127- هل يمكن إلقاء الضوء على أهم فلاسفة القرن التاسع عشر الذي كان لهم تأثيرهم في الفلسفة العقلانية واللاهوت الليبرالي؟
ج: الآن دعنا يا صديقي نتابع الفلسفة العقلانية وتأثيرها ونتائجها في القرن التاسع عشر من خلال عرض سريع لثمان شخصيات من شخصيات ذلك العصر، مع إلقاء الضوء على أفكارهم وآرائهم:
إيمانويل كانط – جورج هيجل – فريدريك شليرماخر – فويرباخ – فرديناند كريستيان بور – دافيد شتراوس – تشارلز ر. داروين – ألبرت ريتشل
1- إيمانويل كانط Immanuel Kant (1724 – 1804م):
إيمانويل كانط فيلسوف ألماني، كان لكتاباته تأثير قوي على علم اللاهوت البروتستانتي، وقد تأثر كانط بالمذهب الطبيعي، وأيد آراء ” ليسنج” (1729 – 1781م) التي تحض على فصل الدين عن الكتاب المقدَّس بحجة أن الدين ينبع من عقل الإنسان وقلبه، فالإنسان ليس في حاجة إلى كتاب معين ليُحدّد له طريق الإيمان بالله، وقال كانط أن الكتاب المقدَّس لا يصلح أن يكون مصدرًا للمعرفة عن الله، لأن معرفة الله أعظم من أن تُحد بكتاب معين.
وبينما ركز ” جون لوك ” على الحس باعتباره مفتاح المعرفة، وركز ” رينيه ديكارت ” على المنطق باعتباره مفتاح المعرفة، فإن ” كانط ” ركز على دور العقل في الوصول للمعرفة، وأصدر كتابه ” نقد العقل المجرد ” Critique of Pure Reason وقال فيه أن الإنسان لا يستطيع أن يصل إلى الله عن طريق الحواس فقط كما قال جون لوك، ولا عن طريق المنطق كما قال رينيه ديكارت، ولكن يمكننا أن ندرك الله بالعقل المجرد، وقد أعتبر البعض مثل ” لوتنغهام ” أن هذا الكتاب يُعتبر أهم عمل فلسفي في العصور الحديثة 0
وتزعم كانط المذهب الأخلاقي، مناديًا بأن الأولوية في حياة الإنسان التعاليم الأدبية والأخلاقية. أما العقائد والتاريخ والنبوءات فإنها تأتي في المرحلة التالية، وبما أن مبادئ الأخلاق واحدة في العالم، لذلك توجد ديانة طبيعية واحدة، وجعل كانط الأخلاق نقطة البداية للفكر الديني. لقد رأى كانط أنه لا يمكن أن نعرف الأمور على حقيقتها، وبالتالي لا يمكن أن نعرف طبيعة الكون الصحيحة أو طبيعة الله، لكن الإنسان لديه وعي الالتزام الأخلاقي الذي يعتبر أسمى صفاته، وأكد كانط أن حاسة الالتزام الخلقي (أو الضمير) في الإنسان يجب أن تكون هي نقطة البداية للفكر الديني. أي أن الأخلاق في نظر كانط هي التي تقود الإنسان للتدين، ودعى كانط حاسة الالتزام الخلقي أو الضمير بالحتمية أو حتمية استخدام المقولات Categarical Impert وقال كانط لا بُد أن هناك إلهًا أوجد في الإنسان هذه الحتمية أو الضمير أو الالتزام الخلقي، ومن يطيع ضميره ويحيا حياة أخلاقية صالحة فلابد أن يكافئ، وحيث أن من يفعل الخير غالبًا لا يجد من يكافئه في هذه الحياة. إذًا لا بُد أن هناك من سيكافئه على هذا الخير في الحياة الأخرى. وبذلك نقل كانط الحوار عن وجود الله من أساس عقلاني إلى أساس أخلاقي، ورغم تركيز كانط على الأمور الأخلاقية إلاَّ أنه لم يكن ضد الحرب إذا ما استهدفت القضاء على الشر والطغيان، فهي حرب لكيما يعيش العالم فيما بعد بلا حروب.
ونظر كانط للكتاب المقدَّس على أنه كتاب تاريخي أخلاقي، ألَّفته مجموعة من البشر، ويجب أن يخضع للنقد الكتابي مثله مثل أي كتاب آخر، وقد قاد كانط الاتجاه التفسيري الأخلاقي للكتاب المقدَّس، فيقول د. اكرام لمعي ” مدرسة التفسير الأخلاقي: وهذه المدرسة حوَّلت الكتاب المقدَّس إلى كتاب أخلاقيات فقط، ولذلك هم يفسرون كل واقعة وكل مثل وكل تعليم تفسيرًا أخلاقيًا، فيستخرجون من كل قصة مبادئ الحب أو الرحمة أو العدل.. إلخ دون النظر إلى المبادئ الإنسانية أو اللاهوتية الأخرى والتي تحفل بها كلمة الله”(1) وإن كانت الأخلاق تمثل جانبًا هامًا في المسيحية، لكنها لا تمثل كل المسيحية، فلنحذر لئلا يصل بنا الشطط إلى ما وصل إليه ” دوجلاس ماكينتوش ” الذي اعتبر أن صلب المسيح ضد المبادئ الأخلاقية فقال ” أن الفداء بدم المسيح كذبيحة خطية لا ينبغي أن يكون تعليمًا أساسيًا من تعاليم المسيحية لأنه منافٍ للعقل أو لأنه منافٍ أيضًا لمبادئ الأخلاقيات السليمة”(2).
