تابع / دراسة في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس
الذبيحة טֶבַח – ط ب ح ؛ θυσίας σΦάζω
تابع / ثانياً : الخمسة أوجه من ذبيحة الصليب
[2] الوجه الثاني من أوجه الصليب
ذبيحة الخطية – άμαρτία – חַטָּאת
للرجوع للجزء الثامن عشر أضغط هنا.
ذبيحة الخطية وبالعبرية חַטָּאת– hattat = خطية أو خطأ، والمقصود منها إعادة الصلة بالله بعد أن عُرضت للخطر بسبب الخطايا غير المتعمدة [ إذا أخطأت نفس سهواً في شيء من جميع مناهي الرب – لاويين 4: 2 ] أو بسبب حالة نجاسة [ ثم يعمل الكاهن ذبيحة الخطية ويُكفر عن المُتطهر من نجاسته ] (لاويين 14: 19)، وسوف نرى بالتفصيل معنى الخطية وخطورتها في هذه الذبيحة التي تخصنا جداً وبالضرورة، كوننا كلنا اختبرنا وذقنا مرارة السقوط الذي فصلنا عن الله محب البشر القدوس، وقبل أن نتلكم عن طقس هذه الذبيحة بالتفصيل، لابد أن نفهم معنى الخطية وخطورتها بالتفصيل لكي نعي هذه الذبيحة وندرك أهميتها ونتذوق عمل المسيح الرب لخلاصنا فندخل في حرية مجد أولاد الله ونتذوق حلاوة عمل الله وندخل في خبرة التحرر من الخطية وننفك من الموت الذي هو نتيجة طبيعية للخطية …
أولاً : مفهوم الخطية – άμαρτία = خطية، تعدي
- [أولاً] توضيح المعنى الشامل للكلمة
(أ) في اللغة اليونانية الكلاسيكية تأتي [ άμαρτάνω – hamartano ] بمعنى: يُخطأ الهدف، أو لا يُشارك في شيء ما، وكانت تعتبر نتيجة لبعض الجهل، والاسم المُشابه [άμαρτία – hamartia ] وتأتي على أساس روحي بمعنى خطأ أو فشل للوصول للهدف. النتيجة عموماً لمثل هذا الفعل هي [ άμαρτημα –hamartema ] وتعني فشل – خطأ – ذنب [ ارتكب في حق الأصدقاء أو النفس ]، ومن هذه الكلمات اشتقت الصفة والاسم [ άμαρτωλός، – hamartolos ] وهي تأتي بمعنى شرير كصفة، أو كاسم بمعنى خاطئ، أو باختصار تأتي بمعنى الشيء أو الشخص الذي يفشل …
(ب) وقد ساد استخدام الاسم [ άμαρτημα – hamartema ] على الفعل [ άμαρτάνω –hamartano ] وسط عالم متحدثي اللغة اليونانية. وقد استخدم هذا الاسم أرسطو من الناحية الفلسفية بين (الظلم) و (سوء الحظ)، وأظهره على أساس أنه عبارة عن مخالفة للنظام السائد، ولكن بدون نية شريرة. وبذلك أصبحت الكلمة [άμαρτία – hamartia ] كلمة شاملة بمعنى نسبي غير مُحدد، وتأتي بمعنى: إساءة ضد شعور صائب أو سليم، ومعناها يتراوح أيضاً ما بين الغباوة إلى كسر القانون، أو تأتي كوصف لأي شيء لا يتوافق مع الأخلاق السائدة، أو لا يتوافق مع الاحترام الواجب للنظام الاجتماعي والسياسي .
