Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

هل يمكن أن يكون هذا الكون أزليًا؟

هل يمكن أن يكون هذا الكون أزليًا؟

هل يمكن أن يكون هذا الكون أزليًا؟

 143- تُرى .. هل يمكن أن يكون هذا الكون أزليًا؟

ج:

معنى أن الكون أزلي أي ليس له بداية، وهذا افتراض غير صحيح، والشواهد على ذلك كثيرة نذكر منها الآتي:

تراجع المجرات النجمية – تحوُّل كتلة الشمس إلى طاقة – ضمور الأجرام السمائية – قانون اضمحلال الطاقة – العناصر المشعة – الكون مُركَّب ومُتغيّر

1- تراجع المجرات النجمية:

لو كان هذا الكون أزليًا، ما كنا نرى الآن النجوم التي تلمع في السماء.. لماذا؟ لأن العلم أثبت أن الكون يتمدَّد، والمجرات النجمية تتباعد عن بعضها بسرعات آخذة في التزايد، ففي مرصد ” سيرو تولولو ” الذي يبعد 2 كم فوق صحراء أتكاما في شيلي نجد أن علماء الفلك يعكفون على رصد الضوء المنبعث من النجوم المتفجرة المعروفة باسم “السوبر نوفا” أو المستعرات، ومن خلال مقارنة درجة اللمعان والإضاءة المتوقعة لهذه النجوم بما يرصدونه فعليًا، أوضح العلماء أن الكون يتمدَّد أو يتسع فقط، وإنما يتسع بمعدل سريع جدًا”(1).

وجاء في مجلة العلم أيضًا ” هل يتمدَّد الكون المحيط بنا كما يقول بعض علماء الفلك؟ في يناير 1998م اكتشف فريق من علماء الفلك دليلًا يثبت أن الكون المحيط بنا يتمدَّد بمعدلات تزيد بشكل مستمر، ومعنى ذلك أن هناك قوة مضادة للجاذبية تعمل في هذا الكون على تمدده.. وهذا الاكتشاف المُحيّر ظهر من ملاحظة مجموعة من النجوم العملاقة التي تنفجر بصورة عنيفة للغاية عندما يفرغ منها وقودها النووي الداخلي.. أظهرت النتائج أن الكون يتمدَّد بسرعة تفوق السرعة التي يتمدَّد بها عندما إنطلق الضوء من النجم. وهذا الاختلاف مرجعه قوة طاردة تبلغ ضعف الجاذبية. أجبر ذلك علماء الفلك على إعادة التفكير في نظرياتهم حول الطبيعة والمصير النهائي للكون”(2).

ولهذا سيأتي الوقت الذي تمضي فيه المجرات النجمية بعيدًا تاركة خلفها المجموعة الشمسية منهكة مع كواكبها، مستوحشة وحيدة.

2- تحوُّل كتلة الشمس إلى طاقة:

الشمس كتلة ملتهبة تتحوَّل فيها المادة إلى طاقة ضوئية وحرارية، فكل ثانية تمر يتحوَّل 7ر4 مليون طن من كتلة الشمس إلى طاقة، فلو كانت هذه الشمس أزلية لتحوَّلت بالكامل إلى طاقة، ولم يكن لها وجود، ولانحلت من حولها الكواكب التسعة التي تدور في فلكها بقوة الجاذبية، ولانتهت كل مظاهر الحياة على كوكبنا هذا.

3- ضمور الأجرام السمائية:

كما تفقد الشمس طاقتها شيئًا فشيئًا هكذا النجوم أيضًا ” فكل نجم يفقد شيئًا من جرمه بنسبة تتفق وذلك الجرم، فهو ليس أسعد حالًا من الشمس، وبالإجمال: الكون كله آخذ في الضمور والتضاؤل والتلاشي، ومادام الأمر كذلك فليس من المعقول بالمرة أن يكون الكون أزليًا”(3)(4).

كما يؤكد نفس المعنى ” هنري م. موريس ” قائلًا “هذه القاعدة عينها تنطبق على النجوم في الكون كله، ويعني ذلك أن هذا الكون الذي نعيش فيه آخذ ولاشك في الهرَم والبلى والانهيار.. فحيث أن الكون آخذ في الهرَم فلابد أنه كان يافعًا في مرحلة زمنية سابقة، وإذا كان آخذًا في البلى فلابد أنه كان يوما ما جديدًا، وإذا كان في طريقه إلى الانهيار فلابد أنه كان يومًا متماسكًا، وباختصار فإن قانون انحلال الطاقة يؤكد لنا حقيقة أساسية هي وجود خالق أعظم لهذا الكون، كما يؤكد أن هناك عملية خلق أكيدة تمت في الماضي..

والآن دعنا يا صديقي نرى تعاليم الكتاب المقدَّس في هذا الصدد، فعلى سبيل المثال يقول المزمور ” من قِدم أسَّست الأرض والسموات هي عمل يديك. هي تبيد وأنت تبقى وكلها كثوب تبلى. كرداء تغيرهنَّ فتتغيَّر. وأنت هو وسنوك لن تنتهي” (مز 102: 25 – 27)”(5).