وجاءت فكرة ” التاريخ المقدس ” التي تنكر حقيقة بعض قصص الكتاب المقدَّس وليدة فلسفة ايمانويل كانط الذي قال ” إن حقائق التاريخ هي مجرد رموز للحق الإلهي”(3) فقد أراد كانط أن يقدم مسيحية مثالية مجرَّدة من الحقائق التاريخية والعقائد، وتغافل أنه من المستحيل معرفة المسيحية منفصلة عن تاريخها، فمن يريد أن يتعرف على شخص أو مبدأ أو نظرية، فإنه يبدأ بدراسة تاريخية، وبالتالي لكيما نتعرف على المسيحية لا بُد أن ندرس تاريخها، وأيضًا العقائد المسيحية هي عقائد تاريخية، فعقيدة التجسد الإلهي هي حقيقة إيمانية، وأيضًا هي حقيقة تاريخية ” لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودًا من امرأة” (غل 4: 4) وعقيدة الصلب والفداء هي حقيقة إيمانية وهي أيضًا حقيقة تاريخية وهكذا كثير من العقائد، وأيضًا يستحيل فهم المسيحية بعيدًا عن عقائدها، فيقول ” صموئيل كريج ” أن المسيحية ” تتكون من حقائق، وأنها لذلك أيضًا تتكون من عقائد، فالعقائد هي تفسير الحقائق وشرح لها، وبدون التفسير تصبح الحقائق بلا معنى وتفتقر كلية إلى أي مغزى.. العقائد هي التي تشرح هذه الحقائق، فالحقائق لا تقف قدامنا جامدة خرساء، ولكنها تنطق بمعاني معينة، وعادة يصحبها صوت حي يجعل معناها واضحًا. عندما أعلن يوحنا أن يسوع المسيح قد جاء في الجسد وأنه هو ابن الله فإنه كان يُقرّر حقيقة، ولكنه كان في نفس الوقت يُقرّر مبدأ أو عقيدة. وعندما قال بولس أن {المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب} فإنه كان يُعلن حقيقة، ولكنه كان في نفس الوقت يقدم شرحًا وتفسيرًا لها”(4).
وقد نظر كانط للسيد المسيح على أنه المثل الأعلى للفضيلة والحرية المسئولة، ورأى كانط أن الإنسان ليس في حاجة للمسيح الإله المتجسد من أجل خلاصه، لأن الإنسان لديه إحساس مُلزم بما هو صواب، وفي نفس الوقت يتمتع بحرية الإرادة التي لا تملكها المخلوقات الأخرى. إذًا فهو قادر على فعل الصواب بل أن الإنسان قادر أن ينشئ ” دينًا ” يتمشى مع الالتزام الأدبي الذي زُرع داخله، ويقول ” ايريل كيرنز”.. ” لا يوجد مكان في نظام كانط الفلسفي للمسيح، الله الظاهر في الجسد، حيث أن الإنسان (في رأي كانط) بما لديه من حرية الإرادة، وإحساس مُلزم بما هو صواب يصبح هو الذي يخلق دينًا يطور بمقتضاه الالتزام الأدبي الذي زُرع في داخله”(5).. ولقد مهَّد كانط الطريق أمام النقد الكتابي ولاهوت التحرر، فيقول ” ايريل كيرنز”.. ” ويمكننا هنا تمييز وجود خط منطقي متصل بين مثالية كانط والليبرالية الحديثة في إصرارها على وجود {قبس من الألوهة} في داخل كل منا، والذي يصر الليبراليون أن كل ما يحتاجه الإنسان هو تنمية هذا القبس الإلهي يصل إلى تحقيق السلوك الأخلاقي الجيد ويؤدي به ذلك في النهاية إلى الخلود. ساعد كانط بهذا الأسلوب على تقديم إطار فلسفي لكل من حركة النقد الكتابي Biblical Criticism والاتجاهات الحديثة للاهوت التحرر”(6).
