370- لماذا لم يأكل الإنسان من شجرة الحياة عقب السقوط، حتى لا يسري عليه حكم الموت؟
يقول ” ليوتاكسل“.. ” لقد فات جدينا أن يأكلا من شجرة الحياة التي لم تكن ثمارها حُرمت عليهما، يا للأبلهين! فلو خطرت لهما فكرة أن يأكلا منها بينما يهوه يخيط لهما الملابس الجلدية لحققا عليه انتصار الأزمنة كلها، ولما كان بمقدوره أن يُنفذ فيهما حكمه الصارم“(1).
ويقول ” جيمس فريزر“.. ” وعلى الرغم من أنه لم يكن يحول بين الإنسان وبين هذه الثمار أي تحريم إلهي، على عكس ما حدث مع شجرة المعرفة، فإن أحدًا من الأبوين لم يفكر في قيمة تناول شيء من فاكهتها اللذيذة، فيعيش إلى الأبد، ولكن يبدو أن شخوص المأساة الكبيرة وقد تركزت أبصارهم حول شجرة المعرفة، لم يبصروا شجرة الحياة“(2).
ج:
1- كان السقوط صدمة قاسية جدًا على الإنسان أفقدته توازنه، فبمجرد أن أكل من الثمار المُحرَّمة شعر بفساد طبيعته، وأنه سقط تحت سطوة الشر، وأنه صار عبدًا لإبليس، وأحس أنه مُطارَد بلا مُطارِد.. ولحسن الحظ أن آدم لم يأكل من شجرة الحياة بعد السقوط، لأنه كان سيعيش إلى الأبد في حالة الخطيئة التي سقط تحت سطوتها بإرادته الشخصية.
2- ليس الموقف كما صوَّره ليوتاكسل قصة صراع بين الإنسان والله، بحيث لو أكل من شجرة الحياة لحقق انتصارًا على الله.. ليس الأمر هكذا، ولكن حقيقة الأمر أن الصراع كائن بين الشيطان والله على الإنسان، والله مدبر كل شيء سمح أن يشعر آدم عقب المخالفة بالخزي العظيم، حتى أنه فقد الدافع للأكل من شجرة الحياة، وفعلًا قد أحس آدم أنه دخل في دائرة الموت ولا فكاك
وقبل أن يفوق آدم من حالته هذه كان الله قد التقى به، ووقَّع العقوبة عليه، وأعطاه الوعد بالفداء، وتم طرده من الفردوس لكيما لا يأكل من شجرة الحياة فيعيش إلى الأبد في خطيته، وفي ملء الزمان تجسد وفداه، فعلاقة الله مع الإنسان علاقة أبوة وليس كما يتصوَّر ليوتاكسل أنها علاقة صراع وتحدي، لأن من هو الإنسان حتى يتحدى الله؟!!
_____
(1) أورده السيد سلامة غنمي – التوراة والأناجيل بين التناقض والأساطير ص 140.
(2) ترجمة د. نبيلة إبراهيم – الفولكلور جـ 1 ص 143.