Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

الآلهة التي عبدها السومريون وكيف كانت معابدهم وعبادتهم؟

الآلهة التي عبدها السومريون وكيف كانت معابدهم وعبادتهم؟

الآلهة التي عبدها السومريون وكيف كانت معابدهم وعبادتهم؟

 

 273- ما هي الآلهة التي عبدها السومريون؟ وكيف كانت معابدهم وعبادتهم؟

ج: في سومر تعددت الآلهة إلى درجة أنهم إعتبروا أن للفأس إله، ولقالب الحجر إله، وللمسمار إله، ولكل شخص إله يحميه ويحقق طموحاته، واعتقد السومريون أن هذه الآلهة يعيشون كالبشر يتزوجون ويتناسلون ويتخاصمون ويدخلون في صراعات دامية، ولكنهم يمتازون عن البشر بالخلود، واعتقد السامريون أن هناك مجمعًا من سبعة آلهة يقررون المصائر، ومجمعًا آخر من خمسين إلهًا العظام. أما أعضاء المجمع الأول فيشكلون مجموعتين، تشمل المجموعة الكبرى:

1- “آن ” AN إله السماء وهو يعتبر الأب الأول لكل الآلهة وسيد الآلهة السبع مقررة المصائر، وهو متزوج من “كى ” إلهة الأرض، فيحيط بزوجته في الأفق من جميع الجوانب، ويسقط عليها المطر فتنبعث الحياة منها في شكل نباتات وحيوانات وبشر، وكان مقر عبادته مدينة أورو OUROK.

2- “كى ” KI أو “جى ” GI إلهة الأرض وزوجة “آن ” إله السماء، كما دُعيت الأرض بعدة أسماء أخرى مثل “أنتوم ” ANTUM مؤنث كلمة “آن”، و”نينا – ما ” NIN – MAH وتعنى الجدة (السيدة العظمى) والأم، و”نينتو ” NINTO ويتكون هذا الاسم من مقطعين “نن ” أي سيدة، “وتود ” أي ولادة، فمعناها سيدة الولادة، أو السيدة الوالدة، أو الإلهة الأم، كما دعيت الأرض باسم “أرش ” ARCH بمعنى أرض، ولُقبت ب “مامى ” MAMY و”ماما ” MAMA و”ما ” MAH.

3- “أنليل ” AN – LIL إله الهواء، وهو ابن “آن ” و”كى”، ويقول عنه “جان بوتيرو “.. “أنليل يعنى باللغة السومرية سيد الريح والعاصفة، ومجال عمل أنليل هو الأرض، فهو الذي يسيَر البشر.. وقد لُقب السيد، ولنلحظ أن الاسم (أنليل) مركَّب من آن = سيد أو إله أو رب + ليل وهي مادة ما بين السماء والأرض من هواء ورياح وسحب”(1)(2).

وقال نجيب ميخائيل أن كلمة “آن ليل ” تعنى أصلًا سيد الريح والروح، وهو لم يأخذ لقب سيد الأرض إلاَّ فيما بعد .. ومعبده هو بيت الجبل”(3)(4) فقد كان مقر عبادته “نيبور ” حيث يوجد معبده الشهير “إيكور ” EKOR.

وقال عبد الحميد زايد أن “أنليل ” هو سيد ما بين السماء والأرض، فهو إله الهواء وما يتعلق به، كما لُقّب أيضًا بأبي الآلهة.. كما يقود أنليل الآلهة إلى الحرب، فهو يمثل القوة والبطش، فكان “آن ” يرأس الاجتماعات في مجمع الآلهة، وكانت وظيفة “أنليل ” تنفيذ أحكام هذا المجمع.. وقد عهد إلى أنليل بالمحافظة على ألواح القدر”(5)(6) وفي عصر حمورابي دُعى “أنليل ” عرش “مردوخ ” كبير الآلهة.

