Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

كيف نظر السومريون والمصريون والفارسيون وغيرهم إلى قصة الطوفان؟

 288- كيف نظر السومريون والمصريون والفارسيون وغيرهم إلى قصة الطوفان؟

ج:

عُثر على أسطورة الطوفان السومرية “زى. أو. سود. را ومعناها “ذو الحياة الطويلة ” في خرائب مدينة “نفر ” السومرية، ويمكن تلخيصها فيما يلي:

 “1- (صدر) قرار إلهي بتدمير الأرض بواسطة طوفان شامل.

  1.  (تم) اختيار واحد من البشر لإنقاذ مجموعة صغيرة من البشر، وعدد محدود من الحيوانات.
  2. حدوث الطوفان ونجاة المجموعة المختارة في قارب.
  3. انتهاء الطوفان واستمرار الحياة من جديد بواسطة من نجا من الإنسان والحيوان “.

وفيما يلي نورد نص الأسطورة كما سجلها خَزعَل الماجدي:

 “قرَّر مجمع الآلهة أن يفني البشر من على الأرض، أن يمحوهم تمامًا بطوفان عظيم يغطي وجه الأرض كلها، وكانت لعنة الطوفان أمرًا إلهيًا لا يُرد، ولكن (ننتو) بكت على مصير (الإنسان) الذي صنعته بأيديها، وصُعقت (أنانا) أما إنكي فقد دهش لقرار الآلهة ورأى أن مخلوقه سيفنى، فكيف يعيش الآلهة دون خدم أو عبيد، فقرر إنكي الخروج على اجتماع الآلهة.. لقد قرَّر إنقاذ الإنسان، وخطرت له فكرة عظيمة حين نظر إلى الأرض فرأى البشر جميعًا واختار من بينهم ملمًا حكيمًا اسمه (زيوسدرا) الذي هو (باشيشو) وكان يحكم مدينة (شروباك) تقيًا ورعًا راعيًا لمعبد الآلهة الذي نذر القرابين الكثيرة للآلهة. كان يسجد ويركع بخشوع، فقرَّر إنكي أن يُوكِل إله مهمة تنفيذ خطته.

توجه (زيوسيدرا) إلى المعيد في ذلك اليوم، وبعد أن قدَّم الطقوس الإلهية أدركه التعب فنام في المعبد، ورأى حلمًا لم يرَ له مثيلًا من قبل.. لقد رأى إنكي يقف قرب جدار وهو يقف قرب الجدار وسمع الإله إنكي يناديه:

قف قرب الجدار على يساري واسمع، سأقول كلامًا فاتبعه، أعطني أذنًا صاغية واسمع وصاياي، لقد قرَّر الآلهة إرسال طوفان عظيم على الأرض يقضي على البشر.. حكم مجمع الآلهة بذلك، وأنهم لمرسلون فيضانًا عظيمًا يملأ الأرض ليضعوا هذا حدًا لملكوت البشر فأصغ إليَّ يا زيوسيدرا.. اصنع سفينة ضخمة واحمل بذرة من كل ذي حياة، حتى لا تفنى الحياة على الأرض، ويوم يأتي الطوفان، اقفل سفينتك عليك وامخر عبابه..

نهض زيوسيدرا مذعورًا من نومه وأيقن أن حلمه هذا نذير شديد، وأن عليه أن ينفذ مشيئة الإله (إنكي) فقام ببناء سفينته الضخمة التي لم يعرف سرها أحد، وذات يوم هبت العاصفة كلها دفعة واحدة، ومعها انداحت سيول الطوفان فوق وجه الأرض ولسبعة أيام وسبع ليالٍ غمرت سيول الأمطار وجه الأرض ودفعت العواصف المركب العملاق فوق المياه العظيمة، وكانت الأرض تنضح الماء، وكانت السفينة مثل حبة رمل في محيط المياه.. السفينة كانت تحمل سر الحياة، وكان الصراع بين الحياة والموت رهيبًا.. ولسبعة أيام احتجبت الشمس، وعكف (أوتو) خلف الغيوم السوداء يراقب دفق المياه وغضبها، المياه المظلمة التي أفنت الحياة من الأرض وأغرقت فيها كل شيء.

