Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

“روح الله يرف على المياه” لماذا قصر الكتاب حلول روح الله على المياه؟

“روح الله يرف على المياه” لماذا قصر الكتاب حلول روح الله على المياه؟

“روح الله يرف على المياه” لماذا قصر الكتاب حلول روح الله على المياه؟

 171- “روح الله يرف على المياه”.. لماذا قصر الكتاب حلول روح الله على المياه؟ ومن أين جاءت هذه المياه..؟ لم يقل سفر التكوين أن الله خلق المياه، فهل هي أزلية؟!

س171: “روح الله يرف على المياه”.. لماذا قصر الكتاب حلول روح الله على المياه؟ ومن أين جاءت هذه المياه..؟ لم يقل سفر التكوين أن الله خلق المياه، فهل هي أزلية؟! ويقول د موريس بوكاي ” الإشارة إلى المياه في تلك المرحلة أمر رمزي صرف، وربما كان ترجمة لأسطورة.. إن هناك ما يسمح بالاعتقاد بوجود كتلة غازية في المرحلة الأولى لتكوُّن الكون، إن القول بوجود الماء في تلك المرحلة غلط”(1).

ج“روح الله يرف على وجه المياه”.. هذا التعبير مستمد من الحمامة التي تحتضن بيضها حتى يفقس، وأيضًا مستمد من أنثى النسر التي تفرد جناحيها وتحتضن فراخها لتحميهم من أي عدو وتدفع عنهم أي أذى، وكأن روح الله يحتضن برفق وحنان المياه راسمًا الصورة البديعة التي سيكون عليها الكون، وهذا التصوير الرائع يعطينا الإحساس بأن الله ليس ببعيد عنا، وهذا ما أوضحه الوحي الإلهي في موضع آخر

 ” إن قِسْمَ الرب هو شعبه. يعقوب حبل نصيبه. وجده في أرض قفرٍ وفي خلاء مستوحش خربٍ. أحاط به ولاحظه وصانه كحدقة عينه. كما يُحرّك النسر عشه وعلى فراخه يرف ويبسط جناحيه ويأخذها ويحملها على مناكبه. هكذا الرب وحده اقتاده وليس معه إله أجنبي” (تث 32: 9 -12) وقد ارتبطت الأرض ككل بالماء ” السموات كانت منذ القديم والأرض بكلمة الله قائمة من الماء وبالماء” (2 بط 3: 5).

” وروح الله يرف على وجه المياه”.. 

هنا بداية عمل الله كخالق، وهنا نجد الله يخص المياه بالرعاية لأن من الماء بدأت الحياة الأولى، ولا حياة بدون الماء، فنسبة الماء تمثل 75 % من وزن جسم الإنسان، وتمثل 80 % من مخه، و90 % من دمه، وبدون الماء لا تحدث إذابة ولا امتصاص للعناصر الغذائية، ولا يحدث تمثيل غذائي في الدم، وبدون الماء لا يتخلص الجسم من المواد السامة، وتمتد المسطحات المائية لتشغل 72 % من مساحة الكرة الأرضية، والبلانكتون Plankton الذي يعيش في الماء ينتج لنا 70% من كمية الأكسجين المتاح، ومن الخواص العجيبة التي وضعها الله في الماء ما يلي:

1- ظاهرة التمدد والانكماش: تتمدَّد جميع الأجسام بالحرارة وتنكمش بالبرودة، وهكذا المياه، ولكن الأمر العجيب أن المياه عندما تصل درجة حرارتها بين 4 – 5 درجة مئوية تُغيّر سلوكها، فتتمدَّد بالبرودة وتنكمش بالحرارة، وعندما تتمدَّد يزداد حجمها وتقل كثافتها، ولذلك تجد الثلج يطفو فوق الماء لأن كثافته أقل من كثافة الماء، وإذا وضعنا زجاجة ممتلئة بالكامل في الديب فريزر فعندما تتجمد تتمدَّد وتتعرض للانفجار، ونتعجب: لماذا وضع الله هذه الخاصية في المياه؟

والحقيقة أنه عندما تتعرَّض البحار إلى برودة شديدة يتجمد سطحها بسمك معين، ويعمل هذا الجليد كعازل حراري بين الغلاف الجوي الذي تقل حرارته عن الصفر وبين ما تحته من مياه، ولاسيما أن الماء عندما يتجمد الجزء العلوي منه يطرد جزء من الأملاح فتذوب في الطبقة التالية، فتزداد ملوحة هذه الطبقة، ومن المعروف أن المياه المالحة تحتاج درجة حرارة أقل لكيما تتجمد، وبذلك تستمر الحياة في البحار أسفل الجليد، وعندما ترتفع درجة الحرارة يذوب الجليد وتعود الحياة لطبيعتها الأولى، ولنا أن نتصوَّر لو لم يضع الله هذه الخاصية العجيبة في المياه..

