Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

هل خلق الله الإنسان ذكرًا وأنثى دفعة واحدة (تك 1: 27) أم أنه خلق آدم أولًا (تك 2: 7) ثم خلق حواء من ضلع آدم (تك 2: 21، 22)؟

 349- هل خلق الله الإنسان ذكرًا وأنثى دفعة واحدة (تك 1: 27) أم أنه خلق آدم أولًا (تك 2: 7) ثم خلق حواء من ضلع آدم (تك 2: 21، 22)؟

يقول الأب سهيل قاشا ” على أن القراءة المتأنية لنص التكوين التوراتي تُظهر لنا تناقضًا واضحًا في أحداثه.. مرة نجده يخلق البشر دفعة واحدة.. وفي المرة الأخرى يخلق الرب الإنسان بدءًا من زوجين أولين، مقتفيًا بذلك أثر الأساطير البابلية والسومرية، وفي الواقع فإن هذا النص ونصوصًا أخرى كثيرة في التوراة قد كُتبت بعد التوفيق بين روايتين توراتيتين.. وقد جرى المزج بين الروايتين بعد العودة من الأسر البابلي عام 538 ق.م.”(1).

ويقول د. سيد القمني ” أما أبرز الشواهد على مزج روايتين مختلفتين في التكوين التوراتي فهي الكيفية التي بها خُلق الإنسان الأول، ففي مواضع من القصة نجد الخالق يخلق الإنسان دفعة واحدة، ككائن واحد يجمع في ذاته الواحدة الذكورة مع الأنوثة {ذكرًا وأنثى خلقه وباركه. ودعا اسمه آدم} ثم يفصل عنه العنصر الأنثوي من خلال المرأة الضلع أو الضلع المرأة، بينما نجد في موضع آخر إشارة مختلفة تمامًا تقول {على صورة الله خلقه ذكرًا وأنثى خلقهم} فهنا شخصان منفصلان متمايزان عن بعضهما تمامًا عن الأصل”(2).

ويدعي الدكتور كارم محمود عزيز أن الله خلق آدم أولًا بمفرده ظنًا منه أنه سيجد راحته مع الحيوانات، وعندما اكتشف أن آدم لا يجد له معينًا نظيره اضطر إلى خلق حواء له، فيقول ” إن الرب عندما قرَّر أن يخلق نظيرًا معينًا للإنسان، لم يكن مدركًا مدى الأثر الذي حققه خلق الحيوانات والطيور للإنسان. فقد خلق هذه الكائنات لتصبح ذلك النظير المعين غير أن وجودها في حد ذاته لم يُحقّق الهدف المنشود من خلقها، لذا فقد لجأ الرب، وكأنه في مرحلة تجريب، إلى خلق المرأة لتحقق الهدف الذي فشلت في تحقيقه الحيوانات والطيور.. لم يكن لدى الرب تصوُّر مثالي كامل عن خلق العالم، فكان خلقه بمثابة تجريب عشوائي”(3).

ج:

1- عندما ذكر موسى النبي أولًا قصة خلق الإنسان بإيجاز كجزء من قصة خلق الكون ككل قال ” فخلق الله الإنسان على صورته على صورة الله خلقه. ذكرًا وأنثى خلقهم” (تك 1: 27) لكن كيف خلق الله الإنسان؟ من أي مادة..؟ فهذا ما فصَّله في الإصحاح الثاني حيث أوضح كيفية خلق آدم، وكيفية خلق حواء، فعن آدم قال ” وجبل الرب الإله آدم ترابًا من الأرض. ونفخ في أنفه نسمة حياة فصار آدم نفسًا حيَّة” (تك 2: 7) وعن خلق حواء قال ” فأوقع الرب الإله سباتًا على آدم فنام. فأخذ واحدة من أضلاعه وملأ مكانها لحمًا. وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأة وأحضرها إلى آدم” (تك 2: 21، 22) كما أوضح مشاعر آدم قبل خلقه حواء ” وأما لنفسه فلم يجد معينًا نظيره” (تك 2: 20) ومشاعره بعد خلقة حواء ” فقال آدم هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي. هذه تُدعى امرأة لأنها من إمرء أُخذت” (تك 2: 23).. فأين التكرار؟!! إن ما جاء في الإصحاح الأول يمثل جزء من حقيقة خلق الإنسان، وما ذُكر في الإصحاح الثاني يمثل بقية الحقيقة، فالقصتان متكاملتان، وليس في هذا أية دلالة على أن موسى النبي استمد رواية الخلق من مصدرين مختلفين.