وانتقد كانط الإيمان المسيحي والعقائد الكنسية قائلًا ” قد تنظم الديانة نفسها قانونيًا وتكوّن كنيسة.. لكن لا يجب أن يكون لزامًا على المسيحي أن يؤكد إيمانه بالمعجزات أو ألوهية المسيح أو الفداء بصلب المسيح عن خطايا الجنس البشري، وذلك أن التعيين السابق للأرواح في السماء أو إلى جهنم بالنعمة الإلهية قد أُعطي دون اعتبار للأعمال الصالحة أو الشريرة. عندما تصبح الكنيسة مؤسسة لفرض العقيدة.. عندما تنتحل لنفسها الحق الوحيد لتفسير الكتاب المقدَّس وتعريف الأخلاق، عندما نقيم كهنوتًا يدعي احتكار الاتصالات بالله والنعمة الإلهية، عندما تجعل عبادتها طقوسًا سحرية لها قوات معجزية، عندما تصبح سلاحًا في يد الحكومة.. حينما يبدو أنها تسيطر على الدولة وتستخدم الحكام العلمانيين كأدوات للطموح الكنسي، عندئذ يثور العقل ضد مثل هذه الكنيسة وينشد من خارجها تلك الديانة النقية، ديانة العقل التي هي مطلب الحياة الأخلاقية”(7)(8) لقد مثل كانط ذورة الفلسفة العقلانية في الغرب، وأثرت فلسفته في الكثيرين ومنهم الرئيس الأمريكي نيلسون الذي أسس عصبة الأمم بعد الحرب العالمية الأولى.
2- جورج هيجل George Hegel (1770 – 1830م):
هيجل فيلسوف ألماني درس في كلية اللاهوت البروتستانتية، وكان مهيئًا أن يصبح قسًا، ولكن فلسفة ايمانويل كانط، وجان جاك روسو أثرت فيه وجعلته يغير طريقة من اللاهوت إلى الفلسفة، وقضى فترة شبابه مع صديقه ” هولدرين ” فسكنا في غرفة واحدة، وهما لا يعلمان أنهما سيمثلان أعظم فيلسوف وأعظم شاعر في تاريخ ألمانيا، ولكن تعرَّض ” هولدرين ” للجنون، وتخلى عنه هيجل لأنه لم يعرف ماذا يفعل لأجله.
وتأثر هيجل بالفلسفة العقلانية وأقتنع بها قائلًا ” الفكرة الوحيدة التي أتت بها الفلسفة هي تلك التي تقول بأن العقل يحكم العالم، بأن مجرى التاريخ الكوني هو بحد ذاته عقلاني ” ورأى أن الحركة هي الغاية النهائية للتقدم التاريخي، فالحرية هي غاية التاريخ أو تتويجًا له، والإنسان لن يصل إلى النظام العقلاني بدون تضحيات، فلابد من إبر النحل للوصول إلى الشهد، حتى أن هيجل نظر إلى فظائع محاكم التفتيش والمجازر التي حدثت في التاريخ على أنها عقلانية، لأنه بدونها ما كان للإنسان أن يصل إلى مرحلة التنوير.
وبينما كانت مدافع نابليون تدق مدينة ” يينا ” فتُسمَع أصداؤها في غرفة هيجل، كان هيجل معجبًا بنابليون في حالة انتصاره، فرأى فيه انتصار روح الثورة الفرنسية على النظام الإقطاعي الألماني العتيق، وقال ” رأيتُ الإمبراطور، روح العالم، على حصان ” وبينما كان هيجل مهددًا بالبطالة والفقر وولادة ابن غير شرعي من مؤجِرته صاحبة المنزل كتب أشهر كتبه ” فينومينولوجيا الروح ” في سن السابعة والثلاثين من عمره، ودار الكتاب حول كيفية صعود الروح درجات الفكر البشري درجة درجة إلى أن تصل إلى المعرفة المطلقة، وبدأ هيجل بمرحلة العدم والفناء والدمار، وقال أن هذه المرحلة تمثل إحدى المراحل المؤسّسة للتاريخ البشري، وقال أن كل من يريد أن يتقدم دون أن يهدم أو يدمر تراكمات الماضي لن يصل إلى هدفه، وقال هيجل في كتابه هذا عبارته الشهيرة ” الروح دائمًا في حالة حركة، الروح لا تستريح أبدًا. إنها دائمًا تتقدم، وحتى عندما نعتقد أن التاريخ واقف تكون هناك أشياء تعمل فيه من الداخل ولا نراها”(9).
ونادى هيجل بفلسفة معينة تعبر عن المتناقضات التي تقابلنا في حياتنا، ويتدخل الله كطرف وسيط ثالث لكيما يوفق بين الموضوع ونقيضه، فيقول ” إيريل كيرنز ” عن فلسفة هيجل أن ” الله هو المطلق الذي يسعى إلى إعلان ذاته في التاريخ بواسطة عملية منطقية لتحقيق المصالحة بين المتناقضات، وهذه العملية سماها هيجل (الموضوع والنقيض) وينشأ عنهما ثالث هو الوسيط أو التوفيق أو المصالحة، ويصبح هذا الوسيط موضوعًا جديدًا ينشأ عنه نقيض جديد ويندمجان مرة أخرى في مصالحة جديدة. فتمسك هيجل بذلك التطور الفلسفي باعتباره الوسيلة التي يمكن أن يعلن المطلق ذاته من خلالها”(10) أي أننا نجد في الجدل الهيجلي ثلاث لحظات:
1- لحظة الأطروحة؛ 2- نقض الأطروحة؛ 3- التركيبة التي تجمع بينهما وتتجاوزها لتشكل أطروحة جديدة تُنقض بدورها، وفي فلسفة هيجل نلتقي مع ” روح العالم ” أي الروح التي تحرك العالم بشكل خفي وتؤدي إلى تقدم التاريخ.
