مذيع مسلم: الله مات – هل تؤمن المسيحية بموت اللاهوت؟
مذيع مسلم: الله مات – هل تؤمن المسيحية بموت اللاهوت؟
خرج علينا أستاذهم محمود داود، الملقب بـ ميمو ، بكلام قديم قد عفى عليه الزمن، لكن أضاف إليه محمود عنصر التعامي والتغابي، ومفاد كلامه كله أن المسيحي يؤمن أن الله مات. حسنا، سنرد بالطريقة التي لربما يكون محمود يفهم بها، فقد يحار العاقل في كيفية فهم هذا الإنسان، فهو يقرأ الكلام المناقض له صراحة ثم يفهمه كأنه يقول ما يقول. فعندما سُئل المسيح من تلاميذه عن سبب كلامه مع الناس بالأمثال، فرد عليهم المسيح وقال:
١١ … لِأَنَّهُ قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرَارَ مَلَكُوتِ ٱلسَّمَاوَاتِ، وَأَمَّا لِأُولَئِكَ فَلَمْ يُعْطَ. ١٢ فَإِنَّ مَنْ لَهُ سَيُعْطَى وَيُزَادُ، وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ فَٱلَّذِي عِنْدَهُ سَيُؤْخَذُ مِنْهُ. ١٣ مِنْ أَجْلِ هَذَا أُكَلِّمُهُمْ بِأَمْثَالٍ، لِأَنَّهُمْ مُبْصِرِينَ لَا يُبْصِرُونَ، وَسَامِعِينَ لَا يَسْمَعُونَ وَلَا يَفْهَمُونَ. ١٤ فَقَدْ تَمَّتْ فِيهِمْ نُبُوَّةُ إِشَعْيَاءَ ٱلْقَائِلَةُ: تَسْمَعُونَ سَمْعًا وَلَا تَفْهَمُونَ، وَمُبْصِرِينَ تُبْصِرُونَ وَلَا تَنْظُرُونَ. ١٥ لِأَنَّ قَلْبَ هَذَا ٱلشَّعْبِ قَدْ غَلُظَ، وَآذَانَهُمْ قَدْ ثَقُلَ سَمَاعُهَا. وَغَمَّضُوا عُيُونَهُمْ، لِئَلَّا يُبْصِرُوا بِعُيُونِهِمْ، وَيَسْمَعُوا بِآذَانِهِمْ، وَيَفْهَمُوا بِقُلُوبِهِمْ، وَيَرْجِعُوا فَأَشْفِيَهُمْ.
فعلاج من هم في مثل ذلك المستوى أن نتكلم معهم بأمثال، أما من هم دون هذا المستوى؟ فبماذا نكلمهم؟ وكيف نشرح لهم وهم قد وصلوا لدرجة أنهم يقرأون الكلام الذي يدينهم ولا يفهمونه! يقرأون كلامًا مناقضًا لما يريدون، ثم يفهمونه كأنه يعاضد فكرتهم السخيفة؟! سنحاول أن نشرح بطرق أقرب إلى أفهامهم في هذا الموضوع.
وقبل أن نشرع في عرض الرد المختصر ثم الرد المطول، نشرح فكرة محمود باختصار كما يفهمها هو. هدف محمود من هذا الفيديو كله أنه يدعي على المسيحيين أنهم يؤمنون بأن الله مات. حسنا، لدينا هنا أربع احتمالات، يمكن بأي منهم أن نفهم كلمة “الله” الموجودة في عبارة “الله مات” فمن هو “الله” المقصود هنا والذي يحاول محمود أن يقول إننا نؤمن بأنه مات؟ لدينا أربع احتمالات، مع ملاحظة أن هذه الإحتمالات تنزلا لأقل درجة ممكنة في أفهام البشر، لأن النزول لما هو دونها، سيجعلنا نعتقد أن محمود لا ينتمي للبشر في فهمه.