(ت) ونجد النظرة اليونانية للذنب تصوره التراجيديات الكلاسيكية على أساس التحامه بالجنون المحتوم للإنسان، فالذنب ليس مجرد فعل، ولكنه حقيقة متأصلة في أعماق كيان الإنسان، وهو المسبب للمُعاناة، كما أن الذنب والمصير مجدولين ومشتبكين بطريقة لا يمكن فيها فصلهم عن بعضهم البعض، وهي تعتبر نظرة سليمة وعميقة لمشكلة الإنسان الذي تذوق خبرة الخطية المُرة التي حتمت عليه مصير متعب جداً وهو الموت الذي يعمل فيه من يوم ميلاده بالفساد …
(ث) وقد شددت بعض الفلسفات الهلينية على العلاقة بين الذنب والمصير من خلال العديد من الشعائر والفكر الديني في محاولة للهروب من حتمية المصير، وأيضاً اجتهدوا على محاولة إدراك الذنب و صياغته عقلانياً في منهج دراسي، واعتقدوا أنه يُمكن التغلب عليه من خلال الفهم الأفضل والسلوك الصحيح. وتعمل نظريتهم من خلال الافتراض المُسبق بأن الإنسان في الأساس صالح …
وبالطبع هذه النظرة – للأسف – توجد عند بعض المسيحيين اليوم من جهة تعديل السلوك لتصحيح وضعه والتخلص من الشعور بالذنب ورفع ضمير الخطية، وهذه النظرة بعيدة كل البعد عن خلاص الله كما سوف نرى في تفاصيل ذبيحة المسيح الرب، لأن هذه النظرة تجعلنا ننحرف عن الطريق المرسوم من الله لخلاصنا،لأن أعمالنا لا تقدر أن ترفعنا للمستوى الإلهي مهما كانت رائعة وممتازة، والدليل كله يظهر في العهد القديم وتاريخ البشرية التي لم تستطع أن تتحرر من مصير الموت المحتوم، وعدم معرفة الله كشخص حي وحضور مُحيي، لأنه لا يرى الإنسان الله ويعيش، كما أنه لا يقدر على رؤية الشمس الطبيعية المخلوقة، لأنه لو نظر إليها يعمي تماماً لأن عيناه لم تكن مؤهله لتلك الرؤيا، وكذلك حياتنا كبشر لا تتفق مع قداسة الله، فمن يقدر أن يحتمل أن يتفرس في النور الإلهي وطبعة غير مؤهل لهذا اللقاء ولتلك الرؤيا !!!
[ثانياً] توضيح المعنى في الترجمة السبعينية والعهد القديم
(أ) في السبعينية تُمثل الكلمة معنى الظلم على مدى كل الكلمات العبرية للذنب والخطية، وتصريف كل الأفعال التي تدل عليها تأتي بمعنى: زلة – خطية – ذنب، أو خطية كانحراف واعي عن الطريق الصحيح، وتأتي أيضاً بنفس المعنى للكلمة اليونانية [ άμαρτωλός، – hamartolos ] والتي عادة تعني فعال شر، أو الخارج عن القانون .
(ب) وعلى خلاف العهد الجديد لا يرد في العهد القديم كلمة أولية أو عامة عن الخطية، ومع هذا فأن الخطية، بالإضافة لذنب الشخص، أُدركت بوضوح كواقع يفصل البشر والأمة الإسرائيلية – على الأخص – عن الله وهذا هو المعنى الرئيسي للخطية. فيهوه نفسه هو المقياس للخطأ والصواب. ويُعبَّر عهده مع الشعب، ووصاياه وناموسه وكلمته المنطوقة من خلال خدامه المختارين عن معيار إرادته، وعلى ضوء هذا نستشف بوضوح معنى الخطية الخطير، وهي البعد عن الله، لذلك فهي تجلب حتماً الضرر والعقاب وبالتالي الموت، لأن الشعب ترك المقياس لحياتهم وهو الله بشخصه الذي هو الحياة !!!
(ج) نجد أن العهد القديم ينظر للخطية على أنها الجانب السلبي المُعاكس لفكرة العهد، ومن هنا غالباً ما يُعبَّر عنها في مصطلحات قانونية. فتاريخ الأمة اليهودية يوضح هذه الحقيقة ويصورها كتاريخ ارتداد، ثم عقاب على هذا الارتداد ليقظة الأمة اليهودية، ثم نداء التوبة والرجوع عن العصيان والارتداد، ثم تدخل سماوي من يهوه وإنقاذ الشعب من السبي، ثم العودة لبناء المدينة وبناء الهيكل والعودة لعبادة يهوه بفرح ومسرة…
يمنح سفر التكوين 3 – 11 مثال واضح عن فكرة العهد القديم للخطية، مصوراً بطريقة متقنة الاستقلال البشري وسلوك الاكتفاء بالذات. فنجد أن الخطية تنتشر في سلسلة من الانتشارات المتجددة بدءاً بسقوط آدم في تكوين 3 الذي يقود إلى قتل الأخ لأخيه (تكوين 4: 1 – 8) إلى أغنية لامك الذي وضحت استفحال شر القتل وامتداده [ وقال لامك لامرأتيه عادة وصلة اسمعا قولي يا امرأتي لامك وأصغيا لكلامي فاني قتلت رجلاً لجرحي وفتى لشدخي. انه ينتقم لقايين سبعة أضعاف وأما للامك فسبعة وسبعين ] (تكوين 4: 23 – 24). ثم وصول الشر لذروته في العالم قبل الطوفان والفيضان (تكوين 6: 1 – 6)، وأخيراً بناء برج بابل (تكوين 11: 1 – 9).