ويعتبر هيجل من أصحاب المذهب الأسطوري، فقد نادى بأن الأديان تمثل مراحل مختلفة من مراحل تطوُّر الفكر البشري، فكل دين يمثل مرحلة من مراحل تطوُّر الفكر، وأن كل الأديان تعتمد على الأساطير، وهذه الأساطير تختلف من عصر إلى عصر.
وبعد هيجل إنقسمت الفلسفة الهيجيلية بسبب كتاب ” حياة يسوع ” الذي وضعه ” دافيد شتراوس ” تلميذ هيجل، فانقسم أتباع هيجل إلى تيار يساري يمثله الشباب، وتيار يميني يمثله الشيوخ المحافظون. أما كارل ماركس فلم يأخذ من فلسفة هيجل إلاَّ المنهج الجدلي والنزعة الديناميكية التي تنتقل بموجبها المجتمعات من المشاعية إلى الشيوعية، وقال ماركس ” وجدت هيجل وافقًا على رأسه، فأوقفته على قدميه”.
3- فريدريك شليرماخر Friedich Seheiermacher (1768 – 1834م):
فريدريك شليرماخر هو ابن أحد قسوس الجيش الألماني، تعلم في مدارس المورافيين، ودرس الفكر الفلسفي وتطوره منذ أفلاطون، وتأثر بسبينوزا، وجو تفريد ولهلم ليبتيتز، وايمانويل كانط. كما تأثر بالحركة الرومانسية ” وعلى رأس هذه الطائفة (الرومانسية) فنتوريني K. H. Venturini (1768 – 1848م) ثم باهرد K. F. Bahrd (1741 – 1792م) ويظن كل منهما أن يسوع كان عضوًا في شيعة الأسينيين Esseniens وقد تعلَّم وتدَّرب على يد معلمي هذه الشيعة. ونظريتهما عن قيامة يسوع تقول: أن يسوع أُنزل من على الصليب فاقد الوعي وعالجه أطباء أسينيون إلى أن أسترد قوته وظهر لتلاميذه الذين اعتقدوا أنه مات”(11).
وبينما جعل كانط الأخلاق هي نقطة الانطلاق نحو التدين، فإن فريدريك جعل من المشاعر والعواطف الإنسانية هي نقطة الانطلاق نحو التدين، وكتب فريدريك شليرماخر سنة 1821م كتابه ” الإيمان المسيحي ” الذي يعتبره البروتستانت أعظم كتاب في علم اللاهوت البروتستانتي بعد كتاب ” الأنظمة ” لكلفن، وعرَّف شليرماخر في كتابه هذا الدين، وقال ليس الدين هو مجموعة العقائد والتعاليم التي يقبلها الإنسان بالإيمان، وليس الدين هو نظام لقواعد الأخلاق، إنما ينشأ الدين من الاختيار الإنساني، من شعور الإنسان ووعيه بحاجته المطلقة لله، لأن الإنسان متناه في الصغر. أما الله فهو لا متناه في الكبر، ولذلك يحتاج الإنسان للدين كنوع من الاعتمادية.
ونقطة بداية الإيمان عند شيلرماخر هي الشعور أو الوعي بالله، وبذلك رأى أن الاعتماد على الشعور والوعي في قضية الإيمان أهم من الاعتماد على العقل والحواس، وقال أن هذا الشعور والوعي بوجود الله شائع في كل الأديان، وبالتالي فإن كل الأديان تعلن عن الله، ولكن المسيحية تتميز بأنها تمتلك الإعلان الأسمى عن الله، فالمسيحية هي أفضل ما يقود الإنسان لله عن طريق يسوع المسيح، فالسيد المسيح هو الوسيط بين الإنسان وبين الله المطلق الذي يسود الكون كله، وبذلك فإن الإنسان لا يحتاج في قضية الإيمان إلى الإعلان الإلهي التاريخي من خلال الكتاب المقدَّس. كما أننا في المسيحية نجد المسيح الفادي بسبب وعيه الكامل بالله، فالأمر الجوهري في حياة السيد المسيح ليس هو المعجزات، ولا التعليم، ولا تحقق النبوءات. إنما الأمر الجوهري في حياة المسيح هو الفداء لأنه يعبر عن وعيه الكامل بالله.
وقال شيلرماخر أن الشعور والوعي بالله لا يحصل عليه المسيحيون كفرادى. إنما يحصلون عليه ككنيسة، وأن هناك الكنيسة المنظورة التي تضم ذوي المواهب العليا الذين يتمتعون بمستوى أعلى من الشعور والوعي بالله، وأن هدف الحياة الروحية أن نسعى مع الكنيسة المنظورة لكيما نصل إلى الكنيسة غير المنظورة.
ونظر شليرماخر للكهنوت على أنه جذب الإنسان للناس فقال ” كل إنسان كاهن بقدر ما يجتذب آخرين إليه في الحقل الذي اختاره لنفسه والذي يستطيع أن يبرز فيه، وكل إنسان هو علماني بقدر ما يتبع مهارة وتوجيه شخص آخر في الأمور الدينية التي يكون هو أقل دراية بها. لكن هذه الجماعة هي شعب كهنوتي، جمهورية كاملة حيث يكون كل واحد بدوره قائدًا وشعبًا”(12)(13) ونظر الكثيرون إلى شليرماخر على أنه ” أبو اللاهوت الحديث”(14).
