Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

قراءة موجزة في نبوه عمانوئيل – اشعياء 7:14

قراءة موجزة في نبوة عمانوئيل – اشعياء 7:14

قراءة موجزة في نبوه عمانوئيل – اشعياء 7:14

قراءة موجزة في نبوه عمانوئيل – اشعياء 7:14

عقيدة الميلاد العذراوي

عقيدة الميلاد العذراوي اُعتبرت مُنذ البداية انها اساساً كريستولوجياً عالياً، وقد أشار الكثيرين من اباء الكنيسة الأوائل مُشددين على هذا الحدث أكثر من أي حدث اخر باعتباره دليلاً على لاهوت وناسوت المسيح فذات الوقت، وقد دافع يوستينوس الشهيد واغناطيوس الأنطاكي عن الميلاد العذراوي ضد المُعارضين لهذه العقيدة مُنذ بداية القرن الثاني الميلادي، وفي هذا التاريخ المُبكر للمسيحية قد بدا ان عقيدة الميلاد العذراوي للمسيح عقيدة ثابتة مُنذ اهم عصور انتشار المسيحية، وقد تم نقاشات حادة للغاية في القرون الأربعة عموماً فمثلاً الفكر الغنوسي (ماركيون على سبيل المثال) أدعى ان المسيح ليس له ولادة بشرية بل أتى مباشرة من السماء وبالتالي لم يكن إنساناً، ومن الجهة الأخرى انكر الفكر الأريوسي لاهوت المسيح باعتباره إله اقل من الأب، ولكن في نهاية المطاف انعقدت المجامع وتختفي تلك الجماعات تدريجياً وتظل العقيدة المُعلنة في العهد الجديد والمُنتشرة بصلابة في القرون الأولى للمسيحية.

وعلى الرغم ان الميلاد العذراوي أكثر بروزاً في انجيل متى ولوقا إلى ان من المشكوك فيه للغاية ان يكون كتاب العهد الجديد الأخرون لا يعرفون شيئاً عن هذه العقيدة، حتى العلماء الليبراليون يعترفون بأن هذه العقيدة كانت معروفة خلال خدمة بولس (وخصوصاً يوحنا)، وان هذا الحدث لم يُناقش ببساطة لأنهم اهتموا بالمعنى اللاهوتي والإنجيل (أي البشارة)، أكثر من البيانات التاريخية.[1]

 

السياق العام لنبوة أشعياء

النبؤة الشهيرة التي وردت في اشعياء اصحاح 7 عدد 14 تقول ” وَلَكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ». ” هذه النبوة تم تطبيقها على يسوع في انجيل متى 1 عدد 23 ” «هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» (الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللَّهُ مَعَنَا). “، هذه النبوة ليست مركزية في كتابات العهد الجديد البعض يراها مركزية كما لو ان كل كتاب العهد الجديد اقتبسوها عشرات المرات.

في الحقيقة نص أشعياء ليس له أي صدى إلا في إنجيل متى وهذا هو الطبيعي من بدء انجيل متى الذي يفتتحه بعبارة يهودية كتابية وهي ” كتاب ميلاد ” βιβλος γενεσεως المُعادلة للتعبير العبري תולדת التي تم ترجمتها في السبعينية بنفس التعبير المُستخدم في انجيل متى، والحقيقة هذا التعبير هو تعبير عبري بحت يعرفه اليهود بل ويُدركه المُتعلمين جيداً من اليهود، فمتى يكتب بصوره تخص اليهود بشكل ملحوظ ومن هنا تأتي النقطة المركزية في تعزيز إستخدام متى للنبوات ونصوص العهد القديم لأن ببساطة اليهود يُدركوا استخدامات متى وتعبيراته بشكل جيد جداً ومن هنا فمن من الصعب ان نضع متى ككاتب في حال المُلفق.

