384- إذا كان آدم لم يغوَ، إنما حواء هي التي أُغويت “وآدم لم يغوَ لكن المرأة أُغويت فحصلت في التعدي” (1تي 2: 14) فهل يعتبر الله ظالم لأنه طرد آدم من الفردوس؟
ج:
1- حسد الشيطان الإنسان، فاتخذ الحيَّة وسيلة وأغوى حواء، فسقطت في التعدي، فالعصيان ومخالفة الوصية جاء عن طريق حواء أولًا، وبعد أن سقطت حواء أعطت زوجها فأكل من الشجرة المُحرَّمة وسقط هو أيضًا في المخالفة، فآدم لم يقع تحت غواية الحيَّة كما حدث مع حواء، بل أكل آدم برضى وهو يعلم أنه يخالف الوصية الإلهية، فذنب آدم أصعب من ذنب حواء، لأنه ارتكب المخالفة وهو في كامل وعيه، أما حواء فأكلت وهي مخدوعة وقد غُرّر بها من قبل الحيَّة، ولذلك استحق آدم الطرد من الفردوس، وقال الله له “لأنك سمعت لقول امرأتك وأكلت من الشجرة..” (تك 3: 17) كما أن حواء قالت لله ” الحيَّة غرَّتني فأكلت” (تك 3: 13).
2- ذكر بولس الرسول هذه الحادثة، وهو ينهي المرأة عن تعليم الرجل لأنها عرضة للسقوط والغواية أكثر من الرجل.
3- يقول القديس يوحنا ذهبي الفم ” هل يمكن القول أن آدم لم يغوَ، أي أنه لم يخالف، المرأة قالت “الحيَّة غرَّتني” (تك 3: 13) آدم لم يقل ” المرأة غرَّتني ” بل قال ” أعطتني من الشجرة فأكلت” (تك 3: 12) الجريمة ليست متشابهة، لأن الإغراء وقع على آدم من كائن من نفس الطبيعة والجنس. أما حواء فقد أُغويت من حيوان.. من كائن ذي طبيعة أقل منها، هنا الغواية الحقيقية، فالرسول إذًا لما قال أن آدم لم يغوَ، قال هذا بمقارنته بالمرأة، لأنها تركت نفسها تُخدع.. من كائن ذي طبيعة أقل، إنما آدم فقد خُدع من كائن حر، وليس عن آدم كُتب ” فرأت أن الشجرة جيدة للأكل ” بل المرأة هي التي ” أكلت وأعطت رجلها” (تك 3: 6) أي أنه لم يتعدَ سوء نية، بل مجاملة لزوجته”(1).
4- يقول نيافة المتنيح الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي ” أن آدم لم يكن الذي أُغوي لكن المرأة أُغويت فوقعت في المعصية. وهذه الحقيقة تحدَّث عنها سفر التكوين، فالمرأة حواء أغواها الشيطان في الحيَّة لتأكل من الشجرة المُنهي عنها.. ولما سأل الله حواء عن مخالفتها ” فقالت المرأة. الحيَّة غوتني فأكلت” (تك 3: 13) فعاقب الرب المرأة.. ثم قال الله لآدم “لأنك سمعت لقول امرأتك فأكلت من الشجرة التي أوصيتك قائلًا لا تأكل منها..” (تك 3: 17) وهذا معناه أن آدم هو المسئول الأول، وقد وبخه الرب لأنه سمع لقول امرأته، ناسيًا وضعه بصفته الرأس، وانقاد لقول امرأته”(2).
_____
(1) ترجمة سعاد سوريال – رسالة بولس الرسول إلى تيموثاوس ص 90، 91.
(2) تأملات وتعليقات على رسالة القديس بولس الرسول الأولى إلى تيموثاوس ص 37، 38.