ما علاقة عبادتنا في العهد الجديد بالعهد القديم؟
105- ما علاقة عبادتنا في العهد الجديد بالعهد القديم؟
رابعًا: عبادة الكنيسة ومجامعها مبنية على ترابط العهدين
ج:
أقرَّت الكنيسة من خلال ليتورجياتها وحدة العهدين، إذ تخلل العهدان صلواتها. بل أن الكنيسة الأولى اعتمدت في عبادتها على أسفار العهد القديم قبل تدوين العهد الجديد، فكانت تصلي بالمزامير، ومازالت الكنيسة لليوم تصلي بالأجبية (صلوات السواعي) فالعبادة هي نسيج واحد من العهدين، وبالتالي فإن إلغاء العهد القديم لا بُد أن يشوه حتمًا العبادة المسيحية التي نُسجت من العهدين، ومن أمثلة ذلك:
1- ارتبطت تسبحة نصف الليل بالعهد القديم، فالهوس الأول يحدثنا عن عبور بني إٍسرائيل البحر الأحمر (خر 15) والهوس الثاني هو عبارة عن المزمور 135، والهوس الثالث يحدثنا عن تسبحة الفتية الثلاث في أتون النار من تتمة سفر دانيال، ويذكر مجمع القديسين أسماء الكثيرين من رجال العهد القديم، والهوس الرابع يشمل المزامير 148 – 150، وتربط الثيؤطوكيات بين التجسد ورموزه وإشاراته في العهد القديم، وبين العذراء مريم ورموزها في العهد القديم أيضًا.. إلخ.
2- يحكي القداس الإلهي قصة الإنسان فيذكر خلقته، وسقوطه، وتعهد الله له بالناموس والأنبياء.. إلخ وما أجمل عبارات القداس الإلهي الغريغوري التي يتغنى بها الإنسان ” خلقتني إنسانًا كمحب للبشر.. من أجل تعطفاتك الجزيلة كونتني إذ لم أكن. أقمت السماء لي سقفًا. وثبتَّ لي الأرض لأمشي عليها. من أجلي ألجمت البحر. من أجلي أظهرت طبيعة الحيوان. أخضعت كل شيء تحت قدمي. لم تدعني معوزًا شيئًا من أعمال كرامتك.. فتحت لي الفردوس لأتنعم. وأعطيتني علم معرفتك. أظهرت لي شجرة الحياة وعرفتني شوكة الموت. غُرس واحد نهيتني أن أكل منه.
هذا الذي قلت لي لا تأكل منه وحده. فأكلت بإرادتي. وتركت عني ناموسك برأيي. وتكاسلت عن وصاياك. أنا اختطفت لي قضية الموت.. أنت يا سيدي حوَّلت لي العقوبة خلاصًا. كراع صالح سعيت في طلب الضال. كأب حقيقي تعبت معي أنا الذي سقطت. ربطني بكل الأدوية المؤدية إلى الحياة. أنت الذي أرسلت لي الأنبياء من أجلي أنا المريض. أعطيتني الناموس عونًا. أنت الذي خدمت لي الخلاص لما خالفت ناموسك. كنور حقيقي أشرقت للضالين وغير العارفين.. ” عجبًا.. من يتذوق هذه العبادة الحقة ويرفض العهد القديم؟!!
3- في الليتورجيات نلتقي بالعهد القديم، فنصلي بالمزامير (الأجبية) وقبل قراءة الإنجيل يقرأ جزء من المزامير، وما أكثر النبوءات التي تقرأ في قداسات الصوم الكبير، وفي الأسبوع الأخير يقرأ سفر طوبيا بالكامل، أما قراءات أسبوع الآلام فتكاد تشمل العهد القديم كله، وفي ليلة أبو غلمسيس تقرأ الكنيسة كل الصلوات التي جاءت في العهد القديم بالإضافة إلى قصة سوسنة العفيفة.
4- في السنكسار نذكر كثير من تذكارات رجال العهد القديم.
