شهادة المسيح للعهد القديم – كيف شهد السيد المسيح للعهد القديم؟
السيد المسيح شهد للعهد القديم وثبَّته
ج:
1- ثبَّت الرب يسوع العهد القديم ” لا تظنُّوا إني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأكمل. فإني الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل” (مت 5: 17، 18) ولو كان قصد السيد المسيح نقض الناموس، فكيف يقول ” لا تظنوا إني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض “؟!!
2- في التجربة على الجبل رد على ما ذكره إبليس بآيات من العهد القديم (تث 8: 3، 6: 16، 6: 13).
3- عندما دخل السيد المسيح مجمع الناصرة قرأ من سفر إشعياء ” روح الرب عليَّ لأنه مسحني لأبشّر المساكين أرسلني لأشفي المنكسري القلوب لأنادي للمأسورين بالإطلاق وللعمي بالبصر وأرسل المنسحقين في الحرية. وأكرز بسنة الرب المقبولة. ثم طوى السفر وسلمه إلى الخادم.. فابتدأ يقول لهم إنه اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم” (لو 4: 18 – 21).
4- تمم السيد المسيح شرائع العهد القديم مثل شريعة الختان (لو 2: 21) وكان يصعد إلى الهيكل في الأعياد (يو 5: 1، 7: 10) ودفع ضريبة الدرهمين (مت 17: 24 – 27) وقدم الفصح مع تلاميذه (مر 14: 12 – 14)، وطلب من الأبرص الذي شفاه أن يذهب إلى الكاهن ويقدم ما أمر به موسى (مر 1: 44، لا 14: 3، 4).
5- وجه السيد المسيح نظر الذي سأله عن الحياة الأبدية للوصايا العشر ” ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية. فقال له يسوع.. أنت تعرف الوصايا. لا تزن. لا تقتل. لا تسرق. لا تشهد بالزور. لا تسلب. أكرم أباك وأمك” (لو 10: 17 – 19). كما طلب له المجد من تابعيه أن يعملوا بوصايا العهد القديم ” قائلًا. على كلاسي موسى جلس الكتبة والفريسيون. فكل ما قالوا لكم أن تحفظوه فاحفظوه وافعلوه” (مت 23: 2، 3).
6- عندما سأل الرجل الناموسي السيد المسيح عن الوصية العظمى في الناموس، وكان هذا التساؤل يمثل مشكلة عويصة إذ عدد الوصايا لدى الكتبة والفريسيين 613 ” فقال له يسوع تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك. هذه هي الوصية الأولى والعظمى. والثانية مثلها. تحب قريبك كنفسك. بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والأنبياء” (مت 22: 37 – 40).
7- دافع السيد المسيح عن الناموس فقال لليهود ” فكل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا هكذا أنتم أيضًا بهم. لأن هذا هو الناموس والأنبياء” (مت 6: 12) كما بكتهم قائلًا ” لماذا تتعدون وصية الرب بسبب تقليدكم. فإن الله أوصى قائلًا أكرم أباك وأمك. ومن يشتم أبًا أو أمًا فليمت موتًا. وأما أنتم فتقولون..” (مت 15: 3 – 6).
8- في أحاديث ربنا يسوع في الأناجيل أشار إلى عشرين رجلًا من رجال العهد القديم، فمثلًا في رد السيد المسيح على الصدوقيين ذكر إبراهيم وإسحق ويعقوب وهم من رجال العهد القديم ” وأما من جهة قيامة الأموات أفما قرأتم ما قيل لكم من قبل الله القائل. أنا إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب. ليس الله إله أموات بل إله أحياء” (مت 22: 31، 32).. وفي موقف آخر ربط بين رجال العهد القديم وملكوت السموات ” وأقول لكم إن كثيرين سيأتون من المشارق والمغارب ويتكئون مع إبراهيم وإسحق ويعقوب في ملكوت السموات” (مت 8: 11).
9- في معجزة التجلي كان هناك بطرس ويعقوب ويوحنا من العهد الجديد، كما ظهر موسى وإيليا من رجال العهد القديم، في مشهد مهيب يُعبّر عن عمق الرابطة بين العهدين.
10- أشار السيد المسيح إلى نبوءات العهد القديم فكان يقول ” مكتوب”.. ” أما قرأتم”.. ” لا يمكن أن ينقض المكتوب”.. ” ينبغي أن يتم المكتوب ” وأحيانًا كان يذكر نص النبوءة.. ” من أجل هذا أكلمهم بأمثال. لأنهم مبصرين لا يبصرون وسامعين لا يسمعون ولا يفهمون. فقد تمت فيهم نبوءة إشعياء القائلة تسمعون سمعًا ولا تفهمون. ومبصرين تبصرون ولا تنظرون” (مت 12: 13، 14).. ” ومع إنه كان قد صنع أمامهم آيات هذا عددها لم يؤمنوا به. ليتم قول إشعياء النبي الذي قاله..” (يو 12: 37، 38) وطلب من اليهود الرجوع للكتب ” فتشوا الكتب لأنكم تظنون أن لكم فيها حياة أبدية. وهي التي تشهد لي” (يو 5: 39).
11- اعتمد السيد المسيح العهد القديم حرفيًا، فأشار إلى كثير من الأحداث التي حدثت في العهد القديم مثل:
- أ – قصة سقوط إبليس في (أش 14: 11 – 15، حز 28: 13 – 19، مز 52: 1 – 5) أشار إليها السيد المسيح في (لو 10: 18، يو 8: 44).
- ب – قصة خلقة آدم وحواء وزواجهما (تك 2: 24) أشار إليها السيد المسيح في (مت 19: 4).
