من الذي قتل جليات داود أم الحانان؟ – رد جديد على جهالات أحمد سبيع
من الذي قتل جليات داود أم الحانان؟ – رد جديد على جهالات أحمد سبيع
سؤال بمليون دولار لـ أحمد سبيع… ردًا على تحريف قصة داود وجليات، والتلاعب في نصوص الكتاب المقدس، وعرض 10 ألاف دولار للرد عليه
لدينا أحد الذين يهاجمون الكتاب المقدس، ليقول 10 نقاط عن أخطاء وتناقضات الكتاب المقدس في قصة قتل داود لجليات وما يحويه الكتاب المقدس من تفاصيل حول هذه القصة التي وردت في سفر صموئيل الأول الإصحاحين السادس عشر والسابع عشر، وما يدعيه المهاجم من التعارض مع سفر صموئيل الثاني الإصحاح 21، وأخبار الأيام الأول الإصحاح العشرون.
الاعتراض الأول:
كيف تعرف شاول داود؟ هل من خلال وجوده في بيت الملك كعازف وحامل سلاح الملك أم خلال الحرب مع الفلسطينيين وقتل جليات؟ كيف عرف شاول الملك داود أنه ابن يسى ثم بعد قتل داود لجليات يعاود شاول السؤال ثانية «ابْنُ مَنْ هذَا الْغُلاَمُ يَا أَبْنَيْرُ؟».
هل الصحيح ما هو موجود في صموئيل الأول 16: 19 أن شاول عرف أن داود ابن يسى، أم ما في صموئيل الأول 17: 55 أن شاول لا يعرف أن داود ابن يسى ويسأل ابن من هذا؟
وقال ” فولتير”: “كيف جهل شاول من هو داود؟ وكيف خفي عليه ضارب كنارته وحامل سلاحه؟ فنحن لا نرى وجهًا لحل هذه المعضلة”
الرد على الاعتراض الأول:
ج: 1- يمكن تتبع تعرُف شاول على داود كالآتي:
كان اللقاء الأول بين شاول وداود، عندما أحضر عبيد شاول داود ليضرب على العود لشاول حتى تهدأ نفسه، لأن شاول قد بغته روح رديء من عند الرب، وهذا يعني أنه أصيب بحالة عصبية تفقده اتزانه العقلي كإنسان طبيعي، فلهذا أشار عليه الخدام أن يأتوا إليه بانسان ضارب لكي يهدأ شاول، وهذا ما كان، وها النصوص تبين:
14 وذهب روح الرب من عند شاول وبغته روح رديء من قبل الرب. 15 فقال عبيد شاول له هوذا روح رديء من قبل الله يبغتك. 16 فليأمر سيدنا عبيده قدامه ان يفتشوا على رجل يحسن الضرب بالعود ويكون اذا كان عليك الروح الرديء من قبل الله انه يضرب بيده فتطيب. 17 فقال شاول لعبيده انظروا لي رجلا يحسن الضرب وأتوا به اليّ. 18 فاجاب واحد من الغلمان وقال هوذا قد رأيت ابنا ليسّى البيتلحمي يحسن الضرب وهو جبار بأس ورجل حرب وفصيح ورجل جميل والرب معه. 19 فارسل شاول رسلا الى يسّى يقول ارسل اليّ داود ابنك الذي مع الغنم. (1صم 16)
وهنا يجب أن نعرف أن عبارة “ فاجاب واحد من الغلمان وقال” لا تقول ان هذا الشخص أجاب على شاول وقال له على اسم داود، النص لم يقل أن هذا الخادم قال ها الكلام لداود، بل يمكن أن يكون هذا ما فكر فيه الخادم وتذكر داود. لكن، سنفترض أن هذا الخادم قال لشاول اسم داود، فما هي الحالة التي كان عليها شاول والتي فيها قال له الخادم على اسم داود؟ إنها نفس الحالة التي بسببها طلب الخدام من شاول أن يأتي برجل يحسن الضرب، أي أنها الحالة العقلية المضطربة التي كانت لشاول والتي يلخصها الكتاب في “روح رديء”، فهل في هذه الحالة يجب على الملك أن يظل متذكرًا لاسم داود؟ أم أنه من الطبيعي أن ينساه لأنه ليس مهم عند الملك بالقدر الذي يجعل الملك يتذكره دوما؟ وبالأخص إن كان شاول في حالة عدم اتزان عقلي؟!
الأمر الآخر الذي نلاحظه هنا، وهو الذي بنى عليه أحمد سبيع اعتراض قادم له سنرد عليه، وهي عبارة “وهو جبار بأس ورجل حرب وفصيح”، فالذي قال هذه العبارة ليس الكتاب المقدس، ولا أقرها الكتاب المقدس، بل هو الخادم فقط، فهذا كلام الخادم يذكره لنا الكتاب المقدس ولا ينفيه أو يقرّه. وربما كذب الخادم في هذا الادعاء لأنه اعتقد ان الملك سيرفض أن يأتي شاب صغير إليه، أو لأي سبب آخر. فالملاحظ هنا ان هذا هو كلام الخادم وليس كلام الكتاب المقدس نفسه.
طلب شاول من يسَّى أن يظل داود في القصر الملكي: “فأرسل شاول إلى يسَّى يقول ليقف داود أمامي لأنه وجد نعمة في عينيَّ” (1صم 16: 21).
ونذكر أن أغلب إن لم تكن كل أوقات داود في القصر، يكون شاول معتلاً مضطرباً وفي أغلب هذه الأوقات لا يتذكر ما حدث إثناء اضطرابه، فالحالة التي يكون عليها الملك إثناء اعتراء الروح الرديء، في الغالب تفقده ميزة تذكر ما حدث إثناء تلك النوبة وكان داود لا يكون أمام الملك شاول إلا إثناء فترة اختلال واضطراب شاول، وهذا بدليل أن داود لم يكن قد سمع بما قاله جليات وتعييره لشعب بني إسرائيل رغم ان جليات ظل يغيرهم لمدة 40 يوم، والكتاب يذكر ان داود كان يرجع ليرعى الأغنام ثم يعود مرة أخرى لشاول [15 واما داود فكان يذهب ويرجع من عند شاول ليرعى غنم ابيه في بيت لحم (1صم 17)]، وخاصة أن عمر الملك شاول إثناء قتل جليات والحرب مع الفلسطينيين تقريباً 55 عاماً، ولد شاول عام 1080 قبل الميلاد، والحرب مع الفلسطينيين وقتل جليات كانت 1025 ق. م، بالإضافة إلى نوبات اعتراء الروح الرديء مع مشغوليات الملك.