الأول: أن الله = اللاهوت فقط.
الثاني: أن الله = الناسوت فقط.
الثالث: أن الله = اللاهوت والناسوت معًا.
الرابع: أن الله = الناسوت متحدا باللاهوت.
الرد المختصر
يتفق المسيحيون أن الله كلاهوت فقط، لا يموت، ويعرف محمود هذا عن المسيحيين. ويتفق أيضا المسيحيون العارفون أن الناسوت فقط لم يكن وحده بل كان في إتحاد من لحظة الحمل المقدس في أحشاء السيدة العذراء مريم، فلا يوجد مفهوم “الناسوت فقط” بعد الإتحاد. ويتفق المسيحيون أيضًا أن اللاهوت والناسوت معًا لا يموتا، بمعنى أن اللاهوت لا يموت مع موت الناسوت المتحد به. أي أنه بموت الناسوت لم يمت اللاهوت معه. وأما الخيار الرابع، فهو ما يقوله المسيحيون العارفون لإيمانهم، إذ أن وقوع الموت كان على الناسوت، لكن هذا الناسوت لم يكن منفصلا عن الناسوت بل كان متحدا باللاهوت، لكن فعل الموت نفسه لا يؤثر في اللاهوت وليس من خواص اللاهوت أصلا التأثر بالموت كما أنه ليس من خواصه التعب والأكل والشرب ..إلخ.
إذن، أين المشكلة لدى محمود؟ مشكلة محمود أنه يظن أنه بالفهلوة، وبالقراءة المتحيزة البغيضة سيفهم ما يقوله المسيحيون! ومشكلة من يقرأ اللاهوت المسيحي بهذه السطحية المعتادة لدى محمود، أن اللاهوت المسيحي ألفاظه دقيقة جدًا ومدلولاته حاسمة وصريحة. وبلغة أهل الإسلام، فأن لهذا الفن ألفاظ، لابد أن تعرفها ثم تدرك معانيها عند المتكلمين بها لتفهم ما يقصدونه بها، فأقل خطأ في فهمها، ولا سيما لو كنت مغرضًا، سيجعلك تهرطق إن كنت مسيحيًا، أو يجعل منك أضحوكة ومصدر سخرية أمام المسيحيين الفاهمين لعقيدتهم، كما بدا محمود داود في ذلك الفيديو.
مشكلة محمود داود التي تمتلك عقله منذ أكثر من عشر سنوات نعرفه فيها، أنه -رغم طول هذه السنوات والتي كان يمكن أن يستغلها في فهم عقيدة المسيحيين- لا يفرق بين “إتحاد الطبيعتين” وبين “تأثير الفعل الواحد على الطبيعتين”، فيظن أن كل من يقول أن الطبيعتين غير منفصلتين، أنه يقول أن الموت أثر على اللاهوت وعلى الناسوت معًا، بينما يكون قائل العبارة يقصد أن الموت عندما وقع على المسيح تأثر به الناسوت وهو متحدا باللاهوت. أي أنه في وقت الأكل والشرب والنوم والحزن والتعب …. إلخ، كانت هذه الأفعال تقع كلها على الناسوت، لكن أي ناسوت؟ انه الناسوت المتحد دائمًا باللاهوت. فبمجرد ان يسمع محمود كلمة “متحد” يظن أنها تعني “وقوع الفعل على الطبيعتين المتحدتين”، فهذه هي مشكلته الكبيرة.
