هل تخلى الآباء الرسل عن العهد القديم، أم أنهم اقتبسوا منه وشهدوا له؟
103- هل تخلى الآباء الرسل عن العهد القديم، أم أنهم اقتبسوا منه وشهدوا له؟
ثانيًا: الآباء الرسل شهدوا للعهد القديم
ج:
1- اقتبس كتَّاب العهد الجديد الكثير والكثير من العهد القديم، وعلى سبيل المثال العبارات التي كررها معلمنا متى الإنجيلي، والتي تربط العهدين معًا ” لكي يتم ما قيل” (مت 1: 22، 2: 15، 4: 14، 8: 17، 13: 35).. ” لأنه هكذا مكتوب” (مت 2: 5).. ” حينئذ تم ما قيل” (مت 2: 17).. ” فقد تمت فيهم نبوءة إشعياء” (مت 13: 14).. ” تم ما قيل” (مت 27: 9) ومن العبارات التي كررها معلمنا يوحنا الحبيب ” لكي يتم الكتاب” (يو 19: 28).. ” ليتم الكتاب” (يو 19: 36).
2- في كرازة بولس الرسول كان يذهب إلى مجامع اليهود، ويقنعهم من أسفار العهد القديم بألوهية السيد المسيح ” وللوقت جعل يكرز في المجامع بالمسيح إن هذا ابن الله” (أع 9: 20).. ” ولما صارا في سلاميس ناديا بكلمة الله في مجامع اليهود” (أع 13: 5).. ” وحدث في أيقونية أنهما دخلا معًا إلى مجمع اليهود” (أع 14: 1).. ” وكان يحاجُّ في المجمع كل سبت ويقنع يهودًا ويونانيين” (أع 18: 4).
3- قال بولس الرسول ” أفنبطل الناموس بالإيمان. حاشا. بل نثبّت الناموس” (رو 3: 31).
4- أكد بولس الرسول إن أقوال العهد القديم هي أقوال الله فقال عنهم ” لأنهم إستُؤمنوا على أقوال الله” (رو 3: 2) واعترف أن الأنبياء تكلموا بالروح القدس ” حسنًا كلم الروح القدس آباءنا بإشعياء النبي قائلًا” (أع 28: 25) وأكد الوحي الإلهي على لسان معلمنا بولس الرسول بأن ” كل الكتاب هو مُوحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البر. لكي يكون إنسان الله كاملًا مُتأهّبًا لكل عمل صالح” (2 تي 3: 16، 17) وقوله ” كل الكتاب ” أي العهدين القديم والجديد، وبالأخص القديم لأن الجديد لم يكن قد أُكتمل بعد.. فهل أخطأ معلمنا بولس الرسول في هذا؟!
وعندما قال بولس الرسول ” الله بعد ما كلَّم الآباء بالأنبياء قديمًا بأنواع وطرق كثيرة” (عب 1: 1) كيف يمكن تفسير قوله هذا لو أغفلنا العهد القديم؟!
5- ذكر بولس الرسول الكثير من أسماء رجال العهد القديم مثل قوله ” لأنه يعوزني الوقت إن أخبرت عن جدعون وباراق وشمشون ويفتاح وداود وصموئيل والأنبياء. الذين بالإيمان قهروا ممالك صنعوا برًا نالوا مواعيد سدوا أفواه أُسود. أطفأوا قوة النار نجوا من حد السيف تقووا من ضعف صاروا أشداء في الحرب هزموا جيوش غرباء. أخذت نساء أمواتهن بقيامة. وآخرون عُذبوا ولم يقبلوا النجاة لكي ينالوا قيامة أفضل. وآخرون تجرَّبوا في هزء وجلد ثم في قيود. أيضًا وحبس. رُجموا نُشروا جُرّبوا ماتوا قتلًا بالسيف طافوا في جلود غنم وجلود معزى مُعتازين مُكروبين مُذلين. وهم لم يكن العالم مستحقًا لهم. تائهين في براري وجبال ومغائر وشقوق الأرض. فهؤلاء كلهم مشهودًا لهم بالإيمان أن ينالوا المواعيد” (عب 11: 32 – 39) هؤلاء الذين أوصانا الإنجيل من جهتهم ” أذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله. انظروا إلى نهاية سيرتهم فتمثلوا بإيمانهم” (عب 13: 7).
6- قال معلمنا بطرس الرسول ” وعندنا الكلمة النبويَّة وهي أثبت التي تفعلون حسنًا إن انتبهتم إليها كما إلى سراج منير في موضع مظلم إلى أن ينفجر النهار ويطلع كوكب الصبح في قلوبكم. عالمين هذا أولًا إن كل نبوَّة الكتاب ليست من تفسير خاص. لأنه لم تأتِ نبوَّة قط بمشيئة إنسان بل تكلم أناس الله القديسون مسُوقين من الروح القدس” (2 بط 1: 19 – 21).. فما هي الكلمة النبويَّة إلاَّ العهد القديم؟!
7- رغم صغر رسالة يهوذا الرسول فإنه يذكر بعض أحداث العهد القديم مثل موت موسى وإخفاء الله لجسده (يه 9) ويذكر طريق قايين، وضلالة بلعام، ومشاجرة قورح (يه 11) ويذكر أخنوخ (يه 14).
8- جاء في القانون (85) من قوانين الآباء الرسل ” لتكن الكتب الآتية محترمة ومقدَّسة عندكم جميعًا من إكليريكيين وعوام، في العهد القديم أسفار موسى الخمسة: التكوين والخروج واللاويين (الأحبار) والعدد وتثنية الاشتراع، وسفر يشوع بن نون، وسفر القضاة، وسفر راعوث، وأسفار الملوك الأربعة (صموئيل الأول والثاني، وملوك الأول والثاني) وسفرا أخبار الأيام، وسفرا عزرا (عزرا ونحميا)، وسفر أستير، وسفر يهوديت، وأسفار المكابيين الثلاثة.
وسفر أيوب، وسفر المزامير، وأسفار سليمان الثلاثة أي الأمثال والجامعة ونشيد الأنشاد، وأسفار الأنبياء الاثني عشر (أسفار الأنبياء الصغار) وسفر إشعياء، وسفر أرميا، وسفر حزقيال، وسفر دانيال، وفيما عدا هذه الأسفار نوصيكم بأن تعلموا أحداثكم حكمة سيراخ الواسعة الإطلاع. أما كتبنا أي كتب العهد الجديد، فهي الأناجيل الأربعة لمتى ومرقس ولوقا ويوحنا، ورسائل بولس الأربع عشرة، ورسالتا بطرس، ورسائل يوحنا الثلاث، ورسالة يعقوب، ورسالة يهوذا، ورسالتان لأقليمس وأوامري أنا أقليمس الموجهة إلى الأساقفة في ثمانية كتب وهذه لا ينبغي إشهارها للجميع لما فيها من المواضيع السريَّة، وأعمالنا نحن الرسل”(1) (اللاذقية ولامفيلوخوس أسقف أيقونية)(2).
_____
(1) في الترجمة العربية طبعة مصر سنة 1894 وردت الفقرة الأخيرة هكذا ” وكتاب أعمالنا نحن الرسل ولكليمنضس رسالتين ووصايا الرسل التي أوصوا بها لكم أيها الأساقفة وهي محرَّرة بواسطتي أنا كليمنضس في ثمانية كتب التي لا ينبغي إشهارها تجاه الكل لأجل الأمور السرية التي تحويها “.
(2) الأرشمنريت حنانيا إلياس كساب – مجموعة الشرع الكنسي ص 869، 870.