ولكن نص اشعياء له سياقه التاريخي وهذ السياق هو كالأتي: شعب يهوذا كان لديه أزمة، فقد تعرضوا للهجوم من قبل إخوانهم في الشمال، الإسرائيليون الذي انضم إليهم أيضاً الأراميون، وكانت هذه الجيوش المُعادية مُتجهة نحو القدس، وكان هدفهم هو أخذ المدينة، إزالة المَلك الحاكم ويستولوا على العرش

كيف كان الخطر الحقيقي؟ حقيقةً ان ” بيت داوود ” الذي تم ذكره مرتين فقط في اشعياء 7 (عدد 2،13)، وهو أمر يأخذ اهمية حقيقية عندما نُدرك انه خارج هذا الفصل من سفر اشعياء، فإن هذا التعبير قد وَرد فقط ثلاث مرات في الـــ 165 فصل المُتبقي من كتب الأنبياء الكبار (مرتين أخرين في اشعياء 16:5، 22:22) مرة واحدة في أرميا (ارميا 21:12) لم يرد مُطلقاً في سفر حزقيال، لم يكن هذا الهجوم أقل من هجوم أمامي على سلالة الله الحاكمة، السلالة التي سيأتي منها المسيح، ولسوء الحظ كان الملك الحالي من نسل داوود هو أحاز، رجل غير مؤمن كان الأكثر استعداداً لتوظيف جيش أجنبي لمساندته في القتال بدلاً من الإعتماد على الله، وهكذا أرسل الرب النبي أشعياء لكي يتحدث إلى هذا الملك، وحثه ان يضع ثقته في يهوه وحده، وليؤكد له على هزيمة أعداء يهوذا.

هَكَذَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ: لاَ تَقُومُ! لاَ تَكُونُ!، لأَنَّ رَأْسَ أَرَامَ دِمَشْقَ وَرَأْسَ دِمَشْقَ رَصِينُ. وَفِي مُدَّةِ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً يَنْكَسِرُ أَفْرَايِمُ حَتَّى لاَ يَكُونَ شَعْباً، وَرَأْسُ أَفْرَايِمَ السَّامِرَةُ وَرَأْسُ السَّامِرَةِ ابْنُ رَمَلْيَا. إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا فَلاَ تَأْمَنُوا». (اشعياء 7-9: 7)

لكن احاز رفض التمسك بقوه في إيمانه حتى عندما طلب الرب ان يعطي له علامة خارقة للطبيعة ” «اُطْلُبْ لِنَفْسِكَ آيَةً مِنَ الرَّبِّ إِلَهِكَ. عَمِّقْ طَلَبَكَ أَوْ رَفِّعْهُ إِلَى فَوْقٍ». ” (اش 7:11) ولكن قد رفض أحاز فأنتهره الرب بهذه الكلمات ” فَقَالَ: «اسْمَعُوا يَا بَيْتَ دَاوُدَ. هَلْ هُوَ قَلِيلٌ عَلَيْكُمْ أَنْ تُضْجِرُوا النَّاسَ حَتَّى تُضْجِرُوا إِلَهِي أَيْضاً؟ ” (اش 7:13) لاحظ هنا ان احاز لم يتم مخاطبته ببساطة بإعتباره ملك، بل كممثل بيت داوود، اللغة العبرية هنا وفي النص اللاحق بصيغة الجمع، لذلك لا يُخاطب احاز بمفرده، ” وَلَكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ». ” (اش 7:14).

ترجمة كلمة علماه

السؤال الأكثر شيوعاً كيف نُترجم هذا اللفظة العبرية עַלְמָה (علماه)؟ هذه الكلمة إذا قومت بفتح قاموس عبري سيُخبرك بأنها تعني فتاه في سن الزواج ربما تكون او لا تكون عذراء، والسياق نفسه يُحدد هذا إن كانت تُعبر عن فتاه عذراء او ليست عذراء[2] اتت كلمة علماه سبع مرات في العهد القديم:

تكوين 24 عدد 43 ” فَهَا انَا وَاقِفٌ عَلَى عَيْنِ الْمَاءِ وَلْيَكُنْ انَّ الْفَتَاةَ الَّتِي تَخْرُجُ لِتَسْتَقِيَ وَاقُولُ لَهَا: اسْقِينِي قَلِيلَ مَاءٍ مِنْ جَرَّتِكِ “، ” הִנֵּ֛ה אָנֹכִ֥י נִצָּ֖ב עַל־עֵ֣ין הַמָּ֑יִם וְהָיָ֤ה הָֽעַלְמָה֙ הַיֹּצֵ֣את לִשְׁאֹ֔ב וְאָמַרְתִּ֣י אֵלֶ֔יהָ הַשְׁקִֽינִי־נָ֥א מְעַט־מַ֖יִם מִכַּדֵּֽךְ׃”،