كيف كان أمام هذا الشاب أن يدرك الخطأ الجسيم الذي وقع فيه؟ ببساطة، بأنن يقرأ كلام من أتى بكلامهم هم أنفسهم عن وقوع الموت على الناسوت وليس اللاهوت. فلن يجد محمود داود أي شخص من هؤلاء يقول إنه وفقًا لأن الطبيعة الناسوتية متحدة بالطبيعة اللاهوتية، فاللاهوت قد مات مع موت الناسوت. لماذا لن يجدهم يقولون هذا؟ لأنهم وببساطة يعرفون معنى “متحد” التي يقولوها إنها من ناحية تؤكد على الوحدة بين الطبيعتين، ومن ناحية أخرى لا تعني وقوع تأثير الفعل على الطبيعتين! لذلك سيجد هؤلاء الآباء أنفسهم يقولون إن المسيح هنا كان يتكلم بحسب طبيعته البشرية وكان يأكل بحسب طبيعته البشرية وكان لا يعلم بحسب طبيعته البشرية …إلخ. لكن، لقد زيَّن الشيطان لمحمود فهمه لأنه شخص متكبر ولا يريد الحق ولا يقرأ حتى ليفهم عقيدة المسيحيين بدلا من إطلاق الاتهامات عليهم.
كانت هذه مشكلة محمود داود كاملة هنا، وايضاحها والرد عليها باختصار. ولنبدأ الرد المطول..
الرد المطول
في هذا الرد المطول، سيتم سرد الفكرة الرئيسية لمحمود داود، وهي فكرة واحدة ركيكة، ثم الطرق التي حاول تدعيمها بها. لكن سنضع الأساس من البداية هنا، والأساس هنا نظرًا لضعف فهم محمود داود سنلخصه من البداية في سؤالين فقط: هل يقول هذا الذي استشهدت به بأن اللاهوت مات؟ سواء متحدًا بالناسوت أو حتى منفصلًا عنه! أما السؤال الثاني وهو بذات المعنى لكن من زاوية مختلفة (لأننا لا نعرف كيف تتم عملية الفهم لدى محمود داود): هل يقول هذا الذي استشهد به أن اللاهوت نظرًا لاتحاده مع الناسوت، قد مات معه؟ أي: هل مات اللاهوت مع الناسوت المتحد به؟
هذان السؤالان هما ما حاول محمود داود التهرب منهما، لأنه يعرف أن جوابهما المباشر: لا! لا يقول المسيحيون بهذا أبدًا. وقبل أن نبدأ، في الرد السابق عليه والذي كان بعنوان [هل الله يتغير؟ وهل يعبد المسيحيون الجسد؟ – المذيع المسلم يذيعها مدوية: أنا لا أعرف شيء] والذي كان يتكلم فيه محمود داود عن الفكرة المعاكسة لهذه الفكرة الموجودة في الفيديو الآن، وهي أن المسيحيون يقدمون العبادة للجسد. ففي الفيديو السابق، أصاب عينه الحَوَل، حيث اعتقد ان العبادة المقدمة للمسيح إنما هي مقدمة للناسوت، بينما العبادة للاهوت المتحد بالناسوت، وفي هذا الفيديو اعتقد ان الموت منسوب للاهوت بينما الموت منسوب للناسوت المتحد باللاهوت. فمشكلة محمود وعدد كبير من المعترضين انهم يصيبهم الحول عندما يقرأون في كتبنا او يسمعون عن عقيدتنا، فينسبون ما هو أصلا للاهوت إلى الناسوت، ثم يقولون: حاشا وكلا! أيعقل؟ يا للهول!، بينما هو للاهوت (مثل العبادة) وعلى النقيض، ينسبون ما هو أصلا للناسوت إلى اللاهوت، ثم يقولون: حاشا وكلا! أيعقل؟ يا للهول! بينهما هو للناسوت (مثل الموت). مما يؤكد أنهم إما لا يفهمون أي شيء، أو أنهم يفهمون ومع ذلك يتعمدون الخلط على من يسمعونهم لكي يضلونهم. وسنبدأ بشرح الأفكار الفرعية التي عرضها الشاب ميمو.
الفكرة الأولى
في البداية نسأل:
- هل يؤمن المسيحيون أن المسيح هو الله؟ الإجابة: نعم، وسبب هذه الإجابة هي أن المسيح هو لاهوت متحد بناسوت، وكونه “لاهوت” فهو الله بسبب هذا “اللاهوت”.