فالنزوع للابتعاد عن النظام المُعطى من الله وبناء النفس في وضعها الخاص وبطريقتها الخاصة متمركز في القلب [ ورأى الرب أن شر الإنسان قد كثر في الأرض وأن كل تصور أفكار قلبه إنما هو شرير كل يوم ]، [فتنسم الرب رائحة الرضا وقال الرب في قلبه لا أعود ألعن الأرض أيضاً من أجل الإنسان لأن تصور قلب الإنسان شرير منذ حداثته ولا أعود أيضاً أُميت كل حي كما فعلت (وسوف نشرح هذا الجزء في شرح موجز لسفر التكوين فيما بعد)] (تكوين 6: 5؛ 8: 21)، فاعتماد الإنسان على ذاته وأفكار قلبه يورطه دائماً وباستمرار في البعد عن الله، ويكون هو مصدر الخير لذاته ولا يعود له الرب المقياس لخيره وسعادته الشخصية، لذلك بتصورات قلبه الشرير يظن أنه لا يحتاج إلا لأعماله الخاصة، والتي إلى اليوم هي المحرك الأساسي للإنسان وهذا يكشف لماذا دائماً يسعى الإنسان لتداريب جسدية لكي يعود إلى الله معتمداً على ذراعه في خلاص نفسه غير مدرك أن هذا هو أساس الخطية !!!
(د) الخطية – في أساس جوهرها – هو (1) السقوط بعيداً عن العلاقة الأمينة مع الله والتغرب عن النعمة الممنوحة منه، (2) عدم طاعة وصاياه وناموسه المقدس
وتسمى الأولى (1) عدم أمانة لعهد الله: الخيانة [ فرأيت أنه لأجل كل الأسباب إذ زنت العاصية إسرائيل فطلقتها و أعطيتها كتاب طلاقها لم تخف الخائنة يهوذا أختها بل مضت وزنت هي أيضاً وكان من هوان زناها أنها نجست الأرض وزنت مع الحجر ومع الشجر وفي كل هذا أيضاً لم ترجع إلي أختها الخائنة يهوذا بكل قلبها بل بالكذب يقول الرب ] (إرميا 3: 8 – 10) ، (أنظر هوشع 2)
بينما تُسمى الثانية (2) عدم الطاعة لوصايا الله وناموسه: التعدي والتمرد [ فقال صموئيل هل مسرة الرب بالمحرقات والذبائح كما باستماع صوت الرب هوذا الاستماع أفضل من الذبيحة و الإصغاء أفضل من شحم الكباش لأن التمرد كخطية العرافة والعناد كالوثن والترافيم ، لأنك رفضت كلام الرب رفضك من الملك . فقال شاول لصموئيل أخطأت لأني تعديت قول الرب وكلامك لأني خفت من الشعب وسمعت لصوتهم والآن فاغفر خطيتي وارجع معي فاسجد للرب فقال صموئيل لشاول لا أرجع معك لأنك رفضت كلام الرب فرفضك الرب من أن تكون ملكاً على إسرائيل ] (1صموئيل 15: 22 – 26) ، [أصغ يا شعبيإلىشريعتيأميلوا آذانكم إلى كلام فمي] (أنظر للأهمية مزمور 78)، عموماً في الحالتين سواء الخيانة أو التعدي، قد أغلق شعب الله المُختار على نفسه بعيداً عن علاقة الشركة مع الله وأصبحوا عصاه [ لماذا تخاصمونني كلكم عصيتموني يقول الرب ] (إرميا 2: 29)
ونفس ذات المشكلة نجدها قائمة لليوم، لأن معظم الذين يريدون أن يحيوا الحياة الروحية رفضوا كلام الرب ولم يفتشوا عن الشركة مع الله حسب العهد الذي أقامه هو معنا، بل كل همهم أن يكفوا عن فعل الشر لمجرد أنه يكون إنسان مستحق للحياة الأبدية بجهاده وأعماله متغاضياً عن العهد الإلهي، ناسياً أن أساس العلاقة مع الله علاقة شركة في سر الطاعة والمحبة، والأعمال هي ثمرة تمسكه بالعهد، وإيمانه بالله حبيبه الخاص
لذلك نجد الصراع القائم اليوم ما بين فريقين، فريق يؤكد على النعمة المطلقة والمجردة من كل فعل عملي وكأنها نظرية فكرية، فالإنسان يدخل الملكوت حتى لو لم يحيا الإنسان بالطاعة للوصية حسب العهد مع الله، وفريق آخر يؤكد على الأعمال مفرغاً إياها من النعمة وكأن جهاد الإنسان هو في أن يعمل الأعمال الحسنة فقط فجردوها من النعمة، وهذا التضارب كله نشأ بسبب عدم فهم ما هي الخطية وما هو العهد ….
