ما هو رأي علم الآثار وعلم الجيولوجيا في قول بعض النُقَّاد بأن قصة الطوفان التي وردت في سفر التكوين مجرد خرافة؟
325- ما هو رأي علم الآثار وعلم الجيولوجيا في قول بعض النُقَّاد بأن قصة الطوفان التي وردت في سفر التكوين مجرد خرافة؟
ج:
1- حدث الطوفان ليس أمرًا مستحيلًا، بل يمكن أن يتكرر ثانية، والضمان الوحيد لعدم تكراره هو الوعد الإلهي لنا ” لا أعود أيضًا أميت كل حي كما فعلت” (تك 8: 21) ولا ننسى الزلزال المدمر الذي ضرب ثمانية دول من شرق آسيا في الأحد الأخير من عام 2004م بقوة 9 ريختر وما نتج عنه من أمواج المد العاتية (سونامي) التي ارتفعت إلى أكثر من ثلاثين مترًا، وبلغت سرعتها إلى أكثر من 500 كم / ساعة، فتزحزحت بعض الجزر عن موقعها إلى مسافة وصلت إلى نحو ثلاثين كيلو مترًا، وارتجت له الكرة الأرضية، وأثر على دورانها حول محورها، إذ بلغت قوته قوة تفجير مليون قنبلة ذرية، وأطاح بالسفن العملاقة إلى الشط وكأنها علب من ورق، واختفت مئات القرى، وقتل أكثر من ربع مليون نفس، فحدوث ذلك الزلزال يؤكد إمكانية حدوث الطوفان ثانية، ولا ننسى ما تكتنزه الأرض من ثلوج، فهناك المحيط المتجمد الشمالي، والمحيط المتجمد الجنوبي، وتبلغ المنطقة الجنوبية ستة ملايين ميل مربع، ومتوسط ارتفاعها ستة آلاف قدم، وتعتبر من أشد مناطق العالم برودة، فتصوَّر يا صديقي لو أن درجة الحرارة ارتفعت في تلك الأماكن، وانحل هذا الجليد وعاد إلى صورته السائلة، فماذا سيحدث؟!!
2- إن الطوفان حقيقة مُسلَّم بها، أكدتها الأبحاث التي تناولت فحص آثار هذا الطوفان في الجبال والوديان، فقد اكتشف سير ” لينور وولي ” طبقة سميكة من الطمي في أسفل وادي الفرات، وهذه الطبقة تخفي أسفلها آثار حضارة إنسانية كاملة، فعلَّل وجود هذه الطبقة بحدوث كارثة الطوفان، ويقول ” ول ديورانت”.. ” وتناقل البابليون والعبرانيون قصة هذا الطوفان، وأصبحت بعدئذ جزءًا من العقيدة المسيحية، وبينما كان الأستاذ ” وولي ” يُنقّب في خرائب أور عام 1929م إذ كشف في عمق عظيم من سطح الأرض، عن طبقة من الغرين سمكها ثمانية أقدام، رُسّبت – إذا أخذنا بقوله – على أثر فيضان مروع لنهر الفرات ظل عالقًا بأذهان الأجيال التالية ومعروفًا لديهم باسم الطوفان، وقد وُجدت تحت هذه الطبقة بقايا حضارة قامت من قبل هذا الطوفان، وصفها الشعراء فيما بعد بأنها العصر الذهبي لتلك البلاد”(1).
3- حدث تغيُّر في تركيب قشرة الأرض في بعض المناطق، فمن المعروف أن الصخور الأقدم توجد تحت الصخور الأحدث، ولكن في بعض الأماكن وجدت صخور عمرها مليون سنة، تعلوها صخور عمرها مائة مليون سنة، أي حدث انكسار للقشرة الأرضية، وتزحلق جزء من القشرة المكسورة الأقدم واعتلى الجزء الآخر الأحدث، وهذا يُسمى علميًا Upheaval فظهرت طبقات الأرض وكأنها مقلوبة، وقد رصد علم الجيولوجيا كسران مثل هذا(2).