5- في قداس اللقان تقرأ الكنيسة قراءات من العهد القديم، وكذلك في طقس تدشن الكنائس.. إلخ.
وقد أقرت الكنيسة من خلال مجامعها المحلية والمسكونية قانونية العهدين، ودمجتهما في كتاب واحد عاشت ومازالت تعيش به، فالكنيسة هي حاضنة للكتاب بعهديه، وهي التي حكمت بقانونية أسفاره، والكتاب المقدَّس هو سفر الكنيسة الذي حفظته في أحضانها وتعاملت معه بقدسية، وليس كما تعامل معه أصحاب مدرسة النقد، ويقول الأب منيف حمصيي ” في الواقع ليس من السهل الفصل بين الكنيسة والكتاب، فهو يجسّد حياتها، وهي على نور أصالة حياتها، تحكم فيه، لأنه قد خرج منها، ولأنها بدورها خرجت من جنب السيد. من هنا نأتي إلى أمر بسيط، فعادة أن العلماء يتعاملون مع الكتاب كموضوع بحث ودراسة، بينما الكنيسة تتعامل معه كنبع حياة”(1).
لقد تصدت الكنيسة لبدعة إلغاء العهد القديم، ومن أشهر رجالها الذين تصدوا لهذه البدعة إيريناؤس، وترتليان، ويوستين، وأكد أباء الكنيسة على أن العهد الجديد لم يلغِ العهد القديم، كما أوضح هذا إيريناؤس في كتابه ” برهان الكرازة الرسولية ” ويوسابيوس القيصري في كتابه ” البرهان ” وأغسطينوس في كتابه ” مدنية الله ” وكيرلس السكندري في كتابه ” العبادة بالروح والحق”.. إن العهد القديم يمثل مسيرة الإنسان نحو الله، والعهد الجديد يمثل مسيرة الله نحو الإنسان.
وفي حوار الشهيد يوستين مع تريفو ركز على السيد المسيح في العهد القديم، وربط بين العهدين من خلال التفسير التيبولوجي، ودافع القديس إيريناؤس عن العهد القديم ضد الغنوسية مؤكدًا ” إن الإعلان في العهد القديم أخذ في الإزدياد والتقدم في تعليم الإنسان، للارتقاء به وجعله قادرًا على تقبل الإعلانات الأسمى التي للعهد الجديد (إيريناؤس ضد الهرطقات 4: 13: 3، 4: 20: 8، 4: 21: 3) فليس هناك إنفصال بين العهدين.
وإنما يوجد تواصل بينهما عن طريق التقدم والارتقاء من القديم إلى الجديد”(2). وإستشهد القديس أكليمنضس الروماني في رسالته الأولى لأهل كورنثوس بأمثلة من العهد القديم مثل قايين وعيسو ويونان وأخنوخ وإبراهيم ولوط. كما استخدم المعنى الرمزي التيبولوجي في إستخراج تطبيقات من العهد القديم تناسب احتياجات المسيحيين فقال إن الخيط القرمزي يشير لدم المسيح، وقد توسعت رسالة برنابا (بين سنة 70، وسنة 100 م.) في التفسير التيبولوجي للعهد القديم(3).
أما العلامة أوريجانوس فقد كتب في كتابه ” المبادي، المقدمة 8 ” عن روحانية العهد القديم وقال ” لأن محتويات الأسفار هي الأشكال الخارجية لأسرار معينة وصور أمور إلهية”(4) وشبه أوريجانوس العهدين بقيثارة الله الواحدة الكاملة المتناسقة، فكل سفر له نغمته التي لا تتشابه مع النغمات الأخرى، ولكن في النهاية جميعها تكوّن سيمفونية رائعة، فيقول ” فقد يعتبرها الشخص غير الموسيقي الذي لا يفهم نظرية التوافق الموسيقي أنها غير منسجمة.