(هـ) ونجد في العهد القديم أنه من المستحيل أن تُفصل خطية الفرد عن الأمة، فتركزت كتابات العهد القديم الأولى على التاريخ المتكرر لارتداد الأمة [ أنظر قضاة من 26 إلى 36 ]، لكن تضع التقاليد اللاحقة تركيزاً أكبر على مصير الفرد كما هو واضح في المزامير وسفر أيوب :
(1) الخطية تصبح خطية أمه أو شعب أو جماعة، لأن ممكن لإنسان واحد عاصي ولا يحيا بالإيمان وسط الجماعة، يُكدرها ويقودها للهلاك إذ يثبت عزيمتها وينفث فيها عدم الثقة في الله بإقناع العقل ورؤية الأمور بنظرة من هو لم يعرف الله ولم يذق قدرته في حياته، أو بعض الأناس عديمي الإيمان يساعدون الشعب على التذمر وعصيان الله، كما حدث قبل عبور الشعب لأرض الميعاد حسب وعد الله لموسى والشعب [ ثم رجعوا من تجسس الأرض بعد أربعين يوما … لكن كالب أنصت الشعب إلى موسى وقال إننا نصعد ونمتلكها لأننا قادرون عليها، وأما الرجال الذين صعدوا معه فقالوا لا نقدر أن نصعد إلى الشعب لأنهم اشد منا، فأشاعوا مذمة الأرض التي تجسسوها في بني إسرائيل قائلين الأرض التي مررنا فيها لنتجسسها هي أرض تأكل سكانها (وهو تصوير على أن لهم قوة عظيمة) وجميع الشعب الذي رأينا فيها أُناس طوال القامة، وقد رأينا هناك الجبابرة بني عناق من الجبابرة فكنا في أعيننا كالجراد وهكذا كنا في أعينهم، فرفعت كل الجماعة صوتها و صرخت و بكى الشعب تلك الليلة، وتذمر على موسى وعلى هرون جميع بني إسرائيلوقال لهما كل الجماعة ليتنا متنا في أرض مصر أو ليتنا متنا في هذا القفر، و لماذا أتى (ولنلاحظ الشك الذي تسبب في العصيان) بنا الرب إلى هذه الأرض لنسقط بالسيف وتصير نساؤنا وأطفالنا غنيمة أليس خيراً لنا أن نرجع إلى مصر، فقال بعضهم إلى بعض نقيم رئيساً ونرجع إلى مصر، فسقط موسى وهرون على وجهيهما أمام كل معشر جماعة بني إسرائيل، و يشوع بن نون و كالب بن يفنة من الذين تجسسوا الأرض مزقا ثيابهم. و كلما كل جماعة بني إسرائيل قائلين الأرض التي مررنا فيها لنتجسسها الأرض جيدة جداً جداً، إن سر بنا الرب يدخلنا إلى هذه الأرض ويعطينا إياها أرضاً تفيض لبناً و عسلاً، إنما لا تتمردوا على الرب ولا تخافوا من شعب الأرض لأنهم خبزنا قد زال عنهم ظلهم والرب معنا لا تخافوهم ، ولكن قال كل الجماعة أن يُرجما بالحجارة ثم ظهر مجد الرب في خيمة الاجتماع لكل بني إسرائيل، و قال الرب لموسى حتى متى يهينني هذا الشعب و حتى متى لا يصدقونني بجميع الآيات التي عملت في وسطهم ] (أنظر سفر العدد الإصحاح 13 ، الإصحاح 14)
أليس هذا هو حال الناس في كل زمان وعلى الأخص زماننا هذا وللأسف هذا هو حال الذين يقولون أنهم مؤمنين، يتذمروا على الله حينما تشتد الضيقات وتُقام الاضطهادات ، فيسقطوا في خطية التذمر العظيمة ويخطئوا إلى الله وينسوا كل أعماله التي عملها معهم !!! ولنتذكر أيامنا الصعبة هذه ونقارن بيننا وبين هؤلاء الذين كدروا الشعب وحرموهم من العبور لأرض الميعاد حسب تدبير الله وعهده مع الشعب، فانهار الإيمان وفقدوا الثقة في الله !!!
