سؤال وجواب

هل كل المعجزات هي من الله؟ وهل جميع الذين يصنعون المعجزات سيخلصون؟

69- هل كل المعجزات هي من الله؟ وهل جميع الذين يصنعون المعجزات سيخلصون؟

ج: ليست كل المعجزات هي من الله، فقد يسمح الله -لغرض معين- للشيطان وجنوده وأعوانه بإجراء بعض المعجزات، وهذا خط واضح في الكتاب المقدَّس فمثلًا:

1- عندما طرح هرون عصاه أمام فرعون صارت عصا ” ففعل عرافو مصر أيضًا بسحرهم كذلك. طرحوا كل واحد عصاه فصارت العصي ثعابين” (خر 6: 11، 12) وعندما حول موسى الماء إلى دم ” فعل عرافو مصر كذلك بسحرهم” (خر 7: 22) وفي إصعاد الضفادع ” فعل كذلك العرافون بسحرهم وأصعدوا الضفادع من أرض مصر” (خر 8: 7) ولكن أمام ضربة البعوض وقف السحرة عاجزين معترفين أن ” هذا أصبع الله” (خر 8: 19).

2- قال الرب ” وإذا قام في وسطك نبي أو حالم حلمًا وأعطاك آية أو أعجوبة. ولو حدثت الآية أو الأعجوبة التي كلمك عنها قائلًا لنذهب وراء آلهة أخرى لم تعرفها ونعبدها. فلا تسمع لكلام ذلك النبي أو الحالم..” (تث 13: 1 – 3).

3- قال الرب يسوع ” لأنه سيقوم مسحاء كذبة وأنبياء كذبة ويعطون آيات عظيمة وعجائب حتى يضلوا لو أمكن المختارين أيضًا” (مت 24: 24).

4- كان سيمون ” يدهش الناس بسحرة وتبعه كل شعب السامرة” (أع 8: 9 – 11) وأيضًا الساحر باريشوع أراد أن يفسد الوالي عن الإيمان (أع 13: 6).

5- قال الكتاب المقدَّس عن ضد المسيح ” الذي مجيئه بعمل الشيطان بكل قوة وبآيات وعجائب كاذبة” (2 تس 2: 9).

6- قال سفر الرؤيا عن الوحش الطالع من الأرض ” ويصنع آيات عظيمة حتى أنه يجعل نارًا تنزل من السماء على الأرض قدام الناس. ويضل الساكنين على الأرض بالآيات التي أُعطي أن يصنعها” (رؤ 13: 13، 14).. ” فقبض على الوحش والنبي الكذاب معه الصانع قدامه الآيات التي بها أضلَّ الذين قبلوا سمة الوحش” (رؤ 19: 20).

وكثيرًا ما يحاول الشيطان محاكاة الله في عمل المعجزات، ولو عن طريق الخداع والإيحاء والتزيّيف، ومع أن بعض المعجزات تحدث عن طريق الشيطان، لكن شتان ما بين المعجزات الإلهيَّة والمعجزات الشيطانية، فالأولى يقوم بها الله أو أحد رجاله الأتقياء، وتتم بناء على أمر إلهي، أو بعد صلاة وتوسل من رجل الله، والهدف منها تمجيد اسم الله، ويجب أن يكون هناك دافعًا قويًا وحاجة ملحة لإجراء المعجزة.. إلخ بينما المعجزات الشيطانية ليست هكذا، ويوضح ” نورمان جسلر ” أهم هذه الفروق فيما يلي(1)(3):

المعجزات الإلهيَّة

  

المعجزات الشيطانية

1- تحت سلطان الله

  

تحت سلطان البشر

2- تحدث بإرادة الله

  

تحدث بإرادة البشر

3- لا تتكرر بشكل طبيعي

  

تتكرر طبيعيًا

4- لا خداع فيها

  

بها نوع من الخداع

5- تحدث في الطبيعة

  

لا تحدث في الطبيعة

6- تتوافق مع الطبيعة

  

لا تتوافق مع الطبيعة

7- غير عادية لكنها ليست شاذة

  