ولكن هل داود كان هو الوحيد حامل سلاح الملك؟! بالقطع لا، لأن “يوآب” كان له عشرة يحملون سلاحه: “وأحاط به عشرة غلمان حاملوا سلاح يوآب وضربوا أبشالوم وأماتوه” (2صم 18: 15) فكم تظن يكون حملة سلاح شاول الملك نفسه؟! ومع وجود عدد ليس بقليل حملة سلاح شاول نستطيع أن نقول إن عمله الأساسي في القصر الملكي كان العزف على العود متى بغت الروح الرديء شاول، وكان عمله الثانوي حمل سلاح شاول، وعندما كانت تمر فترات هدوء لشاول الملك، كان داود يجد الفرصة المناسبة للعودة إلى بيت لحم لرعاية غنم أبيه، وهذا ما أوضحه الكتاب: “وأما داود فكان يذهب ويرجع من عند شاول ليرعى عنم أبيه في بيت لحم” (1صم 17: 17).
إذن، داود كان يتردَّد على شاول الملك، ولكنه لم يقم لديه بصفة مستمرة إلاَّ بعد انتصاره على جليات: “فأخذه شاول في ذلك اليوم ولم يدعه يرجع إلى بيت أبيه” (1صم 18: 2) فواضح جدًا التسلسل المنطقي في القصة.
والنص في (1صم 17:15) وأما داود فكان يذهب ويرجع من عند شاول وتوزعت واجبات داود بين وظيفته لدى شاول، كواحد من بين كثيرين ممن يحملون سلاحه (1صم 16:21) ورعاية غنم أبيه في بيت لحم. (تفسير الكتاب المقدس، جون ماك آرثر، ص 493.)
وقد يكون تعيين داود كحامل سلاح شاول تعيناً شرفياً وفي أغلب الأوقات لم يمارس مهمة حمل سلاح الملك، وكان داود واحد من عدد ضخم من الذين التقوا بشاول فالكل يعرف الملك، ولكن الملك لا يعرف الكل، وإن كان شاول قد تعرَّف عليه في اللقاء الأول وأحبه، فاضطرابه النفسي ربما لم يساعده على استمرار هذه العلاقة، وأيضًا كان شاول يحصر كل تركيزه في منظر جليات وقوته، ذاك الكابوس المُرعب، وهل ستنجح مهمة هذا الشاب الحدث؟! وعندما انتصر داود وأتى برأس جليات لم يكن شاول ليُصدق ما حدث.
لهذا لا نجد أن شاول يسأل عن اسم داود، بل عن اسم أبيه لثلاث مرات ولم يسأل -ولو مرة واحدة- عن اسمه هو شخصيًا، فيقول النص:
55 ولما رأى شاول داود خارجا للقاء الفلسطيني قال لابنير رئيس الجيش ابن من هذا الغلام يا ابنير. فقال ابنير وحياتك ايها الملك لست اعلم. 56 فقال الملك اسأل ابن من هذا الغلام. 57 ولما رجع داود من قتل الفلسطيني اخذه ابنير واحضره امام شاول وراس الفلسطيني بيده. 58 فقال له شاول ابن من انت يا غلام. فقال داود ابن عبدك يسّى البيتلحمي. (1صم 17)
شاول عرف داود، ولكنه قد نسى ابن من هو؟ وإذ أراد أن يضمه إلى صفوفه بصورة أقوى، بل وضع في قلبه أن يزوّجه ابنته، ويجعل بيت أبيه حرًّا في إسرائيل فلا يدفع الضرائب المفروضة على بقية الشعب، ولذلك سأل عن أسرة هذا الشاب الحدث: “ولما رأى شاول داود خارجًا للقاء الفلسطيني قال لأبنير رئيس الجيش ابن من هذا الغلام يا أبنير. فقال أبنير وحياتك أيها الملك لست أعلم.. ولما رجع داود من قتل الفلسطيني أخذه أبنير وأحضره أمام شاول ورأس الفلسطيني بيده. قال له شاول ابن من أنت يا غلام. فقال داود ابن عبدك يسَّى البيتلحمي” (1صم 17: 55 – 57).
كان فرح شاول به عظيمًا وسأله: (ابن من أنتَ يا غلام؟).. ابن من؟ كانت ذرية داود في منتهى الأهمية بالنسبة إلى شاول في هذه الظروف بالذات إذ ان الذي يغلب جليات سوف يتزوج من عائلته (1صم 17 :25)، (18: 18). == (تفسير الكتاب المقدس، جون ماك آرثر، ص 495.)
ولنوضح أسباب عدم معرفة شاول لداود نذكر الآتي:
- كان داود غير مستقر في قصر الملك بل كان يذهب ويرجع مرات ومرات، ولم يمكث هناك إلا في وقت اضرابه.
- في البداية، لم يهتم شاول كثيراً بداود فأعتبره مجرد شخص من أحد رجاله الكثيرين، وهذا طبيعي لمن هم في منصب الملوك، حيث يكون لديهم خدم واعمال كثيرة.
- كان داود يستغل فرصة تحسن الملك شاول ويذهب إلى بيت لحم لرعى غنم والده (1صم 17: 17).
- بالتأكيد كان قد مر فترة زمنية طويلة لم ير شاول داود، لتحسن شاول خلال تلك الفترة.
- ربما كان داود قد تغير في هيئته قليلا بعد ان وصل سن الرشد.
- عرفَ شاول داود لكن الملك كان يسأل عن والد وأسرة وسبط داود. كان يسأل لزيادة تفاصيل عن هذا الرجل الذي لفت أنظار الجميع.
الخلاصة
أن شاول يصرعه روح رديء من وقت لآخر، فهو شخص غير مستقر، لم يذكر لنا الكتاب أن داود كان مقيم إقامة كاملة في بيت شاول الملك، بل ذكر أنه كان يأتيه أحيانًا ليعزف له، وهذا ما نفهمه من إرسال يسى لابنه داود إلى أخوته بطعام وقت الحرب، مما يؤيد أنه كان يقيم في بيته بصورة عادية، وأن العلاقة معه ليست علاقة وطيدة، بل سطحية بين ملك وخادم للملك، إرسال شاول إلى يسى كي يرسل داود لعزف للملك، لا تعني أن شاول عرف من هو يسى أبو داود، وأن بينهما علاقة ما، كي يصبح موجودًا في ذاكرته طويلاً.