وفي اليوم الثامن ظهر (أوتو) ناشرًا ضوءه في السماء وعلى الأرض، وفتح (زيوسيدرا) كوة في المركب الكبير تاركًا أشعة البطل (أوتو) تدخل منه، فخر (زيوسيدرا) أمام (أونو) ونحر ثورًا وقدم ذبيحة من الغنم. خرَّ أمام (أونو) و(إنليل) ساجدًا. ومثل إله وهباه حياة أبدية، ومثل إله وهباه روحًا خالدة، عند ذلك دُعي زيوسيدرا الملك باسم حافظ بذرة الحياة، وفي أرض دلمون حيث تشرق الشمس أسكناه”(1).

ولا توجد قصة مصرية واضحة عن الطوفان، فيقول د. كارم محمود عزيز “لا يوجد بين هذه النصوص (المصرية) نص واحد عن أسطورة الطوفان.. وكل ما هنالك أسطورة تتفق في مفهومها العام مع نموذج أسطورة الطوفان.. هذه الأسطورة المصرية تُسمى أسطورة “هلاك البشر ” وملخصها أن الإله “رع ” إله الشمس شعر بأنه صار مسنًا، وأن رعيته من بني الإنسان يتآمرون على قتله، فاستنجد بالإلهة “حتحور”     التي تُسمى في هذه القصة “عين رع ” لتقضي على بني الإنسان جملة، ولكنها بعد أن بدأت عملها، عزَّ على “رع ” ذلك، فدبر طريقة ينقذ بها من بقى من البشر، ويخلصهم من بطش هذه الإلهة، وتم له ذلك بمعونة شراب الجعة المحبب إلى قلبها، فاحتست منه حتى ثملت، ولم تعِ ما كانت تريد “.

أما عن الأساطير الفارسية، فيقول د. كارم محمود عزيز “في إحدى الأساطير الفارسية، ترد إشارة غير مفصلة إلى ذلك الطوفان مضمونها أن “أهرمن ” كان يحارب “مثرا ” Mithra ويتعقبه بالمكر والخديعة، فأرسل “مثرا ” طوفانًا إلى الأرض، فغرقت، ولم ينجُ سوى رجل واحد، حمل معه أسرته وبعض الحيوانات في مركب صغير، وقد قام هذا الرجل بتجديد الحياة على الأرض مرة أخرى، كما طهر الأرض بالنار، وتناول مع ملائكته الخبز طعام الوداع، ثم صعد إلى السماء، حيث قام بدور المرشد للأبرار، كما كان يعينهم على النجاة من حبائل الشيطان”.

وهناك أسطورة أفريقية عن الطوفان تقول أن كبير آلهة الأوليمب “زيوس” قرَّر تدمير الحياة فأرسل طوفانًا عارمًا لمدة تسعة أيام قضى على الجميع ما عدا “ديكليون” وزوجته “فرحة” اللذان طافا بسفينة استقرت بهما على جبل البرنا، ثم أراد زيوس أن يعيد الحياة، فأمر الزوجين أن يقوما برمي الأحجار الصغيرة خلفهما، فتحولت هذه الأحجار إلى مخلوقات حيَّة(2).

أما تعليقنا على القول بأن سفر التكوين أخذ من هذه الأساطير فنرجئه لإجابة السؤال رقم (291).

_____

(1) راجع أيضًا فراس السواح – مغامرة العقل الأولى ص 126، 127.

(2) راجع فراس السواح – مغامرة العقل الأولى ص123، 124.

كيف نظر السومريون والمصريون والفارسيون وغيرهم إلى قصة الطوفان؟

Exit mobile version