كيف تكونت البحار والمحيطات؟ وكيف إجتمعت المياه في مكان واحد؟
كيف تكونت البحار والمحيطات؟ وكيف إجتمعت المياه في مكان واحد؟
كيف تكونت البحار والمحيطات؟ وكيف إجتمعت المياه في مكان واحد؟
182- كيف تكوَّنت البحار والمحيطات؟ وكيف إجتمعت المياه في مكان واحد؟
اليوم الثالث
” 9 وقال الله لتجتمع المياه تحت السماء إلى مكان واحد ولتظهر اليابسة وكان كذلك. 10 ودعا الله اليابسة أرضًا. ومجتمع المياه دعاه بحارًا. ورأى الله ذلك أنه حسن. 11 وقال الله لتنبت الأرض عشبًا وبقلًا يبزر بزرًا وشجرًا ذا ثمر يعمل ثمرًا كجنسه بذره فيه على الأرض. وكان كذلك. 12 فأخرجت الأرض عشبًا وبقلًا يبزر بزرًا كجنسه وشجرًا يعمل ثمرًا بذره فيه كجنسه. ورأى الله ذلك أنه حسن. 13 وكان مساء وكان صباح يومًا ثالثًا” (تك 1: 9 – 13).
ج: عندما بردت القشرة الأرضية انكمشت، وصغر حجمها، فظهرت تشقُّقات وتجاعيد مثل الفوالق Faults كالبحر الأحمر، فقارة أفريقيا كانت متصلة يومًا ما بقارة آسيا، ولكن فالق البحر الأحمر فصل بينهما وهذا ما نلاحظه على مستوى أقل، عندما تجف الأرض الزراعية فإنها تتعرض للتشقُّقات.
كما تحدث الطيات Folds وهي عبارة عن تجاعيد وانحناءات في الطبقات الأرضية، فتظهر المناطق المرتفعة على هيئة جبال، والمناطق المنخفضة على هيئة بحار، ويوضح الدكتور فوزي إلياس طريقة تكوُّن البحار قائلًا ” ما هو التفسير العلمي لتكوين البحار وظهور اليابس؟ بالإشعاع الحراري المستمر من الأرض تصلَّبت قشرتها ولكن جوفها كان يغلي مثل أتون من المعادن والصخور المصهورة، فبينما قشرة الأرض آخذة نحو التبريد التدريجي كان هناك في الباطن اضطرابات شديدة أدت إلى حدوث تقلصات، وتجمعت الحمم فكوَّنت كتلًا ضخمة تدفع بالحمم والرماد بقوى عاتية جبارة، وتجمعت الحمم فكونت كتل ضخمة من الجرانيت كانت تطفو فوق الصخور الثقيلة من تحتها، وكان ذلك أساس القارات التي برزت فوق سطح الماء، أما الانخفاضات العظيمة في القشرة الأرضية فقد تجمعت فيها المياه وكوّنت المحيطات والبحار”(1).
لقد تكوَّنت المحيطات منذ فترة تتراوح بين 200 – 1000 مليون سنة، وظهرت عدَّة نظريات علمية تحاول تفسير كيفية تكوُّن الأحواض المحيطية، ومن هذه النظريات ما يلي:
1- نظرية انسلاخ القمر Moon Seperating Theory:
يعتقد أصحاب هذه النظرية أنه نتيجة قوة الطرد المركزية الناتجة عن دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس، انفصل جزء ضخم من الأرض، وأخذ يدور في فلكها وهو القمر، وخلَّف هذا الجزء المنفصل وراءه حوض المحيط الهادي، واعتمد أصحاب هذه النظرية على أن جميع المحيطات ماعدا المحيط الهادي تحتفظ بطبقة ” السيال ” حيث تكثر صخور الجرانيت، بينما معظم صخور قاع المحيط الهادي من طبقة ” السيما ” حيث تكثر صخور البازلت، فقالوا أن طبقة ” السيال ” الخاصة بالمحيط الهادي قد انفصلت أثناء انسلاخ القمر عن الأرض، وإن كان المحيط الهادي تكوَّن بهذه الطريقة.. فكيف تكوَّنت بقية المحيطات والبحار؟
يقول أصحاب هذه النظرية أنه عند انسلاخ القمر من الأرض حدث تصدع عظيم وتشقُّق كبير في طبقة ” السيال”، وساعد دوران الأرض على اتساع جوانب هذه الشقوق، فتكوَّنت الأحواض المحيطية منذ نحو بليون سنة (1000 مليون سنة).
