سؤال وجواب

هل من السهل عبور الفجوة العميقة بين الحيوان والإنسان؟

هل من السهل عبور الفجوة العميقة بين الحيوان والإنسان؟

هل من السهل عبور الفجوة العميقة بين الحيوان والإنسان؟

هل من السهل عبور الفجوة العميقة بين الحيوان والإنسان؟
هل من السهل عبور الفجوة العميقة بين الحيوان والإنسان؟

257- هل من السهل عبور الفجوة العميقة بين الحيوان والإنسان؟

تاسعًا: البون الشاسع بين القردة والإنسان(13)

ج: قطعًا ليس من السهل على الإطلاق عبور الفجوة السحيقة بين الحيوان والإنسان، ولن نتطرق هنا إلى طريقة خلقة كل منهما كما هو وارد في سفر التكوين، ولكن نكتفي بالفروق العلمية الملموسة الواضحة لكل إنسان سواء كان مؤمنًا أو حتى ملحدًا، سواء أنكر نظرية التطوُّر أو أيدها ودعى لها، ويقول الخوري بولس الفغالي ” أما اليوم فنتحدث عن التطوُّر. ولكن يجب أن لا ننسى أن الإنسان يتميز كليًا عن الحيوان بحيث أنه يجب القول بتدخل خاص من قِبل الله حيث نتحدث عن الإنسان وعن خلق النفس البشرية.

الطريق طبيعية بين النبات والحيوان، ولكن بين الإنسان والحيوان هوة لا يردمها إلاَّ الله، وهذا ظاهر في طريقة خلق الله للناس. يقول الكتاب: توقف الله، تشاور مع نفسه، وقال باحتفال مهيب: لنخلق الإنسان”(1).

وقد بنى التطوُّريون آراءهم بتطوُّر الإنسان على الأسس الآتية:

أ – ضخامة بعض أجسام القردة مثل الأورانج والغوريلا.

ب – اعتدال قامة بعض القردة كالشمبانزي.

ج – تشابه دم بعض القردة كالليمور (النسناس) مع دم الإنسان.

وبالرغم من أن الإنسان قريب من الحيوان في الأمور السابقة، بل وأيضًا في الناحية السيكولوجية إلى حد ما، ولكن الإنسان يتميز عن الحيوان بأمور كثيرة مثل الوعي والتفكير واللغة والأخلاقيات والضمير والدين.. إلخ فكل هذه الأمور يفتقدها الحيوان، وعلى حد تعبير ” فاكس موللر ” أنها تعتبر الحد الفاصل بين عالم الإنسان وعالم الحيوان، وبالتالي يقف الإنسان وحده مكونًا مملكة خاصة به..

” فبالرغم من أن دكتور ” أ. ر. والاس ” يؤكد بشدة التماثل الجوهري بين تركيب جسم الإنسان وأجسام الثدييات العليا، وتطوره من أحد الأشكال السلفية المشتركة بين الإنسان والقردة العليا القريبة الشبه بالإنسان، فإنه ينبذ نظرية [أن طبيعة الإنسان بكاملها وكل قدراته الأدبية والذهنية والروحية، قد تطوَّرت من نظائرها في الحيوانات الدنيا] ويعتبرها نظرية ينقصها الدليل الكافي، وتناقض بصورة مباشرة حقائق كثيرة مؤكدة”(2)(3).

كما ” قال الأستاذ دالاس في الانتخاب الطبيعي.. الارتقاء بالانتخاب الطبيعي لا يَصدُق على الإنسان ولا بُد من القول بخلقه رأسًا”(4).

ومن أهم الاختلافات بين الحيوان والإنسان ما يلي:

الشعر – القفز والتسلق – حجم الجمجمة – المخ – العقل – النطق – الدين – الطبيعة الأدبية – التناسل 

1- الشعر: يولد الإنسان بجلد أملس ثم ينمو لديه الشعر، بينما تولد القردة بجلد مُشعِر، وهذا الشعر يصاحب الحيوان طوال حياته.

2- المشي على أربع: بينما تمشي القردة على أطرافها الأربعة، فإن الإنسان يمشي على قدميه، وذلك يرجع لاختلاف تركيب القدمين لدى الإنسان، بطريقة لا مثيل لها في عالم الحيوان، كما أن هناك اختلافًا في التركيب الخاص للأيدي والأرجل بين الإنسان والحيوان، ونمو عضل الألية بصورة واضحة في الإنسان، وبينما ينظر الحيوان دائمًا للأرض والأرضيات فإن القامة المعتدلة التي يتمتع بها الإنسان تمكنه من النظر للأرض والسماء، وكأن كل كائن يشير إلى أصله.

