سؤال وجواب

كيف تولد النجوم وكيف تموت؟ وكيف يحافظ النجم على توازنه؟

كيف تولد النجوم وكيف تموت؟ وكيف يحافظ النجم على توازنه؟

كيف تولد النجوم وكيف تموت؟ وكيف يحافظ النجم على توازنه؟

كيف تولد النجوم وكيف تموت؟ وكيف يحافظ النجم على توازنه؟
كيف تولد النجوم وكيف تموت؟ وكيف يحافظ النجم على توازنه؟

 

 152- كيف تُولد النجوم وكيف تموت؟ وكيف يحافظ النجم على توازنه؟

ج: كان البابليون من أول الشعوب التي درست النجوم بشكل علمي، وفي سنة 1500 ق.م. حدَّدوا مواقع النجوم وإن كان يصعب رؤية النجوم نهارًا، وذلك بسبب شدة وهج الشمس لا نتمكن من روية لمعان النجوم. أما في الليالي الصافية فإننا نرى النجوم تلمع في السماء، ونجم يمتاز عن نجم في اللمعان، وليس معنى هذا أنه أكبر حجمًا أو يصدر وهجًا أكثر، ولكن قد يكون بسبب قربه إلينا أكثر من النجم الأقل لمعانًا، فمثلًا نجم ” ” أبط الجوزاء ” Betelguese العملاق والذي يزيد لمعانه عن لمعان الشمس 3600 مرة، لا نراه هكذا، لأنه يبعد عنا نحو 300 سنة ضوئية، بينما الشمس نراها في أوجها، لأنها لا تبعد عنا أكثر من ثمانية دقائق ضوئية، وهناك نجوم بعيدة عنا جدًا، ومع أن لمعانها يزيد عن لمعان الشمس مليون مرة، إلاَّ أننا لا نراها سوى نقطة صغيرة باهتة اللمعان، والنجوم التي تصدر لمعانًا أزرقًا أو أبيضًا مائل للزرقة تكون أشد حرارة من النجوم ذات اللمعان الأبيض المائل للصفرة، وهذه أشد حرارة من النجوم ذات اللمعان البرتقالي، والأخيرة أشد حرارة من النجوم ذات اللمعان الأحمر، والتي تعتبر أقل النجوم حرارة، ويقول الأستاذ رؤوف وصفي أن لمعان النجم يتوقف على درجة حرارته ” درجة حرارة النجم تقرر أيضًا مدى لمعانه، فنجم في مرتبة A أشد لمعانًا من نجم في مرتبة G مائة مرة، ونجم في مرتبة G أشد لمعانًا من نجم في مرتبة M مائة مرة أيضًا”(1).

ويستغرق وصول ضوء النجوم إلينا آلاف أو ملايين السنين، فالنجم الذي نراه الآن منيرًا في السماء، في الحقيقة أنه قد أرسل ضوءه ولمعانه إلينا منذ ملايين السنين، ولذلك لا عجب أن النجم الذي نراه اليوم قد يكون اختفى من الوجود منذ آلاف السنين، ومازلنا نرى نوره فقط الآن.

وتولد النجوم كأطفال من الغازات والغبار الكوني ومادة ما بين النجوم ومخلفات النجوم المتفجرة السوبرنوفا، فقوة الجاذبية التي تتمتع بها نواة ما تجذب النوى الأخرى إليها، فإن وصل حجم هذه الغازات إلى وضع لا يسمح لها ببدء التفاعلات النووية لصغر حجمها، فإنها تكوّن كوكبًا مثل كوكب المشترى. أما إن كانت كتلة هذه الغازات كبيرة، فإنها تتقلص مع زيادة الجاذبية للداخل وتنضغط وترتفع درجة حرارتها، وعندما تصل إلى 15 مليون درجة كيلفن يتحد غاز الهليوم مع ذرات الهيدروجين مكوَّنًا هليوم – 4، وتبدأ التفاعلات النووية، ويُولَد النجم الجديد.

والمساحات الشاسعة بين النجوم ليست خالية كما يبدو، بل تحتوي على غازات أهمها الهيدروجين، كما تحتوي على جزيئات من الغبار، وتصل كثافة الغاز في بعض الأماكن حتى تصل إلى ذرة واحدة في كل سنتيمتر مكعب من الفضاء، وتزيد في أماكن أخرى فتكوّن سُحب الغبار أو الغاز، وإذا زادت نسبة الغبار في هذه السُحب تكون باردة ومعتمة، أما إذا قلت نسبة الغبار فإنها تكون ساخنة وذات وميض، والأمر العجيب أن الغاز والغبار السابح بين نجوم مجرتنا درب التبانة يعادل مقدار المواد التي تكوَّنت منها النجوم.