رسالة شاول إلى يسى واضح أنها كانت عن طريق خدامه، لم يسبقها معرفة، ولم يتبعها علاقة. وسؤال شاول عن أبو داود بعد مقتل جليات، كان سؤالاً طبيعيًا، فهل تظن أن ملك أو رئيس، لديه بعض الخدام يهتم بمعرفة تفاصيل أهل كل منهم، ويتذكر ابن من هذا، ففي صموئيل الأول 16: 18 تحدث أحد خدام الملك شاول عن داود بن يسى، بطريقة عابرة، وليس مطلوبًا من الملك أن يحفظ اسم أبوه ويتذكره وقت الحرب والسؤال كذلك له مغزى آخر، عن سبط هذا الشخص، فاليهود كانوا أسباطًا، ومهم جدًا لملك في مثل تلك الظروف أن يعرف تفاصيل عن هذا الشاب بعد ما قتل الشخص الجبار الذي أهان شعبه.
وفي صموئيل الأول 17: 31- 32 جاءوا بداود ليقابل شاول، لا نجد أي شيء غير طبيعي في مقابلته له، لكن السؤال عن أبوه بعد الانتصار سؤال عادي لا يؤيد وجهة نظر المهاجم في شيء، فملك لم يتذكر اسم أبو الشاب الذي قتل العدو، أما القول عن تعارف شاول وداود مرة ثانية في إصحاح 17، هو فهم خاطئ بقصد أو بغير قصد، فكل ما أراد شاول معرفته، ابن من هذا ولم يسأل الملك عن داود كشخص، حين جاءوا به قبل التوجه لمحاربة جليات أو بعده، ما سأل فيه الملك فقط هو “ابن من هذا”.
وما يوضح ترابط ذلك أكثر أن من بداية إصحاح 18، بدأت علاقة يوناثان بن شاول الملك لـ داود، بالرغم أن داود كان يذهب لقصر شاول الملك ليعزف له، ولو كان داود في علاقة قوية مع ناثان أو شاول الملك لاتضح ذلك قبلاً، لكن هذا يدل على أن وجود داود في قصر شاول كان لأوقات قليلة لم تسنح لشاول أن يتعرف على داود بشكل كبير، فقد كان في مقام واحد من خدام الملك الذين لم يهتم أن يعرف عنهم أو عن عائلتهم الكثير.
الاعتراض الثاني
وصف داود، هل داود رجل حرب (صموئيل الأول 16: 18) أم لا (صموئيل الأول 17: 33)؟، وفي عدد 39 لم يتمكن من لبس الملابس العسكرية.
الرد على هذا الاعتراض:
1-في صموئيل الأول 16: 19 نجد وصف داود “18فَأَجَابَ وَاحِدٌ مِنَ الْغِلْمَانِ وَقَالَ: «هُوَذَا قَدْ رَأَيْتُ ابْنًا لِيَسَّى الْبَيْتَلَحْمِيِّ يُحْسِنُ الضَّرْبَ، وَهُوَ جَبَّارُ بَأْسٍ وَرَجُلُ حَرْبٍ، وَفَصِيحٌ وَرَجُلٌ جَمِيلٌ، وَالرَّبُّ مَعَهُ».
جبار بأس، رجل حرب، فصيح، جميل، أصهب، حلو العينين، الرب معه، من قائل هذه الأوصاف؟ هل الكتاب المقدس أم “واحد من الغلمان”؟ بالطبع إنه “واحد من الغلمان” كما يقول النص، والكتاب المقدس لا يقر هذا الغلام، أي لا يشهد لصحة كلامه أو يناقضها، هو فقط يذكرها.
فقَبِله شاول كحارس له إلى حين في فترة ضربه للموسيقى، ربما تدرب على استخدام السيف لكنه لم يتدرب على ارتداء الحلة العسكرية لذا وجد صعوبة بل استحالة في استخدامها عند مبارزته لجليات. “فَتَقَلَّدَ دَاوُدُ بِسَيْفِهِ فَوْقَ ثِيَابِهِ وَعَزَمَ أَنْ يَمْشِيَ، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ جَرَّبَ. فَقَالَ دَاوُدُ لِشَاوُلَ: «لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَمْشِيَ بِهذِهِ، لأَنِّي لَمْ أُجَرِّبْهَا». وَنَزَعَهَا دَاوُدُ عَنْهُ. (1صموئيل 17:39) فالنص يؤكد ان داود لم يرتدي الزي العسكري من قبل أو يتدرب عليه.
فإن كان وصف هذا الغلام صحيحًا، فالمعنى سيكون أنه رجل بأس وحرب وشجاع لأنه قتل الأسد والدب وقد ظهرت عليه علامات القوة لكن لم يتمرس مطلقا على ارتداء الزي العسكري ولم يكن معتاد على شيء يقيد حريته. وكان داود يعتمد أكثر على الله لا على السلاح والترس. “قَال دَاوُدُ لِلْفِلِسْطِينِيِّ: «أَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ بِسَيْفٍ وَبِرُمْحٍ وَبِتُرْسٍ، وَأَنَا آتِي إِلَيْكَ بِاسْمِ رَبِّ الْجُنُودِ إِلهِ صُفُوفِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ عَيَّرْتَهُمْ.” (1صموئيل 17:45)
الاعتراض الثالث:
ما هو طول جليات 4 أذرع أم 6 أذرع؟ يذكر النص العبري أن طوله 6 أذرع وشبر، بينما الترجمة السبعينية ومخطوطات قمران ويوسيفوس يذكر أن طوله 4 أذرع وشبر.
الرد على الاعتراض الثالث:
في النص الماسوري العبري وكذلك في ترجمة الفولجاتا اللاتينية والبشيطا السريانية والمخطوطة الإسكندرية اليونانية جاء طوله ستة أذرع وشبر، والذراع 45 سم.، والشبر 25 سم، فيكون الطول 295 سم. أي نحو ثلاثة أمتار. بينما في المخطوطة الفاتيكانية ومخطوطة قمران 4Q51 Samuel a جاء الرقم أربعة أذرع وشبر.