4- جاء في جريدة الأخبار القاهرية في 9/6/1945 م ” كلنا نعرف قصة نوح وقصة السفينة.. كان ذلك منذ نحو 5000 عام عندما خرجت حمامة السلام لتعود بغصن الزيتون إشارة إلى زوال الماء وعودة السلام وعفو الله. ومنذ أشهر كان الطيار الروسي ” فلاديمير رسكوفتسكي ” يحلق بطائرته حول قمة أرارات في أرمينيا عندما صاح به مساعده: أنظر إلى أسفل.. هل ترى هذا الشيء العجيب؟ ودار فيلاديمير بطائرته ليتبين هذا البناء الضخم الجاثم على الثلج بجوار بحيرة متجمدة.. ولم يكن هذا البناء سوى سفينة نوح التاريخية. وعندما عاد إلى قاعدته وروى هذه القصة سخر منه جميع زملائه إلاَّ القائد، فقد ألَّف هيئة من الإخصائيين للكشف عن هذا السر. ونعود الآن إلى الماضي القريب عندما كانت روسيا تحت حكم القياصرة كان أحد الرحالين قد عثر على هذه السفينة فأرسل في طلب بعض الأخصائيين لفحصها.. وذهبت إليه بعثة إخصائية لتصوير السفينة وإليك ما جاء في تقريرها:
تحتوي السفينة على مئات من الحجرات علوية وسفلية بعضها كبير الحجم بدرجة تستدعي الانتباه، وبعضها مرتفع السقف، ويُرجح أن هذه الحجرات المرتفعة السقوف قد خصصت للجمال أو بعض الحيوانات الطويلة العنق، وتوجد حجرات أحيطت بقضبان من الحديد تختلف طولًا وعرضًا، وأقفاص لحفظ الحيوانات الضارية. وللسفينة باب واحد من الجانب، وطاقة في أعلى السطح، وقد طُليت جدرانها بالقار. هذه هي المعلومات التي وصلت إلى موسكو، غير أن الثورة اضطرمت بعد ذلك، وحرق الشيوعيون جميع الكتب الدينية التي وقعت في أيديهم، ومن بينها وثائق سفينة نوح، ثم نسى الناس كل شيء عن هذا الحادث الفذ.
وبعد سنوات أرسل بعض الأتراك بعثة علمية في هذه المنطقة لمعاينة السفينة، وقد قرر أحد رجال البعثة أن السفينة مصنوعة من خشب الجوز، وهو من فصيلة الخشب القبرصي العتيق وقد قيست أبعاد السفينة، فبلغ طول السفينة 300 ذراع وعرضها 50 ذراعًا وارتفاعها 300 ذراعًا، وهذه الأرقام قد وردت في بعض الكتب الدينية.. ولكن هناك بعض الأسئلة المحيرة وهي: أن خشب الجوز أو القبرص لم يظهر على سطح الأرض إلاَّ منذ ألف سنة فقط، ثم أن هذه المدة الطويلة كافية لأن تغمر السفينة بأكوام وأطنان من الثلج لا يمكن إزالتها إلاَّ بمجهود شاق طويل، فكيف ظهرت السفينة على وجه الأرض هكذا من غير مجهود؟
وقد أجاب بعض المؤرخين على هذه الأسئلة فقالوا أن نوع خشب بعض الأشجار الذي صُنعت منه السفينة قد انقرض ثم عاد للظهور منذ ألف عام. وقرَّروا أن الزلزال الذي حدث عام 1883م ودكت بعض قمم الجبال وخفضت بعض الأجزاء، هي التي أظهرت السفينة بحالتها الراهنة. فالسفينة إذًا لم تتعرض للجو الخارجي إلاَّ منذ نحو 60 عامًا، وظلت أكثر من 4500 عام وهي في باطن الأرض يحيط بها الثلج غير متأثرة بالهواء، وهذا هو السبب في حفظ كيانها، وقد أكد هذه الآراء أحد رجال الكهنوت في فلسطين.. وهكذا بعد خمسة آلاف عام تظهر السفينة”(3).
_____
(1) ترجمة د. زكي نجيب محمود، ومحمد بدران – قصة الحضارة – المجلد الأول 2 ص 16.
(2) راجع نبذة التوافق بين العلم الحديث والكتاب المقدَّس – إصدار كنيسة مارجرجس اسبورتنج ص 22 – 24.
(3) ورد بنبذة التوافق بين العلم الحديث والكتاب المقدَّس ص 24 – 27.