خروج 2 عدد 8 ” فَقَالَتْ لَهَا ابْنَةُ فِرْعَوْنَ: «اذْهَبِي». فَذَهَبَتِ الْفَتَاةُ وَدَعَتْ امَّ الْوَلَدِ. “، ” וַתֹּֽאמֶר־לָ֥הּ בַּת־פַּרְעֹ֖ה לֵ֑כִי וַתֵּ֙לֶךְ֙ הָֽעַלְמָ֔ה וַתִּקְרָ֖א אֶת־אֵ֥ם הַיָּֽלֶד׃”،

مزمور 68 عدد 25 ” مِنْ قُدَّامٍ الْمُغَنُّونَ. مِنْ وَرَاءٍ ضَارِبُو الأَوْتَارِ. فِي الْوَسَطِ فَتَيَاتٌ ضَارِبَاتُ الدُّفُوفِ. “، ” קִדְּמ֣וּ שָׁ֭רִים אַחַ֣ר נֹגְנִ֑ים בְּת֥וֹךְ עֲ֝לָמ֗וֹת תּוֹפֵפֽוֹת׃ “،

امثال 30 عدد19 ” طَرِيقَ نَسْرٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَطَرِيقَ حَيَّةٍ عَلَى صَخْرٍ وَطَرِيقَ سَفِينَةٍ فِي قَلْبِ الْبَحْرِ وَطَرِيقَ رَجُلٍ بِفَتَاةٍ. “، ” דֶּ֤רֶךְ הַנֶּ֨שֶׁר׀ בַּשָּׁמַיִם֮ דֶּ֥רֶךְ נָחָ֗שׁ עֲלֵ֫י צ֥וּר דֶּֽרֶךְ־אֳנִיָּ֥ה בְלֶב־יָ֑ם וְדֶ֖רֶךְ גֶּ֣בֶר בְּעַלְמָֽה׃”

النشيد 1 عدد 3 ” لِرَائِحَةِ أَدْهَانِكَ الطَّيِّبَةِ. اسْمُكَ دُهْنٌ مُهْرَاقٌ لِذَلِكَ أَحَبَّتْكَ الْعَذَارَى. “، ” לְרֵ֙יחַ֙ שְׁמָנֶ֣יךָ טוֹבִ֔ים שֶׁ֖מֶן תּוּרַ֣ק שְׁמֶ֑ךָ עַל־כֵּ֖ן עֲלָמ֥וֹת אֲהֵבֽוּךָ׃”،

نشيد 6 عدد 8 ” هُنَّ سِتُّونَ مَلِكَةً وَثَمَانُونَ سُرِّيَّةً وَعَذَارَى بِلاَ عَدَدٍ. “، ” שִׁשִּׁ֥ים הֵ֙מָּה֙ מְּלָכ֔וֹת וּשְׁמֹנִ֖ים פִּֽילַגְשִׁ֑ים וַעֲלָמ֖וֹת אֵ֥ין מִסְפָּֽר׃”، اشعياء 7 عدد 14 وهو محل الدراسة بالطبع، هذه هي المواضع التي جاءت فيها الكلمة العبري علماه في العهد القديم، ومن الواضح انه ليس ولا واحد من مواضع الكلمة تُشير إلى أمرأة مُتزوجة !، وكما يقول ماكراي ألان أستاذ العهد القديم ” لا يوجد مثال حيث يُمكن اثبات ان علماه تُشير إلى امرأة ليست عذراء [3]

ولكي نضع ترجمة صحيحة لكلمة علماه فيجب ان نضعها في سياقها اللغوي التاريخي. فقد نقل روبرت براون الدراسات التي قام بها كل من روبرت ويلسون وإدوارد يونج على أساس السياق والخلفية التاريخية والنصوص القديمة مثل النصوص الإوغارتية من راس شمرا وتوصلوا إلى نتيجة واحدة وهي ان الكلمة لم تُستخدم لوصف امرأة مُتزوجة، فقد قال روبرت ويلسون ” من نتاج الأدلة يتضح شيئين،

1. ان كلمة ” علماه ” المعروفة حتى الأن لا تُعني أبداً امرأة متزوجة،

2. بما ان استخدام كلمة ” علماه ” القانوني والإستخدام الشائع لكلمة علماه كان بكل تأكيد انها تعني عذراء عفيفة،

