هل قصد الكاتب بشجرتي الحياة والمعرفة الإشارة إلى الصفتين الإلهيتين (الخلود والمعرفة)؟
363- هل قصد الكاتب بشجرتي الحياة والمعرفة الإشارة إلى الصفتين الإلهيتين (الخلود والمعرفة)؟
يقول د. كارم محمود عزيز ” لماذا الخلود والمعرفة بالذات..؟ ربما اُختيرت المعرفة والخلود بالتراث لأنهما أكثر السمات التي يجب أن يتصف بها الإله، ومجرد حصول الإنسان على كلتيهما أو إحداهما -وفقًا لما ورد في القصة التوراتية- يعتبر اختراقًا للعالم الإلهي بما يستوجب العقاب، وهذا ما تبرر حدوثه القصة العبرانية. كذلك نرى أن اختيار ” المعرفة” و”الخلود ” جنبًا إلى جنب يرجع إلى اشتراكهما في صفة ” المطلق ” فالخلود هو الحياة الأبدية التي لا نهاية ولا حدود لها، ومن ثمَّ فهي ” مطلق”. وكذلك تعتبر المعرفة “مطلقًا” وفقًا لما قال به فلاسفة اليونان من أن {المعرفة هي القدرة الوحيدة التي توّحد الإنسان إلى الأبد مع وجود المطلق}”(1).
ج:
1- إن قصة جنة عدن وشجرتي الحياة، ومعرفة الخير والشر حقائق كتابية ثابتة لا شك فيها، وإن كان الدكتور كارم لا يؤمن بكتابنا المقدَّس فليرجع إلى كتابه ليجد فيه الجنة، والشجرة المُنهى عنها، ومخالفة آدم وسقوطه.
2- قول الدكتور كارم محمود ” مجرد حصول الإنسان على كلتيهما أو أحدهما يعتبر اختراقًا للعالم الإلهي بما يستوجب العقاب ” قول جانبه الصواب، لأن الله نهى آدم عن الأكل من شجرة المعرفة فقط، أما شجرة الحياة فكان مسموحًا لآدم أن يأكل منها دون أن يتلقى أية عقوبة، بل أن الله خلق الإنسان خالدًا، ورغم سقوط الإنسان والحكم عليه بالموت إلاَّ أن روحه خالدة لا تُفنى، وأيضًا الملائكة خالدون، ولا يعتبر خلود الإنسان أو الملائكة اختراق للعالم الإلهي. إنما الحقيقة أن الله من فرط محبته وجوده وإحسانه أنعم على الملائكة والبشر أن يشاركونه الخلود إلى الأبد، مع الفارق، فالخلود في الله صفة ذاتية، أما خلود الملائكة والبشر فهو عطية وهبة ومنحة مجانية من الله المحب.
_____
(1) التوراة وتراث الشرق الأدنى القديم ص 173، 174.