4- “أنكى ” AN-KI إله الماء، ويُدعى أيضًا “إنجى ” ودُعى في الأكادية “إيا ” وهو إله ذكر، يتركَّب اسمه من اسمي السماء “آن ” والأرض “كى ” كما دُعي باسم “آبسو ” ABZU ويتكون من A أى الماء، وبسو BZU أي البعيد أو العميق، ويقول نجيب ميخائيل أنهم قصدوا به المياه الجوفية، ويعتقد السومريون أن مياه الأنهار تنبع من مياه العمق(7). أما المجموعة الثانية من الآلهة السبع العظام فتشمل:

1- “نانا ” NANA إله القمر، ودُعى في الأكادية باسم سن، وكان يُعبد في أور حاران، ومقر عبادته الرئيسي في “أور “.

2- “أوتو ” UTO إله الشمس، وهو الإله السامي “شماسَّ”، وهو ابن “نانا ” إله القمر، وكان مقر عبادته في سيبارولارسا “.

3- “أينانا ” ENANA إلهة كوكب الزهرة.

ويرى البعض (مثل موسكاتى في كتابه الحضارات السامية القديمة(8)) أن هذه المجموعة الثانية تكون أيضًا أسرة من الأب “نانا ” القمر والأم “إينانا ” الزهرة، والابن “أوتو ” الشمس، وهكذا يتكون مجمع الآلهة السومرية السبع من أسرتين ثالوثيتين بالإضافة للإله إنكى – الماء. كما عرفوا “إشكر ” إله الطقس، والذي دعاه الكنعانيون “بعل “.

وكان المعبد السومري يعتبر مركزًا روحيًا وسياسيًا وثقافيًا واقتصاديًا، يخدم فيه عدد يتراوح بين 1000، 1200 شخص من الفلاحين، والرعاة، والبستانيين، والصيادين، والخبازين، والطباخين، والصناع المهرة، والصيَّاغ، والذين يقطعون الأحجار، والذين يصنعون الأصنام، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. 

كما كانت النساء تعمل في الطحن والغزل والنسيج، وكان الملك يُعتَبر كبير كهنة الآلهة الذكور، وكانت الملكة تعتبر كبيرة كاهنات الإناث من الآلهة، وكان كعبة السومريين في “أور ” عبارة عن هرم له أربعة أضلاع، ويُعرف بالزاجورات، حيث كان السومريون يحتمون فيه من أخطار الفيضانات، ويقول “ول ديورانت “.. “كانت الهياكل تزينها أحيانًا تماثيل للآلهة وللحيوان وللأبطال من بنى الإنسان..

وقد عُثر في خرائب تنتمي إلى العهد السومري الأول على تمثال صغير من النحاس على شكل ثور، عدا عليه الدهر، ولكنه لا يزال يفيض حيوية وهمة ثورية، وفي مدينة ” أور “عثر المنقبون على رأس بقرة مصنوع من الفضة في قبر الملكة ” شب – آد – وهو آية فنية تشهد بما وصل إليه الفن من رقى عظيم.. أما صناعة الذهب فقد بلغت مستوى رفيعًا كما يدل على ذلك ما وُجد في أقدم مقابر “أور ” التي يرجع تاريخ معظمها إلى 4000 ق.م.، من أوان من الذهب تنم عن ذوق راق ومصقولة أجمل صقل..

وفي متحف اللوفر مزهرية من الفضة ضخمة كجسم “جوديا” ولكنها مزينة بطائفة كبيرة من صور الحيوانات المنحوتة نحتًا جميلًا، وأجمل ما وُجِد من هذه القطع الفنية غمد من الذهب وخنجر مطعم باللازورد عثر عليهما المنقبون في “أور ” وإذ كان لنا أن نحكم على هذه الآية الفنية.. حق لنا أن نقول أن الفن كاد يسمو فيها إلى ذروة الكمال.

وقد كُشف في هذه الخرائب عن عدد كبير من الأختام الأسطوانية.. ويلوح أن السومريين كانوا يستخدمون هذه الأختام فيما نستخدم فيه نحن الإمضاءات، وكلها تشهد بما بلغته الحياة والأخلاق في تلك الأيام من رقى وتهذيب”(9)(10).