ويقول د. حليم عطية سوريال ” والقول أن الإنسان من الناحية التشريحية يشابه القرد تمامًا مسألة فيها نظر لأن هنالك بالرغم من التشابه العظيم الذي بينهما فروقًا تشريحية جسيمة لا يتسع المجال لذكرها بالتفصيل وتكفي الإشارة إليها فمنها أن الإنسان مخلوق منتصب القامة يمشي على قدمين والقرد حيوان يمشي على أربع، وهذا فرق عظيم لأن انتصاب قامة الإنسان يستدعي تركيبًا مخصوصًا لقدميه وطول طرفيه السفليين وهيئة عموده الفقري بل وتركيب هيكله العظمي كله، ويمكن القول أن قدم الإنسان بمفردها عضو فريد لا شبيه له في المملكة الحيوانية”(5).

3- القفز والتسلق: تتسلق القردة الأشجار، ويساعدها في هذا قوة اليدين وتركيب الأصابع والاستعانة بالذيل كيد خامسة. أما الإنسان فيعجز عن هذا، وإن كان بعض الأفارقة الذين يقطنون الغابات لهم بعض المهارات في تسلق الأشجار، فإنهم لم يصلوا إلى مستوى القردة في هذا، والبيئة التي يعيشون فيها هي التي أتاحت لهم هذه المهارة، مثلهم مثل البحارة الذين يسبحون في الماء كالأسماك. ولم يقل أحد أن الإنسان تطوَّر من الأسماك.

ويقول د. حليم عطية سوريال ” ثم إن القرد خُلق ليعيش فوق الأشجار أعني أنه حيوان قافز متسلق، والإنسان يعيش على الأرض ويمشي عليها، وهذا الفرق يستدعي اختلافًا جسيمًا في التركيب الجسماني والنسبة بين طول الطرفين العلويين والسفليين وقوة اليدين إلى غير ذلك”(6).

4- حجم الجمجمة: تبلغ نسبة جمجمة القردة المتقدمة كالشمبانزي إلى نسبة أدنى أنواع البشرية كالأسترالي الأصلي 16: 99، بينما تبلغ نسبة الإنسان الأسترالي الأصلي لأكثر الناس تقدمًا 99: 112 فواضح أن الفرق بسيط بينهما بينما الفرق بين القردة والإنسان فرق شاسع، ويتميَّز الإنسان بكبر حجم الجمجمة واستدارتها، وصغر الفكين وعدم بروزهما للأمام، ووجود الذقن، وضمور عضلات صوان الأذن.

5- المخ:

أ – يبلغ وزن مخ أرقى أنواع القردة 400 جم، بينما يبلغ وزن مخ أدنى أنواع البشر 1400 جم.

ب- يختلف وضع المخ بين القردة والإنسان، ففي القردة تجد المخ خلف الرأس ومقابل الوجه، بينما في الإنسان تجد المخ فوق العمود الفقري.

جـ- عدد الخلايا العصبية في مخ القردة تبلغ نصف مليون خلية، بينما تصل في الإنسان للضعف.

د – اكتشف كوفييه Georges Cuvier أن نسبة حجم المخ إلى حجم النخاع الشوكي في الأسماك تمثل 2: 1، وفي الزواحف 5ر2: 1، وفي الطيور 3: 1، وفي الثدييات 4: 1، بينما تقفز في الإنسان إلى 33: 1، وهذا يظهر التمايز العظيم بين الإنسان والكائنات الأخرى، ويؤكد أن الإنسان في رتبة لا يدانيه فيها أرقى الحيوانات.

6- العقل: يتميز الإنسان عن القردة بقدر كبير من الذكاء والقدرة على التفكير، وتخزين المعلومات، والقدرة على السيطرة على الكائنات والبيئة.. إلخ أي أننا نستطيع أن نقول أن الإنسان يتميَّز بالعقل المُدرِك، بينما تلك القردة تسلك بالغريزة.

والذين يفترضون أن المخلوق الوسيط بين القردة والإنسان كان يشبه الإنسان الحالي في تركيبه الجسماني، ولكنه أضعف عقلًا منه، يرد عليهم الدكتور حليم عطية سوريال قائلًا ” على أن هناك مسألة منطقية بسيطة في مسألة تطوُّر الإنسان من القردة وهي معروفة كيف استطاع المخلوق الذي يعتبره التحوُّليون الحلقة المفقودة بين القرد والإنسان أن يعيش بين الحيوانات الضارية التي تحيط به، فإن أصحاب نظرية النشوء يقولون أن هذا المخلوق كان أضعف عقلًا من الإنسان الحالي لأن عقله كان أقرب تشابهًا إلى عقل القردة وإن كان تركيبه الجسماني يشبه جسم الإنسان الحالي.

