كيف نظرت الكنيسة الكاثوليكية لنظرية التطور؟
234- كيف نظرت الكنيسة الكاثوليكية لنظرية التطوُّر؟
ج: يقول الخوري بولس الفغالي إنه في سنة 1950م ” قال البابا بيوس الثاني عشر في رسالته ” الجنس البشري”.. إن الكنيسة لا تمنع العلماء من البحث في نظرية التطوُّر، أي من التساؤل إذا كان جسم الإنسان أُخذ من مادة حيَّة قد وجدت سابقًا، بل تفرض عليهم ألا ينسوا أن الله يخلق النفس البشرية بطريقة مباشرة.
يمكن العلماء أن يتابعوا بحثهم في هذا المجال ويمكن شارح الكتاب المقدَّس أن يتابع بحثه ليفهم ما نواه الله عندما خلق الإنسان. لا يخسر العالم إن عرف عظمة الإنسان وما يُميّزه عن الحيوان، ولا يخسر اللاهوتي إن عرف ارتباط الإنسان بالكون وتطوُّر جسمه وشخصيته إلى أن يصير ذلك الإنسان الكامل”(1).
ويقول جيمس بيرك ” وتحركت الكنيسة الكاثوليكية أسرع من أي كنيسة أخرى، وكانت قد سمحت للكاثوليك بمناقشة التطوُّر بعد صدور كتاب بيوس الثاني عشر في عام 1951 م بعنوان الجنس الإنساني”(2)(3).
ويقول الأستاذ هشام عبد الرءوف ” وبالنسبة للعديد من المسيحيّين.. فقد رأوا أن حجج أنصار داروين كانت تتمتع بقدر كبير من الإقناع والوجاهة، ففي عام 1996م أعلن البابا يوحنا بولس بابا الفاتيكان الذي رحل من عالمنا مؤخرًا استعداد الكنيسة الكاثوليكية لدراسة نظرية داروين على أنها أكثر من مجرد نظرية”(4).
ويركز الخوري بولس الفغالي على الخلق المباشر للنفس البشرية دون الجسد، فيقول ” لن نبحث إذًا في الكتاب المقدَّس عن نظرية علمية في تطوُّر جسم الإنسان، بل أن نتعلم أن نقرأ إرادة الله في الإنسان من خلال رواية شعبية كتبها بطريقة بدائية الكاتب المُلهَم المستنير بنور الإيمان(5) …
ونقول: يكون قد تم نمو جسم الإنسان انطلاقًا من مادة حيَّة وُجِدت سابقًا، كما يقول العلماء، أي انطلاقًا من الحيوان (أقردًا كان أم غيره) غير أن النفس البشرية لا تدخل في سنة التطوُّر، بل هي مخلوقة خلقًا مباشرًا، وكل كلام غير هذا الكلام يتعارض والإيمان الكاثوليكي”(6).
وعن السؤال: هل الإنسان انحدر من القرد؟ يقول الخوري بولس الفغالي ” ويسأل سائل: إذًا هل ينحدر الإنسان من القرد؟ لم يعد يُطرح هذا السؤال على هذه الصورة، لأنه يحط من قدر الإنسان وكرامته، والذين تعودوا أن يدافعوا عن هذه النظرية خفت حدة كلامهم، لا لأن العلم تخلى عن الافتراض القائل بأن الإنسان وريث القرد. بل لأن علم البيولوجيا أخذ يقرَّ يومًا بعد يوم بمكانة الإنسان الفريدة وسط العالم الطبيعي..
وخلاصة القول: لا تعارض بين كلمات الكتاب المقدَّس ونظرية التطوُّر، لأن الكاتب المُلهَم لم يتعرف إلى نظرية التطوُّر، فما كان عليه أن يأخذ بها أو يرفضها. ونحن المؤمنون نستطيع أن نوافق على افتراض التطوُّر بشرط أن نقول بتدخل مباشر من الله ليخلق النفس البشرية”(7).
وواضح تمامًا أن هذا الفكر الكاثوليكي يتعارض مع الكتاب المقدَّس نصًا وروحًا.
_____
(1) تفسير سفر التكوين ص 58.
(2) عندما تغيَّر العالم ص 337.
(3) القس عبد المسيح بسيط أبو الخير – الكتاب المقدَّس يتحدى نقاده ص 15.
(4) مجلة العلم عدد 345 – يونيو 2005م ص 35.
(5) يرى بعض الكاثوليك أن مصدر قصة الخلق التي ذُكرت في سفر التكوين هي الروايات الشعبية.
(6) تفسير سفر التكوين ص 59.
(7) تفسير سفر التكوين ص 61.