- هل المسيح مات؟ الإجابة نعم، وسبب هذه الإجابة هي أن المسيح هو لاهوت متحد بناسوت، وكون ان “تأثير الموت” قد أثر على الناسوت الذي هو متحد باللاهوت، فيمكن أن نقول أن المسيح مات.
- بما أن المسيح هو الله، فهل الله مات؟ هنا يبدأ عقل محمود داود يضرب أخماسًا في أسداس لأن مستوى تفكيره ومعرفته لم تتجاوز مستوى طفل صغير في مدارس الأحاد. وقبل الإجابة على هذا السؤال لابد أن نستوضح معنى كلمة “الله” الموجودة في هذا السؤال لأنه بناءً عليها ستتغير الإجابة رأسًا على عقب، فنقول:
- إن كنت تقصد بكلمة “الله” هنا، أي “اللاهوت”، أي أن فعل “تأثير” الموت قد أثر على اللاهوت المتحد بالناسوت، فالإجابة: لا، الله لم ولن ولا يموت.
- إن كنت تقصد بكلمة “الله” هنا، أي “الناسوت”، فالإجابة: نعم، الله مات بناسوته وهو متحدًا بلاهوته.
فكما رأينا أنه بفهم بسيط لعقيدة المسيحية نستطيع أن نجيب بنعم وبلا على ذات السؤال بناء على مفهوم السائل لسؤاله. ولأوضح لمحمود داود الفكرة البسيطة التي لم يفهمها، سأوضحها له بمثال يفهمه جيدًا، ونقول: هل الله في الإسلام له يد وقدم وينزل ويصعد؟ سيرد محمود ويقول: نعم، لقد أخبرنا القرآن بهذا. وهذا جيد، لكن ماذا إن قال له أحد الأشخاص، إذن فهو له يد كيدنا وقدم كقدمنا؟ فهنا سيقول له محمود: لا، ليس لله يد كيدنا وقدم كقدمنا. وهنا تظهر أهمية سؤال الشخص عن مفهوم سؤاله الأول الذي قال فيه [هل الله في الإسلام له يد وقدم وينزل ويصعد؟] فكان السائل يقصد باليد والقدم والنزول والصعود، هو اليد كيد البشر والقدم كقدم البشر والنزول والصعود كنزول وصعود البشر، فلما أجابه محمود وقال: نعم له كل هذا، اعتقد السائل أن لله يد وقدم وينزل ويصعد مثل البشر لأن هذا كان مفهومه عن اليد والقدم والنزول والصعود أثناء سؤاله.
وبنفس المنطق البسيط، فإن كان السائل يفهم كلمات سؤاله بمعنى يخالف معنى كلمات السؤال الذي يفهمه الشخص الموجه إليه السؤال، فيجب أولا توحيد المفاهيم ثم الإجابة بنعم أو بلا. فالإجابة هنا تعتمد على ما يسأل عنه السائل. وهذه فكرة بسيطة لا تحتاج عناء التفكير الذي لا يريد محمد بذله، ورغم ذلك ربما لا يفهمها. فإجابة سؤال: من الذي مات على الصليب؟ هي: الناسوت المتحد باللاهوت.
