السجل الجيولوجي غير كامل ولذلك يصعب أن نقرأ قصة التطور من خلاله
السجل الجيولوجي غير كامل ولذلك يصعب أن نقرأ قصة التطور من خلاله
السجل الجيولوجي غير كامل ولذلك يصعب أن نقرأ قصة التطور من خلاله
244- رأى داروين أن السجل الجيولوجي غير كامل، ولذلك يصعب أن نقرأ قصة التطوُّر من خلاله
س244:
رأى داروين أن السجل الجيولوجي غير كامل، ولذلك يصعب أن نقرأ قصة التطوُّر من خلاله، فيقول ” هؤلاء الذين يؤمنون بأن السجل الجيولوجي كامل بأي درجة من الدرجات، سوف يقومون بدون أي شك برفض النظرية على الفور. أما من جانبي، وإتباعًا لكتابة ” لايل ” فإن قد نظرت إلى السجل الجيولوجي على أساس أنه تاريخ للعالم تمت المحافظة عليه بشكل غير كامل، وتمت كتابته بلهجة متغيرة، ونحن نمتلك من هذا التاريخ الجزء الأخير فقط، وهو المتعلق باثنين أو ثلاثة من الأقطار فقط.
ومن هذا الكتاب (الجيولوجي) فقد تم الحفاظ فقط على باب قصير هنا وهناك، ومن كل صفحة تم الحفاظ فقط على بعض الأسطر هنا وهناك”(1).
كما حاول داروين بأن يبرز نقص السجل الجيولوجي لصغر المساحة التي تم اكتشافها، وأيضًا تعرض هذا السجل للإزالة
فيقول ” لقد حاولت أن أبين السجل الجيولوجي غير مكتمل إلى أقصى حد – وإن جزءًا صغيرًا فقط من الكرة الأرضية هو الذي قد تم استكشافه بدقة، وإن بعض الطوائف المعينة من الكائنات العضوية فقط هي التي قد تم حفظها على نطاق واسع في حالة أحفورية مستحجرة – وإن عدد كل من العينات أو من الأنواع الحيَّة المحفوظة في متاحفنا لا يمثل شيئًا على الإطلاق بالمقارنة بالعدد الخاص بالأجيال التي لا بُد وأنها قد هلكت حتى في أثناء تكوين واحد.. وإنه من المحتمل أنه كانت هناك إبادة على نطاق أكبر في أثناء الفترات الخاصة بالإزالة..
وفي أثناء هذه الفترات الأخيرة فإن السجل الجيولوجي سوف يكون قد تم الحفاظ عليه بشكل أقل اكتمالًا”(2).. فهل حقيقة أن السجل الجيولوجي غير كامل ولذلك لم يكشف عن قصة التطوُّر؟
ج: إن كان السجل الجيولوجي احتفظ لنا بأنواع لا حصر لها من الكائنات التي عاشت عبر العصور، حتى التي انقرضت منذ زمن طويل مثل الديناصورات، فكيف يخلو تمامًا من أي إشارات لقصة التطوُّر؟
ويقول الدكتور حليم سوريال عطية” إننا نعرف ما يقوله التحوُّليون بهذا الصدد – هم يقولون أن خلو الجيولوجيا من دليل قاطع يثبت نظرية التحوُّل سببه ضياع كثير من بقايا الحيوانات البائدة والجيولوجيا تشبه كتابًا قد تمزقت بعض أوراقه والزمن كفيل باستكشاف تلك الحقائق التي تؤيد نظريتنا – ولكن خصومهم يجيبون على ذلك بالقول اللاذع الذي قاله الأستاذ كاترفاج عالِم التاريخ الطبيعي المشهور فإنه يقول ” من الغريب أن الجيولوجيا لم تحفظ لنا في كتابها العظيم إلاَّ الحقائق التي تنقض نظرية التحوُّل..
ولم يُفقد من كتابها إلاَّ الصحائف التي بها ما يؤيد تلك النظرية”(3).
