هل الترجمة غير الدقيقة لبعض كلمات الكتاب المقدَّس تنفي عنه العصمة؟
89- هل الترجمة غير الدقيقة لبعض كلمات الكتاب المقدَّس تنفي عنه العصمة؟
ج: بالرغم من أن بعض الترجمات قد تحمل لنا بعض الكلمات غير الدقيقة، فإن هذا لا يعني على الإطلاق أن الكتاب المقدَّس قد فقد عصمته، لأنه بمقارنة الترجمات المختلفة، مع المخطوطات المتعددة، مع اقتباسات الآباء، نستطيع التوصل للكلمات المضبوطة التي قصدها الوحي، ويقول د. أميل ماهر إسحق ” الوحي ثابت ومؤكد بالنسبة للأصول المكتوبة بخط مؤلفي الأسفار وحدها، ولا ينطبق (هذا) على الترجمات.
فمن الممكن أن نجد في بعض النسخ العبرية أو اليونانية أخطاء سهو من النساخ، تنتج عنها قراءات مختلفة، وهجاءات مختلفة للكلمات. كما أننا نلاحظ في الترجمات إلى اللغات المختلفة -قديمها وحديثها- قصورًا.
ولذلك فإننا لا نقول بعصمة الترجمات. وإنما قد يساعد وجود أكثر من ترجمة في اللغة الواحدة على اكتشاف ذلك القصور وتفاديه. كذلك فإن للتفسير دورًا هامًا في إلقاء الضوء على معاني الكلمات، وتفادي قصور الترجمات. والقراءات المتنوعة في المخطوطات لا تطعن في الوحي اللفظي الكامل. وبالرغم من أننا لا نمتلك في الوقت الحاضر الأصول الأولى لأسفار الكتاب المقدَّس، فإننا لدينا عددًا وفيرًا جدًا من المخطوطات القديمة، واقتباسات الآباء باللغات الأصلية، وأيضًا الترجمات القديمة وكلها تساعد على استعادة النص الأصلي بصورة تكاد تكون كاملة وكافية بالغرض”(1).
وهذا العمل العظيم تقوم به مدرسة النقد الأدنى من خلال النقد النصي، ويقول ” ايريل كيرنز”.. ” النقد النصي ما هو إلاَّ دراسة لنص الكتاب المقدَّس نفسه في محاولة لتحديد ما إذا كان النص الذي بين أيدينا هو نفسه النص الذي كتبه الكتَّاب الأصليون. وقد ساهم النقد النصي Lower Criticism في تأكيد درجة الدقة العالية للنص الكتابي الذي بين أيدينا، حتى إننا نستطيع أن نجزم بأننا نملك الكتابات الأصلية لأسفار الكتاب، وتصبح بذلك تعاليم الكتاب وعقائده أقنع من أن تتعرض للشك ولو من أكثر النقاد تطرفًا”(2).
_____
(1) الكتاب المقدَّس – أسلوب تفسيره السليم في فكر الآباء القويم ص 49.
(2) المسيحية عبر العصور ص 486.