أما لو حللنا النص داخليًا لمعرفة القراءة الصحيحة، سنجد أنه لو كان طول جليات أربعة أذرع وشبر أي نحو مترين، فليس في هذا غرابة، فقد كان شاول في مثل هذا الطول أو أكثر إذ كان أطول من كل الشعب (1صم 10: 23) وشاول هذا الذي هو أطول من كل الشعب عندما رأى جليات ارتاع وخاف ” ولما سمع شاول وجميع إسرائيل كلام الفلسطيني هذا ارتاعوا وخافوا جدًا” (1صم 17: 11) وهذا يدل على أن جليات كان أطول من شاول فلابد أن طوله ستة أذرع وشبر.
كما أن وزن الدرع الذي يرتديه يتناسب مع طوله، وقد بلغ وزنه نحو 50 كجم وأسنان رمحه 6 كجم، بينما الإنسان الطبيعي لا يستطيع أن يمشي بيسر إذا حمل أكثر من 35 كجم.فالأخطاء أثناء النسخ هي شيء متعارف عليه في كل المخطوطات القديمة لكل الأعمال، ولم يخل أي عمل من الأخطاء لأنها نتاج الضعف الإنساني، ونُذَكِّر هذا الشخص بوجود 540 خطأ في مخطوطة القرآن المسماة بـ “طرس صنعاء 1”
وهذا ما نخبر به أمثاله أن الخطأ النسخي ليس دليل على التحريف وإلا بنفس المكيال لوجود تقريباً 540 خطأ في مخطوطة واحدة للقرآن يعد هذا تحريف للقرآن. فالأخطاء في مخطوطات الكتاب المقدس لهي أخطاء هجائية في أغلب أغلبها، بحيث لا يمكن حتى ان تُحدث فرقًا عند الترجمة، فالكلمة الصحيحة والخاطئة ستظل نفس الكلمة المترجم إليها، فالغالبية من الأخطاء أخطاء هجاء وأخطاء إملائية لا قيمة لها والنسبة الباقية نستطيع بسهولة جداً مقارنتها بباقي المخطوطات ليتم كشف وتصحيح هذا الخطأ.
بالإضافة أنه لا يوجد في تاريخ المسيحية أن شخص أو مجموعة احتكرت نص العهد الجديد وتولى/تولت نشره وحدها بالطبع، كما فعل عثمان وحرق المصاحف عندما وجد المسلمين يتقاتلون من شدة الاخلاف حول نص القرآن، فقام بعمل نسخته الخاصة ثم نسخها وأرسلها للأماكن الأخرى وأمر أن يتم حرق كل ما عدا هذه النسخة، فهذا يؤيد أن المخطوطات نسخت بحرية من أماكن مختلفة، تقريبا من كل العالم القديم وبيئات مختلفة ومن نساخ مختلفين، وهذا يدعم صحة هذه المخطوطات وموثوقية الكتاب المقدس.
الاعتراض الرابع والسادس والسابع:
- من قتل جليات، داود أم الحانان؟ سفرصموئيل الأول إصحاح 17 يقول إنه داود ولكن سفر صموئيل الثاني 21: 19 الحانان قتل جليات.
- ومتى قُتل جليات في زمن شاول أم في زمن مُلك داود؟
- وهل قتل الحانان جليات أم قتل لحمي أخا جليات كما ورد في سفر أخبار الأيام الأول؟
الرد على الاعتراض الرابع:
بالنظر إلى الجدول التالي يتضح وجود واقعتين مختلفتين بأشخاص وأحداث وأماكن مختلفة
السفر |
سفر صموئيل الأول |
سفر صموئيل الثاني |
سفر أخبار الأيام الأول |
الشاهد |
(1 صموئيل 17) |
(2 صموئيل 21) |
(1 أخبار الأيام20) |
الزمن |
أثناء مُلك شاول |
أثناء مُلك داود |
أثناء مُلك داود |
مكان الحرب |
في سوكوه وعزيقة في افس دميم |
جوب |
ـــــــــــ |
الرجل الفلسطيني |
جليات |
جليات |
لحمي أخا جليات |
الرجل الإسرائيلي |
داود |
الحانان بن يعري |
الحانان بن يعري |
قدَّمَ العلماء أكثر من رد على هذا السؤال، وكل رد منهم كافي للرد على السؤال، وهنا سأعرض فقط رأيين منهم[1].
الأول: منشأ هذا الاعتراض هو افتراض شخصية واحدة اسمها باسم جليات، بينما لا يوجد دليل يدعم هذا، خصوصا أن جليات كان مميزا كفخر للفلسطينيين، وبالإضافة لهذا الخطأ، فإن الخطأ الآخر هو اعتبار اسم جليات هو اسم علم، وهو أيضًا افتراض لا دليل عليه.
بينما سنجد أن عدد كبير ومرموق من العلماء المتخصصين يقولون إن هذا الاسم كان كلقب (مثل لقب “فرعون” مثلا)، وبالتالي فلا مشكلة من وجود أكثر من شخص بنفس الاسم، بل حتى لو كان اسم علم، فلا مشكلة ايضًا من وجود أشخاص بنفس الاسم، فهذه هي العادة قديمًا وإلى اليوم في مختلف الشعوب والأعراف والثقافات.
فالعلماء في هذا الرد يقولون ان اسم جليات لا يعبر عن شخصية واحدة وحيدة لا يسمى بها الا هو، بل انه اسم مستخدم كلقب، فيوجد جليات الذي قتله داود عندما كان شاول ملكًا، ويوجد جليات الذي قتله الحانان فيما بعد، عندما كان داود هو الملك. فالحانان بين يعري يوجد شخص باسمه ايضًا وهو الحانان بن دودو (1أخ 11: 26) وكلاهما من نفس المدينة، بيت لحم، فتكرار الأسماء هو أمر متعارف عليه، فلا مشكلة في النص.
الثاني: أن اسم “الحانان” هو اسم آخر لداود، وهذا معروف من العهد القديم، فكثير من الشخصيات فيه كان لها اسمان أو أكثر، فمثلا، سليمان ابن داود نفسه، كان اسمه “يديديّا” أيضًا، فنجد في سفر أن داود دعى ابنه باسمين حيث يقول الكتاب:
24 وعزّى داود بثشبع امرأته ودخل اليها واضطجع معها فولدت ابنا فدعا اسمه سليمان والرب احبه 25 وأرسل بيد ناثان النبي ودعا اسمه يديديّا من اجل الرب. (2 صم)
وهكذا، جدعون كان له اسم آخر وهو يوبعل (قض7: 1)، وهكذا العديد من شخصيات الكتاب المقدس في هذه العصور. وبالتالي، فلا مشكلة في أن يذكر الكتاب اسما من قتل جليات.