وقال الدكتور “أ. هـ. كلارك” في كتابه ” التطوُّر الحديث”(4) “مهما توغلنا في سجلات الحفريات الخاصة بالحياة الحيوانية السالفة على الأرض، فلن نجد من المجموعات الرئيسية المتنوعة أثرًا لأي شكل من الأشكال الحيوانية تتوسط كحلقة اتصال بين مجموعة وأخرى أرقى.. إن أعظم مجموعات الحياة الحيوانية لا تمت الواحدة بصلة إلى الأخرى، لقد كانت ثابتة على حالها منذ بدء وجودها.. وليس هناك سوى تفسير واحد لعدم وجود حلقات متوسطة بين مجموعات الحيوانات الرئيسية، هو أنه لا تطوُّر..”(5)(6).
ويقول عالِم الحفريات ” نيفيل جورج”.. لا داعي للاعتذار – الآن – عن فقر سجل الحفريات، فقد أصبح هذا السجل غنيًا لدرجة يكاد يتعذر معها السيطرة عليه..
ومع ذلك، مازال سجل الحفريات يتكون بشكل أساسي من فجوات”(7) بل نقول إنه حدث عكس ما توقعه داروين تمامًا، إذ جزمت الحفريات بأنه لا يوجد أي أثر لما يسمونه بتطوُّر الكائنات الحيَّة، ويقول ” ديريك آجر ” وهو من أحد دعاة التطوُّر ” تتمثل نقطة الخلاف في أننا إذا فحصنا سجل الحفريات بالتفصيل، سواء على مستوى الترتيب أو الأنواع، فسنكتشف – مرارًا وتكرارًا – عدم وجود تطوُّر تدريجي، بل انفجار فجائي لمجموعة واحدة على حساب الأخرى”(8)
وصدق عالِم التطوُّر ” مارك سيزارنكي ” عندما قال ” إن المشكلة الأساسية في إثبات النظرية تكمن في سجل الحفريات، أي آثار الأنواع المنقرضة المحفوظة في التكوينات الجغرافية للأرض. ولم يتكشف هذا السجل قط أية أثار للأشكال المتوسطة التي إفترضها داروين، وعوضًا عن ذلك تظهر الأجناس وتختفي فجأة، ويدعم هذا الشذوذ حجة دعاة الخلق القائلة بأن الأنواع قد خلقها الله”(9)(10).
والآن يا صديقي دعنا نلقي الضوء على السجل الجيولوجي، ونتناول الحفريات من أدناها إلى أرقاها ليتأكد من لم يتأكد بعد من بطلان نظرية التطوُّر:
أ – العصر ما قبل الكمبري: (قيل أن لفظة كمبري مشتقة من كلمة ” كمبريا ” وهي المقاطعة الإنجليزية التي اُكتشفت فيها الحفريات أولًا) وفي هذا العصر نجد الحفريات لا تتعدى الطحالب والطفيليات والمخلوقات الشبيهة بالحشرات، وقال دكتور ” برسي ” أن العصور التي سبقت العصر الكمبري كانت بحق عصور مظلمة، وبالتالي فإنها لم تترك حفريات تُذكر.
ب – العصر الكمبري: وُجدت حفريات لنحو ألفي نوع من الكائنات الحيَّة تمثل فئات الحياة الحيوانية، ومتميزة بفئاتها وأجناسها وفصائلها، ولا يوجد أدنى دليل على تطوُّر الكائنات الحيَّة، وهذه الحفريات مثلت ضربة قاسية لنظرية التطوُّر…
حتى قال عالِم الحفريات السويسري ” ستيفن بنفستون ” وهو من دعاة التطوُّر ” هذا الوضع الذي أربك داورين، ومازال يبهرنا”(11) وقال ” ديفيد روب ” أستاذ الجيولوجيا في جامعات هارفرد وروتشستر وشيكاغو ” إن عيون ثلاثيات الفصوص تملك تصميمًا لا يستطيع الإتيان به سوى مهندس بصريات معاصر ذو قابليات كبيرة ومتدرب تدريبًا جيدًا”(12).