الفكرة الثانية
يقول الشاب ميمو أن الله في المسيحية لا يموت، ولكي يموت الله ويقدم كفارة غير محدودة، كان يجب أن يقدم الفداء للإنسان، لكن الله لا يموت، فاتخذ الله جسدًا، لكي يضيف له إمكانية الموت، ومات الله به. وهذا الكلام كسابقه، يمكن فهمه بشكل صحيح فيكون الكلام صحيحًا، ويمكن فهمه بشكل خاطئ -كما فهمه محمود- ويكون هو نفسه ذات الكلام خاطئ. فما هو الفهم الصحيح والفهم الخاطئ لهذا الكلام؟
الفهم الصحيح لهذا الكلام أن الله اتخذ جسدًا، لكي يموت هذا الجسد وهو متحدا باللاهوت، فيعطي اللاهوت غير المحدود الفداء والغفران غير المحدود لكل البشر الذين يقبلون المسيح. فدور الناسوت هنا هو القيام بخصائصه، ومن ضمنها الموت. ودور اللاهوت هنا أنه باتحاده بهذا الناسوت، إعطاء هذا الفداء صفة اللامحدودية في التأثير الخلاصي لجنس البشر لمن يقبله خلاص الرب.
الفهم الخاطئ لهذا الكلام أن الله اتخذ جسدًا، لكي يموت اللاهوت ويموت الناسوت معًا، وإلا لن يكون للفداء قيمة لأن قيمة الفداء غير المحدود في موت اللاهوت غير المحدود. وهذه الفهم هو فهم سقيم عقيم لا يقل به من المجاذيب أحد فضلا عن العقلاء، لأنك ستجد كل مسيحي فاهمًا لعقيدة يقول إن اللاهوت لم ولن ولا يموت، وستجد ذات الأشخاص الذين استشهد بهم محمود لا ينسبون الموت وحده للاهوت، بل لا ينسبون إليه أيضًا كل أعمال الناسوت الأخرى، مثل النوم والصحو والأكل والشرب والتعب والجوع …إلخ، فإن كان كل هؤلاء لا ينسبون للاهوت -الذي يعرفون انه متحد بالناسوت- الأكل والشرب وهما أفعال أقل من الموت للناسوت، فكم بالأحرى الموت!! وإمعانًا في إحراج محمود داود أمام نفسه، يستطيع أن يسأل نفسه أو يسأله متابعوه بعد كل اقتباس من الكتب المسيحية سؤالاً: هل يقول هذا الذي اقتبست منه: أن اللاهوت مات مع الناسوت؟ فإن أجاب ميمو “نعم” فقد أثبت جهله بمباديء المباديء التي يعرفها كل مسيحي، ويكون مطالبًا بإستخراج عبارة واحدة لأي شخص معتبر يقول إن اللاهوت مات! وإن قال “لا” فيكون قد رد على كل كلامه بهذين الحرفين “لا” فطالما ان اللاهوت لم يمت! فما الذي ظللت تهذي به في الفيديو الخاص بك طوال هذا الوقت؟ أليس هو في النهاية أن “اللاهوت” مات؟
فيقول ميمو [أي حد مسيحي يقول أن الإله مامتش فهو كدا خرب وبوظ كل الخطة وكل الكلام اللي أنا قلته ده، لأن لو اللي مات على الصليب مجرد إنسان واحد فقط يبقى مش هايتم التكفير عن الخطية اللي احنا قلنا عليها “غير محدودة” اللي توارثها أولاد آدم من آدم]
وهنا، من الذي قال أن عدم موت الله يعني أن “مجرد إنسان واحد فقط هو الذي مات على الصليب”؟ ما علاقة هذه بتلك؟ محمود داود يربط دائما الذي لا يرتبط بعضه ببعض! ويحاول أن يحصرك في خيارين في فهمه هو وليس لهما دليل! فعدم موت الإله ليس معناه موت الناسوت منفصلا عن اللاهوت. بل معناه ان تأثير الموت قد كان على الناسوت وحده، لأنه من صفات الناسوت وليس اللاهوت، لكن في نفس الوقت، هذا الناسوت الذي مات كان متحدًا باللاهوت الذي لا يموت، وتأثير اللاهوت هنا هو إعطاء موت الناسوت وفداؤه للعالم صفة اللامحدودية في الخلاص. لذلك فلا يلزم موت اللاهوت (الذي لا يموت أصلا) لكي يكون هناك فداء غير محدود، بل يلزم فقط أن يكون اللاهوت متحدا بالناسوت وقتما مات الناسوت.