كذلك أيضًا الذين يعرفون كيف يسمعون إتفاق ألحان (هارمونية) الله في كتبه المقدَّسة يظنون أنه يوجد خلاف بين القديم والجديد، أو بين الأنبياء والناموس، أو بين الأناجيل المختلفة، أو إن الرسول (بولس) غير منسجم إما مع الأناجيل أو مع نفسه أو مع الرسل الآخرين، ولكن عندما يصل الإنسان المتدرب في موسيقى الله.. سيقدم صوت موسيقى الله، عارفًا من فنه كيف يضرب الأوتار في الوقت، تارة أوتار الناموس، وتارة بإنسجام معها أوتار الإنجيل، وتارة أوتار النبوة، وعندما تدعو الضرورة الأوتار الرسولية التي تنسجم معها، أو بالمثل مع الإنجيل، لأنه يعرف إن الكتاب كله كلمة الله الواحدة الكاملة المضبوطة الأنغام، فيخرج من نغماتها المختلفة صوتًا واحدًا للخلاص لأولئك الراغبين أن يتعلموا..”(5)(6).
وقال العلامة أوريجانوس أيضًا “أتمسَّك بأن كل حرف عجيب مكتوب في أقوال الله له مفاعيله، لا يوجد حرف ” يوضه” (أصغر الحروف اليونانية) واحد، أو نقطة مكتوبة في الكتاب، عند أولئك الذين يعرفون كيف يستخدمون قوة الكتاب، لا تصنع عملها المناسب. إنها مثل حالة الأعشاب، كل واحد له قوته، سواء لصحة الجسد أو لغرض ما آخر.. الإنسان القديس هو من قبل خبير الأعشاب الروحي ينتقي من الأسفار المقدَّسة كل ” يوضه ” وكل إتفاق حرف، مكتشفًا قوة الحرف والغرض الذي من أجله هو مستعمل.. وإن كنتَ لستَ خبير أعشاب للكتاب، ولا مُشرّحًا للغة النبويَّة، فلا تفكر في أي شيء في الكتاب هو بلا هدف.
ولكن إلقِ بالملامة على نفسك بالحري، لا على الكتب المقدَّسة، إذا فشلت في اكتشاف معنى ما هو مكتوب”(7)(8) وفي سنة 1941م تم اكتشاف برديات يونانية بالقرب من دير القديس أرسانيوس بطره بضواحي القاهرة، وهذه البرديات كانت كتابات لأوريجانوس وتفاسير أسفار التكوين وأيوب وزكريا للقديس ديديموس (313 – 398م) الذي وضع تفاسير عديدة لأسفار العهد القديم.
وقد وضع البابا كيرلس الكبير في القرن الخامس تفسيرات عديدة للعهد القديم، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وهو من أعظم الشخصيات في الأدب المسيحي المبكر. كما دافع عن وحدة العهدين كثير من الآباء مثل القديس كيرلس الأورشليمي في محاضراته للموعوظين (4: 33، 6: 16، 27، 16: 6) والقديس يوحنا ذهبي الفم في عظاته على إنجيل متى، وترتليانوس في كتابه ضد ماركيون، وقال القديس أوغسطينوس ” يختفي العهد الجديد في العهد القديم، وفي العهد الجديد يتجلى العهد القديم”(9).
وتفسر الكنيسة في عبادتها الكتاب المقدَّس بعهديه، فشرح الآباء كل آياته، ومن أنواع التفسير التي تربط بين العهدين التفسير التيبولوجي الذي يهتم بكشف التدبير الإلهي من خلال الزمن والتاريخ، فيجمع بين قصتين متشابهتين أو حدثين متشابهين أو شخصين متشابهين أحدهما من العهد القديم والآخر من العهد الجديد، مثل يونان النبي والسيد المسيح، أو عبور البحر الأحمر والمعمودية، أو المن والأفخارستيا، أو الصخرة والمسيح.