4- فويرباخ:
من تلاميذ جورج هيجل، تخلى عن دراسة اللاهوت وأخذ يحضر دروس هيجل في جامعة برلين سنة 1824م، وفي سنة 1828م نشر رسالة تخرجه من جامعة برفين تحت اسم ” عن العقل الواحد الكوني اللانهائي ” ثم أصبح محاضرًا في جامعة ” آرلنجن ” وفي سنة 1830م نشر بحثًا باسم ” أفكار حول الموت والخلود ” ففصل من جامعة آلنجن سنة 1833م لأنه أنكر في البحث خلود النفس، وبذلك كان فويرياخ أول هيجلي ينكر خلود النفس، وفي سنة 1841م كتب كتابه ” جوهر المسيحية ” الذي أُعتبر ميثاق الإنسانية الملحدة، وأنتقد فويرباخ فلسفة هيجل التأملية، وفي سنة 1843م نشر كتابه الأساسي ” مبادئ فلسفة المستقبل ” ثم نشر دراستين بعد هذا أولهما سنة 1846م بعنوان ” مشكلة الخلود من وجهة نظر الأنثروبولوجيا ” وثانيها سنة 1874م بعنوان ” بصدد أفكاري حول الموت والخلود ” وأنكر فويرباخ الوحي وانتهى به المطاف للإلحاد، وتأثر الجيل الثاني من الهيجليين الشباب مثل ماركس بآراء فويرباخ، وقد تعرضنا لبعض آراؤه وأقواله في الكتاب الأول من هذه السلسلة عند حديثنا عن مدرسة الإلحاد، ومن ضمن أقواله التي ذكرناها من قبل أن ” الإنسان الشقي يبحث عن السعادة المنشودة، وإذا لم يجدها في ذاته على الأرض، يتوهم أنه وجدها في شخص غريب عن الدنيا اختلقته مخيلته ويسميه الله”(15). كما قال أيضًا أن ” الإنسان الذي يؤمن بالله لا يؤمن بنفسه، فالله هو الإنسانية لا أكثر ولا أقل، والدين يجب أن يموت، فيقوم على أنقاضه عالم على مقاييس الإنسان، الذي يلزمه أن يكون إله نفسه”(16).
5- فرديناند كريستيان بور Ferdinand C. Bour (1792 – 1860م):
وهو أستاذ لاهوت ألماني صوَّر المسيحية على أنها تجمع اتجاهين متضادين، أحدهما يمثله بطرس رسول الختان وهو صورة من اليهودية المتطورة، والآخر يمثله بولس رسول الأمم وهو يمثل الانفتاح على الأمم، وكل اتجاه له مبادئه المختلفة عن الاتجاه الآخر، وأرخ بور للأناجيل والرسائل طبقًا لمدى تأثير بولس الرسول أو بطرس الرسول عليها، ففي سنة 1831م طرح بور أفكاره التي تدور حول أن الكنيسة حوت نوعًا من اليهودية، فاهتمت بالناموس بجوار المسيا، وهذا ما تبناه بطرس الرسول، بينما تبنى بولس الرسول الاتجاه المضاد ولاسيما في رسالتيه إلى رومية وغلاطية، حيث ركز على دور النعمة في الخلاص بدلًا من الناموس، وقال أن الكنيسة قدمت في القرن الثاني نوعًا من التوافق بين الاتجاهين، وقال أن هذا الاتجاه التوفيقي ظهر في إنجيل لوقا والرسائل الرعوية، وقال أن إنجيل لوقا كُتب في وقت متأخر جدًا لأنه يُظهر تأثير ماركيون Marcion الهرطوقي، ووضع فرديناند جدولًا زمنيًا لتاريخ كتابة أسفار العهد الجديد، حيث حدَّد تاريخ كل سفر بناء على اتجاهه إذا كان يمثل الاتجاه البطرسي أو البولسي أو يتخذ الاتجاه التوفيقي، وتغافل فرديناند كريستيان شهادة بطرس الرسول لبولس الرسول قائلًا ” واحسبوا أناة ربنا خلاصًا. كما كتب إليكم أخونا بولس أيضًا بحسب الحكمة المعطاة له كما في الرسائل كلها أيضًا متكلمًا فيها عن هذه الأمور التي فيها أشياء عسرة الفهم يحرّفها غير العلماء وغير التائبين كباقي الكتب أيضًا لهلاك أنفسهم” (2بط 3: 15، 16) كما تغافل فرديناند اجتماع الكنيسة كلها واتفاقها الواحد في مجمع أورشليم سنة 51 م.