ويقول ” ريتشارد موناسترسكي ” المُحرّر في مجلة علوم الأرض التي تؤيد نظرية التطوُّر ” قبل نصف بليون سنة ظهرت – فجأة – أشكال الحيوانات التي نراها اليوم والتي تتسم بقدر لافت للنظر من التعقيد، وتُعد هذه اللحظة، عند بداية العصر الكامبري للأرض بالضبط.. وكانت شعب الحيوانات الكبيرة التي نراها اليوم موجودة بالفعل في أوائل العصر الكامبري، وكانت تتميز عن بعضها البعض بنفس القدر الذي تتميز به عن بعضها البعض اليوم(13)(14).
ويقول د. حليم عطية سوريال “يقول التحوُّليين أن الحيوانات الكبيرة تسلسلت من الحيوانات البسيطة.. ولكن علم الحفريات لا يؤيد هذا الرأي لأن أقدم الحيوانات التي نشاهدها أعني التي وجدت في التكوين الكمبري الأولي Pre-Cambuarian، ليست من نوع واحد، بل من أنواع متعددة.
وتحتوي على جميع الفصائل الأساسية للمملكة الحيوانية ماعدا الحيوانات الفقارية، أعني تحتوي على جميع فصائل الحيوانات اللافقارية مثل الحيوانات المفصلية والمحارية والرخوة وبعض الديدان، والفصائل الأسفنجية والنجمة المرجانية.. إلخ ولقد وجدت بعض الحيوانات الوحيدة الخلية معاصرة لتلك الفصائل وليس قبلها.
وجميع تلك الحيوانات على قدم عهدها يمكن بمجرد النظر إليها معرفة الفصيلة التي تنتمي إليها لأنها جميعًا حائزة من يوم ظهورها لمميزات تلك الفصيلة وجميعها منفصلة عن بعضها تمام الانفصال. ولم يتمكن الجيولوجيون من العثور على حيوانات يمكن اعتبارها حلقات تصل بعضًا من تلك الفصائل ببعض..
ولم توجد حلقات اتصال بين الحيوانات وحيدة الخلية وبين متعددة الخلايا، ولم يوجد أقل دليل على أن الأولى سبقت الثانية في تاريخ ظهورها، وهذا ينطبق على ما يدلنا عليه علم الحيوان لأن الحيوانات الوحيدة الخلية مثل الأميبا وغيرها تعيش على فضلات وبقايا الحيوانات والنباتات الكبيرة، فلا يُعقل أن تكون قد وُجدت قبلها.
كما إن الحقائق العلمية الراسخة والمشاهدات الصادقة تقول أن الكائنات الحيَّة وحيدة الخلية مثل الأميبا والبكتريا كائنات مستقلة مُقفلة وُجدت لتعيش معيشة خاصة، ولتؤدي عملًا خاصًا، ولها مكانة خاصة في عالم الحيوان وتتبع في توالدها ناموس الوراثة القائل أن كل نوع ينسل كجنسه، بل يمكن القول أن علم البكتريولوجيا ينهار من أساسه إذا قبلنا القول بإمكانية تحوُّل حيوان وحيد الخلية إلى حيوان عديد الخلايا لأن ذلك العلم العظيم الأهمية مؤسَّس على زرع تلك البكتريا واستنباتها وعلى تميّيز هيئاتها الخاصة التي تميزها بعضها عن بعض”(15).
جـ – طبقًا لتسلسل الحفريات بحسب الطبقات تأتي الفقاريات بعد الرخويات، وليس من المعقول أن الرخويات قد تطوَّرت إلى الفقاريات مثل الأسماك وغيرها. كما إن قولهم بأن الأسماك تطوَّرت من فصيلة حيوان صغير يدعى ” امفيوكسس ” قول مردود عليه، لأن الحفريات لم تثبت أن الأمفبوكسس كان موجودًا قبل الأسماك. كما أن الحفريات تُظهر بأن الفقاريات ظهرت ظهورًا فجائيًا بجميع أنواعها الأساسية، والدليل على هذا أنه لم يتم العثور على أية حفريات لحيوان يعتبر حلقة اتصال بين الرخويات والأسماك.
