هل كان للرب يسوع اخوة بالجسد؟ – ترجمة: عفيف ديميتريوس
هل كان للرب يسوع اخوة بالجسد؟ – ترجمة: عفيف ديميتريوس
الأسقف لازار بوهالو (Bishop Lazar Puhalo)
لطالما أعلنت الكنيسةُ دوام بتولية مريم، أمَّ إلهِنا (ثيئوطوكوس). الآية التي تشير إلى “الإبن البكر” كثيراً ما أُسيئ تفسيرُها من قبل الكثير من الهراطقة (Heterodox)
“ولم يعرفها إلى أن (باليونانية = eos) ولدت ابنها البكر” (متى 1: 25 ولوقا 2: 7)
يبدو أنه عادةً ما يتم ترجمة الآية “لم يعرفها إلا بعد ذلك..” ولكن ليس هذا هو المقصود. الأصل اليوناني (eos) يُوضح المعنى الحقيقي بأنه “لم يكن له علاقات جسدية معها قبل أن تَلد”. يُورد الانجيلي هذه العبارة للتأكيد على أنه لم يكن ليوسف أي صلة بالحبل بيسوع.
عبارة مصطلح eos ou لا تُفهم أنه قد أقام علاقةً معها بعد ميلاد المسيح. إنها فقط تعني أنه بالنسبة لميلاد يسوع، لم يكن ليوسف علاقات مع مريم قبل الولادة ولهذا لم يكن هو أبو يسوع. إنّها مجرد طريقة للتعبير باستخدام مصطلحات عامة ومألوفة. نفسُ الاصطلاح ومعناه مُستخدم في أماكن أخرى في الكتاب المقدس، ومن الواضح أنّه لا يعني ما يفترض الهراطقة (أي غير المستقيمين) أنه يعني.
في صموئيل الثاني 6: 23 مثلاً، نقرأ ” ولم يكن لميكال بنت شاول ولدٌ حتى (eos) يوم موتها”. هل صار لها ولدٌ بعد مماتها؟ بالطبع لا!، وبنفس الطريقة لم “يعرف” يوسفُ مريمَ بعد ميلاد يسوع.
في سفر التكوين 8: 7 نقرأ: ” وأرسلَ (نوحٌ) الغُرابَ، فخرجَ مُتردّداً حتَّى (eos) نَشِفَتِ المياهُ عَنِ الأَرضِ”. نحن نعلمُ من الكتاب أن الغرابَ لم يعد إلى الفُلك. يقول إنه لم يرجع “حتى بعد” وفي الحقيقة لم يحصل أنّه رجع أبداً. هكذا أيضاً يقول الكتاب أنّ “يوسف لم يعرفها حتى بعد” وفي الحقيقة هو لم يعرفها اطلاقاً.
في مثال آخر، يقول الكتابُ: “قال الربُّ لربّي، اجلس عن يميني حتى (eos) أجعل أعدائك موطئاً لقدميك” (مرقس 12: 36). هل يعني هذا أن المسيح سيمتنع عن الجلوس عن يمين مجد الآب بمجرد الانتصار على أعدائه؟ بالطبع لا. إذاً، لا يقول الكتابُ أن “يوسف لم يعرفها إلا بعد أن ولدت ابنها البكر، وبعد ذلك عرفها”. ما يقوله الكتابُ: “لم يعرفها قبل (حتى) أن ولدت ابنها البكر”، ما يعني ببساطة وبوضوح، “لم يكن يوسفُ هو الأب. لم يجتمع معها قبل حبلها، لذلك لم يكن له علاقة في الحبل بيسوع”
التقليدُ المقدس فيما يختص بهذه الأمور مأخوذ بكل تأكيد من شهادة مريم الخاصة و، مثل كلَّ شيء في الكنيسة، مخفوظٌ في ملئ الروح القدس وارشاده.
كانت مريمُ، وذلك لإتمام الشريعةِ الموسوية، مخطوبةً ليوسف، وهو رجل كهلٌ والذي كان في الحقيقة خالها (كما يخبرنا التقليد المقدس المُرشَد من الروح القدس). وهكذا فإن “زواجهما” كان زواجاً لا تُسمحُ فيه العلاقةُ الجنسية بينهما بحسب شريعة موسى، لأنها كانت تحمل الميراث البكر، أي المسيح. هذا ما تعنيه كلمة “بكر” ببساطة. وهي لا تشير إلى ولادات لاحقة، لكنها تصف ببساطة المولود الأول.
في ناموس موسى فإن البكرَ من أيَّ انثى (بشر أو حتى حيوان) له اهميةُ دينية ولهذا التأكيد على بكورية يسوع.