إلى ان يتم إثبات عكس ذلك، يحق لنا ان نقول ان رابكا وعلماه المُستخدمة في أشعياء 7:14 وجميع الأستخدام الأخر يُعني عذراء، وجميع الفتيات الأخريات كانوا عذارى حتى يتم إثبات عكس ذلك ” وقد قال إدوارد يونج ” نحن بعيدون عن التأكيد على ان كلمة علماه هي الكلمة المُعادلة الدقيقة للتعبير الإنجليزي virgin، لكننا بالأحرى اقرب الكلمات الإنجليزية مثل damsel او maiden وهي بالطبع كلمات تتحدث بصورة طبيعية عن فتاه غير متزوجة، وفي الواقع يبدو ان التعبير العبري ” علماه ” أقوى من الكلمات الإنجليزية maiden او damsel، حيث لا يوجد دليل انها اُستخدمت من قبل للإشارة إلى امرأة مُتزوجة، وبالتالي اتمنى من اولئك الذين يُكررون التأكيد القديم الذي يقول ان كلمة علماه يُمكن ان يتم استخدمها للتحدث عن امرأة سواء كانت مُتزوجة أو لا، ان يُقدموا لنا بعض الأدلة على ادعائهم، وعلى ضوء هذه الحقيقة، فإن الكلمة لا تُستخدم مُطلقاً للإشارة إلى امرأة مُتزوجة، وعلى ضوء نصوص راس شمرا، حيث وُجد كمرادف عملي لكلمة ” باتولاه ” (عذراء)، وكلتا الكلمتين يُشيران إلى ألهه غير مُتزوجة، فنحن نعتقد بأن مترجمي الترجمة السبعينية قد أظهروا القوة الحقيقية للكلمة حينما ترجموها إلى ” بارثينوس “[4]

لكن إن كان قد قصد اشعياء التحدث عن فتاة تكون ” عذراء ” فهل كان يَصعب عليه ان يستخدم كلمة بتولاه بدلاً من علماه؟ في الواقع لا يوجد كلمة عبرية تعني دائماً عذراء، والحقيقة ان الكلمة العبري بتولاه رغم اها غالباً ما تُشير إلى عذراء إلى انها في المواضع الكتابية العبرية في أكثر الأحيان ليس لها أي إشارة إلى العذرية ولكنها تُعني ببساطة شابة بكر، ومابين خمسين مرة في التناخ ترد كلمة بتولاه إلا ان NJPSV ترجمتها maiden بدل virgin في 31 موضع ! [5]

فلا علاقة مُباشرة بين استخدام كلمة بتولاه بعذراوية الفتاه، فبإختصار ان كلمة علماه لم تُستخدم أبداً للإشارة إلى فتاه مُتزوجة وكلمة بتولاه لا تُترجم حتماً عذراء كي ما يتم الإستدلال بقوتها في حين عدم استخدمها في نص اشعياء 7:14. صحيح انه للوهله الأولى قد تبدو كلمة بتولاه كلمة جيدة للتعبير عن العذراوية لكن عند الفحص الدقيق يتضح انها ليست مُرضية، ربما تكون عذراء ولكن قد تُشير إلى عذراء مخطوبة، في التثنية توضح الشريعة ان خيانة حالة الخطوبة كانت شنيعة مثل الزنا ويُعاقب عليها بالرجم، في يوئيل 1:8 من الواضح ان بتولاه امرأة متزوجة، وفي نصوص تعويذة أرامية في وقت لاحق، تُشير الكلمة المُعادلة لبتولاه في الأرامي إلى امرأة متزوجة، فإذا كان استخدم اشعياء كلمة بتولاه لكان تركنا في حيرة، لا يُمكننا ان نعرف بالضبط هل كان يتحدث عن عذراء ام عذراء مخطوبة ام امرأة متزوجة، لا توجد كلمة أخرى متاحة للغة العبرية تُشير بوضوح إلى ان ما يقصده امرأة غير متزوجة، وبالتالي لم تكن أي كلمة مناسبة لتوفي شروط العلامة التي يُعطيها الله، فقط كلمة علماه تُشير إنها غير متزوجة [6]

