104- هل ارتبط العهدان معًا القديم والجديد، حتى يستحيل فصل أحدهما عن الآخر؟
ثالثًا: ارتباط العهدين معًا
ج:
1- ارتبط العهدان القديم والجديد معًا ارتباط الشجرة بالجذور، وارتباط البناء بالأساس، وارتباط اللحمة بالسدي، فالعهد الجديد أساسه في العهد القديم، والعهد القديم أكمل بالعهد الجديد.. أعدَّ العهد القديم البشرية لاستقبال المسيا المخلص ابن داود، ولذلك أكد كل من متى الإنجيلي ولوقا الطبيب في سلسلة أنساب المسيح إنه ابن داود ابن إبراهيم ابن آدم، ليؤكد أنه هو موضع نبوءات العهد القديم.. ” والجموع الذين تقدموا والذين تبعوا كانوا يصرخون قائلين أُوصنا لابن داود” (مت 21: 9).. ” ألم يقل الكتاب أنه من نسل داود ومن بيت لحم القرية التي كان داود فيها يأتي المسيح” (يو 7: 42) والمرأة السامرية ” قالت له المرأة أنا أعلم أن مسيَّا الذي يقال له المسيح يأتي” (يو 4: 25) فالذين ينادون بإلغاء العهد القديم لا يدركون أن هذا يؤدي إلى تمزيق العهد الجديد أيضًا.
2- لو صرفنا النظر عن العهد القديم كيف نفهم أقوال الإنجيليين ” ليتم المكتوب ” أو ” لكي يتم ما قيل بالنبي القائل ” أو ” ليتم الكتاب ” أو ” لأنه هكذا مكتوب ” أو ” لكي يتم الكتاب”.. إلخ؟!
3- لو صرفنا النظر عن العهد القديم يصعب فهم أمور كثيرة مثل:
أ- المقابلة بين يونان النبي في بطن الحوت والسيد المسيح في القبر (مت 12: 40).
ب- المقابلة بين المن وجسد المسيح (يو 6: 31 – 35).
ج- خطاب رئيس الشمامسة إسطفانوس (أع 7: 2 – 50).
د- المقابلة بين الصخرة والمسيح (1كو 1: 4).
هـ- المقابلة بين عبور البحر الأحمر والمعمودية (1كو 10: 1 – 2).
و- المقابلة بين العهد الأول بدم الذبائح الحيوانية والعهد الثاني بدم المسيح، والمقابلة بين الهيكل الأول والهيكل الثاني (جسد المسيح) (عب 1: 1 – 14).
ز- المقابلة بين موسى النبي والسيد المسيح (عب 3: 1 – 6).
ح- المقابلة بين كهنوت هارون وكهنوت السيد المسيح على طقس ملكي صادق (عب 5: 1 – 10).
4- تداخل العهدين معًا للدرجة التي يستحيل فصل أحدهما عن الآخر بدون تشويه العهدين معًا، ومثال على ذلك إنجيل متى والرسالة إلى العبرانيين، وستعجب يا صديقي من كثرة اقتباسات معلمنا متى الإنجيلي من العهد القديم، ومن أمثلة هذه الاقتباسات ما يلي(1):
1- مت 1: 22 من أش 7: 14 21- مت 10: 11 من ملا 3: 1
2- مت 2: 5 من مي 5: 2 22- مت 15: 8 من أش 29: 13
3- مت 2: 11 من أش 49: 23، 23- مت 13: 14 من أش 6: 60: 22 9 – 10
4- مت 2: 12 من مز 72: 10 – 15 24- مت 15: 8 من أش 29: 13
5- مت 2: 15 من هو 11: 1 25- مت16: 19 من أش 22: 22
6- مت 2: 17 من أر 31: 15 26- مت17: 5 – 7 من خر13: 22
7- مت 2: 21 من خر 4: 19 27- مت18: 12- 14 من حز34:10
8- مت 3: 3 من أش 40: 3 28- مت21:5 من أش62: 11،
9- مت 3: 4 من 2 مل 1: 8 زك 9:9، تك 49: 19
10- مت 3: 12 من أش 41: 16 29- مت21:23 من أش56: 6،
11- مت 3: 1 من أش 42: 1 أر 7: 11
12- مت4: 1-2 من خر24: 18، 30-مت21:33-46 من أش 5: 71، 34: 18 31- مت 22: 44 من مز 109:1
13- مت 4: 4 من أش 8: 23 32- مت 24: 29-30 من أش 13:
14- مت 5: 81 من مز 36: 11، 9 – 10، تك 13: 15، أش 61: 2-3، 33- مت24: 36 من أش 15:6، سيراخ 23: 21 34- مت 25: 33-34 من أش 58
15- مت 5:31 من تث 24: 1: 6 – 8
16- مت 6: 29 من 1مل 10:1-29 35- مت 26: 14 – 16 من زك
17- مت 6: 33 من أش 51: 1 11: 12
18- مت 8: 17-18 من أش 53: 3 36- مت25:32 من زك 13: 7
19- مت 10: 37، 38 من تث 33: 9 37- مت 26:67 من أش 52: 14، 50: 6
20- مت 11: 2 – 3 من تث 18: 15 38- مت 27:14-15 من أش 53: 7
39- مت 27: 38 من أش 53: 12
أما عن ارتباط رسالة العبرانيين بالعهد القديم، فيقول الخوري بولس الفغالي ” إن صاحب الرسالة إلى العبرانيين قرأ العهد القديم بعينين مسيحيتين، فلم تعد التوراة بالنسبة إليه كتابًا يهوديًا، بل كتابًا مسيحيا. قرأ النصوص على ضوء الواقع المسيحي فوصل إلى المعنى الأعمق. انطلق من المعنى الحرفي فوصل إلى المعنى الكامل، وهذا المعنى يستند إلى التناغم بين العهدين القديم والجديد. ما يلفت نظرنا في هذا النهج هو التشديد على طابع الكتاب النبوي بحيث تصبح التوراة كلها وكأنها قول يعلن مسبقًا عن المسيح وعمله”(2).
5- في حوار فيلبس الرسول مع الخصي الحبشي وزير كنداكة اعتمد على سفر إشعياء من العهد القديم (أع 8: 26 – 38)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وفي حوار الشهيد يوستين مع تريفو اليهودي اعتمد على أسفار العهد القديم، وحتى أريوس في إنكاره لألوهية السيد المسيح اعتمد على ما جاء في سفر الأمثال، وشرح الآباء أسفار العهد القديم، ففسر أوريجانوس أسفار التكوين والخروج واللاويين والعدد ونشيد الأناشيد، وفسر مار إفرام السرياني سفر التكوين، وفسر يوحنا فم الذهب سفر التكوين، وفسر أغسطينوس سفر المزامير.. إلخ.
_____
(1) راجع الأب منيف حمصيي – هل يُلغى العهد القديم ص 115، 116.
(2) المدخل إلى الكتاب المقدَّس جـ 1 التوراة وعالم الشرق القديم ص 222.