هل الجلد يعني جسم كثيف صلب؟
اليوم الثاني
” 6 وقال الله ليكن جلد في وسط المياه. وليكن فاصلا بين مياه ومياه 7 فعمل الله الجلد وفصل بين المياه التي تحت الجلد والمياه التي فوق الجلد. وكان كذلك. 8 ودعا الله الجلد سماء. وكان مساء وكان صباح يوما ثالثا” (تك 1: 6 – 8).
س176: هل الجلد يعني جسم كثيف صلب؟ قال “ليوتاكسل”.. ” إن قصة المياه التي تحت الجلد والمياه التي فوقه، تعكس الضلال الفظ الذي عرفت به الشعوب البدائية كلها، فحسب التصورات القديمة أن السماء عبارة عن جسم كثيف صلب، ومن هنا جاءت تسميتها بالجلد، أي القساوة، اليابسة. واعتقدوا أيضا أن تجمعا مائيا هائلا يقوم خلف ذلك الجلد، الذي تشكل السماء قاعة”(1).
ج: الجلد ” هو شيء منبسط ممتد وهو يرينا خلق الجو”(2) فالجلد هو الغلاف الجوي الذي تطير الطيور في جزئه الأدنى، ومازال معروفا لليوم بهذا الاسم (الجلد)، والجلد في اللغة العربية يطلق عليه ” رقيع ” أي فضاء شاسع، كما كانت هذه الكلمة (رقيع) تطلق على الغطاء أو الخيمة، فالغلاف الجوي منبسط وممتد ومظلل على الأرض أشبه بالخيمة التي تحيط بمن داخلها، وقال الكتاب ” الذي ينشر السموات كسرادق ويبسطها كخيمة للسكن” (أش 40: 22) كما أشار الكتاب إلى الجلد في مواقع أخرى مثل سؤال أليهو لأيوب الصديق ” هل صفحت معه الجلد الممكن كالمرآة المسبوكة” (أي 37: 18) وقول المرنم ” سبحيه يا سماء السموات ويا أيتها المياه التي فوق السموات” (مز 148: 4).
ويشرح ” جون فايفر ” كيفية تكون الغلاف الجوي فيقول ” كان جو الأرض مدفونا مغلفا تحت سطحها، وتشمل خاماته الأولية والمواد الطيارة الحبيسة في البلورات أو الداخلة في تركيب الجزيئات الثقيلة في الأيام الأولى لتكوينها.. وكل هذه الخامات تحررت من البراكين مع الرماد والحمم، وتحررت من الينابيع والنافورات مع مائها وأملاحها وغازاتها.. وهكذا تكون جو الأرض”(3)(4).
ويتكون الجلد من عدة طبقات فيقول الدكتور “علي مهران هشام”.. ” إن الغلاف الجوي يتكون من عدة طبقات:
طبقة التروبوسفير – طبقة الستراتوسفير – طبقة الميزوسفير – طبقة الثرموسفير – طبقة الأكسوسفير
1- طبقة التروبوسفير:
ويبلغ سمكها 10 كم عند القطبين، و12 كم عند خط الاستواء، ومن مميزات هذه الطبقة إنها تحتوي على 80 % من كمية الغازات المكونة للغلاف الجوي، وتضم أهم الغازات اللازمة للحياة مثل الأكسجين وبخار الماء وثاني أكسيد الكربون، كما تحدث فيها معظم الظواهر الجوية كالسحاب والأمطار والرياح، وتقل فيها درجات الحرارة كلما ارتفعنا إلى أعلى (درجة مئوية واحدة كلما ارتفعنا 150 مترا).
2- طبقة الستراتوسفير:
وتسمى أيضا بطبقة الأوزونوسفير OZONOSBHERE وهذه هي الطبقة الغنية بغاز الأوزون ويبلغ سمكها 50 كم، وتمتاز هذه الطبقة بخلوها من العواصف مما يجعلها منطقة ملائمة للطيران.
3- طبقة الميزوسفير:
وهي الطبقة التي تحمي الأرض من مخاطر الشهب والنيازك حيث تحترق فيها الشهب متحولة إلى رماد ويبلغ سمكها 30 كم.
4- طبقة الثرموسفير:
ويطلق عليها الأيونوسفير IONOSBHERE وتمتد إلى ارتفاع حوالي 45 كم.
5- طبقة الأكسوسفير:
وتبدأ من ارتفاع 600 كم.. وتمتد حتى نهاية الغلاف الجوي، وفيها تصل درجات الحرارة إلى أكثر من ألف درجة مئوية، ولا يظهر النهار في هذه الطبقة ولا تسمع فيها الأصوات ويشعر رواد الفضاء بالرهبة عند المرور من هذه الطبقة لظهور الظلام التام”(5)
والغلاف الجوي يمثل ضغطا يدعى بالضغط الجوي، فيزيد هذا الضغط في المناطق التي تقع تحت مستوى سطح البحر، ويقل كلما ارتفعنا فوق مستوى سطح البحر، ويتلاشى تقريبا على ارتفاع 1600 كم.
ويقول الدكتور ملاك شوقي اسكاروس(7) ” صورت الحضارات المعاصرة لموسى النبي السماء ككرة صلبة تدور حول الأرض. أما موسى النبي فقد تكلم بالوحي الإلهي عن الجلد، والمقصود بالجلد الغلاف الجوي المحيط بالأرض وهو ممتد حول الكرة الأرضية ويتحرك معها، وقد ترجمت كلمة ” جلد ” إلى اللغة الإنجليزية باسم ” avoult ” بمعنى “قبة” dom فالغلاف الجوي يمثل قبة تحيط بالأرض إحاطة كاملة، وترجمت إلى اللغة اللاتينية باسم ” Firma mentum ” وتعني دعامة وشيء ثابت.
فالهواء ثابت الكثافة وله حجم يذكر، وليس كما كان يقال أنه فراغ، والهواء له قدرة على حمل السحب، وهذا ما أكده الكتاب المقدس عندما قال ” يصر المياه في سحبه فلا يتمزق الغيم تحتها” (أي 26: 8).. ” ليجعل للريح وزنا” (أي 28: 25) ولاحظ قول الكتاب ” عمل الله الجلد ” أي أنه لم يخلق هذا الجلد من العدم، إنما عمله من مواد أولية، ولاحظ أيضا دقة الوحي في قول موسى النبي ” وفصل بين المياه التي تحت الجلد والمياه فوق الجلد ” فالمياه التي ذكرت أولا تحت جلد هي الأصل، والمياه التي فوق الجلد هي نتيجة لتبخر المياه الأصلية وتكون السحب ولذلك ذكرت بعد المياه التي تحت الجلد”(6).
_____
(1) التوراة كتاب مقدس أم جمع من الأساطير ص 6.
(2) تفسير الكتاب المقدس – مركز المطبوعات المسيحية جـ 1 ص 146.
(3) جون فايفر 134.
(4) أورده د. فوزي الياس – ستة أيام الخليقة ص 23.
(5) مجلة العلم عدد 323 – أغسطس 2003م ص 62.
(6) من إجابات أسئلة سفر التكوين.
(7) خادم بالإسكندرية.