د – طبقًا لتسلسل الحفريات حسب الطبقات تأتي البرمائيات بعد الأسماك، وليس من المعقول أن الأسماك تطوَّرت إلى البرمائيات مثل الضفادع والسلامندر وغيرها، لأن الحفريات أظهرت البرمائيات كاملة التكوين حائزة لكل مميزات فصيلتها، ويعترف عالما التاريخ الطبيعي ” هرون ” و” جراس”..
” بأنهما عاجزان عن معرفة أي حيوان يمكن اعتباره أنه حلقة اتصال توضح كيفية تطوُّر زعانف الأسماك إلى أطراف البرمائيات ذات المفاصل والأصابع والعضلات والجلد. هذا فضلًا عما بينهما من الاختلافات الكثيرة في التركيب التشريحي لكل منها، وفي الوظائف الحيوية”(16)(17).
كما اعترف ” روبرت كارل ” وهو من دعاة التطوُّر قائلًا ” ليست لدينا حفريات متوسطة بين الأسماك الرايبدستية (التي يحبذ كارول اعتبارها أسلافًا للحيوانات التي تدب على أربعة أقدام) وبين البرمائيات الأولى”(18).
ورأى داورين أن هناك أسماكًا تستطيع أن تتنفس الهواء المذاب في الماء أو الهواء الجوي، وأن المثانة الهوائية فيها تحولت إلى رئة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فقال ” فإنه توجد أسماك مزودة بالألغاد أو الخياشيم التي تستطيع أن تتنفس الهواء الذائب في الماء، وذلك في نفس الوقت تتنفس فيه الهواء الطلق الموجود في مثاناتها الهوائية، ويكون هذا العضو الأخير مُقسَّمًا بواسطة جدران داخلية فاصلة مشبعة بالأوعية الدموية بشكل كبير، وله قناة هوائية لإمداده بالهواء..
المثال الموضح الذي تم تقديمه عن المثانة الهوائية من الأسماك هو مثال جيد.. إن عضوًا ما كان قد تم تصميمه في الأصل من أجل غرض واحد، ألا وهو الطفو، من الممكن أن يتحوَّل إلى عضو يُستخدَم لغرض مختلف، ألا وهو التنفس.. ووفقًا لهذا المنظور فمن الممكن استنتاج أن جميع الحيوانات الفقارية ذات الرئات الحقيقة قد انحدرت عن طريق النشوء المألوف من نموذج بدائي قديم وغير معروف، والذي كان مزودًا بجهاز طفو أو مثانة هوائية”(19).
وقدم دعاة التطوُّر سمكة “كولاكانث – سايلاكانث” Coelacanth التي عاشت منذ حوالي 410 مليون سنة بوصفها الشكل الانتقالي بين الأسماك والبرمائيات حيث أنها تمتلك رئة بدائية، ودماغ متطور، وجهاز هضمي، وجهاز دوري يصلح للعمل على اليابسة، ولديها آلية بدائية للمشي، وأنها قد انقرضت منذ سبعين مليون سنة، وصدق الناس هذه الخدعة، ولكن في 22 ديسمبر سنة 1938م تم اصطياد سمكة حية من فصيلة الكولاكانث من المحيط الهندي، وبعد ذلك تم اصطياد نحو 200 سمكة كولاكانث من مختلف أنحاء العالم…
وبذلك ثبت أولًا أن هذه السمكة لم تنقرض منذ 70 مليون سنة، وثانيًا بتشريح هذه السمكة تم اكتشاف أنها لا تمتلك رئة بدائية، والعضو الذي ظنوه أنه رئة بدائية كان مجرد كيس دهني، ولا تمتلك دماغ كبيرة، وأنها من أسماك الأعماق التي تعيش في أعماق المحيطات ولا تظهر إلاَّ بعد عمق 180 مترًا من سطح الماء(20).
وأثبت العلماء استحالة تطوُّر الأسماك إلى الحيوانات البرمائية للأسباب الآتية:
أ – حمل الوزن: فالكائنات البحرية لا تواجه مشكلة في حمل الوزن، بينما تستهلك الكائنات البرية 40 % من طاقتها في حركتها وحمل وزنها.