2- لماذا ادَّعى الأب سهيل قاشا بأن هناك تناقض بين الإصحاح الأول والثاني بشأن ما جاء في قصة الإنسان؟! هل ذكر أحد الإصحاحين أن الله خلق الإنسان، وصرَّح الإصحاح الآخر أن الله لم يخلق الإنسان، حتى يقول أنه يوجد تناقض..؟ كلاَّ.. إذًا لماذا لم يقل الأب سهيل قاشا يبدو أن هناك تكرارًا (وليس تناقض) للحدث، ثم يتمعن في القراءة دون أن يتأثر بآراء النُقَّاد الغربيين فيصل للحقيقة؟!

3- ما آثاره الأب سهيل قاشا والدكتور سيد القمني بشأن التوفيق بين روايتين مختلفتين (حسب تصوُّرهم)، قد سبق مناقشته باستفاضة(5).

ويقول قداسة البابا شنودة الثالث ” قصة خلق الإنسان هي قصة واحدة لإنسان واحد.. وردت مجملة في الإصحاح الأول وبالتفصيل في الإصحاح الثاني.. في الإصحاح الأول خلق الإنسان كجزء من قصة الخليقة كلها، ثم وردت التفاصيل في الإصحاح الثاني، حيث ذكرت فيه طريقة خلق آدم من تراب، ثم كيف نفخ الله فيه نسمة حياة، ثم طريقة خلق حواء من ضلع من ضلوع آدم. وشعور آدم قبل خلق حواء، وبعد خلقها. كما وردت في هذا الإصحاح تسمية آدم وتسمية حواء.. القصتان متكاملتان، نجد في الأولى البركة المعطاة، والطعام المسموح به، وفي الثانية طريقة الخلق، مع التسمية، مع ذكر الجنة”(4).

4- أما حديث الدكتور كارم عن الله فلا يليق أبدًا بالعبد أن ينعت جابله بأنه لم يكن يدرك ماذا يفعل، وأنه كان يجرب الأمر وكأنه لا يعرف المستقبل، ومن أين أتى الدكتور كارم بأن الله خلق هذه الكائنات لتصبح ذلك النظير المعين لآدم؟! ومن أي مصدر استقى هذه التراهات؟! أو ما هي حجته في هذا؟! أم أنها مجرد خيالات مريضة وأوهام حيرى..؟ لماذا لا نقل بأن الله خلق آدم أولًا، وقرَّب إليه جميع الحيوانات والطيور، ليدرك أنه لا يوجد مثيل له قط، فهو تاج الخليقة كلها؟! ثم بعد ذلك خلق له حواء التي لا يوجد لها شبيه قط بين الكائنات الأخرى.

_____

(1) أثر الكتابات البابلية في المدونات التوراتية ص 146.

(2) قصة الخلق أو منابع سفر التكوين ص 196.

(3) أساطير التوراة وتراث الشرق الأدنى القديم ص 92، 93.

(4) سنوات مع أسئلة الناس – أسئلة خاصة بالكتاب المقدَّس ص 10.

(5) فيرجى الرجوع لإجابة السؤال 319.

 349- هل خلق الله الإنسان ذكرًا وأنثى دفعة واحدة (تك 1: 27) أم أنه خلق آدم أولًا (تك 2: 7) ثم خلق حواء من ضلع آدم (تك 2: 21، 22)؟

Exit mobile version