هل تعتبر الفيروسات المُتَبلورة حلقة وسيطة بين الجماد والكائن الحي؟
213- هل تعتبر الفيروسات المُتَبلورة حلقة وسيطة بين الجماد والكائن الحي؟
ج: تبلور أصغر الفيروسات الحيَّة لا يدخلها في نطاق المواد، لأن هذه الفيروسات رغم تبلورها في شكل بلورات Crystals تظل كائنات حيَّة قادرة على التكاثر والانتشار متى سمحت الظروف البيئية بذلك، ولو كانت هذه الفيروسات المُتَبلورة تمثل مرحلة متوسطة بين الجماد والكائن الحي، فلماذا لم تتطور وتصعد سلم التدرج؟!
ثالثًا: عظمة الخلية الحيَّة
يلذ لنا ونحن ندرس نشأة الحياة على الأرض، أن نتأمل شيئًا لا يُرى بالعين المجردة، ألا وهو الخلية الحيَّة وحدة البناء للأجسام النباتية والحيوانية والإنسانية، ونتساءل هل الخلية بالبساطة التي يتصورها البعض؟ وهل يمكن للصدفة أن تُوجِد لنا الخلية الحيَّة؟ وإن كانت الأحماض الأمينية هي التي تكوَّن البروتينات، فهل جميع أنواع الأحماض الأمينية تصلح لتكوين البروتينات أم يشترط أن تكون عسراء فقط وليست يمناء، وإن كانت النيوكليوتيدات هي التي تكون الحمض النووي، فهل تصلح جميعها لهذه المهمة أم يشترط أن تكون نيوكليوتيدات عسراء أيضًا وليست يمناء؟ وكيف تحمل الخلية الواحدة الصفات الوراثية للكائن الحي كله..؟ إلخ.
في القرن السابع عشر كان هناك تاجرًا للمنسوجات هولندي الجنسية يدعى “أنتون فان ليفنهوك” وُلِد بمدينة ” دلفت ” سنة 1632م من أسرة عريقة غنية، وكان يقضي أوقات فراغه في صناعة الأدوات الزجاجية، فكان هو أول من صنع العدسات الزجاجية الدقيقة، وصار يفحص بها كل ما يصادفه، فكان عمله الرائع هذا هو باكورة المجاهر في العالم كله، ولا أحد يقدر أن ينكر فضل الميكروسكوب في الاكتشافات الحديثة، فعن طريق الميكروسكوب اكتشف الإنسان الكائنات الدقيقة ذات الخلية الواحدة مثل الأميبا والبكتيريا، وكل نوع له شكله المميز به، وسماته التي تفرقه عن غيره، وهذا الكائن له القدرة على القيام بوظائف الحياة من غذاء ونمو وتكاثر.. إلخ فمادة البروتوبلازم التي تتكوَّن منها الخلية الحيَّة تشبه معملًا كيميائيًا ينتج الإنزيمات لهضم الطعام وتصنيع مادة البروتوبلازما نفسها، وتحمل النواة ” الكروموزومات ” التي تحمل “الجينات”، والجينات تحمل الصفات الوراثية للكائن الحي.
وقد اعترف الكل أن الخلية الواحدة تعتبر عالمًا مستقلًا قائمًا بذاته Microcasm حقًا أن الذي يتأمل الخلية الحيَّة يصل إلى إبداع الخالق، ويقول ” سيسل هامان”.. ” أينما اتجهت ببصري في دنيا العلوم، رأيت الأدلة على التصميم والإبداع، على القانون والنظام، على وجود الخالق الأعلى.. عندما نذهب إلى المعمل ونفحص قطرة من ماء المستنقع تحت المجهر لكيما نشاهد سكانها، فإننا نرى إحدى عجائب الكون. فتلك الأميبا تتحرك في بطء وتتجه نحو كائن صغير فتحوطه بجسمها، فإذا به داخلها، وإذ به يتم هضمه وتمثيله داخل جسمها الرقيق. بل أننا نستطيع أن نرى فضلاته تخرج من جسم الأميبا قبل أن نرفع أعيننا عن المجهر، وإذا ما لاحظنا هذا الحيوان فترة أطول، فإننا نشاهد كيف ينشطر جسمه شطران. ثم ينمو كل من هذين الشطرين ليكون حيوانًا جديدًا كاملًا. تلك خلية واحدة تقوم بجميع وظائف الحياة التي تحتاج الكائنات الأخرى الكبيرة في أدائها إلى آلاف الخلايا أو ملايينها. لاشك أن صناعة هذا الحيوان العجيب الذي بلغ من الصغر حد النهاية، تحتاج أكثر من المصادفة”(1)(2).
وتحدث الدكتور عبد المحسن صالح في كتابه ” الميكروبات والحياة”(3) عن البكتيريا الأربعة، فالنوع الأول يعيش معتمدًا على نفسه يكوّن غذائه دون الاعتماد على غيره، وله أنزيمات لا تتوافر في الكائنات الحيَّة الأخرى، وبها يقدر على فك المركبات الكيميائية فتنطلق منها الطاقة التي تستخدمها لبناء غذائها. والمرتبة الثانية من البكتريا تعيش متطفلة على غيرها، وكأنها اعتبرت المخلوقات الحيَّة غنيمة فاقتسمتها وتخصصت في مهاجمتها. والمرتبة الثالثة من البكتيريا يعيش على بقايا الكائنات الحيَّة. أما المرتبة الرابعة فتعيش متعاونة مع غيرها، ولولا بعض الأنواع من هذه البكتيريا ما كان هناك أبقار ولا أغنام ولا ألبان ولا لحوم، لأنها تعيش في أمعائها وتهضم السليلوز وتقدمه بصورة ذائبة تستفيد منها هذه الحيوانات، ثم يقول سيادته ” بل والميكروب على دقته (يعتبر) معمل كبير قائم بذاته تجرى في داخله كثير من العمليات الكيميائية المعقدة التي يحتار في أمرها أعظم معامل البحوث في العالم شأنًا. وبلغ من دقة العمليات الحيوية داخل جسم الميكروب ما يحملنا على استخدامه كأداة حيَّة لتفصل لنا مركبًا كيميائيًا من شبيهه بحالة نقية. وتتم العملية في سهولة ويسر، قد لا يتأتيان بطرق الفصل الكيميائية التي نستخدمها في المعامل”(4).
_____
(1) الله يتجلى ص 141 – 143.
(2) أورده برسوم ميخائيل – حقائق كتابية ص 214.
(3) ص 42 – 49.
(4) أورده برسوم ميخائيل – بطلان نظرية التطوُّر ص 101.