أقول كيف يمكن لمخلوق ضعيف الجسم وضعيف العقل أن يعيش وحوله الأسد والفيل والدب والنمر وغيرها من الحيوانات المفترسة – فعمري أن هذا المخلوق لا يصلح لشئ إلاَّ أن يكون فريسة ولقمة سائغة لها”(7).

وإن قال الماديون أن التفكير يعتبر عملية مادية فسيولوجية وليست معنوية، وتتطلب إنفاق كمية من الطاقة الحيوية (راجع أسرار الحياة ص 21، 22) فإن الحقيقة أن من خواص المادة أنها لا تشعر ولا تفكر، فالماء الذي يتجمد لا يشعر بشيء، وهكذا الهيدروجين عندما يحترق، وبالرغم من أن مخ الميت حديثًا كاملًا إلاَّ أنه قد فقد القدرة تمامًا على التفكير، بينما الإنسان الحي يفكر ويشعر بذاته، وبالرغم من أن الخلايا التي عاش بها الإنسان منذ عشر سنوات قد تغيَّر معظمها…

لكن الإنسان يشعر بذاته أنه هو هو لم يتغير، ومازال حاضره يرتبط بماضيه، لأنه يتمتع بروح خالدة، وأيضًا يتميَّز عقل الإنسان عن عقل الحيوان بإمكانية التحصيل والإدراك والتفكير والتطوير والاستنتاج والابتكار مما جعل من الإنسان ملكًا لهذه الخليقة، فاستطاع أن يسيطر على الأرض وكل ما عليها، فروَّض الأسود، واخترع الطائرات التي تفوق النسور في تحليقها، وصنَّع الزوارق البحرية والغواصات التي تفوق الحيتان في غوصها وسرعتها، وغزا الفضاء الخارجي واستطاع أن يحط بقدميه على سطح القمر.. إلخ بينما لم نجد قط قردًا يُفلح الأرض أو يقيم مصنعًا بسيطًا.

ويقول د. حليم عطية سوريال ” إننا نسلم أن القردة العليا مثل الغوريلا والشمبانزي والأورانج أقرب شبهًا إلى الإنسان من أي حيوان آخر، ونسلم أن هنالك تشابهًا عظيمًا في التشريح بينها وبين الإنسان، ونعترف بأن تلك القردة قد تصاب ببعض الأمراض التي يُصاب بها الإنسان وبأن دمها يشبه الدم البشري في بعض التفاعلات الكيماوية الحيوية، ونسلم بأنها ظهرت في عصر جيولوجي سابق لعصر الإنسان تمامًا.

ولكن القول بأن الإنسان تسلسل منها مسألة فيها نظر، وذلك لأنه بين الإنسان وبينها بالرغم من ذلك التشابه هوة سحيقة وفرقًا عظيمًا، وهذا الفرق ليس في الجسم فقط بل في الإدراك، والفرق النفساني يفوق مليون مرة الفروق التشريحية لأن القرد مهما شابه الإنسان في تركيبه الجسماني هو حيوان بكل معنى الكلمة، لا فرق جوهري بينه وبين الحيوانات التي أُوتيت شيئًا من الذكاء..

فالإنسان قفز قفزة عظيمة في نموه العقلي ولكنه تأخر في نموه الجسماني عن كثير من الحيوانات الأخرى، لأنه من الناحية الجسمية أضعف من معظم الحيوانات ولكنه من الناحية النفسانية أقواها جميعًا بل سيدها.

فهذا المخلوق الضعيف ظهر في أواخر العصور الجيولوجية وأوجد لنفسه مكانة عظيمة بين الحيوانات الأخرى التي تحيط به في كل مكان بل سادها وقهرها، وضعفه الجسماني ظاهر في أنه لا يمتلك شيئًا من أسلحتها الطبيعية، فإنه لا يمتلك قوة الغوريلا ولا عضلاتها ولا مخالب الأسد وثباته ولا حجم الفيل وضخامته ولا سرعة الفهد ولا شراسة النمر ووثبته ولا جناح النسر وبصره، ولكنه بالرغم من ضعفه الجسماني وتجرده من الشعر بخلاف الحيوانات الثديية الأخرى تراه يسود تلك الحيوانات..