غير عادية وشاذة

كما وصف ” نورمان جسلر ” المعجزات الإلهيَّة بأنها لحظية، وناجحة، ولا يترتب عليها شر على الإطلاق. فمن جهة أن المعجزة لحظية يقول ” نورمان جسلر”.. ” بإمعان النظر في الرسالة الشافية ليسوع نلاحظ أن النتائج كانت دائمًا لحظية، لم يكن هناك فترات تمر حتى يحدث التحسن.. يسوع أمر الرجل المريض {قم. أحمل سريرك وأمشِ. وحالًا برئ الإنسان} (يو 8: 5) وفي إرسالية بطرس في (أع 3) نرى الله يشفي إنسانًا أعرج في الحال على يد بطرس. قال بطرس {ليس لي فضة ولا ذهب، لكن الذي لي فإياه أعطيك. باسم يسوع الناصري قم وأمشِ. وأمسكه بيده اليمنى وأقامه. ففي الحال تشدّدت قدماه ورجلاه” (أع 6: 3 – 7) لم يكن هناك وقت مقتطع لتتحسن فيه صحة الرجل تدريجيًا. استرجاع هذا الرجل لصحته كان لحظيًا وكاملًا”(2)(4).

ومن جهة أن المعجزة الإلهيَّة دائمًا ناجحة، يقول ” نورمان جسلر”.. ” حقيقيًا أن الكتاب المقدَّس يسجل أن الله ناجح في كل أعماله. الأمراض تختفي دائمًا طبقًا لأوامره، الشياطين تسرع دائمًا بالفرار عندما يأمر. الطبيعة منفتحة دائمًا لتدخلاته. هذه صفة هامة لأصبع الله التي تحمل في طياتها القدرة على التكرار. الأعمال الإلهيَّة التي تفوق الطبيعة في الكتاب المقدَّس كلها كان بشكل دائم ناجحة. إن الله ينجز كل ما أنتوى أن يحققه، إذا شاء أن يشفي مريضًا، فإنه يشفي بالكامل، وليس هناك استثناء لذلك”(5)(6).

وأيضًا لا ينتج عن المعجزة الإلهيَّة أي شر على الإطلاق، لأنها من يد الله مصدر الصلاح وحده، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ولذلك فإن معجزاته تنتج الصلاح فقط.

وليس كل ما يثير دهشة البعض يدخل في نطاق المعجزة، فمثلًا كثير من أعمال الخداع التي يقوم بها السحرة، أو الذين يدَّعون أنهم سحرة، لا تدخل في نطاق المعجزة. ويقول توما الأكويني “مهما كان العمل الذي يحدث من جراء تأثير قوة أي مخلوق لا يمكن إطلاق لفظ المعجزة عليها، حتى لو أثارت دهشة البعض الذين لا يفهمون قدرات هذا المخلوق. لكن ما تحدثه القدرة الإلهيَّة، التي هي لا نهائية، لا يثبر غورها في ذاتها، إنها أعمال معجزية”(7)(8).

وليس كل الذين يصنعون المعجزات سيخلصون، فقد يبدأ الإنسان بداية حسنة بالروح ثم ينجرف وراء الجسد وشهواته وأهوائه.. ألم يحل روح الرب على شاول فصار يتنبأ (1صم 10: 10) ولكن بسبب شره وعناده فارقه روح الرب وبغته روح شرير (1 صم 16: 14)..؟! ألم يصنع يهوذا الأسخريوطي معجزات وأخرج شياطين باسم المسيح (مت 10: 8) ولكنه هلك (يو 17: 12)..؟! ويقول معلمنا بولس الرسول لأهل غلاطية ” أهكذا أنتم أغبياء. أبعدما ابتدأتم بالروح تكمّلون الآن بالجسد” (غل 3: 3) وقال الرب يسوع عن يوم الدينونة ” كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم يا رب يا رب أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة. فحينئذ أصرح لهم إني لم أعرفكم قط. اذهبوا عني يا فاعلي الإثم” (مت 27: 22، 23).

_____

(1) Geisler – SW , 73.

(2) Geisler , SW , 29.

(3) جوش مكدويل – برهان يتطلب قرارًا ص 585.

(4) المرجع السابق ص 583.

(5) Geisler , SW , 28 – 29.

(6) أورده جوش مكدويل في كتابه برهان يتطلب قرارًا ص 583.

(7) Aquinas SCG 30102: 3,83.

(8) المرجع العربي السابق ص 585.