181- مادام الماء لا لون له، فلماذا نراه يميل غالبًا إلى الزرقة، ونادرًا إلى اللون الأحمر..؟ وما هي ظاهرة المد الأحمر؟ ولماذا دُعي بحر سوف بالبحر الأحمر؟
ج: ليس للماء لون ولا طعم ولا رائحة، ولكن يبدو لون المسطحات المائية بحسب المواد الذائبة فيها أو العالقة بها، لأنه بناء على هذه المواد يتوقف تشتت وامتصاص وانعكاس موجات الضوء، فعند سقوط ضوء الشمس على صفحات البحار تتشتت الموجات الضوئية القصيرة ذات اللون الأزرق، بينما تمتص المياه موجات الضوء الطويلة ذات اللون الأحمر، فلذلك تبدو هذه الصفحات زرقاوية اللون، وأيضًا كلما ظهرت السماء صافية كلما عكست المياه هذا اللون الأزرق السماوي، بينما لو انتشرت السُحب البيضاء فإن صفحات المياه تبدو أقل زرقة.
أما إذا انتشرت في المياه الهائمات النباتية ” الفيتوبلانكتون” (وقد دُعيت هكذا لأن تيارات المياه والرياح تحملها حيثما تشاء) فإن الماء يبدو مائلًا للاخضرار. أما عند مصب الأنهار حيث تحمل مياه الأنهار بعض الطمي فيختفي اللون الأزرق. أما ما يظهر نادرًا من لون يميل للاحمرار، فهو يرجع إلى ظاهرة المد الأحمر، بسبب ازدهار بعض الطحالب Trichodesmium التي تفرز صبغات حمراء، وربما سُمي بحر سوف بالبحر الأحمر بسبب هذه الظاهرة، التي تظهر بالأخص في بداية فصل الربيع ونهاية فصل الصيف، وبعض هذه الطحالب تفرز مواد سامة Taxins فتجعل من المنطقة مقبرة للأحياء المائية.
ويقول الأستاذ الدكتور وجدي لبيب جرجس بالمعهد القومي لعلوم البحار والمصايد ” خلق الله سبحانه وتعالى كل شيء في منظومة بديعة متكاملة ومترابطة، خلق الحياة في الماء وعلى اليابس.. من بين حوالي 5000 نوع من الهائمات النباتية التي أمكن التعرف عليها في المسطحات المائية على مستوى العالم، فإن هناك 300 نوع قد تم رصدها قادرة على تكوين هذه الظاهرة (المد الأحمر) منها 40 نوعًا تمتلك القدرة على إفراز مواد سامة تحت ظروف بيئية معينة.. وقد تصيب هذه المواد السامة في مقتل متى وصلت إليه عبر تناوله الأسماك، أو غيرها من كائنات بحرية، تحمل بين أنسجتها هذه السموم..
(وقد عرف الإنسان ظاهرة المد الأحمر) فعندما نزل الكابتن ” جورج فونكوفر ” سنة 1793م مع طاقمه أرض كولومبيا البريطانية، في منطقة تُعرف حاليًا باسم ” خليج السم ” أصاب بحارته التسمم ولقي بعضهم حتفه.. هذه الظاهرة قد عرفها أيضًا الصيادون على السواحل البريطانية منذ أواخر القرن الثامن عشر.. أن هناك حوالي 2000 حالة تسمم تُسجل سنويًا على مستوى العالم، منها 15 % قد يلقون حتفهم. إن حوالي 100 جرام من لحم هذه الرخويات المصابة قد يكون كافيًا أحيانًا لموت إنسان تبعًا لنوع الهائمات المُفرِزة للسموم، وكذا نوع السموم ذاتها ودرجة تركيزها..
إن الموت الجماعي للأسماك المتواجدة في مياه البحر وفي مزارعها أثناء بعض فترات المد الأحمر تشكل تهديدًا خطيرًا للأمن القومي لبعض البلدان التي تعتمد على الأسماك كمصدر رئيسي للغذاء وعلى الصناعات القائمة عليها. لقد قُدرّت الخسائر التي سببها نوع واحد سام من الهائمات النباتية بأكثر من 250 مليون دولار في اليابان عندما دمر تواجده المزارع السمكية في المنطقة المحيطة، وامتد تأثيره لسنوات متعاقبة..”(1).
_____
(1) مجلة المنهل عدد 583 – يناير 2003م ص 210 – 215.