Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

تعليق على فرض لامارك وآرائه

تعليق على فرض لامارك وآرائه

تعليق على فرض لامارك وآرائه

 

 221- ما هو تعليقك على فرض لامارك وآرائه؟

تعليق على فرض لامارك:

ج:

يُؤخذ على فرض لامارك الخاص بالتكيُّف مع الظروف الطبيعية، ووراثة الصفات المكتسبة ما يأتي:

1- الصفات المكتسبة لا تورث، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فالحداد الذي له العضلات المفتولة بسبب عمله لا يُورّث ابنه هذه الصفة، وقد أجرى العالِم ” وايزمان ” Weismann (1834 – 1914م) تجارب عديدة على الفئران بقطع أذيالها حتى 20 جيلًا، ومع كل هذا فإنه فشل في الوصول إلى جيل بلا ذيول، فانتهى وايزمان إلى نتيجة مؤكدة وهي أن الصفات المكتسبة لا تورَّث، وأكد هذه النتيجة أنه بالرغم من أن الإنسان يجري عادة ختن الذكور منذ آلاف السنين، لكن لم يحدث قط أن طفلًا واحدًا وُلِد مختونًا من بطن أمه.

ويقول د. حليم عطية سوريال ” على أن التجارب التي عُملت في خلال الستين سنة الماضية أثبتت عدم إمكانية توارث تلك الصفات. ويمكن إثبات عدم توارث الصفات المُكتسبة بالأمثلة الآتية:

إن الصينيات يشوهنَّ أقدام البنات من يوم مولدهن بجعلها صغيرة بوضعها في قوالب تمنع نموها، وهذه عادة متبعة عندهم من أجيال طويلة، ولكن بالرغم من ذلك يلدنَّ أطفالًا بأقدام عادية غير مشوهة تنمو نموًا طبيعيًا إذا تُركت وشأنها.

إن الإسرائيليين يجرون عملية الختان بقطع الغلفة للأطفال الذكور من أجيال طويلة ولكنهم مازالوا ينجبون أطفالًا عاديين ولم ينجبوا أطفالًا بدون غلفة..

هذه الأمثلة تبين أن الصفات المكتسبة لا تصل إلى الخلايا التناسلية التي تأتي عن طريقها الصفات التي تُورَّث، وأول من قال بذلك العالِم الألماني ويزمان، فإنه أثبت أن ما يحدث في خلايا الجسم بعد مولده لا يحدث أي تأثير على الخلايا التناسلية.. اسمع ما يقوله جوزيف مكاب (وهو من دعاة التطوُّر).. إن عالِم التاريخ الطبيعي لامارك كاد يصيب هدف الحقيقة بنظريته التي تقول إن الحيوان يمكنه أن يُغيّر أعضاءه بمجهوده فإن الزرافة مثلًا قد أطالت عنقها بمدُه لتصل إلى أوراق الأشجار العالية.. ولكن ما نعرفه اليوم عن الوراثة يمنعنا من قبول هذا الرأي”(1).

كما يقول د. حليم عطية سوريال ” وهنا أذكر أن الدكتور مينيون Mignon الفرنسي مؤلف كتاب (مذهب التحوُّل. ماله وما عليه) بعد أن درس تلك المسألة دراسة ممتعة ووازن بين حجج التحوُّليين وخصومهم تردَّد في إعطاء رأي شخصي ولكنه ختم كتابه بالقول إن أعظم شيء أدهشه هو ثبات ناموس الوراثة القائل إن كل نوع ينسل كجنسه وهذا الناموس الصارم يمكن إثباته بملاحظة ملايين الكائنات الحيَّة التي تُولَد كل دقيقة مشابهة لأسلافها وثبات هذا الناموس وحده من الأدلة القاطعة على فساد نظرية التحوُّل”(2).

2- رغم أن تأثير البيئة من المفروض أن يكون واحدًا، لكننا قد نجد خلافًا بين الذكر والأنثى رغم أنهما يعيشان في بيئة واحدة، مثل الخلاف في الجهاز التناسلي والأعضاء التناسلية.