يقول تشارلز بيفيفر ” قد تم اختيار كلمة العذراء هنا بعناية، لا تدل كلمة علماه بالضرورة إلى وجود عذراء (لم تُمارس العلاقة الحميمية من قبل) ومع ذلك فإنه يُشير فقط إلى عذراء عفيفة وغير متزوجة (بقدر ما يُظهر السياق) ” [7] ويرى إليك موتير. ان كلمة علماه ليست مُصطلحاً عاماً يُعني ” امرأة شابة “، ولكنها كلمة مُحددة تُعني عذراء، وتجدر الإشارة إلى انه خارج الكتاب المُقدس بقدر ما يُمكن التأكد منه، لم تُستخدم كلمة علماه ” مُطلقاً ” للتعبير عن امرأة متزوجة [8] وهنا أريد ان أعلق على ذلك الكلام، فمعنى انها كلمة ” مُحددة ” تُعنى عذراء لا تعنى بالطبع نفياً لمعنى انها تتحدث عن امرأة شابة لكن كلمة علماه ليست بتلك العشوائية انها تعني في اشعياء 7:14 مجرد امرأة شابة، لكن بحسب سياقها التاريخي يجب ان تكون عذراء هذا ليس كسراً للغة ولكن تبحر في اللغة.

ويعتمد توم كونستابل على دراسة Richard Niessen الشهيرة. فيقول. ان الكلمة العبرية لكلمة عذراء هي علماه، والتي تُعني شابة في سن الزواج، لكن الكلمة لا تصف أبداً أمرأة مُتزوجة في العهد القديم، وهي الكلمة الوحيدة في اللغة العبرية التي تُشير بشكل قاطع إلى امرأة غير متزوجة[9]

 

ماهية نبوه أشعياء

تتطاحن الأفكار للوصول إلى قوة الإعلان الإلهي للنبوه وعلاقتها بيسوع وفي نفس الوقت بإرتباطها التاريخي بالأحداث الجارية في وقت اشعياء. الصورة التي أرغب في توضيحها ان أشعياء هو ” نبي ” وليس مُجرد واعظ استخدمه الله ليُلقي ما هو مُناسب من قول لأحاز وبسبب ورود أخبار بإتفاق دمشق واسرائيل لمحاربة ملك يهوذا (أحاز)، يتقدم اشعياء بإعتباره ” نبي “، ليُسلم احاز رسالة، ولكن وأسفاه لم يؤمن أحاز بوعد الله، فماذا يكون رد الله على لسان نبيه اشعياء؟ رد الله هو ان وعوده تبقى وان لم يُصدق احد، وعد الله ببقاء يهوذا وأورشليم وسلامة الملك هو وعد أبدي، وسأبقى أميناً على وعدي وأتممه بنفسي على مستوى المُعجزة، ويُكمل الله خطة الخلاص بواسطة هذا الإبن الذي يملك على كرسي داوود (اش 6-7:9) [10]

فألله أراد إعطاء ” أيه ” אוֹת فهي أسم مُذكر تعني علامة ومُعجزة تُستخدم في الغالب لوصف الأحداث المُذهله من اعمال الله ووصف المُعجزات [11] فليس من المُمكن بعد ان يتحدث النبي عن وعد إلهي خارق وغريب غير مألوف ويكون في نهاية المطاف الأمر المُعجزي ان امرأة تلد فهذا حدث يحدث كل يوم ! وكيف ينظر سامعي النبي إليه ! فمن الواضح ان النص يُشير إلى حدث خارق وهو حبل ولادة عذراء بقوة روح الله [12] ومن الملحوظ ان النص يقول ” ها العذراء ” העלמה فحرف الــــ ה مع أسم الفاعل في اللغة العبرية، فأنه عادة يدل على حدث يقع في المُستقبل، وبالتالي يكون المعنى في اش 7:14، ليس فقط الميلاد الذي يحدث في المُستقبل، بل أيضاً الحمل الذي يحدث في المُستقبل، لذا فالنص لا يُشير النص إلى امرأة حامل وستلد، بل امرأة ستحبل في زمن المُستقبل [13]

