- [ أن كنا غير أُمناء فهو يبقى أميناً لن يقدر أن ينكر نفسه ] (2تيموثاوس 2: 13)
هذه الآية غالباً البعض يفسرها بطريقة خطأ، لأنه يحصرها في معنى أنه لو خُنا العهد مع الله وعشنا في الخطية أو ابتعدنا عنه وأهملنا كلامه فهو يظل يستمر في العطاء من أسراره المُحيية ولا يتخلى عنا ولا يتركنا أو يؤدبنا، وهذا المفهوم خاطئ تماماً ولا يتفق مع إعلان الكتاب المقدس، لأن للأسف حينما يتم تفسير آية أو فهمها فأنها تُقتطع من سياقها ليفهمها كل واحد حسب ما يرتاح إليه من رأي أو فكر بدون أن يحاول أن يفهم القصد الإلهي في حياتنا من جهة التعليم الذي ينبع من الله، لأن التعليم الإلهي لا ينتقض بعضه البعض أو يأتي في إطار مزاج كل واحد أو حسب راحته الشخصية، وهذا في منتهى الخطورة لأنه يتحول لتعليم عند البعض، فيقدموا تعاليم مُفسدة للنفس ويضلوا بسببها آخرين…
- وذلك مثلما ما يتكلم أحد على تبرير بعض الخطايا المرفوضة شكلاً موضوعاً من الكتاب المقدس ليخطوا تعاليم جديدة تبرر المواقف وتُصبح ذريعة للخطية والتأصل فيها مبتعدين عن الإيمان الحي العامل بالمحبة، ناسيين او متناسيين أو غير مختبرين لقوة الله التي تغير الإنسان وتجدد النفس بالتمام، لأن الرب هو القيامة والحياة وقادر أن يُقيم الميت الذي أنتن…
وهذه كلها تندرج تحت تعاليم شياطين لهلاك النفس بكل خدعة حتى ترفض الحق وتتمسك بالموت، لأن الخطية هي موت وحياة التهاون هي خسارة النفس التي تتعلق بشهوات قلبها المدنس بالخطية، وهي لا تُريد أن تتبرر ببر الله بل ببرها الخاص، لذلك تحلل الضعف والخطية على أساس أن هذا ذنب المجتمع أو التربية… الخ الخ، وهذا كله يندرج تحت الهروب من الإيمان بالله إيمان حقيقي حي بأنه هو القيامة والحياة، وهو قادر فعلاً على مستوى الخبرة العملية أن يُقيم من الأموات، فهو الذي مات وقام ليجعلنا فيه خليقة جديدة، فمن آمن نال فعلاً، ومن لم يؤمن سوى بشفتيه ولم يصدق أنه قادر أن يقيمه من حياته القديمة ليخلقه جديداً فقد مكث في الموت بإرادته وتمسك بشهوات قبر الشهوة الذي يعيش فيه وقد أنتن ويرفض أن يأتي للرب ليكون هو حياته…
إذن فما هو المعنى الحقيقي لهذه الآية الذي قلبها الكثيرين واعتبرها ذريعة لضعفه أو حجة لإهماله عمل الله وخلاصة العظيم، أولاً يا إخوتي لا تصدقوا أي أحد يخرج خارج معنى الكتاب المقدس ليُقدم معنى جديداً يسير وفق هوى كل واحد ليدعم ويثبت خطيئته !!!
