+ أكشف عن عيني فأرى عجائب من شريعتك – عجيبة هي شهاداتك لذلك حفظتها نفسي – مزمور 119
يا للكرامة، يا للمجد العظيم الذي أُعطى لنا نحن البشر، إذ أن الكنز العظيم الذي لتتقوى مذخر لنا في كلمة الله، نحن البشر أُعطينا كلمة الله التي لا تُقدرّ بثمن، كغذاء حي لشبع القلب، وثوب مجيد لكساء النفس، وحياة أبد لكل إنسان يأتي ليغرف من بحر غناه المجيد….
كلمة الله يا إخوتي، منجم ذهب وكنز عظيم جداً، لا يُقاس بكل غنى العالم، إذ كلما نأخذ منه يزداد تألق وتوسع وتدفق في القلب، وجيل بعد جيل يغرف منه بلا شبع، ولا يستطيع أن ينهيه، فهو يظل كما هو لا ينقص قط…
وأقول لكم سرّ، عظماء هذا الدهر والباحثين بفكر عقلهم، والمعتمدين على دراسة الكتب والمعاجم والقواميس وحدها حسب قدرات كل واحد فيهم، معتمدين على الحكمة والمعرفة البشرية التي في هذا العالم، يستحيل عليهم أن يسبروا أعماق الحكمة والتدبير الإلهي الذي في كلمة الله معلنه بالروح القدس، لذلك يُصيبهم حوَّل في أعين قلبهم، فيروا بعقلهم المشبع بحكمة العالم وفكره كلمة الله، فيفسرونها تفسير حسب المنطق وكلام الحكمة الإنسانية المقنع، فاقدين برهان الروح والقوة الذي يشع من كلمة الله، لذلك يُخطأ الكثيرين في الشرح والتفسير، بالرغم من أن كلامهم مقنع جداً وللغاية، لأنهم يفتقدون لبرهhن الروح الذي به كُتبت الكلمة، الذي [ تكلم أُناس الله القديسين مسوقين من الروح القدس ] (2بطرس 1: 21)، فطالما الروح القدس ساق القديسين ليكتبوا بإلهام، هكذا ينبغي أن يُساق الشُراح والمُفسرين بنفس ذات الروح عينه، لكي يكتبوا حسب التدبير المُعلن من الله بإلهام وبرهان الروح والقوة، لذلك كثير من الشراح الأتقياء يصلون قبل أن يشرحوا أي شيء طالبين قوة الله لتحل عليهم والروح القدس يسوقهم ليكتبوا بنفس ذات الروح عينه وذات الإلهام، لأن الكتاب المقدس ليس كتابهم ولا فكرهم الشخصي، لذلك واجب علينا أن نعرف ما هو قصد الله من كل ما كُتب في الكتاب المقدس، وماذا يُريد هو أن يقول للناس وليس نحن !!! فلا يصح أن نستخدم آيات الكتاب المقدس ونربطها ببعضها البعض حسب رؤيتنا لنثبت فكرنا نحن ونقول الرب قال، وهو لم يقل كما وضحنا لأننا نكتب بحكمتنا نحن وليس حسب حكمة الله…
يا إخوتي، يستحيل علينا أن تحل فينا قوة الله ونُساق بالروح القدس، وتُعطى لنا الموهبة حسب قصد الله، ونستوعب أسرار الكتاب المقدس ونكتب ونشرح ونُفسر ما فيه حسب مقاصد الله، وليس حسب مقاصدنا نحن، ونُعرف المعاني كما قصدها الله وليس حسب قواميس العالم ومفهومه، إلا لو كنا أنقياء القلب، متواضعين، منسحقين، نحيا في شركة مع الله، ومع القديسين سالكين في النور….
يا إخوتي لا تظنوا أن الدراسة وحدها تكفي حتى لو كانت صحيحة 100%، لأن سيظل ينقصها القيادة بالروح، لأن قد نصل لمعنى لفظة وهي صحيحة ونكتبها، ولكنها لا تحمل قوة الله، لذلك تخرج هزيلة لا يكتشف ضعفها إلا المتمرسين في حياة التقوى، ولهم شركة حيه مع الله وعندهم روح الإفراز والتمييز بالروح، أما الذين ليس لهم شركة مع الله الحي وليس عندهم روح تمييز لن يستطيعوا أن يميزوا روح الكلام، لذلك يضلون عن قوة الله وبرهان الروح والقوة، ويصل لهم الكلام في النهاية، عقلاً لعقل، وليس للقلب، لأن أن فُرِغَت الدراسة من روح التقوى وانحصرت في المعلومة وحدها، فقدت قوتها ولن تحمل قوة الله لكل من يقرأ أو يسمع …
فما أجمل أن يجمع الدارس والباحث، بين نقاوة القلب وتواضع المعرفة العقلية، ويكون بحثه ودراسته لانتفاعه الشخصي أولاً، لكي ينال من الكلمة نقاوة القلب وانفتاح البصيرة الداخلية، وذلك ليفهم ويستوعب بذهنه سرّ المسيح الرب المخبأ في الكلمة، لأن بنقاوة القلب واتضاع القلب وخضوع العقل لكلمة الله، وباستمرار القرع على باب الكلمة بالصلاة، تنفتح الأبواب المغلقة وتتدفق أنهار تعزيات الروح القدس، فينطق القلب والفكر معاً مسبحاً: [ عجيبة هي شهاداتك لذلك حفظتها نفسي ]…
يا إخوتي أقول لكم في الحق، الذي يشهد له الروح القدس، وأكتب بالسرّ الذي لن يفهمه سوى البسطاء في الروح، ويحملون قلب طفل وذهن مستنير بالروح، أن كل الذين لا يخضعون كلمة الله لعقولهم، بل هم الذين خضعوا لها بكل وقار ومهابة وتقوى، خضعوا لسلطانها وفاعليتها، فأن النتيجة الحتمية، أن الروح القدس يُنيرالعقل ويفتح الذهن، وفي هذه الحالة فقط سيجدون فيها ما لم يجدوه من قَبل، رغم قراءتهم لها ودراستهم المدققة فيها آلاف المرات، لأنهم سيجدون في تلك اللحظة اللؤلؤة العظيمة الكثيرة الثمن، الذي هو شخص الكلمة الحي القائم من بين الأموات، الذي سيشرق لهم بغنى مجده، مظهراً مجد نور الآب في وجهه المُنير: [ لأن الله الذي قال أن يُشرق نور من ظلمة، هو الذي أشرق في قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح ] (2كورنثوس 4: 6)
فيا إخوتي الأحباء في الرب يسوع، أن [ كل كاتب متعلم في ملكوت السموات يُشبه رجلاً رب بيت يُخرج من كنزه جُدداً وعتقاء ] (متى13: 52)، وهذا هو الباحث الحقيقي بالروح، فهو يكتب لا بما تعلمه كلمات الحكمة الإنسانية المقنع، بل ببرهان الروح والقوة، ليحل الروح القدس على السامع والقارئ، فيقنع قلبه أن يؤمن بالرب يسوع القيامة والحياة فيُعطي نفسه له، لكي يكون مقدس فيه ويحيا بحياته، ليقول بكل محبة وثقة وخبرة حقيقية: [ لي حياة هي المسيح ]….