ماذا كان سيحدث..؟! لا بُد أنها ستظل تنكمش بالبرودة وتزداد كثافتها وتغوص في أعماق البحار، فلا تقوى أشعة الشمس فيما بعد على إذابتها، وبذلك يتراكم الجليد عام بعد عام في أعماق البحار فيقضي على الحياة البحرية، وبالأكثر يقضي على البلانكتون الذي ينتج لنا 70 % من كمية الأكسجين في العالم.

2- المياه لا تتأثر سريعًا بالحرارة، فتكتسب درجة الحرارة أثناء النهار وتفقدها أثناء الليل، فالسعة الحرارية للمياه عالية (السعة الحرارية = كمية الطاقة التي ترفع درجة حرارة جرام واحد من المادة قيمة درجة واحدة مئوية) ولو كانت السعة الحرارية للماء منخفضة، فمعنى هذا أن تتأثر المياه سريعًا بالحرارة، وحيث أن درجة حرارة الأرض متغيرة بين النهار والليل فإن هذا سيؤدي إلى انفصال جزيئات الماء عن بعضها البعض، مما يؤدي لانعدام الحياة.

3- المياه أهم مذيب على الأرض، فهو الذي يذيب المواد العضوية في التربة لكيما يستطيع النبات امتصاصها، وأيضًا يذيب المواد العضوية في الجسم لكيما يستطيع امتصاصها، ويذيب السموم ويطردها من الجسم.

4- المياه لها الخاصية الشعرية، فتحمل العصارة إلى أجزاء الأشجار العليا والنخيل بعكس الجاذبية الأرضية، ولولا هذه الخاصية لفقدت النباتات حياتها.

5- المياه لها خاصية التوتر السطحي، فلو لاحظت تساقط قطرات المياه من الصنبور، فإنها تتحوَّل إلى كرات وكأنها محاطة بغشاء، وهذه الخاصية هي التي تعطي الفرصة للأجسام الأقل كثافة أن تطفو على المياه وكذلك المراكب والسفن الضخمة.

6- لا يحمل الماء لونًا ولا طعمًا ولا رائحة، ولذلك يسهل دخوله في جميع الأطعمة والمشروبات.

7- يمكن أن يوجد الماء في حالاته الثلاثة وهي السائلة والصلبة والبخارية، والإنسان يستخدم الماء في جميع حالاته مستفيدًا بخاصيته هذه، فيستخدم الثلج للتبريد، ويستخدم البخار كقوة دافعة.

والمياه ليست أزلية ولكنها تكوَّنت في وقت معين، فقد كانت الأرض عبارة عن كتلة منصهرة تتصاعد منها الأبخرة الكثيفة والغازات، ولم يكن هناك وجود للمياه، ولكن عندما بردت بعض الشيء نتيجة دورانها في الفضاء حول الشمس، وعندما وصلت درجة حرارتها إلى 400 أتحدت كل ذرتين من الأيدروجين مع ذرة واحدة من الأكسجين وكوّنت جزئ من الماء، وبهذه الطريقة بدأ يتواجد الماء ويتساقط على الأرض، ولكن لا يلبث أن يتبخر سريعًا بسبب حرارة الأرض المرتفعة، ومن المعروف أن الماء يتبخر عند درجة حرارة 100 مئوية..

وتكرار هذه العملية ساعد على خفض درجة حرارة القشرة الأرضية فسمحت للمياه بالبقاء على سطحها، وإن كانت بعض طبقات الأرض بردت وتصلبت فإن باطنها مازال منصهرًا، ولذلك قال عنها الكتاب المقدَّس ” أرض يخرج منها الخبز أسفلها ينقلب كما بالنار” (أي 28: 5) وجاء في مجلة العلم عدد 345 في يونيو 2005م بأن البعض يعتقد بأن المياه على الأرض قد جاءت نتيجة الأمطار الغزيرة على مدار آلاف السنين، واعتقد آخرون بان مصدر مياه البحار والمحيطات هي المياه الأولية Juvenile Waters التي نبعت من باطن الأرض عندما بردت.

أما عن قول النُقاد بأن سفر التكوين لم يذكر أن الله خلق المياه، فمن أين جاءت، وهل هي أزلية، فيرد عليهم القس ميصائيل صادق راعي كنيسة القديسين مارمرقس والبابا بطرس بالإسكندرية وأستاذ اللاهوت العقيدي بإكليريكية الإسكندرية ” بالتأكيد خلق الله المياه.. لقد خلق الله السموات بكل ما فيها، والأرض بكل ما فيها أيضًا، ولم يذكر سفر التكوين أن الله خلق الأكسجين ولا الهيدروجين ولا الذهب ولا الفضة، فهل معنى ذلك أن الله لم يخلقها، أو إن الله ليس خالق كل شيء؟!! ” [من إجابات أسئلة سفر التكوين](2).