4- قانون اضمحلال الطاقة:

بحسب القانون الثاني للديناميكا الحرارية أن الجسم الساخن يظل يفقد حرارته تدريجيًا إلى أن يصل إلى درجة حرارة الوسط المحيط به، فمثلًا عندما يضئ المصباح الكهربائي فإن 90 % من طاقة حركة الإلكترونات المارة في الفتيل المعدني تتحوَّل إلى حرارة، و10 % من هذه الطاقة تتحوَّل إلى ضوء، وعندما درس العلماء سطح الشمس، وبالرغم من أن درجة حرارة السطح تصل إلى 6000 درجة مئوية، فإنهم وجدوا بعض المساحات قد انخفضت حرارتها حتى انطفأت (الكلف الشمسي) فظهرت كبقع معتمة على وجه الشمس، فلو كانت هذه الشمس أزلية لفقدت حرارتها بالكامل، ولصارت جسمًا معتمًا، وبالمثل جميع النجوم.

ويقول د. فوزي إلياس عن قانون اضمحلال الطاقة ” الدليل على ذلك ازدياد الكلف الشمسي، وهي تجاويف هائلة تُشاهد كبقع معتمة بلغت مساحة إحداها 230 ألف كيلو مترًا مربعًا، وباستخدام المطياف لدراسة هذه المناطق ثبت أن هناك انخفاضًا في درجة حرارة هذه البقع بالنسبة لقرص الشمس، أي أنه هناك انطفاء جزئي في هذه المناطق”(6).

ويؤكد العلماء هذه الحقيقة، فيقول بعضهم ” إن الطاقة توالي انحطاطها في اطراد ثابت.. فالكون ماضٍ في طريقه إلى أقصى حالة القصور الحراري. لأن كل طاقة آخذة في الهبوط التدريجي إلى طاقة حرارية مُوحَّدة الدرجة قريبة من درجة الصفر المطلق، وما أن يتم هذا حتى يبيد الكون، فلو كان الكون أزليًا لوصلنا إلى تلك النهاية من زمن بعيد”(7)(8).

والصفر المطلق مقياس وضعه كليفن Kelvin (1824 – 1907م) حيث يفترض فيه فقدان الحرارة فقدانًا كاملًا، وسيطرة السكون المطلق على ذرات المواد الصلبة، وهو يوازي 16ر273 درجة مئوية تحت الصفر، أو 69ر459 درجة فهرنهايت تحت الصفر، ومما يذكر أن كليفن اسكتلندي المولد، وكان يُعتبر العقل المفكر في تشغيل كابل تلغراف عبر الأطلنطي في ستينيات القرن التاسع عشر فمُنح لقب الفروسية سنة 1866م ثم لقب النبالة سنة 1892، وقد ابتكر مقياس الحرارة المطلقة بناء على المبادئ الأساسية للديناميكا الحرارية، فكان أشهر فيزيائي في النصف الأول من القرن التاسع عشر.

5 – العناصر المشعة: 

العناصر المشعة مثل اليورانيوم والراديوم، وهي ذات وزن ذري كبير، وأنويتها غير مستقرة لأنها تنبعث منها جسيمات ألفا وبيتا وأشعة جاما، فهي تتعرض للتحلُّل التلقائي، وتتحوَّل من عنصر مشع إلى عنصر غير مشع (الرصاص) ونسبة التحوُّل ثابتة بغض النظر عن أي عوامل مُتغيّرة تحيط بالعنصر مثل البيئة ودرجة الحرارة وغيرهما، وكل عام يتحوَّل 1/7600000 من جرام اليورانيوم إلى رصاص، أي أن جرام اليورانيوم يحتاج إلى سبعة ملايين وستمائة ألف سنة لكي يتحوَّل بالكامل إلى رصاص، فلو كان هذا اليورانيوم منذ الأزل، ما كان له وجود الآن، ولكن وجود العناصر المشعة إلى اليوم يثبت أن الكون له بداية وليس أزليًا.

6- الكون مُركَّب ومُتغيّر: 

مادام الكون مُركَّب، إذًا لا بُد أن يكون له بداية، لأن كل مُركَّب هو حادث، وكل حادث عرضة للتغيُّر، فالكون في حالة تغيُّر دائم ومستمر، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وصدق مَنْ قال أن الطبيعة تلاقي الشمس كل يوم بثوب جديد، ومن المعروف أن التغيُّر يناقض الأزلية، فالله الأزلي وحده هو الغير مُتغيّر، أما العالم المُتغيّر فمن المستحيل أن يكون أزليًا.

وقال القديس باسيليوس الكبير “لا تظن يا إنسان أن العالم المنظور بلا بداية لمجرد أن الأجسام السماوية تتحرَّك في فلك دائري، ويصعب على حواسنا تحديد نقطة البداية، أي متى تبدأ الحركة الدائرية، فنظن أنها بطبيعتها بلا بداية”(9).

_____

(1) مجلة العلم عدد 353 – فبراير سنة 2006 ص 8.

(2) مجلة العلم عدد 360 – سبتمبر 2006م ص 67.

(3) العلم الحديث والإيمان المسيحي ص 16، 17.

(4) أورده برسوم ميخائيل – حقائق كتابية جـ 1 ص 24.

(5) ترجمة د. نظير عريان ميلاد – الكتاب المقدَّس ونظريات العلم الحديث ص 34، 35.

(6) ستة أيام الخليقة بين العلم والدين ص 11، 12.

(7) د. جون الدر – الإيمان بالله ص 11 – 19، د. فرانك اللن – الله يتجلى في عصر العلم ص 8.

(8) أورده برسوم ميخائيل – حقائق كتابية جـ 1 ص 25.

(9) أورده أسامة يوسف عزمي – ورأى الله ذلك أنه حسن ص 71.

 

هل يمكن أن يكون هذا الكون أزليًا؟

Exit mobile version