Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

علم التشريح المقارن والتطور

علم التشريح المقارن والتطور – هل علم التشريح المقارن يؤيد قصة التطور؟

علم التشريح المقارن والتطور – هل علم التشريح المقارن يؤيد قصة التطور؟

رابعًا: علم التشريح المقارن

س239:

عندما أصدر داروين كتابه عن ” أصل الإنسان ” أرجع الإنسان إلى أصل حيواني معتمدًا على تشابه تركيب الأعضاء Homologaus فقال أن ذراع الإنسان تتشابه من جهة العظام مع الرجل الأمامية للحيوان مع جناح الخفاش، وإن اختلفت الوظيفة، وإن هناك تشابهًا في تركيب المخ بين الإنسان والحيوان، كما قال البعض مع أن هناك اختلافًا ظاهريًا بين أطراف الحيوانات الفقارية والإنسان، لكن هناك تشابه في التشريح، فمثلًا تتشابه يد الإنسان وجناح الخفاش وزعانف الحوت، فكل منهم يحمل في نهايته يدًا ذو خمسة أصابع، وهكذا استخدم التطوريون علم التشريح المقارن للتدليل على صحة نظريتهم مدَّعين أن وجود أعضاء متشابهة في الوظيفة مثل الأجنحة في الحشرات والطيور، تعد دليلًا على أنهما انحدرا من أصل واحد.

وأيضًا وجود أعضاء متشابهة في التركيب التشريحي مثل الأطراف الأمامية في الإنسان والحصان والأجنحة في الطيور تدل على الأصل الواحد، وكذلك تشابه بعض أجهزة الجهاز الهضمي والدوري والعضلي، يعد دليلًا على وحدة الأصل ” ويمكن فهم هذا الدليل إذا قارنا بعض الحيوانات المعروفة بعضها بعض نجد أن الثور والكلب والأرنب والدجاجة والضفدعة مثلًا بالرغم من اختلاف أشكالها وأحجامها تتشابه في تركيبها الأساسي، أعني أنه يمكن القول أنها مركَّبة على تصميم واحد فكلها لها أجهزة للهضم والتنفس وتوزيع الدم إلخ وهياكلها مؤسسة على تصميم واحد وفكرة واحدة وأحشاؤها الداخلية متشابهة بعض الشبه في تكوينها الأساسي..

كما إن أطرافها وعظامها وعضلاتها متماثلة أيضًا خصوصًا بين الحيوانات التي من فصيلة واحدة، وهذا التشابه يدركه أبسط الناس”(1).. فهل علم التشريح المقارن يؤيد قصة التطور؟

 

ج: لا يعد علم التشريح المقارن دليلًا على أن الكائنات قد تطوَّرت عن أصل واحد مشترك، وذلك للأسباب الآتية:

1- هل يُعقل أن الحوت تطوَّر من الخفاش؟! أو أن الإنسان تطوَّر من الحوت؟! وإن كان الثلاثة تطوروا من أصل واحد مشترك، فأين هو هذا الأصل؟! هل يوجد في عالم الحقيقة أم أنه يوجد في عالم الخيال والأوهام؟! وبينما يوجد تشابه في التشريح بين يد الإنسان وجناح الخفاش وزعانف الحوت، إلاَّ أن هناك خلافات هائلة بينهم، فالله خلق بعض الكائنات الحيَّة مثل الكائنات المائية لتعيش في الماء، وبعض الكائنات كالطيور لتعيش في الهواء، وبعض الكائنات كالبهائم لتعيش على اليابسة، وبعض الكائنات الحيَّة تعيش في الماء وفي اليابسة كالتماسيح ولم يحدث أن تغيَّر نوع إلى نوع آخر.

ويشبه برسوم ميخائيل هذه الكائنات بالآلات فقال ” وتلك الآلات الحيَّة مكوَّنة من أجزاء متداخلة بعضها ببعض كارتباط عجلات وأتراس الساعة التي لا يمكن تغيّير أحدها في الشكل أو في الحجم بدون تغيّير كل الأجزاء الداخلية والخارجية، لأنه لا يُخفى أن الصلة بين الاثنين متينة جدًا، فإن تحويل زعنفة السمكة مثلًا إلى عضو الضفدعة الذي له مفاصل وأصابع، أو تغيّير حراشيف التمساح إلى ريش الطاووس لا يمكن أن يتم تدريجيًا بطريق التطور البطيء المزعوم على مر الأجيال.

إذ يترتب عليه حتمًا تغيّير كيفية معيشة ذلك الحيوان. وهذا يستدعي تغيّير الأعضاء الحيوية مثل أعضاء التنفس والقلب، بل وتغيّير تركيب الحيوان كله، وهذا إن أمكن حدوثه في الأطراف، لا يمكن حدوثه في الأعضاء الحيوية كالرئتين والقلب لأن أقل تغيير في تكوينها يؤدي إلى موت الحيوان”(2).