وتظل النجوم على قيد الحياة طالما توفر لها الهيدروجين اللازم، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ولكن عندما يفرغ الهيدروجين فإن النجم ينتفخ ويبتلع ما حوله فيصل إلى مرحلة ” العملاق الأحمر”. ثم يتحدد مصيره بحسب حجمه، فإن كان نجمًا صغيرًا مثل شمسنا، فإنه يموت في صمت. أما إذا كان نجمًا كبيرًا عملاقًا، فتتفجر طبقاته الخارجية، ويصدر عنه ضوء ساطع مثل ضوء المجرة، ويتحوَّل قلب النجم إلى ” نجم النيترون ” المظلم الكثيف أو إلى منطقة تُسمى ” الثقب الأسود ” حيث تحتوي على قدر كبير من المادة في حيز صغير جدًا، فتصبح لها قوة جاذبية هائلة وتبتلع الغبار والغاز المحيط بها.

وبشيء من التفصيل نعيد القول بأنه لو كان النجم عملاقًا يفوق حجم الشمس بمراحل كثيرة، فسوف يتقلص نحو المركز، مما يؤدي لارتفاع حرارته إلى 40 مليون درجة كيلفين، مما يؤدي إلى بدء التفاعل النووي من جديد وذلك بحرق الهليوم – 4، حيث يتحوَّل إلى سيلكون Sellicon. وعند درجة حرارة أعلى تحدث عدة تحوُّلات من السيلكون إلى ” نيكل – 56 ” Nuckel ثم يتحلَّل إلى ” كوبلت – 56 ” Cobalt وهو قصير العمر حيث يبلغ نصف عمره نحو 77 يومًا، فيتحلل إلى ” حديد – 56 ” Iron يجثم على قلب النجم فيتوقف التفاعل النووي، ثم ينهار النجم، وفي خلال ست ساعات يتحول النجم المحتضر إلى نجم ” سوبرنوفا ” Supernova حيث يؤدي الضغط العنيف في داخل النجم إلى انفجاره انفجارًا عارمًا، وينثر مادته في الفضاء بسرعة 10 آلاف كيلو متر في الثانية أما قلبه فينضغط بشدة ويتحول إلى ” ثقب أسود ” Black Hale أو ” نجم نيوترون ” Neutron Star وهذا يتوقف على حجم كتلة النجم، فإذا كانت كتلة النجم = 7 – 9 % من حجم كتلة الشمس فيتحوَّل إلى ” قزم بني ” Brawn Dwarf ثم يبرد ويتحوَّل إلى ” قزم أسود”. أما إذا كانت كتلة النجم = 1 – 4ر1 من كتلة الشمس فيتحوَّل النجم إلى ” قزم أبيض ” White Dworf (في حجم كوب المشترى) وإذا كانت كتلة النجم 4ر1 – 20 ضعف كتلة الشمس يتحول النجم إلى نجم ” سوبرنوفا ” متفجر، وأخيرًا إذا زادت كتلة النجم عن 20 ضعف كتلة الشمس يتحوَّل إلى ” ثقب أسود”، والنجوم التي تزيد كتلتها عن 60 ضعف كتلة الشمس يتحوَّل في نهاية حياته إلى نجمين متفجرين في المراحل النهائية من عمرهما.

وأول من أكتشف الثقوب السوداء عالِم الفلك الإنجليزي ” جون ميشيل ” سنة 1784م، ولم يكتب أحد عنها شيئًا حتى سنة 1939م عندما أوضح العالِم ” روبرت أوبنهابمر ” وتلميذه ” هارتلاند سنايدر ” أن هذه الثقوب السوداء قد نشأت إثر انهيار نجوم ذات كتل كبيرة، ويصعب تحديد أماكن هذه الثقوب نظرًا لعدم صدور أي ضوء منها فلا يمكن رؤيتها، وأيضًا لصغر أحجامها التي لا تزيد عن عدة أميال(2) ويمكن الاستدلال على الثقوب السوداء عن طريق أثارها، فهي تلتهم كل ما يقترب منها، وأيضًا قد تجتذب نجوم أكبر منها بملايين المرات لتدور في فلكها، وبتتبع مثل هذه المدارات يمكن الاستدلال على الثقوب السوداء.

حقًا إن ” الثقب الأسود ” يُعتبر من أغرب الظواهر الفلكية والأجسام السماوية المعلَّقة في الفضاء، لأنه عبارة عن مصيدة كونية تلتهم كل ما يصادفها في طريقها، حتى أنه يمكنه أن يبتلع كوكبًا في جزء من الثانية نظرًا لجاذبيته الجبارة، فهو بالحقيقة قبرًا سماويًا مُعلَّق في الفضاء، وبالرغم من أن احتمال تعرض كوكبنا لثقب أسود هو احتمال ضئيل، لكنه لو حدث هذا فإنه سيؤدي إلى كارثة مروعة، لأنه سيسبب تصدع وزلازل مدمرة وانفجارات مدمرة(3).