فخطية فرد أو جماعة وسط شعب الله تؤثر غالباً وفي غالبية الأحوال، تُأثيراً سلبي على الشعب ككل لتحرمه من حضور الله وعمله [ وسطك حرام يا إسرائيل: ” قم قدس الشعب وقل تقدسوا للغد لأنه هكذا قال الرب إله إسرائيل في وسطك حرام يا إسرائيل فلا تتمكن للثبوت أمام أعدائك حتى تنزعوا الحرام من وسطكم ” (يش 7 : 13) ]
(2) بالخطية ملك الموت على الإنسان [ قد ملك الموت من آدم إلى موسى وذلك على الذين لم يخطئوا على شبه تعدي آدم الذي هو مثال الآتي (رو 5: 14) ]، ولا يقدر أحد أن يرى الله ويتواجد في محضره [ في سنة وفاة عزيا الملك رأيت السيد جالسا على كرسي عال ومرتفع و أذياله تملأ الهيكل. السيرافيم واقفون فوقه لكل واحد ستة أجنحة باثنين يغطي وجهه وباثنين يغطي رجليه وباثنين يطير. وهذا نادى ذاك وقال قدوس قدوس قدوس رب الجنود مجده ملء كل الأرض. فاهتزت أساسات العتب من صوت الصارخ وامتلأ البيت دخانا. فقلت ويل لي إني هلكت لأني إنسان نجس الشفتين وأنا ساكن بين شعب نجس الشفتين لأن عيني قد رأتا الملك رب الجنود. فطار إليَّ واحد من السيرافيم وبيده جمرة قد أخذها بملقط من على المذبح. ومس بها فمي وقال أن هذه قد مست شفتيك فانتزع إثمك وكُفِرَ عن خطيتك. ] (إشعياء 6: 1 – 7)
ونجد أن العهد القديم يُشدد على الخطية التي ملكت على الإنسان ككل في تكوين 6 : 5 [ ورأى الرب أن شر الإنسان قد كثر في الأرض و أن كل تصور أفكار قلبه إنما هو شرير كل يوم ] ؛ في تكوين 8: 21 [ لا أعود ألعن الأرض أيضاً من أجل الإنسان لان تصور قلب الإنسان شرير منذ حداثته ] ؛ ويوضح ذلك بأكثر جلاء في إشعياء 64 : 6 – 7 [ وقد صرنا كلنا كنجس وكثوب عدة كل أعمال برنا و قد ذبلنا كورقة وآثامنا كريح تحملنا. وليس من يدعو باسمك أو ينتبه ليتمسك بك لأنك حجبت وجهك عنا وأذبتنا بسبب آثامنا. ] (وواضح هنا مسئولية كل إنسان عن إثمه الذي تمادى فيه بكل قوته، لأنه فعل الخطية بكل نشاط واجتهاد، حسب مسرة قلبه وإرادته وحده…
عموماً من هذا لا نستنتج أن الإنسان ورث الخطية كفعل، بل يوضح العهد القديم أن الموت ملك على كل إنسان وصار طبعه غريب عن الله ، فلا يستطيع أن يفهم طبيعة الله أو يقترب من القدوس البار، لأن طبعه فسد، وبسبب طبيعة الخطية الكل وقع تحت حكم الموت [ موتاً تموت = أجرة الخطية (طبيعتها أو نتيجتها الطبيعية) موت ] (تكوين 2: 17 ؛ رومية 3: 23)