فلكي نفهم هذه الآية لابد من ان نقرا السياق التي أتت فيه، لأن هذه الآية أتت في حديث عن الخدمة كالتالي:
- [ فتقو أنت يا ابني بالنعمة التي في المسيح يسوع. وما سمعته مني بشهود كثيرين أُودعه أناساً أُمناء يكونون أكفاء أن يُعلِّموا آخرين أيضاً. فاشترك أنت في احتمال المشقات كجندي صالح ليسوع المسيح. ليس أحد و هو يتجند يرتبك بأعمال الحياة لكي يُرضي من جنده. وأيضاً أن كان أحد يُجاهد لا يُكلل أن لم يُجاهد قانونياً. يجب أن الحراث الذي يتعب يشترك هو أولاً في الإثمار. أفهم ما أقول فليُعطك الرب فهماً في كل شيء. أُذكر يسوع المسيح المقام من الأموات من نسل داود بحسب إنجيلي. الذي فيه احتمل المشقات حتى القيود كمذنب لكن كلمة الله لا تُقيد. لأجل ذلك أنا أصبر على كل شيء لأجل المختارين لكي يحصلوا هم أيضاً على الخلاص الذي في المسيح يسوع مع مجد أبدي. صادقة هي الكلمة أنه أن كُنا قد متنا معه فسنحيا أيضاً معه. أن كنا نصبر فسنملك أيضاً معه، أن كنا ننكره فهو أيضاً سينكرنا. أن كنا غير أمناء (في الخدمة كما هو واضح من النص كله) فهو يبقى أميناً لن يقدر أن ينكر نفسه. فكر بهذه الأمور مُناشداً قُدام الرب أن لا يتماحكوا بالكلام الأمر غير النافع لشيء لهدم السامعين. اجتهد أن تُقيم نفسك لله مزكى عاملاً لا يُخزى، مفصلاً كلمة الحق بالاستقامة. وأما الأقوال الباطلة الدنسة فاجتنبها لأنهم يتقدمون إلى أكثر فجور ]
طبعاً الكلام اتضح جداً من خلال وضع الكلام بكامله وليس بالاقتطاع منه ووضع مفهوم آخر غير قصد الرسول كعادة بعض الشُراح وبعض المفسرين وعلى الأخص من يتأمل في الآيات أو يحاول أن يضع تعليم للآخرين يتفق مع هواه وإهماله الخاص لكي يؤكد على أن إهمالنا لا يجعل الله يتركنا أو يتخلى عنا، مع أن في الواقع الاختباري كثيرين يشتكون مُرّ الشكوى ويتحدثون عن كيف أن الله تركهم ولا يشعرون بحضوره !!!
ولكن شكراً لله الذي يعطينا التعليم الحي لكي ندرك أخطائنا فنعود إليه لنتوب فنُشفى، ولا تنسوا يا إخوتي أن الرسول قال:
- [ فكيف ننجو نحن أن أهملنا خلاصاً هذا مقداره قد ابتدأ الرب بالتكلم به ثم تثبت لنا من الذين سمعوا ] (عبرانيين 2: 3)
- [ لكن عندي عليك أنك تركت محبتك الأولى ] (رؤيا 2: 4)
لذلك أيها الأخ المهمل أو الأخت المهملة لخلاص نفسك، فلنكن أمناء مع أنفسنا لكي لا نتسبب في أن نقتل أنفسنا بالأوجاع لأننا سنخسر عمل الله أن لم نتب لأن الرب قال بالروح: [ لكن عندي عليك أنك تركت محبتك الأولى. فاذكر من أين سقطت وتب واعمل الأعمال الأولى وإلا فإني آتيك عن قريب وأُزحزح منارتك من مكانها أن لم تتب… من له أُذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس: من يغلب فسأُعطيه أن يأكل من شجرة الحياة التي في وسط فردوس الله ] (رؤيا 2: 4 و5 و7)، [ أقول لكم بل أن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون ] (لوقا 13: 3)
واحذروا يا إخوتي من أن يخدعكم أحد فيجذبكم بكلام فلسفي مقنعاً للعقل لكي يبرر خطايا رفضها الله بالتمام تخص الزنا والشذوذ المرفوض منه تماماً بل وأي خطية أيضاً تتسلط على النفس بالموت، واعلموا أن الرب يسوع يقدر أن يغير النفس تماماً، فلا حجة لأحد أن الخطية تتسلط عليه مع أنه آمن بالمسيح فهذا كذب وتدليس وخدعة العدو، أو يحاول يبرر الخطية بلغة العصر وهو التمسك بحجة الأمراض النفسية، لأن الرب يسوع يعالج الإنسان بالصليب، لأنه مكتوب: [ ولكن الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات ] (غلاطية 5: 24)
فالتوبة الحقيقية هي معجزة الله بالروح القدس بواسطة المصلوب القائم من الأموات، فهي معجزة تغيير النفس وتجديدها، وربما الإنسان يضعف أو يسقط كمثل من يسير في الطريق ثم يتعثر فيسقط في الأرض لكنه يقوم وينفُّض ما لوث ثيابه لأنها في الأساس نظيفة، غير من هو ملابسه متسخة من الأساس فوقع فزاد تلوثاً، فمهما ما نفض ثيابه فأنها في الأصل متسخة وغير نظيفة وبذلك لن ينتفع من أن ينفض ما علق به من تراب، لأنه لن يكون هناك فرق يذكر ما بين حاله وما زاد عليه من حال أردأ، لأنه لن يشعر بفارق كبير !!!