وقد أُغرم الشعب السومري بالإفراط في تقديم الذبائح البشرية، ولاسيما عند موت الملوك والإمراء، ففي إحدى المقابر الخاصة بأحد الملوك أو الأمراء وُجدت عظام فرقة عسكرية بملابسها الرسمية، ورماحهم في أيديهم، وفي نهاية الغرفة وُجدت تسع هياكل عظيمة لنساء القصر، وعلى رأس كل واحدة غطائها الذهبي، وعلى المدخل وُجدت عربتان كل منهما له أربع عجلات، ويجر كل منهما ثلاثة عجول، واكتشفت عظام السائس ومرافقيه، وفي مقبرة أخرى للملكة “شوباد ” أُكتشف؟؟ صفَّان من نساء القصر ينتهيان بعازفة على القانون تحضن آلتها، ثم عبدين ساجدين(11).

وكان السومريون قساة القلوب في حروبهم، فيقتلون الأسرى على الفور باستثناء الأقوياء والشرفاء فيُستعبدون طيلة العمر، وكانوا ينهبون المدن، ويشتتون السكان، ولعل قساوتهم هذه هي التي جعلت ملكهم يزول سريعًا، وعُرِف السومريون بالجشع والطمع، حتى إنه عُثر على مرسوم ملكي بمنع الكهنة من دخول حديقة امرأة فقيرة وسلب الثمار والأخشاب منها.

وعندما انتهت الحضارة السومرية أخذ البابليون عنهم مجمع الآلهة العظام السبع، وأيضًا مجمع الآلهة الخمسين العظام، مع تغيير الأسماء والوظائف، فحل اسم “إيل ” بدلًا من “آن” (السماء) واسم “أرد ” بدلًا من “كى” (الأرض) واسم “شمس ” بدلًا من “أوتو” (الشمس) واسم “سين ” بدلًا من “نانا” (القمر) واسم “عشتار ” بدلًا من اينانا إلهة الجنس المحبة للمعاشرة، وتحول اسم “أنليل ” إلى مردوخ MARDUK ابن “آيا ” AE ووريثه، و”آيا ” هو الذي سلب اختصاصات “آنكى ” الأب الأول.

ويعتبر البعض مثل كريمر Kramer أن المفاهيم الدينية السومرية انتقلت إلى الديانة اليهودية فيقول “طوَّر السومريون خلال الألف الثالث قبل الميلاد، أفكار دينية ومفاهيم روحية، تركت في العالم الحديث أثرًا لا يمكن محوه، خاصة ما وصل منها عن طريقة الديانات: اليهودية والمسيحية والإسلام، فعلى المستوى العقلي استنبط المفكرون والحكماء السومريون، كنتيجة لتأملاتهم في أصل الكون وطبيعته وطريقة عمله، نظرية كونية، وأخرى لاهوتية، كانتا تنطويان على إيمان راسخ وقوى بحيث أنهما أصبحتا العقيدة والمبدأ الأساسيين، في أغلب أقطار الشرق الأدنى القديم”(12)(13).

_____

(1) الديانة عند البابليين – ترجمة وليد الجادر ص 26.

(2) أورده د. سيد القمنى – قصة الخلق أو ينابيع سفر التكوين ص33.

(3) مصر والشرق الأدنى القديم – حضارة العراق القديم ص115، 117.

(4) المرجع السابق ص 33.

(5) الشرق الخالد – دار النهضة العربية – القاهرة ص 144.

(6) المرجع السابق ص 33، 34.

(7) راجع د.سيد القمنى – قصة الخلق ص 28 – 39.

(8) ص 75.

(9) ترجمة د. زكى نجيب محمود. د. محمد بدران.

(10) قصة الحضارة – المجلد الأول (2) ص 38- 40.

(11) راجع جون إلدر – ترجمة د. عزت زكى – الأحجار تتكلم ص 50.

(12) كريمر – الأساطير السومرية – ترجمة يوسف داود عبد القادر ص 19.

(13) أورده د. سيد القمنى – قصة الخلق أو منابع سفر التكوين ص24.

 

الآلهة التي عبدها السومريون وكيف كانت معابدهم وعبادتهم؟

Exit mobile version