كيف غير اينشتاين النظرة للمادة؟
160- كيف غيَّر اينشتاين النظرة للمادة؟
ج: قبل ” البرت اينشتاين ” كان العالم كله يعتقد بما علَّمه إسحق نيوتن أن ” المادة لا تُفنى ولا تستحدث ولا تُخلق من عدم، وأنه يمكن تحويل المادة من حالة إلى حالة دون أن نضيف أو ننقص منها شيئًا ” ولكن اينشتاين غيَّر هذا المفهوم عندما اكتشف أن المادة تتكوَّن من جزيئات، والجزيئات تتكوَّن من ذرات، والذرة تتكون من ثلاث لبنات أساسية هي النيوترون والإلكترون والبروتون، وهذه اللبنات من الممكن أن تتحوَّل إلى طاقة جبارة، وبعد أن كان للمادة قوانينها، وللطاقة قوانينها، أثبت اينشتاين أن الطاقة والمادة هي وجهان لعملة واحدة.
ووضع اينشتاين نظرية النسبية، مما فسَّر لنا الطاقة الجبارة المنطلقة من الشمس، إذ أنه في كل ثانية يتحوَّل أربعة مليون وسبعمائة ألف طن من كتلة الشمس إلى طاقة، ووضع اينشتاين معادلته الشهيرة:
الطاقة الناتجة = كتلة المادة المتحولة إلى طاقة × مربع سرعة الضوء
فمهما صغرت كتلة المادة المطلوب تحويلها إلى طاقة، فبضربها في مربع سرعة الضوء أي رقم 360000 كم / ثانية، فلابد أنها ستنتج طاقة جبارة، وبهذه المعادلة سلَّم اينشتاين البشرية مفتاح الطاقة النووية، وإمكانية استخدامها في الأغراض السلمية أو الحربية، وأنتج الإنسان سريعًا القنبلة الذرية، التي بالرغم من صغر حجمها فإنها تنتج طاقة مدمرة مهولة، وقد اكتوت البشرية بنيران هذه القنبلة، ففي عام 1945م تم تفجير ثلاث قنابل ذرية في الغلاف الجوي، وأول هذه القنابل فُجّر في 16 يوليو 1945م في صحراء نيومكسيكو، والثانية في 6 أغسطس 1945م على مدينة هيروشيما، والثالثة في 9 أغسطس 1945م على مدينة نجازاكي، وعندما انفجرت قنبلة هيروشيما على بعد 600 متر، فظهر في مكان الانفجار كرة نار أخذت في الاتساع ووصلت درجة حرارتها إلى ملايين الدرجات المئوية، وكأنها قطعة من الشمس سقطت على الأرض، وأحدث الانفجار موجة شديدة من الضغط الذي حطم مباني المدينة فصارت المدينة خرابًا وضاعت معالمها في لحظات، ووصل عدد القتلى لعشرات الآلاف بالإضافة إلى الخسائر التي لحقت بالنبات والحيوان والعمران، فالطاقة التفجيرية للقنبلة الذرية تغطي مساحة تتراوح بين 15 – 100 كم2 وفقًا لحجم القنبلة في خلال ثلاث دقائق، فتقتل الإنسان والحيوان والنبات أما الإصابات فتظهر في الحروق والعمي المؤقت أو المستديم، وتهشيم الأجساد، وأمراض إشعاعية تستمر مع الإنسان، وظهور أعراض سرطانية على الناجين بعد وقوع التفجير بنحو عشر سنوات، ويقول د. محمد مصطفى عبد الباقي الأستاذ بهيئة الطاقة الذرية ” وبلغ عدد القتلى في مدينة هيروشيما 80 ألفًا والجرحى 100 ألف والمشردين 200 ألف، وفي مدينة نجازاكي كان عدد القتلى 10 آلاف والجرحى 20 ألفًا والمشردين 90 ألفًا، وكان للانفجار الذري الشديد آثار كبيرة أدت إلى تدمير المدينتين في دقائق معدودة، كما انتشرت الحرائق بسبب الحرارة الفائقة الناتجة عنه بالإضافة للإصابات الإشعاعية الخطيرة الناتجة عن المواد الانشطارية وأشعة ألفا وبيتا وجاما والنيوترونات والأشعة السينية.. إن السحابة النووية التي تشبه نبات عش الغراب ترتفع إلى السماء حوالي 12 كيلو مترًا ويبلغ قطرها حوالي 3 كيلومترات، وهي تتحرك بتأثير الرياح ويتساقط مع الأمطار المواد الانشطارية التي تصل إلى التربة والنبات وتسبب تلوثًا خطيرًا للبيئة في منطقة الانفجار وكذلك في الأماكن التي تسقط فيها الأمطار الملوثة بالإشعاع”(1).
_____
(1) مجلة العلم عدد 277 – أكتوبر 1999م ص 32، 33.