وعُرف التفسير التيبولوجي بالتفسير بالثيؤريا، وكلمة ” ثيؤريا ” كلمة يونانية تعني ” معاينة الله ” فالهدف من التفسير بالثيؤريا هو إنارة قلوب المؤمنين. كما يربط التفسير التيبولوجي بين النبوءات وتحقيقها مثلما قرأ السيد المسيح نبوءة إشعياء في مجمع الناصرة، ثم قال لهم ” إنه اليوم قد تمَّ هذا المكتوب في مسامعكم” (لو 4: 21) فالتفسير التيبولوجي يكشف عن عمل الله في صميم التاريخ، لا يهمل الحدث أو المعنى الحرفي له، ولا يهمل أيضًا المعنى الروحي، لأن الكتاب المقدَّس ليس هو حرفًا فقط ولا هو روحًا فقط، إنما هو حروف روحيَّة، وأحداث ذات معاني روحيَّة، وبذلك ننظر إلى العهد القديم على أنه تحت نور التدبير الإلهي، أما العهد الجديد فهو نور المسيح النور الإلهي.
ونعود ونقول لقد أقرَّت الكنيسة من خلال مجامعها وآبائها قانونية الكتاب المقدّس، ومن أمثلة ذلك ما يلي:
1- مجمع اللاذقية المحلي:
جاء في القانون (59) من قوانين هذا المجمع ” لا يجوز أن تقرأ في الكنيسة مزامير نظمها بعض الأفراد أو أية قطعة من الكتب غير القانونية. بل كل ما يقرأ يجب أن يُختار من الكتب القانونية في العهدين القديم والجديد”(10) وجاء في القانون (60) لهذا المجمع ” وهذه هي كتب العهد القديم التي أجيزت قراءتها كتاب التكوين، الخروج، اللاويين، العدد، تثنية الاشتراع، يشوع بن نون، القضاة، راعوث، أستير، الملوك الأول والثاني (صموئيل الأول والثاني)، الملوك الثالث والرابع (ملوك الأول والثاني)، أخبار الأيام الأول والثاني، عزرا الأول والثاني (عزرا ونحميا)، المزامير، أمثال سليمان، الجامعة، نشيد الأناشيد، أيوب، الأنبياء الاثني عشر (الأنبياء الصغار) إشعياء، أرميا، باروخ، مراثي أرميا والرسالة، حزقيال، دانيال.
وأما كتب العهد الجديد فهي الأناجيل الأربعة – متى ومرقس ولوقا ويوحنا – وأعمال الرسل والرسائل السبع الجامعة – واحدة ليعقوب الرسول وإثنتان لبطرس وثلاث ليوحنا وواحدة ليهوذا – ورسائل بولس الأربع عشرة. واحدة لأهل رومية، واثنتان لأهل كورنثوس، ولغلاطية، ولأهل أفسس، ولأهل فيليبي، ولأهل كولوسي، وإثنان لأهل تسالونيكي، وللعبرانيين، وإثنتان لتيموثاوس، وواحدة لتيطس، ولفليمون”(11).
2- مجمع تروللو (الخامس والسادس):
جاء في القانون (68) ” لا يجوز لأحد أن يُفسّر أو أن يُمزّق أحد أسفار العهد القديم أو العهد الجديد أو أحد مؤلفات آبائنا القديسين أو أن يعطيها لتجار الكتب أو الذين يعدون الطيوب أو أن يسلمها لأي شخص لإتلافها إلاَّ إذا تأكد له أنها أمست غير صالحة من تأثير الرطوبة أو فعل العث أو غير ذلك. وكل من عُرف عنه بعد الآن الإقدام على ذلك فليقطع لمدة سنة، وليقطع مثله الذي يشتري هذه الكتب لإساءة استعمالها”(12).