وقد اعترض البعض على هذه النظرية للسببين الآتيين:
أ – سمك الصخور التي انتزعت من المحيط الهادي تبلغ 60 كم بينما سمك طبقة السيال تبلغ نحو 35 – 50 كم كحد أقصى. إذًا كان من المفروض أن تنتزع طبقة السيال بالكامل بالإضافة إلى 10 كم من طبقة السيما.
ب- كثافة المواد المعدنية التي يتركب منها القمر أكبر بكثير من كثافة طبقة ” السيال”.
2- نظرية زحزحة القارات The Theory of Continental Drift:
قال بهذه النظرية ” فيجنر ” سنة 1915م، حيث اعتقد أن اليابسة كلها كانت في العصر الفحمي (الكربوني) كتلة سيالية واحدة، دعاها بقارة ” بانجيا ” Pangea وكان يحيط بها محيط شاسع يرتكز على طبقة من السيما، ثم حدث أن تمزقت هذه القارة (بانجيا) وانشطرت إلى أجزاء أخذت تتزحزح إلى ما هو عليه الآن، واعتمد فيجنر في نظريته هذه على تشابه التركيب الجيولوجي، وبعض الكائنات النباتية والحيوانية لشرق أمريكا مع النصف الجنوبي لأفريقيا، وكذلك شبه القارة الهندية مع أستراليا والقارة المتجمدة الجنوبية، بالإضافة إلى إمكانية التصاق غرب أفريقيا مع شرق أمريكا، حيث يظهران كمنطقة واحدة تعرَّضت للانقسام، ثم تباعدا عن بعضهما، وكذلك جانبي البحر الأحمر يكملان بعضهما، بحيث لو انضم الشاطئان فسيمثلان مساحة واحدة ممتدة، ومما يؤيد هذه النظرية أيضًا أن عرض البحر الأحمر مازال يزداد، والمسافة بين جانبيه تتسع بمعدل 4ر1 سم / سنة، ولو افترضنا أن هذا المعدل ثابت، فيمكن احتساب عمر البحر الأحمر.
وقد شهد القرن الواحد والعشرين في بدايته ميلاد محيط جديد في صحراء عفار شمال شرق أثيوبيا، حيث توجد هناك منطقة خالية من السكان، تعرضت لضغوط شديدة أثر وقوع زلزال كبير في 14/12/2005م أعقبه حدوث ثورة بركانية، نتج عنه انشقاق الأرض بطول 60 كم وعرض ثمانية أمتار في المنتصف، ويقول الأستاذ ” عبد المنعم السلموني”.. ” ويصف د. أبينجر ذلك بقوله: يبدو أننا نشهد مولد حوض جديد! إن الحركات الأرضية التي وقعت في سبتمبر لا تمثل سوى جانب صغير مما يتعين أن يحدث لكي يظهر محيط مائي كامل.. فالعملية بأكملها تستغرق ملايين السنين”(2).
أما عن التساؤل الخاص بكيفية اجتماع المياه في مكان واحد رغم انفصال البحار والمحيطات، نقول أن موسى النبي المُلهَم من الروح القدس كتب هذه الحقيقة ” وقال الله لتجتمع المياه تحت السماء إلى مكان واحد “ رغم أنه لم يرَ غير البحر الأبيض والبحر الأحمر، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وبعد أن وصل ” كريستوفر كولمبس ” إلى الأمريكتين سنة 1462م، وبعد أن اكتشف ماجلان (1480 – 1520م) رأس الرجاء الصالح، أثبت العلم أن جميع المياه متصلة، حتى لو كانت هناك بحيرات مُغلَقة فإنها تتصل بالمياه الأخرى عن طريق المياه الجوفية تحت السطحية، وفي القرن العشرين كشف العلم الحديث قاع واحد للمحيطات السبع، أي أن جميع المحيطات مشتركة معًا في قاع واحد.
* ” ومن حجز البحر بمصاريع حين اندفق من الرحم. إذ جعلتُ السحاب لباسه والضباب قماطه. وحزمتُ عليه حدي وأقمت له مغاليق ومصاريع. وقلت إلى هنا تأتي ولا تتعدى وهنا تُتْخَم كبرياء لججك” (أي 38: 8 – 11).
* ” لما وضع للبحر حدَّه فلا تتعدى المياه تخمه” (أم 8: 29).
* ” أنا الذي وضعت الرمل تخومًا للبحر فريضة أبدية لا يتعدَّاها تتلاطم ولا تستطيع وتعجُّ أمواجه ولا تتجاوزها” (أر 5: 22).
_____
(1) ستة أيام الخليقة ص 25.
(2) مجلة العلم عدد 352 – يناير 2006م ص 70.