- ج – قصة قتل هابيل المذكورة في (تك 4: 8) أشار إليها السيد المسيح في (مت 23: 35).
- د – قصة نوح والطوفان المذكورة في (تك 6 – 9) أشار إليها السيد المسيح في (مت 24: 37).
- هـ- قصة لوط وحرق سدوم وعمورة وتحول امرأة لوط إلى عمود ملح المذكورة في (تك 19) أشار إليها السيد المسيح في (لو 17: 28، 32).
- و – إبراهيم وإسحق ويعقوب (تك 12 – 37) أشار إليهم السيد المسيح في (مت 8: 11، لو 16: 22 – 30، يو 8: 56).
- ز – قصة موسى والعليقة المذكورة في (خر 3) أشارع إليها السيد المسيح في (لو 20: 37).
- ح – قصة المن المذكورة في (خر 16) أشار إليها السيد المسيح في (يو 6: 49).
- ط – قصة موسى والناموس المذكورة في (خر 20) أشارع إليها السيد المسيح في (يو 7: 19).
- ى – قصة الحيَّة النحاسية المذكورة في (عد 21) أشار إليها السيد المسيح في (يو 3: 14).
- ك – شروط الطلاق المذكورة في (تث 24: 1، أر 3: 1) أشار إليها السيد المسيح في (مت 5: 31).
- ل – قصة داود وأكل خبز الوجوه المذكورة في (1 صم 21: 6) أشار إليها السيد المسيح في (مت 12: 3، 4).
- م – حكمة سليمان وزيارة ملكة التيمن له المذكورة في (1 مل 3: 10) أشار إليها السيد المسيح في (مت 12: 42).
- ن – قصة إيليا ومنع المطر وإعالة أرملة صرفة صيدا له المذكورة في (1 مل 17: 8 – 16) أشار إليها السيد المسيح في (لو 4: 25).
- س – قصة إليشع وشفاء نعمان السرياني (2 مل 5) أشار إليها السيد المسيح في (لو 4: 27).
- ع – قصة يونان المذكورة في سفر يونان، أشار إليها السيد المسيح في (مت 12: 40).
12- هدف العهد القديم وغايته السيد المسيح، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فقال لليهود ” لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقونني لأنه هو كتب عني. فإن كنتم لستم تصدقون كتب ذاك فكيف تصدّقون كلامي” (يو 5: 46، 47).
13- في رحلة آلام السيد المسيح أشار لكتب العهد القديم ” إن ابن الإنسان ماضٍ كما هو مكتوب عنه” (مت 26: 24).0 ” فكيف تُكمَل الكتب إنه هكذا ينبغي أن يكون” (مت 26: 54).. ” وأما هذا كله فقد كان لكي تكمل كتب الأنبياء” (مت 26: 56) كما إن بعض الكلمات التي نطق بها السيد المسيح على الصليب ذُكر بعضها في العهد القديم مثل ” إلهي إلهي لماذا تركتني” (مز 22: 1) و” يا أبتاه في يديك أستودع روحي” (مز 31: 5)..
14- عندما التقى السيد المسيح بتلميذيّ عمواس شرح لهما نبوءات الأنبياء عنه ” فقال لهما أيها الغبيان والبطيئا القلوب في الإيمان بجميع ما تكلم به الأنبياء. أما كان ينبغي أن المسيح يتألم بهذا ويدخل إلى مجده. ثم ابتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يفسر لهما الأمور المختصة به في جميع الكتب” (لو 24: 25 – 27).
15- يقول الأب جورج فلورفسكي ” إن يسوع المسيح ينتمي إلى العهدين كليهما. فهو يُتم التدبير القديم ويكمل ” الشريعة والأنبياء ” ويدشّن العهد الجديد، وبالتالي يكمل العهدين، أي الكل، هو مركز الكتاب المقدَّس لأنه هو البدء (arche) والنهاية (to telos).. في النهاية يجب أن نعتبر العهد القديم ” كتابًا لميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم” (مت 1: 1) لأنه كان فترة وعود وانتظار وزمن عهود وتنبوءات. فلم يكن الأنبياء وحدهم الذين يتكلَّمون بالنبوءات، بل الأحداث. كان التاريخ كله نبويًا..
أما الآن فقد انتهت فترة الانتظار وتحقَّق الوعد وجاء الرب ليقيم مع شعبه إلى الأبد. إنتهى تاريخ اللحم والدم وظهر تاريخ الروح ” وأمَّا بيسوع المسيح فوهبنا النعمة والحق” (يو 1: 17) إنه إكمال للقديم وتحقيق له وليس هدمًا ” إن العهد القديم يمتد إلى العهد الجديد”.. وهكذا تبقى أسفار العبرانيين مقدَّسة حتى عند إسرائيل المسيح الجديد، ويجب ألاَّ نتخلى عنها أو نهملها، لأنها مازالت تروي لنا قصة الخلاص وعظائم الله، وتشهد للمسيح.
ولذلك يجب أن تقرأ في الكنيسة ككتاب تاريخ مقدَّس، من دون أن تتحوَّل إلى مجموعة من النصوص الإثباتية والشواهد أو المواقع اللاهوتية، أو إلى كتاب أمثال وحِكَم. فالنبوءات تحققت والنعمة حلَّت محل الشريعة، لكن لم يُزل أي شيء، لأن الماضي في التاريخ المقدَّس لا يعني ما ” انقضى ” أو ” زال ” بل أساسا ما أُنجز وأُكمل. و” الإكمال ” هو المقولة الأساسية في الإعلان الإلهي”(1).
_____
(1) الكتاب المقدَّس والكنيسة والتقليد ص 26، 27.