المايسترو مجدى يعقوب… ضابطُ إيقاع القلوب .. بقلم فاطمة ناعوت
المايسترو مجدى يعقوب… ضابطُ إيقاع القلوب .. بقلم فاطمة ناعوت
المايسترو مجدى يعقوب… ضابطُ إيقاع القلوب .. بقلم فاطمة ناعوت
بقلم فاطمة ناعوتله خفقةٌ فى كلِّ قلبٍ مصرىّ، وصورةٌ معلّقةٌ على كل جدار. له مكانٌ فى كلِّ منصّة علم فى أرجاء العالم، وله مبضعُ جراحة على كلّ طاولة تُطيّبُ قلبَ موجوعٍ. له حلمٌ فى صدر كلِّ إعلامى يودُّ استضافته فى لقاء، وله ومضةُ عدسة فى كلِّ كاميرا تلاحقه لترصدَ إنجازاته النبيلة لصالح البشرية المعذّبة. لكنه هاربٌ من الضوء، زاهدٌ فى الحديث، عازفٌ عن الدروع والأوسمة والتكريمات. إنه مشغولٌ بضبط إيقاع قلب طفل يكادُ يفارقُ الحياة قبل أن يدركها، أو قلب رجل تتضرّعُ أسرتُه إلى الله كى يعودَ إليها عائلُها الوحيد، أو قلب أمٍّ يبكى أطفالُها فى انتظار عودتها إليهم.
المايسترو الذى منحه اللهُ عصا قادرةً على ضبط إيقاع القلوب على النغمة الأصح. تأتى إليه القلوبُ الكسيرةُ وقد شابَ إيقاعَ قلوبِها شىءٌ من نشاز، أفسدَ لحن الحياة، فيعيدُ ذاك المايسترو العظيم دوزنة الخفقِ، ليتّسقَ الخفقُ مع أوكتاڤ الحياة. إنه السير مجدى يعقوب، البروفيسور العالمى فى علاج أمراض القلب، والإنسان الرفيع الذى زهدَ فى مباهج الحياة، وعزفَ عن بهرجها وزُخرفِها، وجّند عينيه لمراقبة الشرايين التى تضخّ للقلوب دماءَ الحياة، وجنّد أذنيه على ضبط إيقاع خفقها.
لا نلمحُ ضحكتَه إلا فى بين أطفال يتحلّقون حولَه يُمطرونه بالقُبلات والعناق لأنه ضبط إيقاع قلوبهم الموجوعة. ولا نلمحُ فرحتَه إلا لحظة خروجه من غرفة العمليات وقد أنقذ إنسانًا من الموت. فيما عدا هاتين اللحظتين، لا نلمحُ فى ملامحه إلا الصمتَ والإطراقَ والعزوف عن الحديث. وفى مقابل هاتين اللحظتين فى حياة مجدى يعقوب، هناك لحظتان أخريان فى حياة مئات الآلاف من المرضى الذين دُوِّنت أسماؤهم فى سجلات مركز مجدى يعقوب لعلاج أمراض القلب. لحظتان فريدتان فى عمر كلِّ مريض منهم. لحظةٌ تعسةٌ كسيرةٌ فاقدةٌ للأمل، وهى لحظة دخول المركز بقلب عليل لا يكاد يقوى على الحياة، يحسب الأيام الأخيرة فى عمر صاحبه.
ولحظةُ فرحٍ وأمل وانطلاق مفعم بالحياة، وهى لحظة الخروج من المركز بقلب سليم قوى يرسم لصاحبه غدًا مشرقًا حاشدًا بالعمل والنجاح. ما بين اللحظتين الفارقتين فى عمر كل مريض، ثمّة عقلٌ يفكّر، وقلبٌ يحبُّ، ويدٌ تعمل، من أجل تحويل اللحظة الأولى إلى اللحظة الثانية. من أجل تحويل التعاسة إلى فرح، واليأس إلى أمل، والموت إلى حياة. عقلُ وقلب ويدُ المايسترو النبيل، الذى لا يكتفى بقيادة الأوركسترا منفردًا. بل يُدرِّب كوادرَ جديدة من قادة النغم ليحملوا عصواتهم ويضبطوا إيقاعات النغم معه، حتى لا تتوقف شلالاتُ الموسيقى عن الهدر يومًا. فى كل عام يقدّم السير مجدى يعقوب كوادرَ طبيّةً جديدة تعلّمت فى مدرسته العظمى، ليكون فى صندوق كنوز العالم العديدُ والعديدُ من هذا الفريد الأنبل: السير مجدى يعقوب.
والملوكُ يعرفُ قدرَها الملوكُ. ولا يعرفُ قيمةَ أهلِ العلم، إلا أهلُ التحضّر والإنسانية. لأنهم يدركون أن العلمَ هو صانعُ الحضارة وصديقُ الإنسان الأوفى. صُنّاعُ الحياة والأمل، لا يعرف قدرَهم إلا صُنّاعُ الحضارة وبناةُ الإنسانية. لهذا كان تتويج ذلك المايسترو بلقب: (صانع الأمل) فى دبى قبل أيام. منحه سمو الشيخ محمد بن راشد، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس مجلس الوزراء الإماراتى، وحاكم دبى، (وشاح محمد بن راشد للعمل الإنسانى)، لأنه يعلمُ قيمة صناعة الأمل، التى تفوق كل ما عداها من صناعات عرفها الإنسانُ منذ وطأ هذه الأرض. صناعةُ الأمل هى المنجزُ الأهمُّ الذى عرفته البشرية عبر التاريخ. وأبناءُ الإمارات تعلّموا وأتقنوا فنَّ بناء الإنسان وفن صناعة الحياة. منذ قرابة النصف قرن، أدركوا أن الاستثمار فى الإنسان هو أعلى وأغلى ألوان الاستثمارات، لهذا أنشأ الشيخ محمد بن راشد مؤسسة ضخمة لمتابعة نبض الحياة فى كل أرجاء العالم، ورصد النيّرين الذين يصنعون الأمل لإنقاذ البشرية من المرض والجهل والفقر، ثالوث الويل ضد البشرية.
شكرًا للشيخ محمد بن راشد، وشكرًا لشعب الإمارات النبيل. وشكرًا لمصر الطيبة التى تُنجبُ الطيبين الذين يصبحون المعادلَ الموضوعى لكل ما فى الحياة من أدران. مجدى يعقوب فردًا، يعادل إيجابيًّا سلبيات الجموع من صنّاع التطرف فى مصر والعالم. لأن ضخَّ الحياة فى قلب يحتضر، يمنحنا درعًا نقاوم به صنّاع التكفير والترويع والإرهاب. ودائمًا الدينُ لله، والوطنُ لمن يحبُّ الوطن.