أخيراً ربما تسأل، “كيف يمكن لمريم أن تبقى عذراء بعد ميلاد المسيح؟”. والجوابُ ببساطة موجودٌ في الكتاب “ما هو غيرُ مستطاعٌ عند الناس، مستطاعٌ عند الله” (متى 19: 26)
معنى وهويةُ “أخوة يسوع”
من هم “اخوةُ يسوع” (متى 12: 46 – 47)، ولو كان عنده أخوة فلما ندعو والدةَ الإله “الدائمة البتولية”؟
ذُكر “أخوةُ” يسوع عدةَ مرات في العهد الجديد. أربعةٌ منهم ذكروا بالاسم. وليس من الصعب أن نشرح من هم لأن الكتاب يُسمي أربعةً منهم مُحدداً نسبهم. متى (13: 55) ومرقس (6: 3) يذكران يعقوب ويوسي وسمعان ويهوذا كإخوة له.
نعلمُ بشكل أكيد أن يعقوب ويوسي لم يكونا أولاداً لمريم أو يوسف لأن الكتاب يُعرّفهم كأولادٍ لمريمَ أُخرى، زوجةِ حلفى-كليوبا (متى 27: 56 ومرقس 15: 40). أيضاً أُشير إلى يعقوب على أنّه “ابنُ حلفى” وقت ذكر أسماءِ التلاميذ (متى 10: 3، مرقس 3: 18، لوقا 6: 15 وأعمال 1: 13).
يجب أن يُنظر إلى هذه العلاقة بين هؤلاء الأخوة (بما في ذلك الأخوات) من خلال التقليد العبري-الآرامي، الذي بالنسبة له يُسمّى حتى أولادُ الأعمام والخالات أخوةً وأخوات. وهذه الحالُ أيضاً في اللغات والثقافات اليونانية والسلافية إلى يومنا هذا، فلا داعي للتخمين في هذا الشأن، فهي حقيقةٌ نعيشُها في عائلاتنا وحياتنا.
لدينا مثالٌ واضحٌ لهذا في العهد القديم. الكلمةُ التي استُخدمت لوصفِ علاقة لوط مع ابراهيم في سفر التكوين 14: 16 هي “adelphi” في اليونانية القديمة والتي معناها أخٌ في العربية (والانجليزيّة). ومع أنّنا نعلمُ أن لوط كان ابنَ أخِ ابراهيم. الكلمة اليونانية “Adelphos” و”Adelphi” هي محاولةٌ لترجمة كلمة آرامية غير معروفة – ولا أحد يعلم ماهي الكلمة الأساسية والتي نُقلت إلى اليونانية أو العربية والانجليزية إلى “إخوة” (Brothers and Brethren).
لم يكن هناك أخوةٌ ليسوع من “نفس الدم”، وإلاّ لما سلّم رعايةَ أمِّه إلى القديس يوحنا اللاهوتي (يوحنا 19: 26) عند الصليب. بالتأكيد كان المسيحُ ليُزعج ويقلّل من احترام إخوته لو فعل هذا!
تشرحُ نبوءاتُ العهد القديم الزواجَ العذريّ ودوامَ بتوليّة والدةِ المسيح، بالإضافة لذلك لدينا شهادةُ الروح القدس المتكلّم في الكنيسة أنّ مريم هي “دائمة البتولية”
دليلٌ آخر من الكتاب المقدس أنّ الأخوةَ والأخوات ليسوا بالضرورة أنسباء (أقرباء). تقليدُ كنيستنا المقدس يعلّمنا أن فائقة القداسة مريم العذراء كانت الوحيدة لأبويها يواكيم وحنّة، ولكن نقرأ في يوحنا 19: 25: “وكانت واقفاتٍ عندَ صليبِ يسوعَ، أُمُّهُ، وَأختُ أمّهِ مريمُ زوجةُ كِلُوبَا، ومريمُ المجدليّةُ”. ولو كان تاريخ كنيستنا صحيحاً فكيف يكون لمريمُ أختٌ؟
الإشارةُ الأولى هي أن كلتي الامرأتين اسمُهما مريم! لا يوجد عائلةٌ تُسمي ابنتين ذاتَ الاسم! فمن الواضح إذاً أن العلاقة بين المرأتين مختلفةٌ عن فهم اللغة الحالي لكلمة “أخت”. الإشارةُ الثانية في إجابتنا هي أنّ الكتابَ يُحدد بوضوحٍ أنّ مريم هذه هي زوجةُ كليوبا وهي أمُّ “أخوةِ” يسوع. اسم كليوبا هو نفسُه حلفى في اللغة الآرامية التي كان يسوع يحكيها. إذاً أخوة يسوع المفترَضين المذكورين في مرقس 6: 3 معروفون على أنهم أولاد حلفى وزوجتِه مريم – “أختِ” مريم العذراء.
لذلك يُرينا الكتابُ أن “أخوة” يسوع ليسوا أخوته لكن فقط أقرباءه. ليس هناك من دليل كتابي يدعم نظرية أن مريم العذراء ولدت أولاداً آخرين غير يسوع المسيح ربنا.
المجدُ لإلهنا يسوعَ المسيح.
On the Ever-Virginity of the Theotokos (Mother of God) by Bishop Lazar Puhalo