ويصف الأستاذ رؤوف وصفي نهاية حياة النجوم قائلًا ” وللنجوم النابضة عمر، كما لكل شيء في هذا الكون أجل محتوم، فهي لن تستمر في نبضها بالقوة ذاتها، بل سيعتريها – مع مرور ملايين السنين – تناقص في النبض، سرعان ما يتلاشى في النهاية , وعندئذ لن نستطيع أن نكشف عن وجودها.. أحيانًا يقدم أحد النجوم الجبارة على عملية ” انتحارية” سريعة، يودع بها مرحلة شيخوخته بانفجار مروع لا يمكن أن نتصوَّر مدى قوته، فهو في شدته يساوي ملايين الملايين من القنابل الهيدروجينية، كذلك تبلغ إضاءة الانفجار لنجم واحد قدر ملايين الشموس، ويطلق على هذا الانفجار ” السوبرنوفا”.

فما هو سبب حدوث السوبرنوفا؟ إن النجم إذا بلغت كتلته 4ر1 قدر كتلة الشمس أو أكثر، فإنه في رحلة شيخوخته تتراكم مادة الحديد في مركزه، في درجة حرارة نحو 2000 مليون درجة مئوية تقريبًا، وتنتج أيضًا كمية هائلة من الطاقة على شكل ” نيوترونات ” متعادلة الشحنة، تفر من النجم باتجاه الفضاء الخارجي. وهنا لا بُد أن ينكمش النجم الضخم ليعوض ما فقده، وينتج عن هذا التقلص زيادة في درجة الحرارة في قلب النجم، فتندفع في ارتفاعها – بشكل مفاجئ – إلى ما بين أربعة إلى ستة آلاف مليون درجة مئوية في أسابيع قليلة، وهكذا ينهار كل شيء بشكل مفاجئ وهائل.

وعندما تبلغ درجة الحرارة 7000 مليون درجة مئوية، فإن استمرار بناء العناصر من الخفيف إلى الثقيل -وهو ما كان يفعله النجم طوال حياته- ينعكس فيتحوَّل عنصر الحديد والعناصر الثقيلة الأخرى إلى نوى هليوم، ويتبع عملية التحوُّل العكسية هذه، امتصاص للطاقة بدلًا من إطلاقها. ذلك أن النجم الضخم يُجدد نفسه مضطرًا إلى محاولة استعادة كل الطاقة التي بدَّدها خلال ملايين السنين الماضية، ويترتب على هذا تفريغ جبار ومفاجئ كالذي يحدث في بالون منتفخ تمامًا أُحدِث به ثقب بآلة حادة وذلك مع الفارق.

ولعل أشهر سوبرنوفا هي تلك التي شُوهدت تنفجر في عام 1054 م في برج الثور، ويُطلق على أثارها في الوقت الحاضر سديم السرطان. ويبعد عنا سديم السرطان بحوالي سبعة آلاف سنة ضوئية، وهذا يعني أن الانفجار لم يتم في حقيقة الأمر في عام 1054م بل حدث قبل ذلك بحوالي سبعة آلاف سنة ضوئية، لكننا لم تستطع رؤية هذه الظاهرة الكونية المثيرة، إلاَّ بعد أن وصل ضوء الانفجار المروع بسرعته المعروفة (300 ألف كيلو متر في الثانية) إلى الأرض في النهاية بعد رحلة في الفضاء استمرت سبعين قرنًا من الزمان”(4).

ويحافظ النجم على توازنه عن طريق قوتين متضادتين، أحدهما قوة الجاذبية للداخل، والتي تنتج من تقلص النجم وانقباضه، والأخرى قوة التمدد للخارج، والتي تغذيها التفاعلات النووية، فإذا أنتجت هذه التفاعلات النووية طاقة أكثر تزيد قوة التمدد على قوة الجاذبية، مما يؤدي إلى انتفاخ النجم وتمدد مناطقه الخارجية، فتشع في الفضاء المجاور، وهذا يؤدي إلى تفريغ الفائض من الطاقة والمادة. أما إذا حدث العكس أن التفاعلات النووية أنتجت طاقة أقل، تزيد قوة الجاذبية على قوة التمدد، مما يؤدي لانقباض النجم وتقلصه، وهذا يؤدي لارتفاع درجة حرارته، مما يؤدي لزيادة التمدد، وبهذا يستعيد النجم توازنه(5).

ومما يذكر أن هناك نجوم توائم تتكون من أزواج، وأحيانًا تظهر النجوم في ثلاثيات أو رباعيات، فتبدو وكأنها تتراقص فرحًا بخالقها، فيدُر الصغير حول الكبير، وإن كان النجمان من نفس الوزن يدوران حول بعضهما البعض في منظر بديع للغاية.

_____

(1) مجلة العلم عدد 301 – أكتوبر 2001م ص 68.

(2) راجع الأستاذ ميشيل تكلا – جريدة وطني في 19/3/1995م.

(3) راجع مجلة العلم – عدد 351 ديسمبر 2005م.

(4) مجلة العلم عدد 337 أكتوبر 2004 م ص 68، 69.

(5) راجع الموسوعة العلمية – نوبليس لبنان – المجلد 2 – الكون ص 47، 48.

 

كيف تولد النجوم وكيف تموت؟ وكيف يحافظ النجم على توازنه؟