يقول محمود ما معناه أن [المسيحي سيعترض ويقول أن الله لا يموت لأنه روح] فيرد عليه محمود ويقول له، أن كلامك صحيح، ولهذا أخذ الإله جسدا لكي يموت الإله.
وهذا الكلام صحيح إن كان محمود يفهم كلمة “الإله” هنا بمعنى “الناسوت المتحد باللاهوت” أي أن تأثير الموت قد كان على الناسوت وهو متحد باللاهوت. أما إن كان يفهمها بمعنى أن اللاهوت قد مات والناسوت قد مات، فهو فهم طفولي ساذج. ثم عرض محمود داود كلام لأخ يوسف رياض يناقض كلامه، ويرد في جملة واحدة على كل ما سيقوله محمود في هذا الفيديو، حيث يسأل الأخ يوسف رياض ويقول [لو كان الله ممكن يموت، يبقى إية لزوم التجسد؟] فهذا السؤال الاستنكاري لم يفهمه ميمو على الإطلاق. فمقصد الأخ يوسف هو أن اللاهوت لو كان ممكنا أن يموت فما كان تجسد، فكان قد مات هو (أي اللاهوت) ولهذا، فقد أخذ اللاهوت ناسوتًا لكي يموت هذا الناسوت وهو متحدا به.
إلا أن محمود قد فهم هذا الكلام بفهم كوميدي، فقد فهم كلامه هذا بمعنى أن اللاهوت قد إتخذ ناسوتًا لكي يموت اللاهوت مع موت الناسوت!! فهل قال أحد هذا الكلام؟ فهذا الفهم ظاهر السقم، إذ يتهم اللاهوت بأنه عاجز عن الموت إلا بمساعدة الناسوت! فلا أعرف، ما فائدة السنوات التي أفناها محمود في فهم عقيدة المسيحيين وهو بهذا المستوى العلمي الضحل والذي يجعل كلامه أقرب إلى السخرية عنه إلى العقيدة!؟
وبسبب تكرار سوء فهمه لكل الاقتباسات التي جاء بها، سنقوم بإدراج مقاطع صوتية من كلامه كاقتباسات ثم يعقبها الرد عليها، وبداية من أول مقطع صوتي سيتضح مستوى فهمه لما يقرأه وسنقوم بالرد عليه، أما بقية الاقتباسات والردود فستكون مكررة بناء على ما سيقوله في نفس الفكرة، فيستطيع القارئ أن يكتفي بالاقتباس والتعليق القادمين فقط منعا للتكرار.
يقول ميمو:
والرد:
أولاً: أثبتنا جهل محمود داود بالعقيدة المسيحية في مسألة “عبادة الجسد” في هذا الموضوع تفصيلًا: https://www.difa3iat.com/48079.html
ثانيًا: عندما يقول المسيحي أن المسيح مات على الصليب بالجسد، فهو لا يكون يقول أن هذا الجسد منفصل عن اللاهوت أثناء الصلب والموت، بل أن اللاهوت متحد بالناسوت منذ اللحظة الأولى للحبل المقدس وحتى الآن بلا افتراق مطلقًا. فهناك فارق كبير في اللاهوت المسيحي بين تأثير وقوع فعل ما على الناسوت فقط مثلاً، وبين أن نقول أن هذا الناسوت منفصلًا عن اللاهوت. فكلمة “فقط” هنا لا تعني الانفصال، بل تعني ان هذا الفعل هو من أفعال هذه الطبيعة.