ولكن في ضوء ذلك الحال الكتابي فقد تتنوع التفسيرات والأراء كي ما يتم وضع خط مُستقيم واضح لفهم نص أشعياء. فقد كان من يؤكد ان كلمة ” علماه ” بالضرورة تعني عذراء وهناك من يتمسك بالرأي القائل يجب على اشعياء إن كان يقصد العذراء ان يستخدم كلمة بتولاه، وقد كان شائعاً مثلاً تتبع جزر كلمة علماه الذي يُعني to conceal, وبالتالي دعم ترجمة عذراء، فقد جادل Pusey بقوة في هذا الإشتقاق، في حين أشار Cheyne إلى انه لم يكن يعطي الوزن الواجب للأشكال العربية المُشابهه، التي يبدو انه تدعم معنى ” الشخص الذي ينضج جنسياً “، بغض النظر إذا كان حدث زواج أو لا، وبالتالي هذا سيأخذنا إلى ترجمتها إلى ” امرأة شابة “[14]

وعلى ضوء الإكتشافات كشفت النصوص الأوجارتية الجديد من الجدل حيث ان الكلمة الأوجارتية glmt لا تُستخدم أبداً لأمرأة متزوجة، فالدليل الأوجارتي ليس ضد ترجمة ” عذراء ” [15]

فالأستخدام الأوجارتي مع الإشارة إلى الألهه كان تُشير إلى العذراوية بصفة دائمة [16]وبالتالي لا يوجد إشتقاقات واضحة حاسمة لكلمة بتولاه او علماه، لكن في نظر الكثيرين قد تخلوا عن الجدل الإشتقاقي ومناقشة الأدلة المتاحة التي بالكاد تنصب في صالح كلمة علماه بإعتبرها عذراء غير متزوجة.

لكن يجب ان نتبع منطق ثيؤفلاكت وهو رئيس اساقفة Achrida أو ما يُرف حالياً ببلغاريا، الذي قد كتب تفاسير على العديد من أسفار العهد القديم والعهد الجديد بأكملة بإستثناء سفر الرؤيا [17] فهو يتعامل مع القول اليهودي الدائم ان الترجمة خاطئة ويجب ان تكون ” امرأة شابة ” في حين ان كلا التعبيرين سواء عذراء او امرأة شابة في النهاية هذا لا يخل بما يُعلنه الله من خلال إشعياء لحادث مُعجزي فحتى ان تُرجمت امرأة شابة فيجب ان تكون هذه المرأة الشابة عذراء أيضاً [18]

الإعتراض اليهودي حول ترجمة كلمة علماه هو حقاً اعتراض سخيف من كل اتجاه، ولكن اليهود أيضاً يروا ان النبوه تخص وقتها وتحققها في زمن مُستقبلي قريب وبالفعل تحققت في ولادة ابن اشعياء وهذا الرأي الذي يتبناه ابن عزرا ويتبعه المُفسر اليهودي راشي [19] هذا الرأي أو حتى غيره فيوجد من يُشير إلى نبوه مزدوجة من العلماء المسيحين مثل والتر كايزر [20] لكن في الحقيقة كون ان يكون النص إشارة إلى ابن اشعياء أو حتى حزقيا ويسوع معاً هذا يواجه بشكل صارخ كون وجود حادث غير عادي سيحدث أو على الأقل وجود هذا الحدث بشكل جزئي، فما معنى ان يكون ولادة أمرأة ليست عذراء وتلد طفلاً عادياً ان يكون وعد ليس طبيعي!!

والسياق الأوسع لأشعياء 9:6 – 7:16 وهو ولادة ولد يكون انسان وإله وليس مُجرد إنسان ويسوع هو الوحيد الذي ينطبق عليه هذا، بالإضافة إلى ان صيغ الجمع في اش 13-14:7 يعني ان وعد الله ليس لشخص بعينه ولكن لبيت داوود وهذا لا يتوافق مع فكرة التحقيق القريب بل ان التحقيق يكون على المدى البعيد فالعلامة التي يُريد ان يعطيها الله لأحاز هو عدم انتهاء يهوذا والملك الداوودي.

وميلاد يسوع من نفس مملكة أحاز بعد قرون هو علامة الله لأحاز لعدم انتهاء مملكته في عهده، ومن الملحوظ هو استخدام تعبير ” ايل ” في كل من اشعياء 9:6،7:14، واستخدامه في أوقات الأزمات ” ئيل ” كان مع ابراهيم واسحاق (تكوين 3:26) ويعقوب (تكوين 15:28) ويوسف (تكوين 39:2،3،21،23) ويشوع (يشوع 6:27)، وداوود (1صموئيل 18:14) وسليمان (1 ملوك 1:37)، وعمانوئيل يُعني ” الله معنا “، فكل هذا يُشير إلى العناية الإلهية، هناك نقطة يتم تجاهلها وهي إنه لم يتم الخلاص من سوريا واسرائيل لبعض الوقت بعد ولادة الطفل !

