كيف يسأل الرب قايين “أين هابيل أخوك” (تك 3: 9)؟ وهل كان الله يجهل ما حدث؟
كيف يسأل الرب قايين "أين هابيل أخوك" (تك 3: 9)؟ وهل كان الله يجهل ما حدث؟ ولو كان يجهل فكيف يقول لقايين "ماذا فعلت صوت دم أخيك صارخ إليَّ من الأرض" (تك 4: 10)؟
392- كيف يسأل الرب قايين “أين هابيل أخوك” (تك 3: 9)؟ وهل كان الله يجهل ما حدث؟ ولو كان يجهل فكيف يقول لقايين “ماذا فعلت صوت دم أخيك صارخ إليَّ من الأرض” (تك 4: 10)؟
ج: يجيب قداسة البابا شنودة الثالث فيقول ” ليس معنى السؤال: أن من يسأل يجهل ما يسأل عنه!!! فعلم (البيان) يشرح كيف أن السؤال يخرج عن معناه الأصلي إلى معانٍ أخرة. والأمثلة على ذلك كثيرة جدًا منها قول الشاعر:
وأبي كسري علا إيوانه أين في الناس أب مثل أبي
فهو هنا لا يسأل ” أين؟”.. وإنما المقصود بالسؤال الافتخار، وأنه لا يمكن أن يوجد مثل أبيه في العلو.
وكذلك سؤال آخر يقصد به الشاعر التحقير، بقوله:
ودع الوعيد فما وعيدك ضائري أطنين أجنحة الذباب يضير؟!
فهو لا يقصد أن يسأل: هل طنين أجنحة الذباب يسبب ضررًا أم لا، فالإجابة معروفة. إنما يقصد تشبيه تهديد عدو له بطنين أجنحة الذباب الذي لا يمكن أن يضر. وفي علم البيان يُقال أن هذا السؤال خرج عن معناه الأصلي إلى الاستهزاء أو التهكم أو التحقير، وليس المقصود به معرفة الجواب.
وكذلك يخرج عن معنى السؤال للمعرفة البيت التالي:
أنت في الأصل تراب تافه هل سينسى أصله من قال إني
فكل إنسان لا ينسى أنه مخلوق من تراب، ولا يمكن أن ينسى ذلك. إنما السؤال ” هل سينسى ” مقصود به الاستحالة، استحالة النسيان، فهو تعبير بياني.
وبنفس الوضوح سأل الله تبارك اسمه قايين بعد قتله لأخيه هابيل، قائلًا ” أين هابيل أخوك؟” (تك 4: 9).
سأله وهو يعرف أين هو.. بدليل أنه قال لما أنكر ” صوت دم أخيك صارخ إليَّ من الأرض. فالآن ملعون أنت من الأرض التي فتحت فاها لتقبل دم أخيك من يدك” (تك 4: 10، 11).
إنما سأله ليوقفه أمام جريمته التي ارتكبها، ليتذكر ماذا فعل، ليعترف بالجرم..
وبنفس الوضوح سأل أبانا آدم ” أين أنت؟ هل أكلت؟ “ لكي يشعره بما فعله من ذنب، وبأنه خاف واختبأ بعد عصيانه لله وأكله من الثمرة المُحرَّمة.. ولا يمكن أن يكون سبب السؤال هو عدم المعرفة! حاشا.. السؤال قصده فتح الحديث مع آدم لكي يعترف بما فعل، ولكي يشعر بأن الله لن يترك عصيان آدم بلا بلا محاسبة وبلا محاكمة”(1).
_____
(1) سنوات مع أسئلة الناس – أسئلة لاهوتية عقائدية ” أ ” ص 29، 30.
كيف يسأل الرب قايين “أين هابيل أخوك” (تك 3: 9)؟ وهل كان الله يجهل ما حدث؟ ولو كان يجهل فكيف يقول لقايين “ماذا فعلت صوت دم أخيك صارخ إليَّ من الأرض” (تك 4: 10)؟