وعلى هذا، من أخذ بالرد الأول، وهو وجود أكثر من شخص باسم جليات، الأول قتله داود، والآخر قتله الحانانان، فيكون: الذي قتل أخا جليات (سواء الذي قتله داود او الذي قتله الحانان) هو الحانان، بمعنى أن الحانان هو الذي قتل جليات الآخر وأخوه لحمي سويًا، ويكون داود هو من قتل جليات الأول في عهد شاول الملك.
بينما من أخذ بالرد الثاني، وهو وجود اسمين لداود، فيكون: داود قتل جليات الأول في عهد شاول، وجليات الثاني عندما كان داود نفسه ملكًا، وهكذا قتل أخوه لحمي. ولا يشترط هنا القتل المباشر من داود لجليات الثاني والأخ، بل بسبب أن داود صار هو الملك فيصح ان يقال إنه هو الذي قتل أخا جليات بينما من قتله هو أحد جنوده، مثلما نقول إن الرئيس السادات حارب في 1973، بينما الرئيس بنفسه لم يحارب بل جنوده.
ففي أخبار الأيام الأول 20: 4- 8 نجد أن أولاد رفا[2] الأربعة: سفّاي ولحمي وجليات والرابع لم يُذكر اسمه والموصوف بـ صاحب الـ 24 أصبع
سبكاي قتل: سفّاي
الحانان قتل: لحمي (أخو جليات، وهكذا قتل جليات (كما في الرد الأول))
يهوناثان قتل: صاحب الـ 24 أصبع
ويبقى جليات: وقد قتله داود (أو الحانان (كما في الرد الثاني))
وفي عدد 8 يقول “هؤُلاَءِ وُلِدُوا لِرَافَا فِي جَتَّ وَسَقَطُوا بِيَدِ دَاوُدَ وَبِيَدِ عَبِيدِهِ.”
الاعتراض الخامس
ما هو اسم الحانان؟ الحانان بن يعري صموئيل الثاني 21: 19 أم الحانان بن ياعور أخبار الأيام الأول 20: 5؟
الرد على الاعتراض الخامس:
في صموئيل الثاني 21: 19 יַעְרֵי يعري
في أخبار الأيام الأول 20: 5 יָעוּר ياعور
كما قلنا سابقًا، أنه من المعتاد أن يكون للشخص إسمان، بل أن نبي المسلمين نفسه له اسم محمد وأحمد سويًا، ولم نسمع لأحد سأل: هل اسمه أحمد أم محمد! لأنه لا مشكلة في أن يكون للشخص أكثر من اسم. هذا ولا سيما أن الاسم كما يقدمه لنا النص العبري هو יַעְרֵי אֹרְגִים (يعري ارجيم). لكن لنتماشى جدلا مع المعترض، ربما كل ما حدث هو خطأ ناسخ أن يتحول حرف اليود י الى حرف الواو ו فقد يكون تمدد في الحبر مثلاً بدون قصد، وتبدل مكان الحرفين، دون تغيير يُذكر في اسم الشخص ثم جاء الناسخ التالي فنقل ما هو مكتوب في المخطوطة.
وبسهولة يتمدد الحبر بأي شكل مما يغير الحرف والكلمة.
وفي زمن سحيق جدًا، بسهولة شديدة كان يمكن لأي ناسخ أن يتمدد منه الحبر أو أن يخطئ ويكتب حرف بدل الآخر، أو يبدل في ترتيب الحروف داخل الكلمة الواحدة فتنتج كلمة مختلفة، وهنا كان يحاول النساخ دائمًا أن يصححوا بعض الألفاظ التي ربما كُتب فيها حرف بدل آخر، أو تبدل حرف بدل الآخر، ومن السياق كان يمكن تصحيح اللفظ والترجمات المختلفة ساعدت في الوصول للمفردات الأصلية.
هل حدث أي تغيير في عقيدة الكتاب المقدس بسبب هذا الخطأ أو غيره؟ لا، لم يحدث.
وواضح من نطق الاسم، انه -على الأكثر- اختلاف ترتيب حرفين مما يوضح أن القضية كلها خطأ ناسخ في النقل من مخطوطة إلى مخطوطة أخرى، في زمن سحيق وبعيد لم تتوفر له أدوات النسخ التي تحمي من الأخطاء النسخية العادية التي تحدث حتى الآن في زمن التطور العلمي الرهيب في الكتابة والنسخ على الكمبيوتر وأدوات الطباعة المتطورة.
هل الأخطاء النسخية تقلل من قدسية النص؟ وهل الأخطاء النسخية تعتبر تحريف؟ بالتأكيد لا. لماذا؟
- لأن النسخ عمل بشري، ولا يوجد عمل بشري كامل تمامًا على الإطلاق.
- لأن الأخطاء النسخية التي حدثت، لم تغير النص ولا عقيدته، وبحسب التعبير المشهور لا تُحل حرامًا ولا تحرم حلالاً.
- بمقارنة نصوص بمخطوطاته وترجماته المتعددة يمكننا أن نكتشف الأخطاء النسخية ونصححها وذلك لتوافر المخطوطات والترجمات التي تحوي نفس النص ونفس العقيدة ولم تتغير العقائد من هذه الأخطاء النسخية.
وفي العهد الجديد يتوفر مصادر ضخمة جدًا لتصحيح الخطأ النسخي، فكثرة المخطوطات والترجمات واقتباسات أباء الكنيسة والقراءات الكنسية تساعد في معرفة اللفظ وتصحيحه.
فلو كانت الثقة في النص مبعثها عدم وجود أخطاء نسخية، لفقدت كل كتب الدنيا الثقة فيها لأنه لم يأت كتاب بلا أخطاء نسخية على الإطلاق، بالإضافة أنه لا يوجد نص خالي من الأخطاء النسخية، وهو أمر حدث في كل كتب الدنيا، خاصة الكتب القديمة حيث لا يوجد أجهزة كمبيوتر ولا دقة عالية في الكتابة والطباعة، وبالتالي نفقد الثقة في كل كتب الدنيا.