3- مجمع قرطاجنة:
جاء في القانون (24) ” أما أسفار العهد القديم فهي تكوين، خروج، الأخبار، العدد، التثنية، يشوع، قضاة، راعوث، الملوك (1، 2، 3، 4) أخبار الأيام، أيوب، المزامير، الحكمة، الأنبياء الصغار (12) إشعياء، أرميا، حزقيال، دانيال، طوبيت، يهوديت، أستير، عزرا، ثم أورد أسفار العهد الجديد بالكامل”(13).
4- القديس أثناسيوس:
في خلاصة الرسالة التاسعة والثلاثين قال ” بما أن المبتدعين يستشهدون بكتابات غير قانونية وبدأ ذلك حتى في العصر الذي كتب فيه القديس لوقا بشارته لذلك رأيت أنه يحسن أن أعدد الأسفار التي استلمناها حسب التقليد الشريف. إنها الكتب القانونية التي نؤمن أنها كُتبت بوحي إلهي. ففي العهد القديم اثنان وعشرون سفرًا (بعدد حروف الهجاء العبرية) وهي:
1- التكوين 2- الخروج 3- اللاويين (الأحبار) 4- العدد 5- تثنية الاشتراع 6- يشوع بن نون 7- القضاة 8- راعوث 9- الملوك الأول والثاني (أو سفري صموئيل الأول والثاني عند العبرانيين) 10- الملوك الثالث والرابع (أو الملوك الأول والثاني عند العبرانيين) 11- أخبار الأيام الأول والثاني 12- سفر عزرا الأول والثاني (عزرا ونحميا) 13- المزامير 14- الأمثال 15- الجامعة 16- نشيد الإنشاد 17- سفر أيوب 18- أسفار الأنبياء الاثني عشر الصغار 19- إشعياء 20- أرميا مع المراثي وسفر باروخ ورسالة باروخ 21- حزقيال 22- دانيال.
وهذه هي أسفار العهد الجديد (ويعددها خاتمًا إياها بسفر الرؤيا ليوحنا) هذه هي ينابيع الخلاص ومن يعطش يستطيع أن يرتوي بما فيها من بلاغة، وفي هذه الأسفار وحدها بشارة الخلاص وعقيدة حسن العبادة، فلا يتطاولن أحد فيضيف إليها أو يطرح منها شيئًا.
ولزيادة التدقيق أقول أنه توجد أيضًا بضعة كتب لم تُذكر في نطاق هذا القانون، وقد أوصى الآباء بأن يطالعها المنضمون حديثًا إلى الكنيسة والراغبون في أن يتدربوا في حسن العبادة وهي حكمة سليمان وحكمة سيراخ وأسفار أستير ويهوديت وطوبيا وتعليم الرسل والراعي. أما كتب المبتدعين غير القانونية فلا تجوز قراءة شيء منها”(14).
5- القديس غريغوريوس اللاهوتي:
جاء في قصيدته عن كتب العهدين القديم والجديد ” لا تحد عن الكتب الأخرى مداركك فقد ظهرت كتب مزورة كثيرة، أما الكتب التاريخية في العهد القديم فهي اثنا عشر وهي التكوين، والخروج، واللاويين، والعدد، وتثنية الاشتراع، ويشوع بن نون، والقضاة، وراعوث، ثم الملوك الأول والثاني، ثم أخبار الأيام، وعزرا. والكتب الشعرية خمسة أولها أيوب، ثم مزامير داود، فكتب سليمان الثلاثة الجامعة والأمثال ونشيد الإنشاد.
ثم الكتب النبوية وهي خمسة أيضًا أولها مؤلف من إثنتي عشرة نبوءة للأنبياء هوشع وعاموس وميخا ويوئيل ويونان وعوبديا وناحوم وحبقوق وصفنيا وحجي وزكريا وملاخي، وثانيها إشعياء، وثالثها أرميا، ورابعها حزقيال، وخامسها دانيال، وهكذا فكتب العهد القديم كلها هي بعدد حروف اللغة العبرانية أي اثنان وعشرون سفرًا.