فيا إخوتي حذاري من التهاون في موضوع الخطية بتبريرها، مع إني أعلم يقيناً أن كلامي لن يعجب الكثيرين لأنهم يرفضون روح الكتاب المقدس ويحاولوا أن يبرروا المواقف ليدعموا الخطية، لكني أكتب تحذيراً ليس للجميع بل لكل قلب حساس لعمل الله وفاهماً مشيئته عالماً ما ألم بالطبيعة الإنسانية من فساد وأن ليس لها خلاص آخر إلا في صليب ربنا يسوع، ولنصغي للمكتوب جيداً جداً:
- + وما سمعته مني بشهود كثيرين أُودعه أناساً أُمناء يكونون أكفاء أن يُعلِّموا آخرين أيضاً
- + فكر بهذه الأمور مُناشداً قُدام الرب أن لا يتماحكوا بالكلام الأمر غير النافع لشيء لهدم السامعين. اجتهد أن تُقيم نفسك لله مزكى عاملاً لا يُخزى، مفصلاً كلمة الحق بالاستقامة. وأما الأقوال الباطلة الدنسة فاجتنبها لأنهم يتقدمون إلى أكثر فجور (أنظر 2 تيموثاوس 2)
- + ولكن عندي عليك قليل أن عندك هُناك قوماً متمسكين بتعليم بلعام الذي كان يعلم بالاق أن يلقي معثرة أمام بني إسرائيل أن ياكلوا ما ذبح للأوثان ويزنوا ] (رؤيا 2: 14)
- + لكن عندي عليك قليل أنك تسيب المرأة إيزابل التي تقول انها نبية حتى تعلم وتغوي عبيدي أن يزنوا ] (رؤيا 2: 20)
- + لا تسلم نفسك إلى الزواني لئلا تتلف ميراثك (سيراخ 9: 6)
- + والذي يخالط الزواني يزداد وقاحة السوس والدود يرثانه والنفس الوقحة تستأصل (سيراخ 19: 3)
- + أيها الزناة والزواني أما تعلمون أن محبة العالم عداوة لله، فمن أراد أن يكون مُحباً للعالم فقد صار عدواً لله (يعقوب 4: 4)
فيا من تُدافع عن الزنا والزواني والشذوذ، ألا تعلم أن هذا هو الموت الذي تسلط على الإنسان ففقد طبيعته إلى أن تدنى لهذه الصورة المُريعة، فنحن جميعنا أموات بالخطايا والذنوب وعلينا أن لا نبرر أنفسنا، بل نأتي للطبيب الأعظم سيدنا وربنا يسوع المسيح لأنه بحر غسيل الدنسين، الذين لا يبررون انفسهم بل يأتوا إليه طالبين بره الخاص ليكون كسائهم الخاص، فأن كنت لا تؤمن فلا تقل ما ذنب الزُناة والزواني أن يقعوا تحت سلطان الموت الأبدي، بل قل لماذا لا نأتي لمن هو بقادر أن يخلق من العِظام النخرة خليقة جديدة طاهرة، لأن الإيمان لا يقل لماذا وكيف وما ذنب فلان وعلان، بل يقول أن الكلمة قريبة مني هي في قلبي وعلى فمي، أن اعترفت بالرب يسوع وآمنت بقلبي خلصت ودخلت في سرّ الخليقة الجديدة لأصير إناء مقدس خاص يحل فيه الله ويطهره ويقدسه ويشع فيه الحياة طارداً الظلمة ويعطني نوره الخاص …
- + فليبعدوا عني الآن زناهم وجثث ملوكهم فأسكن في وسطهم إلى الأبد (حزقيال 43: 9)