ب- الاحتفاظ بالحرارة: فدرجة حرارة الماء تتغيَّر ببطء، لذلك فالكائن البحري لكيما يعيش على اليابسة التي تتميز بتذبذب درجة الحرارة وتغيُّرها بسرعة يحتاج إلى نظام وآلية تقاوم هذه التغيُّرات الكبيرة في درجة الحرارة.
جـ- استخدام الماء: يشعر الكائن البري بالعطش، ولذلك تجد جلده لا يسمح بفقد الماء إلاَّ بنسبة بسيطة، بعكس الكائنات البحرية التي لا تشعر بالعطش، وجلدها لا يناسب إلاَّ البيئة البحرية، ولا يناسب البيئة البرية.
د- الجهاز التنفسي: تتنفس الأسماك الأكسجين المذاب في الماء عن طريق الخياشيم، وتعجز عن الحياة على اليابس، فالكائنات البرية لها نظام رئوي كامل، ومن المستحيل أن تحدث مثل هذه التغيُّرات الفسيولوجية في نفس الكائن، فيتحوَّل من كائن بحري إلى كائن بري.
ويقول دكتور حليم عطية سوريال ” نذكر على سبيل المثال الأسماك الرئوية dipneust التي اعتبرها بعضهم حلقة اتصال بين الأسماك والحيوانات البرمائية لأن لها كيسًا هوائيًا، فقد ثبت أنها أسماك بكل معنى الكلمة كما يدل على ذلك تركيبها العظمي”(21).
هـ – طبقًا لتسلسل الحفريات حسب الطبقات تأتي الزواحف بعد البرمائيات، ويقول د. حليم عطية سوريال ” وفي الأحقاب الجيولوجية التالية لعصر الأميبا نصادف فصيلة الزواحف، وأقدمها ظهر خلال التكوين الكربوني، وكان من أنواع الورل (السحالي) وهذه الحيوانات لها أهمية جيولوجية عظيمة لطول المدة التي سادت فيها الأرض والهواء والماء، لأنها بقيت طوال الحقب الجيولوجي الثاني كله (الحياة الوسطى) …
وظهرت منها أنواع مختلفة وأشكال لا تقع تحت حصر، منها الصغير ومنها الكبير الحجم مثل الديناصور (الذي كان طوله نحو 30 مترًا) وكان بعضها آكل اللحوم، وبعضها نباتي، وبقاياها المتحجرة مازالت تملأ متاحف التاريخ الطبيعي، ولكن هذه الحيوانات بالرغم من اختلاف حجمها وطرق معيشتها واختلاف شكلها كانت كلها مُركَّبة على تصميم واحد.
وما الأنواع الباقية منها مثل التماسيح والسلاحف والثعابين إلاَّ صورة مصغرة لبعض الأنواع الكبيرة التي عاشت في خلال الحقب الثاني ويُقدَّر عصر الزواحف بنحو عشرة ملايين سنة، والعلماء لا يعرفون كيف تحوَّلت الحيوانات البرمائية إلى زاحفات لما بينها من فوارق جسيمة”(22).
أما قول البعض بأن الزواحف الحالية أكثر تعقيدًا من سابقتها، ويعد هذا دليلًا على التطوُّر، فإنه قول مردود عليه، لأن الزواحف الضخمة مثل الديناصورات التي انقرضت كانت أعظم حجمًا وأكثر تعقيدًا من الزواحف الحالية.
و – طبقًا لتسلسل الحفريات حسب الطبقات تأتي الطيور بعد الزواحف، فلما قاربت الزواحف الكبيرة أن تنقرض ظهرت فصائل الطيور (كما أن بعض الأشكال البدائية من الحيوانات الثديية ظهرت مع الزواحف) ويعتقد التطوُّريون أن الطيور تطوَّرت من الزواحف، ودلَّلوا على قولهم بـ”الأركيوبتركس” الذي يجمع بين الزواحف في صورة الأسنان والذيل الفقاري، وبين الطيور في صورة الجناحين والمنقار، والحقيقة أن “الأركيوبتركس” كان نوعًا من الزواحف الطائرة التي خُلقت هكذا، ولم يتطوَّر من الزواحف إلى الطيور كما رأينا من قبل.
