133- لماذا نرفض أفكار اللاهوت الليبرالي المصري؟
ج: أبسط ما يُقال في هذا الأمر أن هؤلاء الكتَّاب الذين يعكسون الفكر الليبرالي قد تجاهلوا الأمور الآتية:
1- قبول الآخر شيء، وقبول أفكاره التي لا تتفق مع كلمة الله شيء آخر، فلا يصح التساهل في الإيمان بحجة المحبة.. نعم لقد أوصانا الله بمحبة الكل حتى أعدائنا نحبهم ونصلي من أجلهم، ولكن ليس معنى هذا على الإطلاق الرضاء القلبي والقبول الفكري لأفكارهم الخاطئة، ولا يصح أن نخلط الأوراق معًا بحجة الانفتاح الليبرالي، أما الذي يأخذ بمفهوم الانفتاح هذا فإنه يتساهل مع الباطل، وتصبح جميع الأديان مقبولة لديه وهل من مزيد؟! ويصير تعدد الأديان إثراء وازدهار ومن يزيد؟!!
2- القيم الأخلاقية شيء والعقيدة الصحيحة شيء آخر، فإن العقيدة الصحيحة لا بُد وأن تشتمل على الأخلاق الحميدة، ولكن ليس شرطًا أن الأخلاق الحميدة تنطوي على عقيدة صحيحة، ودخول الملكوت أولًا بدم المسيح، وما يتبع هذا الإيمان الصحيح من معمودية صحيحة وأعمال صالحة.
3- يجب تمييز الأمور الإيمانية، وللكنيسة الحق في التميّيز بين الحق والباطل، وقد منحنا الله روح الإفراز والحكمة لنميز بين الأبيض والأسود، فنقبل ما هو صحيح ونرفض ما هو باطل، ولا نقدر أن نجاري أصحاب حركة العصر الحديث الذين يرون أن كل شيء حسن وجيد All is Good.
4- عندما قال بطرس الرسول ” في كل أمة الذي يتقيه ويصنع البر مقبول عنده” (أع 10: 35) لم يقصد على الإطلاق أن هناك خلاصًا بعيدًا عن المسيح، لأنه لو كان هناك خلاصًا بالأعمال البشرية أو الأخلاق الحميدة لخلص كرنيليوس في وثنيته، وما كان يحتاج لبطرس ليعلمه طريق الحق، وما كان احتاج للمعمودية.. لقد قصد بطرس الرسول أن يقول أن الله لا يحابي اليهود عن الأمم، بل كما أعطى الفرصة لليهود للإيمان هذا منح الأمم الفرصة أيضًا للإيمان به ” إذًا أعطى الله الأمم أيضًا التوبة للحياة” (أع 11: 18) وأوضح معلمنا بطرس أن الذي يخلص هو ” من يتقيه ويصنع البر ” فمن يقدر أن يصنع البر إلاَّ الذي له بر المسيح، فالإيمان هو البر ” فآمن إبراهيم فحُسب له برًا” (رو 4: 3) والإيمان هو الخطوة الأولى لنوال البر بالمسيح ” فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح” (رو 5: 1).
5- كيف نقبل القول ” أننا نحتاج أن ندرك وندرس الحق في الديانات الأخرى، ليس فقط في الأديان الموجودة في العصر الحديث، بل وأيضًا في العصر القديم في بداية نشأة الديانات في العالم “..؟! هل المسيحية ينقصها شيء تحتاج أن تستكمله من الأديان الوثنية الفاسدة ؟!!
6- نحن نقبل التنوع الفكري في الأمور غير العقيدية، أما الأمور الإيمانية العقيدية فهي محددة ولا تحتمل التنوع الفكري، ولا نقبل أن كل شخص يسير بحسب هواه. أما القول بأن ” التنوع الفكري في الدين بركة لا لعنة علينا أن نحرص عليها ” فهو يعكس فكر لاهوت التحرُّر الذي يرى أن كل شيء حسن وجيد.
7- الإيمان المسيحي لا يدعو للاعتراف بالأديان الأخرى، ومادام الله واحدًا إذًا لا بُد أن يكون الدين واحد متمثلًا في اليهودية كمرحلة تمهيدية والمسيحية كمرحلة تكميلية، وهل أخطأ الأنبياء عندما رفضوا التعددية الدينية وصرخ إيليا صرخته المدوية ” حتى متى تعرجون بين الفرقتين. إن كان الرب هو الله فأتبعوه وإن كان البعل فأتبعوه” (1مل 18: 21)؟!!
8- قول الكتاب ” لا تدينوا لكي لا تُدانوا ” يقصد بها عدم إدانة أحد على ضعفاته وأخطائه الشخصية، ولكن متى تحوَّلت هذه الأخطاء إلى أخطاء إيمانية فيجب على الكنيسة أن تحكم عليها حتى تنقذ أبناءها من سمومها، وهذا يوافق روح الكتاب المقدَّس.. ألم يقل السيد المسيح للصدوقيين ” تضلون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله” (مت 22: 29)؟ وقد أوصانا يوحنا رسول المحبة قائلًا ” أيها الأحباء لا تصدقوا كل روح بل امتحنوا الأرواح هل هي من الله.. كل روح يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فهو من الله. وكل روح لا يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فليس من الله” (1يو 4: 1 – 3).. ” إن كان أحد يأتيكم ولا يجئ بهذا التعليم فلا تقبلوه في البيت ولا تقولوا له سلام” (2يو 10) وقد أشاد الرب يسوع بملاك كنيسة أفسس الذي تصدى لبدعة النيقولاويين (رؤ 2: 6) وتصدى الآباء القديسون للبدع والهرطقات فناقشوها وفضحوها وعقدوا المجامع المحلية والمسكونية وحرموها.. فهل نسير في دربهم أم نسير في درب لاهوت التحرر الذي يرى أن كل الأمور حسنة وجيدة ونسبية فما أراه أنا خطأ قد يراه غيري صواب؟!