- + وإذ كنتم أمواتاً في الخطايا وغلف جسدكم أحياكم معه مسامحاً لكم بجميع الخطايا ] (كولوسي 2: 13)
- + وأنتم اذ كنتم أمواتاً بالذنوب والخطايا. التي سلكتم فيها قبلاً حسب دهر هذا العالم حسب رئيس سلطان الهواء الروح الذي يعمل الآن في أبناء المعصية. الذين نحن أيضاً جميعاً تصرفنا قبلاً بينهم في شهوات جسدنا عاملين مشيئات الجسد والأفكار وكنا بالطبيعة أبناء الغضب كالباقين أيضاً. الله الذي هو غني في الرحمة من أجل محبته الكثيرة التي أحبنا بها. ونحن أموات بالخطايا أحيانا مع المسيح، بالنعمة أنتم مخلصون. وأقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات في المسيح يسوع. ليظهر في الدهور الآتية غنى نعمته الفائق باللطف علينا في المسيح يسوع. لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان ذلك ليس منكم هو عطية الله. ليس من أعمال كي لا يفتخر أحد. لأننا نحن عمله مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة قد سبق الله فأعدها لكي نسلك فيها ] (أفسس 2: 1 – 10)
يا إخوتي بالنعمة نحن مخلصون، لذلك لا ينبغي أن نخاف من خطايانا ونظن أن من المستحيل أن نتخلص منها فنخضع لها ونبرر موقفنا ونحاول أن نبرر موقفنا بالقول الشهير عند الكثيرين: [ ما ذنب فلان أن يهلك والخطية متسلطة عليه إلى حد المرض النفسي ]، لأن نعمة الله نعمة مُخلِّصة فعلاً، فهي تجعل من الزاني قديس ومن القاتل رقيق المشاعر محب العالم كله يقدم ذاته من أجل كل واحد، لأن في المسيح يصبح الكل خليقة جديدة، لأن كل من يتوب يُصبح كما قال الرسول في أفسس: نحن عمله مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة قد سبق الله فأعدها لكي نسلك فيها
وعلى هذا الأساس مكتوب:
- + أنا الرب إلهكم فاسلكوا في فرائضي واحفظوا أحكامي واعملوا بها (حزقيال 20: 19)
- + وإنما أقول اسلكوا بالروح فلا تكملوا شهوة الجسد (غلاطية 5: 16)
- + واسلكوا في المحبة كما أحبنا المسيح أيضاً وأسلم نفسه (للموت) لأجلنا قرباناً وذبيحة لله رائحة طيبة ] (أفسس 5: 2)
- + لأنكم كنتم قبلاً ظلمة وأما الآن فنور في الرب، اسلكوا كأولاد نور (أفسس 5: 8)
- + فكما قبلتم المسيح يسوع الرب اسلكوا فيه (كولوسي 2: 6)
- + اسلكوا بحكمة من جهة الذين هم من خارج مفتدين الوقت (كولوسي 4: 5)
وعلينا ان نحذر وننتبه لما هو مكتوب:
- [ بر الكامل يقوم طريقه، أما الشرير فيسقط بشره ] (أمثال 11: 5)
- [ الشرير يُطرد بشره، أما الصديق فواثق عند موته ] (أمثال 14: 32)