2- طبقًا لعلم الوراثة لا يمكن أن ينشأ نوع إلاَّ من نفس نوعه، فجناح الخفاش لا صلة له بجناح الذبابة، لأنه لا يستطيع كائن أن يرث صفات لا تتوافر في الأصل، والكائنات اللافقارية التي تفتقد الهيكل العظمي لا يمكن أن تعطي نسلها هذه الصفة، ويقول ” بيتيت ” في كتابه ” فضح الهرطقات(3) ما خلاصته ” يؤكد قانون الوراثة أن الأب لا يستطيع أن يعطي ذريته ما لا يملك، فكيف نتصوَّر إذًا أن الأميبا أو سمكة الهلامي الرخوة (قنديل البحر) اللافقارية أو التي لا هيكل عظمي لها بالمرة، تتطوَّر إلى حوت أو خفاش أو إنسان، مما هو فقاري له هيكل عظمي؟!”(4).

3- يرجع التشابه التشريحي بين الكائنات الفقارية إلى أنها تعيش في بيئة واحدة، ولها غذاء واحد، كما تتشابه بويضات تلك الكائنات (على اختلاف أشكالها وأحجامها) لدرجة أنه يصعب التمييز بينها، وما دامت البذور تتشابه، فما المانع من تشابه النتاج؟ ويقول الدكتور حليم عطية سوريال ” على إن بعض التحوُّليين لا يرون في التشابه دليلًا قاطعًا على التسلسل ووحدة الأصل، فالأستاذ ” بول ” وهو من أنصار مذهب التحوُّل وأستاذ علم الحفريات في متحف التاريخ الطبيعي يقول: إن التشابه لا يعني دائمًا التسلسل، وقال ذلك في صدد التشابه العظيم بين بعض القردة والإنسان، ومع إن ذلك التشابه عظيم جدًا إلاَّ أنه لم يُقبَل كدليل على تسلسل الإنسان من القردة..

ولا يخفى أن الحيوانات على اختلاف أشكالها وأحجامها تنمو أجنتها من بويضات مُلقَّحة صغيرة الحجم لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة، وتلك البويضات متشابهة تشابهًا عظيمًا بدرجة لا يمكن تمييز بعضها عن بعض في أكثر الأحيان، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. أعني أن البذور التي تأتي منها الحيوانات المختلفة تتشابه تمامًا، فليس بعجيب أن تراها متشابهة بعد النمو”(5).

4- لاحظ هذا التشابه الكثيرون قبل داروين، وواحد منهم لم يربط هذا بقصة التطور، إنما ارجعوا هذا إلى وحدانية الخالق الذي خلق هذه الآلاف من الأنواع، فبالرغم من وجود نحو نصف مليون نوع من الحيوانات الحيَّة لكن جميعها تندرج تحت نحو 16 تصميمًا، وبذلك نجد مئات الأنواع تتشابه في التشريح، وبينما اعتقد ” داروين ” بأن هذه الكائنات الحيَّة تسلسلت من عدة أصول سماها ” الأصول الأولية ” فإنه فشل في الوصول إلى منشأ تلك الأصول، ولم يرد أن يقتنع أن الله الخالق الواحد هو الذي خلق كل هذه الأنواع، وكل نوع يتكاثر كجنسه، وقد اعترف التطوريون مثل ” مول ” بأن التشابه التشريحي لا يعني أبدًا التسلسل والتطور.

ويقول دكتور كمال شرقاوي غزالي ” لقد حصر بعض العلماء الصفات التشريحية للقرود الكبار وتلك التي تتشابه لدى الإنسان، فكانت النتيجة أن الشنبانزي والغوريلا أقرب صلة للإنسان(6) كما تشير بعض دراسات حديثة أخرى أجراها جروتشي وضمَّنها كتابه: من ميلاد الأنواع إلى شواذ الأشكال الحية.. إن الإنسان يشترك مع الشنبانزي في 98 % من الجينات.. ألا يدل هذا على أن الخالق واحد؟”(7).

5- إن قال التطوريون أن تشابه أعضاء بعض الكائنات من جهة التركيب يدل على وحدة الأصول، فلماذا لا يقولون أن كل اختلاف بين الكائنات يدل على اختلاف الأصول..؟! لقد اعتقد داروين بأن الكائنات الحيَّة نشأت ليست من أصل واحد، بل من عدة أصول (الأصول الأولية) ولكنه فشل في تعليل منشأ تلك الأصول، فكان هذا بمثابة إقرار ضمني بأن الله هو الذي خلق هذه الأصول الأولية.

_____

(1) تصدع مذهب داروين والإثبات العلمي لعقيدة الخلق ص 20، 21.

(2) حقائق كتابية جـ 1 ص 129.

(3) ص 88.

(4) برسوم ميخائيل – بطلان نظرية التطور ص 14.

(5) تصدع مذهب داروين والإثبات العلمي لعقيدة الخلق ص 23، 28.

(6) جروتشي 1978م.

(7) التطور بين الضلال وممارسة حق النقد ص 65، 66.

علم التشريح المقارن والتطور – هل علم التشريح المقارن يؤيد قصة التطور؟

Exit mobile version