Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

بداية مدرسة النقد الأعلى بنظرياتها المختلفة

بداية مدرسة النقد الأعلى بنظرياتها المختلفة

بداية مدرسة النقد الأعلى بنظرياتها المختلفة

2- بدأت مدرسة النقد الأعلى بنظرياتها المختلفة، واتجاهاتها المتعددة في ألمانيا.. فلماذا ألمانيا بالذات؟

ج: لأن في ألمانيا نشب الصراع المرير بين الدولة والكنيسة، وأيضًا الصراع الرهيب بين الآرية والسامية:

أ – بالنسبة للدولة في ألمانيا فإنها كانت تمثل مركز الإمبراطورية، ولطالما تسلط بابا روما على الأباطرة…

لذلك سعى ملوك ألمانيا للتخلص من سلطان روما، فأثاروا رجال الدين، واشتروا أقلام الكتاب، وشجعوا الثائرين ضد روما، ومن ألمانيا خرج “مارتن لوثر” الثائر ضد الكنيسة الكاثوليكية، وتعاطف معه ودافع عنه “فريدريك” أمير سكسونيا، فلم يمكن روما منه، ورفض أن يحاكم خارج ألمانيا ويذهب إلى روما وإلا كانت نهايته كنهاية ” جون هس”، و”سافونا رولا” فقد صرح جون هس في كتابه “ناموس المسيح” بأنه يحق للمسيحي أن يشق عصا الطاعة على البابا فيما يخالف ناموس المسيح، فحكمت عليه روما بالحرق حيًا.

أما سانونا رولا فقد قال ” لقد كان للكنيسة من قبل قساوسة من ذهب وكؤوس من خشب. أما الآن فالكؤوس صارت من ذهب والكهنة من خشب ” فشنق مع أثنين من رفاقه وأحرقت جثثهم، وغيرهم المئات من الذين حكمت عليهم روما بالإعدام وبالحرق أحياء(4).

وعندما ترجم مارتن لوثر الكتاب المقدَّس إلى الألمانية حذف رسالة يعقوب التي تركز على أهمية الأعمال، وهذا جزًا الألمان على الهجوم على الكتاب المقدَّس، فحذفوا سبعة أسفار منه، ومن ألمانيا ومن عب البروتستانتينية انتشرت مدارس النقد إلى كل أوربا كالوباء السريع الانتشار.

ب- بالنسبة للصراع بين الآربة والسامية، فقد كان اليهود يسيطرون من الناحية الاقتصادية على ألمانيا، ويشيعون عن أنفسهم أنهم شعب الله المختار، ويفسرون نبوءات العهد القديم الذي يؤمن به المسيحيون بما يخدم أغراضهم، وقد أشعل هذا غضب الألمان عليهم، فظهر بعض الكتاب الألمان الذين تعصبوا ” للآربة ” ورفعوا شعار “اللاسامية” مثل ” فون جوبينو ” Von Gobino (1816 – 1882م)…

و” بول دى لاجارد ” P.D. Laguard (1827 – 1891م) ، و”هوستوت ستيوارت ” H. Stywart (1855 – 1927م) الذي وصل إلى حد محاولة إثبات أن السيد المسيح من جنس آخر غير الجنس اليهودي.

وجاء “هتلر” ليشعلها حربًا شعواء ضد السامية، فحكم حكم جماعي على جميع يهود ألمانيا بالإعدام، وقد تفنن في إعدامهم بأبشع الوسائل، وحرق أجسادهم واستخدام رمادهم في صناعة الصابون.. إلخ، ثم ظهرت في ألمانيا جماعات تحارب ليس العهد القديم فقط بل العهد الجديد أيضًا، ودعت هذه الجماعات إلى التخلي عن المسيحية، واختراع دين جديد يكون آري المصدر بدلًا من المسيحية، ومن هذه الجماعات اللامسيحية(1) ظهر “تنبرج بوند” Tannenbery Bund، و”ماتيلدة لودين دورف” Mo Loden Dorf، و” فلهلم هور ” F. Horh.

ويقول الأب جون وايثفورد عن اللوثويين أنهم ” كانوا يعتقدون برأيهم أكثر من أي من أباء الكنيسة، فبذل الإنصات إلى الآباء الذين ثبت برهم وقداستهم، فقد أعطوا الأولوية للمنطق البشرى. وهذا المنطق البشرى هو الذي جعل غالبية الدارسين اللوثريين يرفضون أغلب عقائد الكتاب المقدَّس.. ويرفضون أيضًا الإيمان بوحي الكتاب المقدس نفسه(3) ويربط الأب أنطون نجيب بين مدارس النقد والحركة البروتستانتية فيقول ” وجه عصر النهضة للتقليد المذكور (نسبة التوراة لموسى النبي) سهامًا مصيتة…

فقد بدأت الشكوك الجدية تظهر حول أصل التوراة الموسوي منذ الجيل 16.. وتتابعت الهجمات بعد ذلك على أصل التوراة الموسوي، وقام علماء من كل ناحية، من الكاثوليك والبروتستانت واليهود، ونفوا نسبة بعض أجزاء على الأقل من التوراة إلى موسى النبي(2).

إننا نستطيع أن نقول بالفُم المليان أن “النقد الكتابي” ولد في أحشاء البروتستانتية. ثم تبنته الكنيسة الكاثوليكية، وهذا ما سنلمسه في هذا الكتاب والأجزاء المكملة له.

_____

(1) راجع د. وهيب جورجى – الكتاب المقدس والعقيدة مع عرض ومناقشة مدارس التشكيك ص 47-49.

(2) مجلة صديق الكاهن- يونيو 1971 م ص 10.

(3) هل الكتاب المقدس وحده يكفى؟ ترجمة أسرة القديس ديديموس بكنيسة مار جرجس اسبورتنج ص 59.

(4) راجع كتابنا يا أخوتنا البروتستانت.. هلم نتحاور ص 40-44.

بداية مدرسة النقد الأعلى بنظرياتها المختلفة

Exit mobile version