرير الذي وضعه الإخصائيون الروس حول سفينة نوح التي تحتوي على مئات الحجرات العلوية والسفلية، وبعضها ذات أسقف مرتفعة خُصصت للحيوانات طويلة العنق مثل الجمال والزرافات.
6- يقول أبونا يؤانس الأنبا بولا ” ليست كل الحيوانات ذات حجم كبير، كما يوجد كثير من الحيوانات تتعايش معًا، أما بالنسبة للطعام فنوح لم يكن يعلم كم من الزمن سيقضي في الفلك، لكن الله قادر أن يبارك في الطعام الذي تم تخزينه فيكفي الجميع. بل إن الله قادر أن ينزع الطبيعة الوحشية من بعض الحيوانات الضارية، مثلما حدث مع دانيال في جب الأسود، وغيره من القديسين”(6).
7- يقول أحد الآباء الرهبان بدير مار مينا العامر ” لم يكن الفلك الذي بناه نوح مجرد زورق صغير! تخيل إنك تبني مركبًا يبلغ طوله مرة ونصف طول ملعب كرة القدم، وارتفاعه ارتفاع مبنى أربعة أدوار”(7).
_____
(1) البهريز جـ 1 س 65.
(2) البدايات أو مسيرة الإنسان إلى الله ص 117.
(3) برسوم ميخائيل – حقائق كتابية ص 155.
(4) أورده نيافة الأنبا بولا – الكتاب المقدَّس والعلم ص 124، 125.
(5) الكتاب المقدَّس والعلم ص 126.
(6) من إجابات أسئلة سفر التكوين.
(7) من إجابات أسئلة سفر التكوين.