وتراه من بدء ظهوره يصنع الآلات الحجرية ويروّض الحيوانات المتوحشة فيجعلها أنيسة لطيفة ويسخرها لخدمته، ويفكر في سبب وجوده ومصيره وآخرته. هذا إذا أشرنا للإنسان الأول أو المتوحش، ولا داعي للإفاضة فيما أدركه عقل الإنسان من مدنية وعلم وفلسفة واختراعات في العصور الحديثة..

ولقد حاول بعض القائلين بمذهب التحوُّل أن يثبتوا أن ذكاء الإنسان نما نموًا تدريجيًا من ذكاء القردة أو الحيوانات الأخرى، ولكن الأبحاث النفسانية أثبتت استحالة ذلك النمو وأثبتت عدم إمكان مقارنة الإنسان بأي حيوان آخر من الناحية العقلية..

فالإنسان إذًا طراز آخر، وليس الفرق بينه وبين الحيوان في كمية الذكاء إنما في نوعه، أعني أن إدراكه يختلف اختلافًا أساسيًا عن إدراك الحيوان.. ومما تجدر الإشارة إليه أن العلامة ألفرد رسل ولاس Wallace زميل داروين وشريكه في ابتكار نظرية التحوُّل على قاعدة الاختيار الطبيعي اعترف بأن تحوُّل القرد إلى إنسان لا يمكن حدوثه بدون تدخل إلهي”(8).

7- النطقالإنسان هو الكائن الوحيد الناطق الذي يُعبّر عن أفكاره بكلماته، ويُعبّر عن سروره بابتساماته وضحكاته، ويُعبّر عن أسفه بحزنه ودموعه، ويستطيع أن يتواصل مع الآخرين، وينقل تراثه الحضاري، حتى دُعي الإنسان بالحيوان الناطق والحيوان الضاحك.

ورغم ما بذله داروين ليثبت أن كلام الإنسان هو عملية تطوُّر من أصوات الحيوانات، ولكن دون جدوى، لأنه على مدار التاريخ لم نرَ قردًا عبر عن نفسه بكلمات، والببغاء الذي يُكرّر بعض الكلمات يعجز عن اكتساب هذه الصفة، وأيضًا كل حيوان له صوته الذي لم ولن يتغير قط، فالكلب سيظل ينبح، ولن يتحوَّل صوته يومًا إلى مواء القطط أو صهيل الخيل.

8- الدين: لأن الإنسان له الجسد الترابي والروح الخالدة، لذلك تجد لديه الشعور الدفين بالبحث عن الله، بينما هذا الشعور ينعدم في الحيوان، وبسبب الشعور الدفين لدى الإنسان بالبحث عن الله، لذلك اهتم الإنسان بالعبادة منذ فجر حياته، فإن وجدنا إنسانًا يعيش بدون مدارس ومستشفيات بل وأحيانًا بدون سكن يستقر فيه، فإننا لن نرى إنسانًا قط يعيش بدون إله يتعبَّد له، وقد عجز التطوُّريون فعلًا في الوصول إلى أي قبيلة بدائية ليس لديها ميول دينية، بينما لم نرَ قط قردًا يقف منتصبًا للصلاة.

ويقول المتنيح العلامة الأسقف الأنبا ايسوذوروس ” قال شيشرون فيلسوف الرومان الذي تقدم المسيح بنحو جيل واحد. ليس من أمة بلغت بها العلاقة في الخشونة والتمكن في الوحشية إلى الجهل بوجوب عبادة الله وإن جهلت أي إله يجب أن تعبده.

قال بلوترخس المؤرخ الذي وُلِد قبل المسيح بخمسين سنة وعاش تسعينًا إن طُفْت جهات الأرض كلها فيمكنك أن تجد مدنًا خالية من علوم وشرائع ومن دراهم وأمتعة ومن أسوار وبيوت. وإنما ما من أحد نظر قط مدينة خالية من الهياكل والمعابد للآلهة، وعلى ظني أنه سهل أن تبني مدينة دون أرض من أن تتحد جماعة دون الاعتقاد بالآلهة..

وقال ديكارت الفرنسي (1596 – 1650م) إني مع شعوري بنقص ذاتي أحسن في الوقت ذاته بوجود ذات واجبة كاملة، وأراني مضطرًا للاعتقاد بأن هذا الشعور قد غرسته في ذاتي تلك الذات الكاملة المُتحلية بجميع صفات الكمال وهي الله.. إني لم أُخلق ذاتي بنفسي، وإلاَّ كنت أعطيها سائر صفات الكمال التي أدركها. إذًا أنا مخلوق بذات أخرى، وتلك الذات يجب أن تكون حائزة جميع صفات الكمال”(9).

