لغة التخاطب والتواصل للحيوانات والكائنات الصغيرة
265- من الذي منح الحيوانات والكائنات الصغيرة لغة التخاطب والتواصل؟
ج: حقًا إن الذي يدرس لغة التخاطب والتواصل في المملكة الحيوانية يجد عجبًا، فهناك طرق ووسائل مختلفة للتخاطب قد تكون مسموعة، أو مرئيَّة، أو حسية (كيميائية) عن طريق الشم والتذوق، ونعرض باختصار شديد لهذه الوسائل:
1- وسائل الاتصال المسموعة:
وتعتمد أساسًا على الأصوات التي تصدرها الحيوانات مثل نباح الكلاب، وخوار البقر، ونقيق الضفادع، وزقزقة العصافير، وكركرة الرومي.. إلخ وقد تُعبّر هذه الأصوات عن الخوف، أو التحذير، أو فرض السيادة والقوة، أو الغزل، حتى إن أحد العلماء استطاع أن يعيش وسط مجموعة من الذئاب ويتفهم لغتهم، فاستطاع أن يفرض سطوته عليهم. ووسائل الاتصال المسموعة يؤخذ عليها أنها محدودة بالمسافة التي ينتشر فيها الصوت، كما إنها قد تنبه الأعداء.
2- وسائل الاتصال المرئيَّة:
وتعتمد أساسًا على الإشارات مثل تحريك الذيل، أو خفض الرأس، أو إغماض العينين، أو تحريك الشعر، أو نبش الأرض، أو تحريك الزعانف.. إلخ فمثلًا تستطيع النحلة أن ترشد المجموعة التي تعيش معها في نفس الخلية إلى مكان الرحيق ومدى بعده، وذلك عن طريق الرقص، فعندما ترقص في دائرة فإنها تخبرهم بأن مكان رحيق الأزهار قريب من المنطقة، أما إذا رقصت رقصة الاهتزاز فإنها تخبرهن بأن مكان الرحيق بعيد، والحركة التي يبديها الكلب تعبر عن حالته إذا كان فرحًا، أو خائفًا، أو يقدم اعتزارًا، أو يستعد للهجوم، أو يرشد إلى أمر ما.. إلخ.
3- وسائل الاتصال الحسية:
ويعتمد أساسًا على الإفرازات مثل الروائح أو البول، فمثلًا كل نملة تحمل رائحة خاصة تدل على العش الذي تنتمي إليه، حتى أنها لو دخلت عشًا آخر لا تجد ترحيبًا، بل تُطرد كعدوة تقتحم بيتًا لا يخصها، والنملة الميتة تحمل رائحة مميزة، فتحملها المجموعة إلى خارج العش، حتى إن أحد العلماء استطاع أن ينقل رائحة نملة ميتة إلى أخرى حية، فما كان من المجموعة إلاَّ أن حملتها خارج العش رغم أنها حية وتتحرك، وتكرَّر هذا الموقف، وعندما أزال هذا العالِم رائحة الموت هذه، استطاعت النملة أن تجد لها مأوى في عشها وقبولًا بين أخواتها.
والرائحة الصادرة من القندس وهو أحد القوارض تحدد منطقة نفوذه، فيقوم القندس بخلط بعض الطين مع نشارة خشب ويفرز عليها مادة كيماوية من غدة تقع تحت الذيل، ووجد العلماء أن هذه المادة تتركب من 45 مادة كيميائية، ويعمل القندس أقراصًا من هذه الخلطة ينشرها في المساحة التي يفرض نفوذه عليها، ويفرز الأرنب الأمريكي القطني الذيل سائلًا عديم الرائحة من غدد في الذقن، وبهذا السائل يحدد منطقة نفوذه التي تصل إلى 8000 متر مربع. أما الأرنب ذو الحذاء الثلجي فإنه يفرض سطوته على مساحة تُقدر بنحو 72 ألف متر مربع، وتُبلّل الدببة الطين بالبول وتخلط به بعض شعيرات من جسمها، وتلصق الخليط على جذوع الأشجار في المساحة التي تريد أن تفرض نفوذها عليها.
وهناك أمور تثير الدهشة أكثر من هذا، فمثلًا قد يترك أحد الكلاب رسالة إلى كلب آخر عن طريق البول، فيقرأها هذا الكلب الآخر ويرد عليها، فمثلًا إذا نبش الأرض بعنف فمعنى هذا أن الرسالة تحمل نوعًا من التحدي، وإذا أخذ ينبح فإن الرسالة تحمل نوعًا من الغزل، وبهذا النباح ينادي الطرف الآخر، وإذا لم يبدي اهتمامًا فإنها رسالة من صديق لا يعيره اهتمامًا، وقد يتبول الكلب الذي تلقى الرسالة على رسالة البول التي أُرسلت إليه وكأنه يترك بصمته بتسلم الرسالة، ووجد أحد العلماء أن أحد كلاب الصيد السلوقي التي تتلقى تدريبًا عاليًا، وعلى مستو عالٍ من الكفاءة، تتصرف تصرفًا غير مُهذب، إذ تتبول في أرجاء المنزل على السجاد والأثاث، وعندما تمعن الأمر، وجد في البيت ببغاء يُقلّد نباح الكلاب، فظن كلب الصيد أن هناك عدوًا يتحداه، وعلى الرغم أنه لا يراه لكنه يترك له رسائل تحدي في كل مكان عن طريق التبول(1).
_____
(1) راجع دكتورة أمينة درويش – كلية التربية – جامعة الإسكندرية – علم سلوك الحيوان ص 88 – 96.