الاعتراض الثامن:
هل هو بيتلحمي أم لحمي؟ في صمويل الثاني 21: 9 الحانان البيتلحمي، في أخبار الأيام الأول 20: 5 الحانان بن ياعور لحمي.
الرد على الاعتراض الثامن:
بدل من اجتزاء النص، نضع النص كاملاً ليرى المعترض:
صموئيل الثاني:
ثُم كَانَتْ أَيْضًا حَرْبٌ فِي جُوبَ مَعَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ. فَأَلْحَانَانُ بْنُ يَعْرِي أُرَجِيمَ الْبَيْتَلَحْمِيُّ قَتَلَ جِلْيَاتَ الْجَتِّيَّ، وَكَانَتْ قَنَاةُ رُمْحِهِ كَنَوْلِ النَّسَّاجِينَ.
أخبار الأيام:
وَكَانَتْ أَيْضًا حَرْبٌ مَعَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، فَقَتَلَ أَلْحَانَانُ بْنُ يَاعُورَ لَحْمِيَ أَخَا جُلْيَاتَ الْجَتِّيِّ. وَكَانَتْ قَنَاةُ رُمْحِهِ كَنَوْلِ النَّسَّاجِينَ.
من قراءة النص فقط تعرف أن الحانان هو بيتلحمي يعني من بيت لحم، وفي نص الأخبار قتل الحانان بن ياعور لحمي، ف لحمي هو اسم الشخص المقتول. وليس هناك تناقض. في سفر صموئيل قال عن الحانان أنه من بيت لحم، بينما في سفر الأخبار قال إن الحانان قتل لحمي.
الاعتراض التاسع:
أورشليم لم تفتح إلا بعد عصر داود ولم يكن لداود أي مكان أو خيمة في هذه الحرب، وتقول الترجمة اليسوعية أن هذه الآية مضافة.
الرد على الاعتراض التاسع:
صموئيل الأول 17: 51 – 54
“فَرَكَضَ دَاوُدُ وَوَقَفَ عَلَى الْفِلِسْطِينِيِّ وَأَخَذَ سَيْفَهُ وَاخْتَرَطَهُ مِنْ غِمْدِهِ وَقَتَلَهُ وَقَطَعَ بِهِ رَأْسَهُ. فَلَمَّا رَأَى الْفِلِسْطِينِيُّونَ أَنَّ جَبَّارَهُمْ قَدْ مَاتَ هَرَبُوا. 52فَقَامَ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا وَهَتَفُوا وَلَحِقُوا الْفِلِسْطِينِيِّينَ حَتَّى مَجِيئِكَ إِلَى الْوَادِي، وَحَتَّى أَبْوَابِ عَقْرُونَ. فَسَقَطَتْ قَتْلَى الْفِلِسْطِينِيِّينَ فِي طَرِيقِ شَعَرَايِمَ إِلَى جَتَّ وَإِلَى عَقْرُونَ. 53ثُمَّ رَجَعَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنْ الاحْتِمَاءِ وَرَاءَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَنَهَبُوا مَحَلَّتَهُمْ. 54وَأَخَذَ دَاوُدُ رَأْسَ الْفِلِسْطِينِيِّ وَأَتَى بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَوَضَعَ أَدَوَاتِهِ فِي خَيْمَتِهِ.” (1 صم 17: 51 – 54)
منشأ هذا الاعتراض هو افتراض ما لم يقله النص!
أولا: فالنص لم يذكر أن داود أخذ رأس جليات مباشرة بعد قتله إياه مباشرة وذهب مباشرة إلى أورشليم، وبالتالي، فيمكن ان يكون داود قد فعل هذا بعدما تم فتح أورشليم، فالنص لم يحدد إلا فعلا خبريًا خاليًا من التوقيت، كمثل أن تقول: احتلت إسرائيل سيناء ثم استرجعت مصر أراضيها المحتلة. فهل هذا يعني أن مصر حاربت إسرائيل فور احتلال إسرائيل لسيناء مباشرة؟! أم أن الكلام هنا يذكر خبر مجرد من التوقيت؟
ثانيًا: لماذا يحتاج داود، أصلا، إلى فتح أورشليم لكي يضع رأس جليات في خيمته؟!! فداود كان يعيش فيها اليبوسيين مع يهوذا سويًا، فما المشكلة من خروج ودخول داود إلى أورشليم حتى قبل فتحها؟! النص لم يقل أن داود وضع رأس جليات في أورشليم المفتوحة مثلاً لكي يمكن أن يفترض المعترض هذا الفرض العبثي! [3]
وإلى التفصيل..
متى تم فتح أورشليم[4]؟
“وَذَهَبَ الْمَلِكُ وَرِجَالُهُ إِلَى أُورُشَلِيمَ إِلَى الْيَبُوسِيِّينَ سُكَّانِ الأَرْضِ. فَقَالُوا لِدَاوُدَ: لاَ تَدْخُلْ إِلَى هُنَا مَا لَمْ تَنْزِعِ الْعُمْيَانَ وَالْعُرْجَ. أَيْ لاَ يَدْخُلُ دَاوُدُ إِلَى هُنَا. وَأَخَذَ دَاوُدُ حِصْنَ صِهْيَوْنَ (هِيَ مَدِينَةُ دَاوُدَ). وَقَالَ دَاوُدُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ: إِنَّ الَّذِي يَضْرِبُ الْيَبُوسِيِّينَ وَيَبْلُغُ إِلَى الْقَنَاةِ (وَالْعُرْجِ وَالْعُمْيِ الْمُبْغَضِينَ مِنْ نَفْسِ دَاوُدَ) لِذَلِكَ يَقُولُونَ: لاَ يَدْخُلِ الْبَيْتَ أَعْمَى أَوْ أَعْرَجُ. وَأَقَامَ دَاوُدُ فِي الْحِصْنِ وَسَمَّاهُ مَدِينَةَ دَاوُدَ. وَبَنَى دَاوُدُ مُسْتَدِيراً مِنَ الْقَلْعَةِ فَدَاخِلاً.” (2 صم 5: 6 – 9)
وصف يوسيفوس أورشليم أنها مكونة من خمسة أجزاء أولها قلعة الملك داود فيبدو أن القلعة كانت جزء من أورشليم ولم تكن كلها أورشليم، وتؤكد دائرة المعارف الكتابية ان مدينة داود كانت أصلا هي قلعة اليبوسيين وهذه هي التي اقتحمها رجال داود.