وجاء في كتاب ” نظام التعليم في علم اللاهوت القديم”(10) ” ولما كان الفارق جوهري مما لم يسع داروين إنكاره، حاول جاهدًا لأجل تدعيم مذهبه أن يكتب أن طبيعة الإنسان الأدبية الدينية نشأت من انفعالات البهائم وعاداتها. وقد صرف كثيرون غيره زمنًا طويلًا وبذلوا جهدًا جهيدًا في البحث عن قبيلة من البشر خالية من الميول الدينية فلم يجدوا وباءوا بالفشل. في حين لم يظهر قط من البهائم ما يشبه الإنسان ولو أقل شبه في ميوله وانفعالاته الدينية.

ومن الأمثلة التي عوَّل عليها داروين لإثبات زعمه محبة الكلب لصاحبه وخضوعه لإرادته وخوفه منه، وتحوُّل ذلك إلى ما يشبه الميول الدينية في الإنسان. فرد عليه ” دوق أوف أرغيل ” قائلًا ” أنه مهما قوى الشعور بلزوم الاستناد على شيء أو شخص وبالاحتياج إليه، فذلك لا يدل على شيء من الشعور الديني.

فإذا أمسك الغريق بقطعة خشب لأنه رأى أن نجاته متوقفة عليها، فلا ينظر إليها بالشعور الديني، ولا يدل ذلك على ميله الديني إلى الخشبة. فالانفعالات الدينية تتباين جدًا عن انفعالات البهائم. ولم يظهر قط من البهائم ما يشبه انفعالات الإنسان وميوله الأدبية والدينية. فالقرد الديني لم يوجد بعد”(11).

9- الطبيعة الأدبية: يتمتع الإنسان بطبيعته الأدبية في الحب الأسري والصداقة والإيثار والتضحية، ويتمتع بالأخلاق والبعد عن الوحشية، ويتذوق الفن والموسيقى، وكل هذا يفتقد إليه الحيوان.

10- التناسل: لا يقتصر التناسل لدى الإنسان على موسم معين، بينما الثدييات الأدنى يرتبط كل نوع بموسم معين للتناسل.

وقال العالِم الألماني ” فون باير ” أن الرأي القائل بأن النوع الإنساني متولد من القردة هو بلا شك ضرب من الجنون، حيث ينقل إلى أخلاقنا جميع الحماقات الإنسانية مطبوعة بطابع جديد، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. كما أنه لا يوجد دليل على هذا الرأي المضحك من جهة الاستكشافات الحفرية. وقال أستاذ الحفريات “فيركو” يجب عليَّ أن أعلن بأن جميع الترقيات الجسيمة التي حدثت في علم الإنثربولوجيا السابقة على التاريخ تجعل القرابة المزعومة بين الإنسان والقردة تبعد عن الاحتمال بعدًا كاملًا.

فإذا درسنا الإنسان الحفري في العهد الرابع فهو الذي يجب أن يكون الإنسان الأقرب إلى أسلافه، نجده إنسانًا مشابه لنا كل الشبه، فإن جماجم جميع الرجال الحفريين تثبت بطريقة لا تقبل المنازعة أنهم كانوا يؤلفون مجتمعًا محترمًا للغاية، وكان حجم الرأس فيهم على درجة يعتبر الكثير من معاصرينا أنفسهم سعداء إذ ما كان لهم رأس مثله(12).

_____

(1) البدايات أو مسيرة الإنسان إلى الله ص 89، 90.

(2) الداروينية ص 461 – الانتخاب الطبيعي ص 322.

(3) دائرة المعارف الكتابية جـ 1 ص 435.

(4) أورده العلامة الأسقف الأنبا ايسيوذوروس – الإخاء والسلم بين الدين والعلم ص 11.

(5) تصدع مذهب داروين والإثبات العلمي لعقيدة الخلق ص 58.

(6) المرجع السابق ص 58.

(7) تصدع مذهب داروين والإثبات العلمي لعقيدة الخلق ص 56.

(8) تصدع مذهب داروين والإثبات العلمي لعقيدة الخلق ص 52 – 57.

(9) الإخاء والسلم بين الدين والعلم ص 31،  32.

(10) ص 17، 18.

(11) برسوم ميخائيل – بطلان نظرية التطوُّر ص 86.

(12) راجع القمص بولس عطية – دراسات في علم اللاهوت ص 28، 29.

(13) توضيح من الموقع: كلمة “البون” تعني: الفرق difference، التباين، المسافة distance، البُعد.

هل من السهل عبور الفجوة العميقة بين الحيوان والإنسان؟