6- دافيد شتراوس David Strauss (18018 – 1874م):
أعتبر شتراوس أستاذ اللاهوت الألماني أن قصة السيد المسيح بميلاده المعجزي وطفولته ومعجزاته وقيامته وصعوده ما هي إلاَّ أسطورة ظهرت في القرن الثاني الميلادي بقصد إعلاء المسيح وتصويره في صورة المسيا الذي تنبأ عنه العهد القديم، وقال شتراوس أن الأناجيل لم يكتبها الإنجيليون متى ومرقس ولوقا ويوحنا، إنما كُتبت في وقت لاحق، وقال أن الحقائق الطبيعية البسيطة التي جرت مع يسوع بالغ فيها كتاب الأناجيل، ونسجوا الأساطير حولها، لأنهم كانوا ينتظرون المسيا صانع المعجزات، وبالرغم من أن المجتمع رفض أفكار شتراوس وحُرم من الوظائف اللاهوتية، لكن كان له تأثيره البالغ على مدرسة النقد الأعلى.
وفي سنة 1836م أصدر دافيد شتراوس الجزء الأول من كتابه “حياة يسوع ” حيث شكَّك في سلامة العهد الجديد، فنقد الرواية التاريخية للإنجيل، وأنكر الوحي الإلهي، وخلود النفس، ورأى أن المعجزات ما هي إلاَّ أساطير وإبداعات شعبية عفوية وتحفًا فولكلورية لم تكن نتاج شخص معين بالذات. إنما هي من إبداع الجماعة المسيحية ككل. كما أنكر ألوهية السيد المسيح، وقيامته من الأموات، وقال عنه أنه مجرد إنسان كان الناس يظنون أنه المسيا، وكان شتراوس قد تأثر بأستاذه ” هيجل ” الذي قال أنه يجب النظر للقصص الدينية بالطريقة التي يُنظر بها للقصص الدنيوية، وبهذا أخضع شتراوس الروايات الدينية للنقد التاريخي على طريقة أستاذه هيجل، وبسبب كتاب شتراوس هذا ” حياة يسوع ” انقسم الهيجليون بين مؤيد ومعارض، حتى قال البعض أن القرن التاسع عشر لم يشهد كتابًا كان له تأثير قوي مثل كتاب شتراوس الذي ترتب عليه هذا الانقسام بين الشباب والشيوخ من أتباع هيجل، ودافع شتراوس عن هذا الانقسام الذي حدث في المدرسة الهيجيلية، مشبهًا فلسفة هيجل بطائر، يمثل هيجل قلب هذا الطائر بينما يتوزع أتباعه على جناحيه الأيسر والأيمن.
وكان من أكثر مؤيدي شتراوس ” برونو باور” (1809 – 1882) تلميذ هيجل، والذي ادَّعى أن شتراوس قام بالخطوة الأولى نحو الفهم العلمي للإنجيل. كما ادَّعى أن المعجزات التي سجلتها الأناجيل لم تكن أساطير وإبداعات عفوية، إنما وُضعت من قِبل المسيحيين عن وعي وقصد، وقال ” باور ” أن شخصية السيد المسيح لا وجود لها في التاريخ، لأنها شخصية وهمية، ودعى باور إلى فصل الكنيسة عن الدولة، وأن التحرُّر من الدين هو مقدمة للتحرُّر الاجتماعي، وكان من أشد مؤيدي باور شقيقه الأصغر ” أدغار باور” (1820 – 1889م) فكوَّن الشقيقان في بداية أربعينات القرن التاسع عشر الفلسفة الهيجلية بحسبما يراها الشباب، وأهم ما ميَّز الهيجليون الشباب هو كلامهم الثوري في مواجهة الطبقات الحاكمة، ومن هؤلاء الشباب ” رينان ” الذي رأى يسوع شاب حلو حالم، فيقول الدكتور القس حنا جرجس الخضري ” ثم في سنة 1849م ظهر كتاب رينان Renan الذي كتبه في سوريا، والذي يقدم فيه صورة ليسوع كشاب حلو حالم، يتجول في قرى الجليل وهو باسم للحياة، ولقد صنع منه أتباعه صانع معجزات ومسيا، الأمر الذي قاده في نهاية الأمر إلى الموت”(17)(18).
7- تشارلز ر. داروين Charles R. Darwin (1809 – 1882م):
بدأ داروين حياته بدراسة الطب والعلوم اللاهوتية، ولكنه تحوَّل إلى دراسة الطبيعة، وبعد أن قام برحلته البحرية خلال الفترة 1831 – 1836م وملاحظاته للحفريات والحيوانات الحية في القارات المختلفة تكوَّن لديه إحساس عميق بنظرية التطور البيولوجي، فبعد أن أمضى داروين السنوات الطويلة في البحث وسط النباتات والحيوانات انتهى إلى نظرية ” الانتخاب الطبيعي ” Natural Selection أو ” البقاء للأصلح” Survival of the fittest، فالمخلوقات التي استطاعت أن تتكيف تلقائيًا مع البيئة هي التي استمرت وعاشت وتكاثرت. أما المخلوقات التي فشلت في التوافق مع البيئة فقد ماتت وانقرضت، وعلى مدار ملايين السنين تطوَّرت الأنواع الأدنى، وإن الإنسان هو ثمرة تطوُّر الأنواع الأدنى.