ويقول أبونا أغسطينوس الأنبا بولا ” قال الوحي المقدَّس أن الله خلق السموات والأرض (بكل ما فيها طبعًا) وبالتالي المياه، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فهل إذ قلت أن الله قد خلق جسدك من التراب، فهل يقول أحد من أين جاءت رجلك؟! أو من أين جاءت يدك؟! أم أن العبارة السابقة تعني أن الله خلق جسدك كل جسدك بكل ما يحتويه من أعضاء وأجهزة؟!”(3).

ويقول أحد الآباء الرهبان بدير مارمينا العامر ” عندما قال الكتاب في البدء خلق الله السموات والأرض، أي أنه خلق السموات والأرض بكل ما فيها.. لست أعني الغلاف الجوي فقط بل السموات بما فيها من الملائكة الأطهار رغم أنه لم يذكر هنا شيئًا عن خلق الملائكة. قول الكتاب أن الله خلق السموات والأرض تعني أن الله خلق الكون كله بكل ما يحتويه، وقد لخَّص الكاتب عمل الله كخالق في هذه العبارة البسيطة.. المياه ليست أزلية لكنها مخلوقة ” يا إله السماوات خالق المياه رب كل خليقة” (يهوديت 9: 17)..

 ” اسجدوا لصانع السماء والأرض والبحر وينابيع المياه” (رؤ 14: 7) فإذا سمعت أن الله خلق السموات والأرض فلا تبحث عن شيء آخر، بل أطرق إلى أسفل مُصدّقًا ما قيل أن الله هو خالق الكل(4).

ويقول أبونا فليمون السرياني ” الله خلق المياه ” الصانع السموات والأرض والبحر وكل ما فيها” (مز 146: 6) فالمياه ليست أزلية إنما هي إحدى مخلوقاته، ولا يمكن أن نقول أن الله خلق البحر ولم يخلق المياه.. الله خلق الأرض بكل ما فيها من مواد خام مثل النحاس والحديد والذهب والمياه والهواء.. إلخ، وخلق السموات بكل ما فيها من ملائكة ورؤساء ملائكة وعروش وربوبيات وقوات وكل الطغمات السمائية. ولا يمكن أن يقال أن هذه المواد الخام أو المياه أو الملائكة إنها أزلية لأنها لم تُذكر في قصة الخليقة بسفر التكوين..

لقد خلق الله المياه وبعد أن كانت تغطي الأرض أمرها أن تجتمع في البحار والمحيطات لتظهر اليابسة، وكان كذلك ” ودعا الله اليابسة أرضًا. ومجتمع المياه دعاه بحارًا” (تك 1: 10) أما الأنهار فتكوَّنت بعد أن أمطر الرب على الأرض (تك 2: 5) فجميع المياه التي في البحار والأنهار وفي جوف الأرض جميعها إحدى خلائق الله العظيم، ومع كل ذلك، فقد ذُكِر في قصة الخليقة بسفر التكوين ” وكانت الأرض خربة وعلى وجه الغمر ظلمة وروح الله يرف على وجه المياه” (تك 1: 2) وكلمة الغمر تعني المياه الكثيرة التي كانت تغمر كل سطح الأرض”(5).

ويقول الأستاذ الدكتور يوسف رياض بكلية العلوم جامعة الإسكندرية، وأستاذ مادة العهد القديم بإكليريكية الإسكندرية ومعهد الكتاب المقدَّس بدمنهور ” المياه ليست أزلية فهي مخلوقة بدليل قول الكتاب ” في البدء خلق الله السموات والأرض ” فالمياه من ضمن مكونات السماء والأرض. في البداية كانت الأرض عبارة عن كمية هائلة من الغازات (أي أن العناصر الكيميائية كانت في حالة ذرية) ودرجة حرارتها مرتفعة جدًا، ولما بردت هذه العناصر الذرية، اتحد الأيدروجين بالأكسجين فتكوَّن الماء (2 ذرة أيدروجين مع ذرة أكسجين)”(6).

_____

(1) القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم ص 41.

(2) تقدمت بنموذج من بعض الأسئلة المثارة حول سفر التكوين لبعض الآباء الكهنة والرهبان والأساتذة الأفاضل فتفضلوا مشكورين بالإجابة عليها، ولضيق المجال وتجنب التكرار، سأقدم بعض الفقرات من هذه الأبحاث منسوبة لأصحابها، مع ذكر المرجع (من إجابات أسئلة سفر التكوين).

(3) من إجابات أسئلة سفر التكوين.

(4) من إجابات أسئلة سفر التكوين.

(5) من إجابات أسئلة سفر التكوين.

(6) من إجابات أسئلة سفر التكوين.

 

“روح الله يرف على المياه” لماذا قصر الكتاب حلول روح الله على المياه؟

Exit mobile version