3- تأثير البيئة وقتي وعارض، فمثلًا حيوان السلامندر ينمو طبيعيًا في بيئته، وعندما يُنقل إلى المقابر يتوقف نموه، ولكن عندما يُنقل ثانية إلى بيئته يعود نموه الطبيعي، وإذا عاشت الحيوانات في كهوف مظلمة يضعف إبصارها، حتى تُنقل إلى الضوء فيعود الإبصار إلى قوته.

4- لم يقم لامارك بتجارب عملية تؤيد وجهة نظره، في تكيُّف الكائنات مع الطبيعة وتوارث الصفات المكتسبة، ولم يفرق لامارك بين الصفات الظاهرة والصفات الثابتة، فالبيئة لها تأثيرها على الصفات الظاهرة فقط، وتعجز البيئة عن التأثير على الصفات الثابتة التي ترجع للعوامل الوراثية، ولو عرف لامارك قوانين الوراثة التي تم اكتشافها فيما بعد لتخلى عن أفكاره هذه.

5- تأرجحت نظرية لامارك بين التأييد والرفض الشديد، فكان ” بافون ” Buffon أول مفكر ساند فكرة لامارك في التطوُّر، وبعد أن كان يعتقد أن الأنواع الثابتة لا تتغيَّر، شك في هذا مع نهاية أيامه، واعتبر أن فصائل الحيوانات المتنوعة قد انحدرت من نوع واحد فقط، ولكن خشى بافون أن يُصرّح بأفكاره لأن أفكار الكتاب المقدَّس بأن الله خلق كل نوع كجنسه كانت مستقرة حينذاك، ويقول د. موريس بوكاي ” وقد ذكر جراسيه في كتابه Biolagie Animale (علم الحياة الحيوانية) ما انتاب “بوفون” انطباعًا بأنه لم يرضَ أن يتابع أفكاره حتى النهاية.. وكان ذلك حرصًا منه على أمنه وسلامة وراحة باله، لأنه خشى أن يقع في صراع مع الأفكار التي كانت سائدة حينئذ، وعندما طلبت منه جامعة السوربون Sorbonne بشدة أن يلتزم بفكرها، وافق على كل ما طُلب منه”(3).

أما جورج كوفييه Georgas Cuvier الخطيب المفوَّه، والكاتب اللامع، وعالِم التشريح المقارن والحفريات فقد تناول أفكار لامارك بأسلوب ساخر، مما صرف الأذان الفرنسية عن سماع آراء لامارك، ويقول د. أحمد عبد العليم ” بيد أن سوء طالع هذا العالِم المفكر الفذ (لامارك) قيض له عالمًا آخر من بني جلدته هو ” جورج كوفييه” (1769 – 1832) سخر منه وسفه آراءه، واستعان على التشهير به بالالتجاء إلى القضاء الفرنسي!. ولم يكن كوفييه بالرجل الهين.. فقد كان عالِمًا مُبرزًا في التشريح المقارن والحفريات، وكان إلى جانب ذلك خطيبًا مفوَّهًا وكاتبًا لامعًا. وذا نفوذ وجاه ولهذا السبب نسيت فرنسا أو تناست آراء لامارك وتعاليمه في التطوُّر”(4).

كما قال د. أنور عبد العليم أستاذ علوم البحار بجامعة الإسكندرية ” فسَّر لامارك النشوء والتطوُّر، كما تكلَّم عن الحياة باعتبارها سلسلة متصلة الحلقات، أو سلمًا مطردًا في الارتقاء.. وهو أول من مثلها بشجرة متصلة الجذور والأصول والفروع، تربط هذه الأعضاء جميعًا وشائج الصلة والقرابة، وقد علَّق كوفييه على هذه النظرية الخاصة بالنشوء والتطوُّر التي ابتكرها لامارك، بأنها لا تخرج عن أنها {قطعة جديدة من حماقات لامارك} وكان هذا النقد المر كافيًا لقتل النظرية في مهدها فلم يعرها أحد كبير اهتمام، حتى الكنيسة لم تحرك ساكنًا إزاء هذا الهذر على رأي كوفييه فيها”(5).