وظن داروين أن التشابه بين تركيب جسم الإنسان والحيوان يؤيد نظريته في التطوُّر، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وتغافل الاختلافات القائمة بين الإنسان والحيوان، ومن أهمها أن الإنسان يتفرد بكبر حجم المخ، وقدرته على الكلام والتخاطب، وذاكرته وضميره، وشعوره الدفين نحو الله، وإن كان داروين قد اعترف بأن هناك مشاكل تقف عائقًا أمام نظريته مثل الضمير والروح.. إلخ. وأيضًا لم يتم للآن اكتشاف الحلقة المفقودة في التطور، فلم يعثر أحد على حفرية تمثل حلقة الوصل بين الإنسان والحيوان.
وفي سنة 1859م نشر داروين كتاب ” أصل الأنواع ” The Origin of Species، ويقول ” إيريل كيرنز”.. ” وفي كتابه طرح داروين نظريته بأن الصراع من أجل البقاء هو الذي يحفظ تعداد الأنواع المختلفة ثابتًا، وذلك بالرغم من أن حقيقة معدل التوالد أو التكاثر يتوالى هندسيًا (أي يتضاعف) وأن العدد الناشئ عن التوالد يفوق بكثير ما يحتاجه بقاء النوع. وأنه خلال هذا الصراع من أجل البقاء يطوّر بعض أفراد النوع خواص مميزة تؤهلها أكثر من غيرها للبقاء وذلك من خلال عملية تحوُّر أو تكيُّف مع البيئة. وهذه السمات أو الخواص تنتقل من جيل إلى آخر عن طريق الانتقاء الجنسي إذ يتقابل الذكور والإناث الأقوياء للتكاثر. وبذلك لا يبقى إلاَّ الأفضل والأقوى”(19).
وهكذا ظهرت نظرية النشوء والارتقاء تناقض قصة الخلق في الكتاب المقدَّس، وتناقض قضية الخطية الأصلية وقصة الخلاص، فقال الأسقف ” صموئيل ولبرفورس ” Samuel Willberforce (1805 – 1873م) أن ” مبدأ داروين للانتحاب الطبيعي لا يتفق مطلقًا مع (كلمة الله). فلقد أعطت نظرية التطوُّر لأعداء المسيحية في ذلك الحين وقودًا لهجومهم على الكنيسة”(20).
وكان لنظرية التطوُّر أثرها السيء على الإنسان الذي طبق نفس النظرية على تطوُّر الفكر الديني، وأعتبر أن الله والكتاب المقدَّس هما نتاج تصوُّر الإدراك الديني للإنسان، وظن الإنسان أن العالم سيظل يتطوَّر للأفضل نتيجة الجهود البشرية، وأنه لا مجال في ظل نظرية التطوَّر لذكر الخطية الأصلية لآدم، وإنكار الخطية الجديَّة قاد الإنسان إلى الإحساس بعدم الاحتياج للمسيح المخلص. كما إستغل البعض نظرية التطوُّر لتبرير سيادة جنس بشري على بقية الأجناس، فيقول ” ايريل كيرنز”.. ” وقد استخدمت نظرية التطوُّر Evolution لتبرير فكرة سيادة جنس على غيره من الأجناس وذلك لأن هذه الفكرة تتلاءم مع مفهوم داروين عن {البقاء للأصلح} بل وأيضًا اُستخدمت لتبرير عدم الاعتراف بوجود أساس مطلق للأخلاق، فالسلوك الصالح هو ما يتفق كل جيل على اعتباره مناسبًا موافقًا للصالح العام للمجتمع. بل تم أيضًا استخدام نظرية التطوُّر لتمجيد الحرب باعتبارها ممارسة شرعية لمبدأ البقاء للأصلح”(21).
وبلغ تأثير نظرية داروين إلى أن أستاذ علم الأحياء ” توماس هنري هكسلي ” Thomas Henry Huxley (1825 – 1895م) تخلى عن إيمانه بحجة أنه لم يعد هناك برهان على وجود الله، وقال أحد رجال الكنيسة المتحررين في بريطانيا ” شكرًا لله أن رجال العلم.. هشموا صنم كتاب معصوم من الخطأ.. أنه أكثر روعة أن ترى الله خالقًا للعالمين {بروحه} على مدى الأجيال، من أن تراه خالقًا لها في أيام قلائل”(22)(23) وإن كانت نظرية التطوُّر ترجع في جذورها إلى زمن أرسطو، إلاَّ أن داروين نجح في وضعها على أساس شبه علمي مما كان له من الأثر في قصة الصراع بين الدين والعلم، وبين المحافظين والليبراليين.
8- ألبرت ريتشل Albrecht Ritachl (1822 – 1889م):
من أشهر اللاهوتيين الألمان، ويعتبر من رواد المذهب الليبرالي، ولاهوتي القيم الأخلاقية، تأثر بآراء فريدريك شليرماخر الذي جعل من المشاعر الدينية هي نقطة الانطلاق للدين، ولكن ريتشل قال ” أن الدين هو الإدراك الاجتماعي للاعتماد على الله”(24).