ولو كانت الطيور تطوَّرت من الزواحف فكيف تغيَّر دمها؟! فالزواحف من ذوات الدم البارد، بينما الطيور من ذوات الدم الحار، وهذا يستدعي تغيُّر تركيب القلب والرئتين، وكيف تغيَّرت حراشيف الزواحف إلى ريش الطيور؟!
ويقول الدكتور حليم عطية سوريا ” والقول بأن الطيور نشأت من الزواحف يضع أمام التحوُّليين معضلة أخرى وهي كيفية تحوُّل حراشيف الزواحف إلى ريش الطيور، ذلك المميز الحيوي الذي لا يمكن الطائر أن يعيش بدونه مدة طويلة فإن الريش ليس مجرد غشاء للجسم بل هو عضو حيوي عظيم الأهمية، وقال الأستاذ طمسن {لا يعلم أحد كيفية نشوء الريش} وقال الأستاذ إيفارت {إننا كلما تعمقنا في درس تاريخ الريش تظهر لنا عدم معقولية تطوره من حراشف الزاحفات}”(23)
والحقيقة أن تطوُّر الزواحف للطيور لا يتوقف على حد الدم والأجنحة فقط، بل أن الطائر يتميز عن الزواحف من جهة العظام، فعظام الطائر مجوَّفة وخفيفة، ومن جهة الرئة فإنها تعمل بشكل مختلف تمامًا، فرئة الزواحف يدخل فيها الهواء ويخرج من نفس الوعاء الهوائي، أما في الطيور فإن الهواء يدخل للرئة من الأمام ويندفع من الخلف، وذلك لأنها تحتاج إلى كمية أكبر من الأكسجين، كما أن هناك اختلافًا من جهة القلب والدورة الدموية، ومن جهة الجهاز العضلي.. ولماذا لم تنجح الجهود في العثور على حفرية واحدة بنصف جناح أو بجناح واحد؟!
ز- كيف تطوَّرت الزواحف التي تبيض وتفقس إلى الثدييات التي تلد وتُرضع..؟ من الصعب تصوُّر تطوُّر الزواحف إلى ثدييات للأسباب الآتية:
1- تغطي القشور أجسام الزواحف، بينما يغطي الفرو أجسام الثدييات.
2- تعتبر الزواحف من ذوات الدم البارد، بينما تعتبر الثدييات من ذوات الدم الحار.
3- تتكاثر الزواحف عن طريق وضع البيض، بينما تتكاثر الثدييات عن طريق التوالد، ويقول د. حليم عطية سوريال أن “مسألة نشوء الحيوانات الثديية (من الزواحف) من المعضلات الشائكة لا يمكننا درسها في عجالة قصيرة ولكننا نقتصر على ذكر بعض المعضلات التي يواجهها التحوليون بقولهم أنها نشأت من الزواحف. فإن تحول نوع من الزواحف إلى نوع من الحيوانات الثديية يستدعي تغيير دم الزواحف البارد إلى دم الطيور الحار، وهذا يتبعه تغييرات عظيمة في تكوين القلب والرئتين.
ويتبعه أيضًا تغيير حراشيف الزاحفات إلى شعر الثدييات إلى غير ذلك من التغيرات الخطيرة – كما إن التغيير الذي يحدث في كيفية نمو الجنين في حالات الثدييات المشيمية، أعني التي تلد ولا تبيض لا يمكن للعقل أن يتصوَّر حدوثه تدريجيًا ولا بُد أن يكون حدث هذا التغيير دفعة واحدة إذ لا يُعقل أن جنينًا ناميًا داخل البيضة (على نحو ما يحدث في الزاحفات) ابتدأ أن يفقد قشرة بيضته ويصنع مشيمة يتغذى عن طريقها من دم الأم (على نحو ما يحدث في الحيوانات الثديية) مع ما يتبع ذلك من تغييرات خطيرة أخرى مثل تكوين الثديين وغريزة الرضاعة وغيرها.
والتحوُّليون أنفسهم في حيرة من هذا الأمر، ويقرُّون بالعجز التام عن معرفة سبب هذه التغييرات وبعجزهم عن معرفة الأصل الذي تناسلت منه الحيوانات الثديية المشيمية”(24).