ويقول د. حليم عطية سوريال ” على أن الأمثلة التي ذكرها لامارك نفسه لإثبات نظريته لا يُشار إليها الآن إلاَّ في مجال التهكم حتى عند التحوليين أنفسهم فإنه ذكر أن طول رقبة الزرافة سببه كثرة مد تلك الرقبة لتناول أوراق الأشجار العالية التي تعيش عليها ولقد زاد طول الرقبة تدريجيًا بالتوارث من جيل إلى جيل، لأن لامارك كان يعتقد بتوارث الصفات المكتسبة بل أن هذا الاعتقاد كان محور نظريته، ولقد ذكر أمثلة أخرى مثل الحيوان المُسمى آكل النمل ant – eater وبالفرنسية Fourmillier وهو حيوان ثديي يعيش على النمل وله لسان خشن طويل، فإنه نسب طول لسانه إلى كثرة استعماله لالتقاط النمل به. كما إنه ذكر بعض الطيور التي تعوم في الماء ولها غشاء بين أصابع أقدامها وعلل سبب وجود تلك الغشاء بحاجة تلك الطيور إليه في العوم، وكان لامارك يزعم أن الحاجة تخلق العضو وعلى ذلك رد كوفييه يتهكم قائلًا لي أنف لأنني أمخط!

النتيجة أن الجميع يسلمون بأن العوامل التي ذكرناها لها تأثيرها ولكنها عاجزة كل العجز كعوامل تحوُّل نوعًا من الأنواع إلى آخر أو فصيلة إلى أخرى، ولقد أثبتت الأبحاث العلمية ذلك للأسباب الآتية:

(أولًا) إن تأثيرها وقتي فإن بعض الحيوانات التي يقف نموها عندما تعيش في المغائر مثلًا – مثل السلامندر – تنمو نموًا طبيعيًا إذا نُقلت إلى بيئتها الطبيعية.

(ثانيًا) إن هناك كائنات حيَّة لم تحدث بها تغييرات تُذكر منذ أقدم الحقب الجيولوجية مثل بعض الأسماك والحشرات.. ولا يُخفى أن تلك الأنواع كانت خاضعة لتقلبات عظيمة وعاشت في بيئات مختلفة لمرور تلك الحقب الطويلة عليها، فلماذا أثرت تلك التقلبات على بعض الأنواع ولم تؤثر على الأخرى.

وهناك اعتراض جوهري آخر على نظرية لامارك وهو وجود الاختلافات بين الذكور والإناث في بعض الحيوانات، لأن بعض الحيوانات بالرغم من معيشتها في بيئات وأحوال واحدة تختلف ذكورها عن إناثها اختلافًا عظيمًا حتى يكاد الإنسان يحسبها من أنواع بل من فصائل مختلفة. مثال ذلك الحشرة المضيئة المُسماة Lampris noctiluca (وهي المعروفة بالحباحب) فإن الذكر في هذه الحشرة له أجنحة والأنثى خالية منها. كما إن الأنثى لها جهاز يبعث الضوء والذكر خالٍ منه، وهنالك حيوان من الحيوانات المفصلية (الأرثربودا) اسمه العلمي Chondrocanthus Gibbosus يختلف فيه الذكر عن الأنثى اختلافًا عظيمًا، فإن طول الأنثى يبلغ عشرين ضعفًا طول الذكر كما إن تكوينها الخارجي وأحشائها الداخلية تختلف اختلافًا جسيمًا.

ثم إن مسألة اختلاف الجنس على وجه عام معضلة لم يمكن لأحد من التحوُّليين الإجابة عليها لأنهم لا يعرفون الأسباب أو العوامل الطبيعية التي قسمت الأفراد إلى جنسين ذكور وإناث فخلقت لكل منهما أعضاء تناسلية مختلفة، بالرغم من معيشة الجنسين في بيئات واحدة وظروف واحدة.. وأهم اعتراض على آراء لامارك هو عدم إمكان توارث الصفات المكتسبة”(6)

_____

(1) تصدع مذهب داروين والإثبات العلمي لعقيدة الخلق ص 101 – 106.

(2) تصدع مذهب داروين والإثبات العلمي لعقيدة الخلق ص 110.

(3) ما أصل الإنسان؟ ص 41.

(4) قصة التطوُّر ص 37.

(5) قصة التطوُّر ص 47.

(6) تصدع مذهب داروين والإثبات العلمي لعقيدة الخلق ص 86 – 89.

 

تعليق على فرض لامارك وآرائه

Exit mobile version