هل يقتصر تكوين الخلية على توافر جزيئات البروتين فقط؟
ج:
كلا.. لا يقتصر تكوين الخلية على البروتينات التي تتكوّن من الأحماض الأمينية العسراء المترابطة بترابط ببتايد فقط، بل هذه بداية المسيرة الطويلة لنبلغ إلى أقصى مدى للخلية، وفي مسيرتنا هذه نلتقي بالمعجزة التي تفوق كل عقل وهي لا ترى الا بالمجهر المتقدم، وهي جزئ الـDNA الذي يحمل بواسطة نظام الشفرة جميع صفات الإنسان، ويقول هارون يحيى عن الإمكانية الجبارة لهذا الجزئ ” بالإضافة إلى الملامح (مثل الطول والعين والشعر ولون البشرة).
فإن الحمض النووي الصبغي للخلية الواحدة يحتوي أيضا على تصميم 206 عظمة، و600 عضلة وشبكة مكوّنة من 10 آلاف عضلة سمعية، وشبكة مكوّنة من مليوني عصب بصري، و100 بليون خلية عصبية، و130 بليون مترا من الأوردة الطولية، و100 ترياتيون خلية في الجسم! وإذا أردنا أن نكتب المعلومات المشفرة في الحمض النووي الصبغي فسيعني هذا أننا نريد تأليف مكتبة عملاقة تحتوي 900 مجلد من الموسوعات يتألف كل مجلد منها من 500 صفحة! إن هذا القدر الغزير من المعلومات المشفّرة موجودة في مكونات الحمض النووي الطبيعي المسماة بالجينات”(1).
ويوجد في جسم الإنسان آلاف الجينات التي تتكوّن من ملايين النيوكليوتيدات اليمناء، وتشمل النيوكليوتيدات أربعة أنواع وهي الأدينين، والثيمين، والجوانين، والسيتوزين، وتسمى بالحرف الأول من أسمائها (A-T-G-C) والاختلافات بين الناس تتوقف على طريقة التوافق الثلاثية للقواعد النيتروجينية المميزة للنيوكليوتيدات، وتسمى بالشفرة الوراثية، ويعترف ” فرانك سالزبيري ” عالم الأحياء التطوّري قائلا ” يضم (جزئ) البروتين متوسط الحجم نحو 300 حمض أميني، وتحوي سلسلة جينات الحمض النووي الصبغي DNA المتحكمة في هذه الأحماض نحو 1000 نيوكليوتيدة.
ونظرا لوجود أربعة أنواع من النيوكليوتيدات (A-T-G-C) في سلسلة الحمض النووي الصبغي فيمكن لسلسلة واحدة منها مكونة من 1000 حلقة أن تتواجد في عدد من الأشكال يساوي 4 1000 شكلا – أي 4 أس ألف – وباستخدام قليل من اللوغاريتمات نجد 4 1000 يساوي رقما هائلا لا يستطيع الخيال الإنساني إدراكه”(2).
ويعترف ” على ديميرسوى ” عالم التطوّر التركي قائلا ” في الحقيقة تعتبر احتمالية تكوين بروتين وحمض نووي (الحمض النووي الصبغي DNA، والحمض النووي الريبي RNA) احتمالية بعيدة جدا عن التحقق 0أما فرصة ظهور سلسلة بروتينية معينة فهي من الضآلة بمكان بحيث يمكن القول عنها أنها فلكية”(3) كما تعترف الدكتورة ” لزلي اورجل ” العاملة بجامعة دييجو بكاليفورنيا وهي من دعاة التطوّر فتقول ” أن من غير المحتمل إلى أقصى حد أن البروتينات والأحماض النووية، التي تتسم كل منها بتركيب معقّد، قد نشأت تلقائيا في نفس المكان وفي نفس الوقت، كما يبدو من المستحيل أيضا أن يوجد أحدهما دون الآخر”(4)(5).
ويعتبر ” مايكل دنتون ” عالم الأحياء الأسترالي في كتاب ” التطوّر: نظرية في أزمة ” بأن القول بأن الخلية الحيّة بإمكاناتها الجبارة قد وجدت بطريقة عشوائية يعدّ إساءة للعقل فيقول ” بالنسبة للشخص المتشكك، فإن الفكرة القائلة بأن البرامج الجينية للكائنات الحيّة العليا (المكوّنة من ما يقرب من ألف مليون معلومة.. وكذلك بتكون بلايين وبلايين من الخلايا في شكل كائن حي معقّد) القول بأن هذه البرامج الجينية قد تكوّنت بعملية عشوائية بحتة تعد إساءة للعقل”(6) كما يعترف ” فرانسيس كريك ” وهو من دعاة التطوّر بأن تكوين الجزئ المعقّد بمحض الصدفة عملية لا تصدق، فيقول ” لا يستطيع الرجل الصادق المسلّح بكل المعلومات المتوفرة لدينا الآن سوى أن يعلن -بطريقة ما- أن ظهور أصل الحياة في الوقت الحاضر يكاد يكون معجزة”(7).
_____
(1) خديعة التطوّر ص 132.
(2) أورده هارون يحيى – خديعة التطوّر ص 132.
(3) المرجع السابق ص 133.
(4) Leslie E. Orgel، The Origin of Life on Earth Scientific American، Vol 271، P. 78.
(5) أورده هارون يحيى – خديعة التطوّر ص 134.
(6) المرجع السابق ص 135.
(7) المرجع السابق ص 133.