367- لماذا أغوت الحيَّة الإنسان، بينما لم يعد هذا عليها بأي فائدة، بل بالعكس سقطت تحت العقاب الإلهي؟
يقول جيمس فريزر ” لماذا دبرت الحيَّة تلك المكيدة للإنسان؟ وماذا كان هدفها من وراء حرمان الجنس البشري من المميزات الكبيرة التي كانت الرب يعتزم أن يخلعها عليه؟ فهل كان تدخلها في هذا الأمر مجرد فضول؟ أم أنها كانت تكن هدفًا أبعد من هذا؟ كل هذه الأسئلة لا يجيب عليها سفر التكوين أدنى إجابة؟ فالحيَّة لم تغنم شيئًا من وراء المكيدة، بل أنها كانت على عكس هذا، من الخاسرين، إذ حلت عليها اللعنة الإلهية، وقضي عليها أن تزحف على بطنها، وأن تلعق التراب”(1).
ج:
1- لم تدبر الحيَّة المكيدة للإنسان كقول ” جيمس فريزر”، ولكن الشيطان المناوئ لله والإنسان، عدو كل خير، هو الذي دبر هذه المكيدة للإنسان، وقد اختار الحيَّة لما لها من بهاء ولمعان، ولأنها أحيل جميع حيوانات البرية، فهي أكثر الحيوانات جاذبية وإثارة وذكاء، وهناك تشابه بين الشيطان والحيَّة ولذلك يقول معلمنا بولس الرسول ” أخاف أنه كما خدعت الحيَّة حواء بمكرها هكذا تفسد أذهانكم عن البساطة التي في المسيح” (2كو 11: 3) وقد دُعي الشيطان بالحيَّة القديمة (رؤ 12: 9) وقد عاقب الله الحيَّة لأنها كانت وسيلة في يد الشيطان، فالمحرض الأول هو إبليس، وقد أغفل ” جيمس فريزر ” دوره، بل أغفل ذكره تمامًا، فكان من المفروض أن يتساءل فريزر: لماذا أسقط الشيطان الإنسان؟! فنقول له لأن الشيطان ناقم على الله الذي طرده من مسكنه، وجرده من رتبته. وحكم عليه بالعذاب الأبدي، فهو دائمًا يقاوم الله، ويقاوم الإنسان لأنه مخلوق على صورة الله.
2- يقول الأستاذ رشدي السيسي ” الواقع أن جميع هذه الأسئلة ليست في صميم الموضوع، أو بتعبير أكثر دقة هي خارجة عن الموضوع، وذلك لأن المحرض والمسئول الأول وهو إبليس قد أغفل هؤلاء الباحثون ذكره، ولذلك كان من العسير الرد على أسئلة ظاهرها البطلان، وقائمة على غير أساس، فإذا صح هذا الأساس بمعنى أن تأخذ هذه الأسئلة مسارها الطبيعي، فتدور حول إبليس في صورة الحيَّة، لسهلت الإجابة إلى أقصى حد، وبدت معقولة ومقنعة، فإبليس هو الذي دبر مكيدة سقوط آدم وحواء، وتدخله في هذا الأمر لم يكن بدافع الفضول إنما بدافع الحسد المتأصل في نفسه منذ سقطته من مركزه السامي”(2).
_____
(1) ترجمة د. نبيلة إبراهيم – الفولكلور جـ 1 ص 148.
(2) مجلة الكرازة في 19/9/1975 ص 6.