لا يُمكن لأي طفل ان يكون هو العلامة الإلهية !، ولكل هذا فأشعياء لا يعلن عن ولادة معاصرة لا ولادة حزقيا ولا أي طفل أخر، ولكن يتحدث عن ولادة الشخص الذي يجعل وجوده ذاته، فالتحقيق اشعياء 7:14 يجب ان يكون: 1. ميلاد الطفل أمر معجزي، 2. ان تكون من تلده عذراء،3. وجود الطفل ذاته يُحقق وجود الله مع شعبه [21] في النهاية أريد اكرر مقولة لفيرنون ماكجي يوجهها إلى اللاهوتي الليبرالي قائلاً ” تستطيع ان تنكر الميلاد العذراوي لكن لا تستطيع ان تنكر ان اشعياء ومتى يتحدثان عن ميلاد يسوع من عذراء ” [22]

[1] Elwell, W. A., & Beitzel, B. J. (1988). Baker encyclopedia of the Bible. Map on lining papers. , Page, 2124
[2] Swanson, J. (1997). Dictionary of Biblical Languages with Semantic Domains: Hebrew (Old Testament) (electronic ed.) (DBLH 6625).
[3] Macrae, A. A. (1999). 1630 על�. In R. L. Harris, G. L. Archer, Jr. & B. K. Waltke (Eds.), Theological Wordbook of the Old Testament (R. L. Harris, G. L. Archer, Jr. & B. K. Waltke, Ed.) (electronic ed.) , Page, 672
[4] Reymond, R. L. (2003). Jesus, Divine Messiah: The New and Old Testament Witness , Page, 92
[5] Brown, M. L. (2003). Answering Jewish objections to Jesus, Volume 3: Messianic prophecy objections , Page,21
[6] Young, E.. The Book of Isaiah: Volume 1, Chapters 1-18 , Page, 288
[7] Pfeiffer, C. F. The Wycliffe Bible commentary: Old Testament (Is 7:14). Chicago: Moody Press
[8] Motyer, J. A. (1993). The prophecy of Isaiah: An introduction & commentary (Is 7:13). Downers Grove, Ill.: InterVarsity Press.
[9] Tom Constable. (2003; 2003). Tom Constable’s Expository Notes on the Bible. Galaxie Software.
[10] الأب متى المسكين , تاريخ إسرائيل. صـــ 174
[11] Baker, W. (2003, c2002). The complete word study dictionary: Old Testament , Page, 29
[12] Calvin, J. (1998). Calvin’s Commentaries: Isaiah (Is 7:14).
[13] القمص روفائيل البرموسي، أما اسرائيل فلا يعرف , صـــ82
[14] Jones, K. E. The Book of Isaiah. In. Vol. 3: Isaiah-Malachi. The Wesleyan Bible Commentary,Page, 162
[15] Gordon, C. H. Ugaritic textbook grammar, texts in transliteration, cuneiform selections, glossary, indices. Analecta orientalia, 38 ,Page, 23,144
[16] Oswalt, J. N. The Book of Isaiah. Chapters 1-39. The New International Commentary on the Old Testament,Page, 210
[17] Introduction and Biographical Information. 2005. Ancient Christian Commentary on Scripture. , Page, 505
[18] EBT 21.Explanation of Matthew 23
[19] Blenkinsopp, J. (2008). Isaiah 1-39: A new translation with introduction and commentary , Page, 233
[20] Kaiser, W. C., Jr., Davids, P. H., Bruce, F. F., Brauch, M. T., & Kaiser, W. C. (1997). Hard sayings of the Bible , Page, 301
[21] Young, E.. The Book of Isaiah: Volume 1, Chapters 1-18 ,Page, 291
[22] McGee, J. V.. Thru the Bible commentary. Based on the Thru the Bible radio program. 3: , Page, 215

قراءة موجزة في نبوة عمانوئيل – اشعياء 7:14

Exit mobile version