ثالثًا: مشكلة محمود في هذا الفيديو كله أنه لا يعتقد أن الإتحاد بين الطبيعتين يؤدي إلى تأثير الفعل على الطبيعتين، بمعنى، أنه طالما أن الناسوت متحد باللاهوت، فيكون الموت قد أثر في الناسوت فأماته، وأثَّرَ في اللاهوت أيضًا وأماته. وإلا سيفهم أن هناك إنفصال!!!، فمحمود واقع بين خطأين كلاهما مرفوض في العقيدة المسيحية، الأول هو تأثير الفعل الواحد في الطبيعتين، والثاني هو التأثير في الطبيعة الواحدة يعني الانفصال، فهو يتأرجح بين هذا الفهم وذاك، وكلاهما خطأ كما بينّا وسنبين. ولهذا ستجد كل الاقتباسات التي أتى بها تتكلم عن الوحدانية ومع ذلك يقول كاتبوها بأن الموت يقع على الناسوت وليس اللاهوت! فكل هؤلاء الذين اقتبس منهم ميمو يقولون بعكس ما يفهم من أنصاف أقوالهم، فهم يقولون بالإتحاد وأيضًا يقولون بعدم موت اللاهوت وهو متحد بالناسوت الذي مات.
رابعًا: الإقتباس الذي أتى به محمود هنا يقول حرفيًا فيه البابا شنودة “نحن لا نفصل” فالاقتباس كله يتكلم عن الاتحاد والانفصال وليس عن عبادة الجسد التي لم يقولها البابا شنودة. فنجد أن اقتباس البابا شنودة من القديس أثناسيوس (لم يعط البابا شنودة مصدر الاقتباس بشكل دقيق) يقول فيه البابا أثناسيوس “نسجد له مع جسده” وليس “نسجد لجسده”، لأن غرض القديس أثناسيوس هنا أن يقول أننا عندما نسجد للمسيح فنحن لا نكون نفصل في وقت السجود بين طبيعتيه. ولم يقل البابا أثناسيوس أن شعائر العبادة “تقدم للناسوت” بل قال أن “شعائر العبادة لا تقدم للاهوت وحده دون الناسوت” فكلامه هنا يعني أن شعائر العبادة تقدم للاهوت وهو متحدا بالناسوت، ولذلك أتبع مباشرة وقال “إذ لا يوجد فصل” ولم يقل أبدا “تقدم شعائر العبادة للناسوت”.
خامسًا: يقول محمود داود “الإله المتجسد اللي كان على الصليب، مات”، وتظهر هنا مشاكل محمود مع هذا الفهم، فهو يفهم أنه طالما أن الإله المتجسد كان على الصليب، فقد أثر الصليب والموت في اللاهوت، وأثر أيضًا في الناسوت! تلك الكلمة التي لا تجد شخص محدود الذكاء والمعرفة فضلا عن غيره يقولها! لكن يفهمها محمود داود بهذا الشكل! فنعم كان المسيح بطبيعته الواحدة من طبيعتين على الصليب، لكن تأثير الصليب كما تأثير كل الأفعال البشرية الأخرى في طوال حياته الأرضية، كان تأثيرها على الجسد فقط وهو متحدا باللاهوت. فليس معنى الإتحاد أن اللاهوت يموت، بل معنى الإتحاد أن اللاهوت كان متحدا بالناسوت الذي مات. فهل يعقل ميمو؟!!
سادسًا: يقول محمود داود، موجها كلامه لنا “معبودك مات”، وكما قلنا في بداية الرد، فهذه الجملة يمكن ان يكون المقصود بها شيء صحيح، وبالتالي فهي صحيحة ويمكن أن يكون مقصود منها شيء خاطيء وبالتالي تصير هي نفسها بنفس حروفها خطأ! إذ أن غرض محمود داود منها أن يقول أن “اللاهوت المتحد بالناسوت” قد مات! وهو مما يعرف الأطفال المسيحيون بل وميمو نفسه أنه خطأ وأنَّا لا نؤمن بهذا! لكنه يلفق!