أما أسفار العهد الجديد فهي متى الذي كتب عن عجائب المسيح للعبرانيين، ومرقس الذي كتب عنها لإيطاليه، ولوقا وضعها لأهل أخائيه (اليونان) ويوحنا الذي زار السماء كتب بشارته للجميع. ثم كتاب أعمال الرسل فرسائل بولس الأربع عشرة، فالرسائل الجامعة السبع فإذا عثرت على كتب غيرها فلا تُعد من الكتب القانونية”(15).
6- خلاصة قصيدة القديس امفيلوخبوس في الكتب المقدَّسة القانونية:
“يجب أن تعلم أن ليس كل كتاب دُعي كتابًا مقدَّسًا يجب علينا قبوله واعتباره دليلًا أمينًا صادقًا، فبعض الكتب متوسط في الاعتبار على نسبة ما يحويه من الحقائق، والبعض الآخر مزور ومضلل للقراء بدرجات متفاوتة، ولذلك فإني مُعدّد فيما يلي ما كُتب بوحي إلهي. فأسفار العهد القديم هي الأسفار الخمسة التكوين، والخروج، واللاويين، والعدد، وتثنية الاشتراع ثم سفر يشوع، فالقضاة، فراعوث، وكتب الملوك الأربعة يتلوها كتابا أخبار الأيام ثم عزرا الأول والثاني، فالكتب الشعرية الخمسة: أيوب، والمزامير، وأسفار سليمان الثلاثة الأمثال والجامعة ونشيد الإنشاد، فالأنبياء الاثني عشر هوشع وعاموس وميخا ويوئيل وعوبديا ويونان وناحوم وحبقوق وصفنيا وحجي وزكريا وملاخي، ثم الأنبياء الأربعة الكبار إشعياء وأرميا وحزقيال ودانيال ويضيف البعض إلى ما تقدم سفر أستير”(16).
وإن كان هناك اختلافًا في عدد الأسفار القانونية التي ذكرتها المجامع فإن هذا يدعونا للمزيد من الدراسة، لكن علينا أن نؤكد أن جميع القوانين اتفقت على قدسية الأسفار المقدَّسة وأهميتها.
_____
(1) هل يُلغى العهد القديم ص 36.
(2) د. إميل ماهر إسحق – الكتاب المقدَّس – أسلوب تفسيره السليم وفقًا لرأي الآباء القويم ص 71.
(3) راجع د. إميل ماهر إسحق – الكتاب المقدَّس – أسلوب تفسيره السليم وفقًا لرأي الآباء القويم ص 69.
(4) د. إميل ماهر إسحق – الكتاب المقدَّس – أسلوب تفسيره السليم وفقًا لرأي الآباء القويم ص 63.
(5) أوريجانوس تفسير متى 2، الفيلو كاليا 6.
(6) د. إميل ماهر إسحق – الكتاب المقدَّس – أسلوب تفسيره السليم وفقًا لرأي الآباء القويم ص 78.
(7) أوريجانوس على أرميا عظة 39، الفيلوكاليا 10.
(8) د. إميل ماهر إسحق – الكتاب المقدَّس – أسلوب تفسيره السليم وفقًا لرأي الآباء القويم ص 79.
(9) المرجع السابق ص 63.
(10) الأرشمندريت حنانيا الياس كساب – مجموعة الشرع الكنسي ص 238.
(11) الأرشمندريت حنانيا الياس كساب – مجموعة الشرع الكنسي ص 239.
(12) الأرشمندريت حنانيا الياس كساب – مجموعة الشرع الكنسي ص 590.
(13) الأب منيف حمصيي – هل يُلغى العهد القديم؟ ص 91.
(14) الأرشمندريت حنانيا إلياس كساب – مجموعة الشرع الكنسي ص 882، 883.
(15) الأرشمندريت حنانيا إلياس كساب – مجموعة الشرع الكنسي ص 905.
(16) الأرشمندريت حنانيا إلياس كساب – مجموعة الشرع الكنسي ص 906.