4- توجد ثلاث عظام صغيرة على جانبي الفك السفلي للزواحف، بينما يتكون الفك السفلي للثدييات من عظمة واحدة توضع على الأسنان.
5- توجد عظمة واحدة في الأذن الوسطى لكل الزواحف، بينما توجد ثلاث عظام في الأذن الوسطى لثدييات (المطرقة والسندان والركّاب) ولا يستطيع أحد أن يفسر كيف تطوَّرت العظمة الواحدة إلى ثلاث عظام مع الاستمرار في عملية السمع أثناء حدوث التطوُّر.
6- لم يحصل علماء الحفريات على حفرية واحد تحمل الشكل الانتقالي بين الزواحف والثدييات.
7- قال عالِم الحفريات ” روجر ليوين ” إن ” عملية التحوُّل إلى أولى الثدييات، التي حدثت – على الأرجح – في نسل واحد أو نسلين على الأكثر، مازالت تمثل لغزًا بالنسبة لنا”(25).
8- يقول “جورج جايلورد سيمبسون” وهو من أكبر مؤسسي النظرية الداروينية الجديدة…
“إن أكثر حدث محير في تاريخ الحياة على الأرض هو الانتقال الفجائي من العصر المازوريكي، أي عصر الزواحف، إلى عصر الثدييات، ويبدو الأمر وكأن الستار قد أُسدل فجأة على خشبة المسرح حيث كانت الزواحف، وخاصة الديناصورات، تلعب أدوار البطولة الرئيسية بأعداد كبيرة وتنوع مُحيّر، ثم أزيح الستار مرة أخرى في الحال ليكشف عن نفس المشهد، ولكن شخصيات جديدة تمامًا، شخصيات لا تظهر بينها الديناصورات على الإطلاق، في حين تلعب الزواحف الأخرى دور الكومبارس فقط، وأخذت الثدييات تلعب كل الأدوار الرئيسية علمًا بأننا لا نعثر على أي أثر لها في الأدوار والعهود السابقة”(26).
كما يقول أحد المناهضين لنظرية التطوُّر أن ظهور واختفاء الزواحف بكيفية مفاجئة في كل من الحالتين، وما أعقبه بنفس الكيفية من ظهور الثدييات والطيور، مع ما بين هذه الزواحف من تباين عظيم دون أي تدرج بينهما، هو أحد الألغاز التي حيَّرت عقول العلماء، فتطوُّر نوع من الزواحف إلى نوع آخر طائر أو ثديي بطريقة تدريجية بطيئة لم يقم عليه أي دليل حفري في الطبقات، وإنما يستنتجه أصحاب النظرية مجرد استنتاج، أو يفترضونه مجدر افتراض، أو يؤمنون مجرد إيمان.
لأن الحلقات التي يزعمون أنها تصل بين الأنواع، والتي كنا بداهة نتوقع توافرها بمقادير غير محدودة، لا وجود لها بالمرة”(27)(28).
9- وقال عالِم الحيوان التطوُّري ” أريك لومبارد ” في مقال بمجلة التطوُّر (Evalution).. ” ستكون خيبة الأمل حليفًا لأولئك الذين يبحثون عن أي معلومات حول أي علاقات تطوُّرية بين الثدييات”(29).
10- حفريات الخفاش التي يرجع عمرها إلى 50 مليون سنة تُظهر الخفاش كما هو اليوم، بدون أي عملية تطور طرأت عليه”(30)(31).
ح- والنتيجة النهائية أن علم طبقات الأرض أثبت عقيدة الخالق، فالله الخالق هو الذي خلق كل نوع ينسل كجنسه..