وعند قراءة سفر القضاة 1: 21
وَبَنُو بِنْيَامِينَ لَمْ يَطْرُدُوا الْيَبُوسِيِّينَ سُكَّانَ أُورُشَلِيمَ، فَسَكَنَ الْيَبُوسِيُّونَ مَعَ بَنِي بِنْيَامِينَ فِي أُورُشَلِيمَ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ.
يظهر جليًا من هذا النص أن اليهود عاشوا مع اليبوسيين في أورشليم ولم يطردوهم منها، فلم ـ تُفتح أورشليم في عصر داود بكاملها، بل سكن اليهود فيها قبلاً بجوار اليبوسيين، فكان لليهود وجود سابق في أورشليم مشاركة مع اليبوسيين.
من كل هذا نستنتج أن:
- ما اقتحمه داود ورجاله وتم الاستيلاء عليه قلعة هامة احتمى بها اليبوسيين وليس كل أورشليم.
- عاش اليهود مع اليبوسيين في أورشليم حتى تم الاستيلاء عليها كاملا وطردهم نهائيا وليس جزئيا.
- النص لم يقل أن داود ذهب مباشرة برأس جليات واودعها خيمته.
عندما دخل شعب الله أرض كنعان وبعد سقوط أسوار أريحا، اجتمعت ملوك الجنوب لمحاربة يشوع، فانتصر عليهم وقتل ملك أورشليم (يش 10: 23) وفي بداية حكم القضاة حارب سبط يهوذا أورشليم وأشعلوا النيران في أجزاء منها (قض 1: 8) ولكن لا سبط يهوذا ولا سبط بنيامين استطاع أن يطرد اليبوسيين سكان أورشليم التي كانت تُدعى أولًا يبوس ” فسكن اليبوسيون مع بني يهوذا في أورشليم” (أش 15: 63).. ” فسكن اليبوسيون مع بني بنيامين في أورشليم” (قض 1: 21) وظل حصن صهيون وهو من أقوى الحصون في يد اليبوسيين لم يسقط إلاَّ بعد مُلك داود (2صم 5: 6 – 9).
أما في أيام مُلك شاول فكان داود يستطيع بمفرده أن يدخل إلى أورشليم ويخرج لأن بني يهوذا وبني بنيامين كان لهم تواجد في المدينة، ولا تنسى أن داود من سبط يهوذا، فمن المُحتمل أنه يكون قد حمل رأس جليات إلى أورشليم عقب الحدث مباشرة، ولاسيما أن أورشليم قريبة من بيت لحم مسقط رأسه، أو قد يكون فعل ذلك بعد أن تولى المُلك ” وأخذ داود رأس الفلسطيني وأتى به إلى أورشليم.
ووضع أدواته في خيمته” (1صم 17: 54) أي وضع سيفه ورمحه ودرعه وملابسه في خيمته في بيت لحم، أو في الخيمة التي يقيم فيها بالقرب من مقر شاول (1صم 13: 1، 2) وقد حُمل سيف جليات إلى مدينة نوب، إما بعد الحدث مباشرة، أو فيما بعد أُخذ من خيمة داود وحُمل إلى مدينة نوب.
لذلك لا نجد أي تحريف أو تناقض بين سفر صموئيل الأول 17: 51 – 54 الذي يقول إن داود اخذ رأس الفلسطيني المقصود به جليات واتى به إلى أورشليم حيث كانت له خيمة هناك للأسباب التالية:
- فمن سفر صموئيل الأول 16 نعرف أن داود من بيت لحم وتبعد بيت لحم عن أورشليم حوالي 5 أميال أي أنها مسافة قليلة للغاية.
- مما يرجح أن داود لابد أن تكون له خيمة وخاصة أنه أصبح له شأن عندما كان يعزف للملك شاول وأصبح حامل سلاحه، وفي أورشليم مسح الله له عن طريق صموئيل النبي انه سيكون ملكا على اليهود فكان من الطبيعي أن يعرف كل شيء عن وطنه الذي سيحكمه يومًا ما
- كما أننا لا نجد أي ما ينفى في الكتاب المقدس عدم وجود خيمة لداود في أورشليم.
- كان داود صغيرًا، وليس من القادة، لكن بعد انتصاره على جليات أصبح له شأن عظيم جدًا، وليس ما يمنع أنه تم عمل خيمة له فور هذا الانتصار، فقد أزال العار عن اليهود.
ففتح أورشليم هذا في زمن مُلك داود لم يكن لكل أورشليم، بل جزء منها فقط، وكان داود موجود في أورشليم كغيره من اليهود، الذين عاشوا بجوار اليبوسيين طويلاً.
الاعتراض العاشر:
سفر صموئيل الأول 17: 12- 31 لا يوجد في المخطوطة الفاتيكانية، كذلك بعض الفقرات من هذا النص لا توجد في هذه المخطوطة ولكن توجد في مخطوطات عبرية.
الرد على الاعتراض العاشر:
كان النُساخ قديمًا ينسخون المخطوطة من أخرى سابقة عليها، فربما ناسخ هذا الجزء من المخطوطة الفاتيكانية لم يكن أمامه مخطوطة سليمة ينقل منها، فقد كانت المخطوطات تُبلى بفعل الزمن وعدم وجود متاحف تحافظ عليها، فكون أن مخطوطة أو حتى عدة مخطوطات مفقود جزء أو أجزاء منها، أو لم يتم تسجيل أي جزء من النص، لا يعني التحريف.
فالتحريف أن يقوم شخص بتغيير النصوص بهدف تغيير العقيدة لخداع الناس وتغيير عقيدتهم وإيمانهم فهل في وجود خطأ ناسخ، أو عدم وجود جزء من نص في إحدى المخطوطات تحريفًا؟
هذه الأعداد إن كانت قد حُذفت في بعض المخطوطات اليونانية فإنها وُجدت في مخطوطات يونانية أخرى وأيضًا وُجدت في النص العبري الماسوري، وهي التي نعوّل عليها، كما وُجدت في المخطوطة الإسكندرية، وأيضًا وُجدت في “الهكسابلا” أي السداسية التي قام بها أوريجانوس ووضع فيها ستة أعمدة تشمل ست تراجم أقدم دليل هام جدا في هذا الموضوع وهو مخطوطات قمران النص موجود في قمران يؤكد اصالته.