ورأى البرت ريتشل ” أن المسيح التاريخي الذي نقرأ عنه في الأناجيل قدم الإعلان العملي عن الخطية وعن خلاص الفرد بالإيمان في ملكوت الله”(25) وأعتقد ريتشل أن التأملات الفلسفية قدمت فكرة عن الله الخالق، ولكنها فشلت في تقديم الله الآب المحب الذي تقدمه الأسفار المقدَّسة، فالسيد المسيح في نظر ريتشل هو الإعلان الكامل عن محبة الله، والنموذج الكامل لما يمكن أن يكون عليه الإنسان، وحاول ريتشل التوفيق بين الإيمان المسيحي والدراسات العلمية.
وكان لريتشل نظرته لملكوت الله، فقال أن الله محبة، وهو قصد بناء ملكوته من كل أمة، ويوضح ” فيدلر ” نظرة ريتشل للملكوت فيقول ” الله محبة، وقصد الله للعالم هو بناء ملكوت الأرواح الحرة من كل أمة وجنس، المرتبطين معًا في مجتمع أخلاقي وفي محبة أخويَّة. كانت وظيفة المسيح أن يقيم الملكوت، وقد بذل حياته لهذه الغاية. إن إقامة ملكوت الله ونموه أستحوذ على كل اهتمامات ريتشل”(26)(27).
ورأى ” ريتشل ” أن الكنيسة والملكوت وجهين لعملة واحدة، فيقول فيدلر ” الكنيسة هي الملكوت جاثية على ركبها وأيديها مرفوعة في الصلاة، والملكوت هو الكنيسة واقفة على أقدامها للعمل وأسلحة القتال في أيديها”(28)(29) وقد تأثر الكثيرون بآراء البرت ريتشل مثل ” أدولف فون هارناك ” Adolf Von Harnack (1851 – 1930م) في كتابه ” ما هي المسيحية؟ ” What is Christianity? و” أرنست ترولتش ” Ernest Troeltsch (1865 – 1923م) في كتابه ” التعاليم الاجتماعية للكنائس المسيحية” و”وولتر روزنبخ ” Walter Rauschenbuscha (1861 – 1918م) وهو أمريكي من أصل ألماني، وقد تكلم عن الإنجيل الاجتماعي في كتابه ” المسيحية والأزمة الاجتماعية” و”تحويل النظام الاجتماعي إلى النظام المسيحي ” ومازلنا للآن نسمع عبارات منسوبة إلى ريتشل مثل بناء الملكوت، وامتداد الملكوت، وتقدم الملكوت.. إلخ.
ورأى ريتشل أن الكتاب المقدَّس مثله مثل أي كتاب آخر يجب إخضاعه للبحث التاريخي، وبذلك فتح الباب أكثر فأكثر للنقد الكتابي.
_____
(1) وحي الله وخيال الإنسان ص 22.
(2) صموئيل كريج – ترجمة باقي صدقة جرجس – المسيحية الحقيقية ص 26.
(3) صموئيل كريج – ترجمة باقي صدقة جرجس – المسيحية الحقيقية ص 55.
(4) ترجمة باقي صدقة جرجس – المسيحية الحقيقية ص 57.
(5) ترجمة عاطف سامي برنابا – المسيحية عبر العصور ص 484.
(6) ترجمة عاطف سامي برنابا – المسيحية عبر العصور ص 484.
(7) Durant , vol X. 546.
(8) أورده د. ق جون لوريمر – ترجمة عزرا مرجان – تاريخ الكنيسة جـ 5 ص 49، 50.
(9) موقع بالانترنت.
(10) ترجمة عاطف سامي برنابا – المسيحية عبر العصور ص 485.
(11) الدكتور القس حنا جرجس الخضري – تاريخ الفكر المسيحي جـ 1 ص 158.
(12) Quated by Jay. Cit. P 24..
(13) أورده د. ق جون لوريمر – ترجمة عزرا مرجان – تاريخ الكنيسة جـ 5 ص 54.
(14) ايريل كيرنز – المسيحية عبر العصور ص 485.
(15) أورده القس انجليوس فتحي – وجود الله وصور الإلحاد ص 22.
(16) المرجع السابق ص 73.
(17) راجع كتاب La Vie de Jesus Geguel.
(18) تاريخ الفكر المسيحي جـ 1 ص 159.
(19) ترجمة عاطف سامي برنابا – المسيحية عبر العصور ص 489.
(20) أورده د. ق جون لوريمر – ترجمة عزرا مرجان – تاريخ الكنيسة جـ 5 ص 56.
(21) ترجمة عاطف سامي برنابا – المسيحية عبر العصور ص 490.
(22) Quated by Vidler op. cit. p. 119.
(23) أورده د. ق جون لوريمر – ترجمة عزرا مرجان – تاريخ الكنيسة جـ 5 ص 57.
(24) ايريل كيرنز – ترجمة عاطف سامي برنابا – المسيحية عبر العصور ص 485.
(25) المرجع السابق ص 485.
(26) Vidler , op. cit. P. III.
(27) أورده د. ق جون لوريمر – ترجمة عزرا مرجان – تاريخ الكنيسة جـ 5 ص 58.
(28) Vidler , op. cit. P. III.
(29) المرجع السابق ص 58، 59.