ويقول د. حليم عطية سوريال ” إن كثيرين من علماء الجيولوجيا يقولون أن ذلك العلم يؤيد عقيدة الخلق الخاص، أكثر مما يؤيد نظرية التحوُّل، ويقولون أن بارئ الحياة قد خلق كل فصيلة حيوانية في الوقت الذي كانت حالة الأرض تصلح لها، وإن كل انقلاب جيولوجي (غيَّر وجه الأرض) كان يتفق مع ظهور الحيوانات التي تستطيع أن تعيش في الحالة التي يحدثها ذلك الانقلاب، وإنه يبدو لنا أن هناك اتفاق وتدبير بين التغييرات الجيولوجية التي حدثت في الأرض والتغييرات التي حدثت في عالم الحياة سواء كان ذلك في المملكة الحيوانية أو المملكة النباتية، وهذا الاتفاق بين التغييرين يبدو لنا بصورة لا تدع مجالًا للشك في وجود عقل مدبر وعلم سابق وراء تلك الحوادث.
فإن الزاحفات تكاثرت في زمن كانت الأرض فيه تصلح لمعيشتها لكثرة مستنقعاتها وكان هواءها مشبعًا بثاني أكسيد الكربون، كما أن الحيوانات الثديية لم تكثر وتنتشر إلاَّ عندما أصبحت الحالة ملائمة لها عندما زادت نسبة الأكسجين وظهرت النباتات ذات الأثمار التي بدونها لا يمكن أن تعيش.
كما أن تاريخ ظهور أنواع النباتات الجيولوجي يؤيد هذا القول، لأن كل فصيلة حيوانية كانت تعاصرها النباتات التي تصلح لها، سواء كانت للتغذية أو للمعيشة فوقها. وهنا اقتبس عبارة توضح القول من الأستاذ Lull الجيولوجي المشهور فإنه يقول مشيرًا إلى اتفاق الانقلابات الجيولوجية مع ظهور أنواع جديدة في عالم الحياة {أن هذه الاتفاقات كثيرة ومضبوطة الارتباط (مُحكمة الارتباط) بحيث لا يمكننا القول بأنها حدثت عن طريق الصدفة، ولا يمكننا تعليل هذا الارتباط إلاَّ بالاعتقاد بأنها نتيجة مُسبب أو محرك وراءها”(32).
_____
(1) أصل الأنواع ص 536.
(2) المرجع السابق ص 575.
(3) تصدع مذهب داروين والإثبات العلمي لعقدية الخلق ص 43، 44.
(4) ص 189.
(5) العلم الحديث والإيمان المسيحي ص 136.
(6) أورده برسوم ميخائيل – حقائق كتابية جـ 1 ص 145.
(7) أورده هارون يحيى – خديعة التطوُّر ص 48.
(8) المرجع السابق ص 46.
(9) Mark Czarnecki ” The Revival of the Creationist Crusade ” Maclean’s P. 56.
(10) هارون يحيى – خديعة التطور ص 46.
(11) المرجع السابق ص 50.
(12) أورده هارون يحيى – خديعة التطوُّر ص 50.
(13) Richard Monastersky ” Mysteries of the Orient.
(14) المرجع السابق ص 50.
(15) تصدع مذهب داروين والإثبات العلمي لعقيدة الخلق ص 30 – 32.
(16) عالم الحيوان ص 787.
(17) أورده برسوم ميخائيل – حقائق كتابية جـ 1 ص 140.
(18) أورده هارون يحيى – خديعة التطوُّر ص 52.
(19) أصل الأنواع ص 300، 301.
(20) راجع هارون يحيى – خديعة التطوُّر ص 54.
(21) تصدع مذهب داروين ص 18.
(22) تصدع مذهب داروين والإثبات العلمي لعقيدة الخلق ص 34، 35.
(23) تصدع مذهب داروين والإثبات العلمي لعقيدة الخلق ص 36.
(24) تصدع مذهب داروين والإثبات العلمي لعقيدة الخلق ص 36، 37.
(25) أورده هارون يحيى – خديعة التطوُّر ص 64.
(26) المرجع السابق ص 65.
(27) العلم الحديث والإيمان المسيحي ص 36، 37.
(28) أورده برسوم ميخائيل – حقائق كتابية جـ 1 ص 142.
(29) أورده هارون يحيى – خديعة التطوُّر ص 65 .
(30) من مجلة ساينس ص 154.
(31) المرجع السابق ص 65.
(32) تصدع مذهب داروين والإثبات العلمي لعقيدة الخلق ص 39، 40.