الخلاصة
أن داود كان رجل شجاع ورجل حرب ويضرب على الآلة وتم استدعاء داود لقصر الملك شاول ليعزف له على الكنارة عندما يعتريه روح رديء واثناء اضطراب شاول كان تحدث له حالة اختلال عقلي تجعله لا يتذكر الأحداث، وداود في الغالب لم يكن يقيم في قصر الملك بل كان يذهب للقصر في حالة مباغتة شاول بالروح الرديء، وأصبح شاول حامل سلاح الملك ولكنه لم يتدرب على لبس البدلة العسكرية ولم يعتاد عليه لم يكن قد جربها من قبل.
واثناء الحرب مع الفلسطينيين قتل داود جليات اثناء مُلك شاول، ثم تسأل شاول عن هذا الغلام ليعرف هو ابن من؟، ومن اي سبط ويستعلم بمعلومات أكثر عن داود، ثم قامت حرب اخرى اثناء مُلك داود وقام الحانان بن ياعور وربما يكون اسم والده ايضا يعري بقتل لحمي أخا جليات، ومن تقارب المواصفات بين جليات وشقيقة كان يلقب لحمي بجليات أيضاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع
- أورده المطران يوسف الدبس – تاريخ الشعوب المشرقية في الدين والسياسة والاجتماع جـ 2 ص 249.
- التفسير التطبيقي للكتاب المقدس، ص550، 551.
- كتاب مدارس النقد والتشكيك ج9: سفريّ صموئيل الأول والثاني (الأسئلة من 1064-1223) – إصدار عام 2013 م.
- كتاب شبهات وهمية ضد الكتاب المقدس، الدكتور القس منيس عبد النور، الطبعة الثالثة عام 1998، ص146.
- مار إفرام السرياني، في تفسيره سفر الملوك الأول مجلد (1) من كتبه السريانية المطبوعة في رومه صفحة 370.
- المطران يوسف الدبس، تاريخ الشعوب المشرقية في الدين والسياسة والاجتماع جـ 2 ص 249، 250.
- الأرشيدياكون نجيب جرجس، تفسير الكتاب المقدَّس – سفر صموئيل الأول ص 178.
- تفسير سفر صموئيل الأول، الإصحاح 16، للقمص أنطونيوس فكري، نسخة إلكترونية.
- تفسير سفر صموئيل الأول، الإصحاح 17، لقمص تادرس يعقوب ملطي، نسخة إلكترونية.
- كتاب مدارس النقد والتشكيك ج9: سفريّ صموئيل الأول والثاني (الأسئلة من 1064-1223) – إصدار عام 2013 م.
- كتاب مدارس النقد والتشكيك ج9: سفريّ صموئيل الأول والثاني (الأسئلة من 1064-1223) – إصدار عام 2013 م.
[1] يمكن مراجعة الكتب التالية:
- Adeyemo, T. (2006). Africa Bible commentary (406). Nairobi, Kenya; Grand Rapids, MI.: WordAlive Publishers; Zondervan.
- Cabal, T., Brand, C. O., Clendenen, E. R., Copan, P., Moreland, J., & Powell, D. (2007). The Apologetics Study Bible: Real Questions, Straight Answers, Stronger Faith (434). Nashville, TN: Holman Bible Publishers.
- Hertzberg (387) suggests that the name “Goliath” had come to designate a type of warrior in which case there may have been more than one “Goliath.”
- Smith, J. E. (2000). 1 & 2 Samuel. The College Press NIV commentary. (507). Joplin, Mo.: College Press Pub. Co.
- Vannoy, J. R. (2009). Cornerstone Biblical Commentary, Volume 4a: 1-2 Samuel (402). Carol Stream, IL: Tyndale House Publishers.
- Crossway Bibles. (2008). The ESV Study Bible (578). Wheaton, IL: Crossway Bibles.
- Youngblood, R. F. (1992). 1, 2 Samuel. In F. E. Gaebelein (Ed.), The Expositor’s Bible Commentary, Volume 3: Deuteronomy, Joshua, Judges, Ruth, 1 & 2 Samuel (F. E. Gaebelein, Ed.) (1060). Grand Rapids, MI: Zondervan Publishing House.
- Haydock, G. L. (1859). Haydock’s Catholic Bible Commentary (2 Sa 21:19). New York: Edward Dunigan and Brother.
- MacArthur, J. (2006). The MacArthur study Bible : New American Standard Bible. (2 Sa 21:19). Nashville: Thomas Nelson Publishers.
- Bergen, R. D. (2001, c1996). Vol. 7: 1, 2 Samuel (electronic ed.). Logos Library System; The New American Commentary (450). Nashville: Broadman & Holman Publishers.
- Grant, F. W. (1932). The Numerical Bible: Being a Revised Translation of the Holy Scriptures with Expository Notes: Arranged, Divided, and Briefly Characterized According to the Principles of their Numerical Structure: Joshua to 2 Samuel (Study Text) (474). Neptune, NJ: Loizeaux Brothers, Inc.
- Ryrie, C. C. (1994). Ryrie study Bible: King James Version (Expanded ed.) (520). Chicago: Moody Press.
- Kirkpatrick, A. F. (1890). The Second Book of Samuel, with Maps, Notes and Introduction (197). Cambridge: Cambridge University Press.
- Anderson, A. A. (2002). Vol. 11: Word Biblical Commentary: 2 Samuel. Word Biblical Commentary (255). Dallas: Word, Incorporated.
[2] جدير بالذكر أن الكلمة المترجمة في ترجمة فاندايك “رافا” مترجمة كاسم علم لشخص، بينما يمكن ترجمتها ككلمة ذات معنى، كما فعلت العديد من الترجمات الأخرى، حيث ان الكلمة في اصلها العبري هي רָפָה ويمكن ترجمتها إلى “عملاق، جبار”.
[3]Baldwin, J. G. (1988). Vol. 8: 1 and 2 Samuel: An Introduction and Commentary. Spine title: 1 & 2 Samuel. Tyndale Old Testament Commentaries (137). Nottingham, England: Inter-Varsity Press.
[4]Cabal, T., Brand, C. O., Clendenen, E. R., Copan, P., Moreland, J., & Powell, D. (2007). The Apologetics Study Bible: Real Questions, Straight Answers, Stronger Faith (434). Nashville, TN: Holman Bible Publishers.