سابعًا: نعم الله لا يموت، وقد إتخذ جسداً لكي يموت هذا الجسد الذي هو جسده، ولم يمت اللاهوت مع موت الناسوت. لكن هذا الفطحل يعتقد أن اللاهوت الذي لا يموت قد إتخذ ناسوتا لكي يموت الناسوت ويموت اللاهوت! ? فالمسيحيون يعبدون الإله الحقيقي الذي لا يموت، ألا وهو اللاهوت، أما الناسوت فقد مات وهو متحدا به اللاهوت.
يقول ميمو:
والرد:
لا أعرف، لماذا يقحم محمود داود نفسه في أمور لا يعرف كيف يقرأ فيها فضلا عن فهمها. ففكرة محمود داود هنا أنه يعترض على الرد الشهير من المسيحيين والذي يقولون فيه “أن المسيح كان يأكل وينام ويتعب وووو بجسده وليس بلاهوته” فيقول محمود داود أن هذا الرد لم يقدم جديد، فكأننا نقول أن محمود داود يأكل بيده وبيمشي بقدمه ويرى بعينه!
ولا أعرف صراحة، هل كان محمود في كامل قواه العقلية في هذا الفيديو أم أنه أصابه شيء. فمحمود داود يطابق هنا بين “جسده وأعضاءه” من جانب، ومن جانب آخر بين “لاهوت وناسوت المسيح”! فما علاقة هذا بذاك؟ إن هذا المثال يختلف تمامًا عن تلك، بل لا علاقة له بطبيعة المسيح:
أولاً: أعضاء الجسد هي جزء من الجسد، فهي أيضًا جسد، لكن الناسوت ليس جزء من اللاهوت ولا الناسوت لاهوت، فلهذا تجسد الله في الأساس. فالله قد اتخذ ووحد لنفسه ناسوتًا كاملًا عاقلًا، وهذا الجسد هو ما يفعل أفعال الجسد.
ثانيًا: اليد والعين والقدم، هي أجزاء مخلوقة من الجسد المخلوق أيضًا. لكن اللاهوت ليس مخلوقًا بل أن الطبيعة الناسوتية مختلفة تمامًا عن الطبيعة اللاهوتية. بل أن الطبيعة اللاهوتية لا يماثلها ولا يقترب منها أي كائن آخر مخلوق مثل الملائكة حتى.
ثالثًا: الجسد يمكن تجزيئه وفصله وستبقى بعض الأعضاء تعمل بشكل صحيح، فالذي يفقد ذراعه يستطيع أن يسمع ويرى ويمشي، والذي يفقد رجله يستطيع أن يرى ويسمع ويمسك بالأشياء، وهكذا يمكن فصله، وهكذا إن أصاب بعض أعضاء الجسد بعض المشكلات الصحية. لكن، ناسوت المسيح لا يُفصل عن لاهوت المسيح بعد اتحاده ولا تجزئة الجسد عن اللاهوت حتى بالقطع المباشر.
رابعًا: الجسد نفسه يتكون من أعضاء متصلة بعضها ببعض، لكنها ليست متحدة جميعًا، فاليد غير متحدة مع القدم أو العين أو الأذنين مثلا. نعم الأعضاء متصلة بعضها ببعض لكنها ليست متحدة. بينما لاهوت وناسوت المسيح بينهما إتحاد، وهذا لأن اللاهوت غير محدود والناسوت محدود.
خامسًا: مقصد المسيحي دائمًا بقوله “إلهي لا يموت” أي “اللاهوت لا يموت”، فموت الناسوت وهو متحد باللاهوت لا يعني موت اللاهوت. هذا من جانب، أما من آخر، فالمسيحي بقوله هذا لا يكون قد أفشل ما فعله الله، بل أكد على نجاح خطة الله، كيف؟ لأن دور الناسوت هو الموت ودور اللاهوت هو إعطاء عدم محدودية في تأثير الفداء لكل البشر. لكن الشاب ميمو، أذكى إخوته، يعتقد أنه يجب على اللاهوت أن يموت لكي يكون هناك فداء! وهذا أمر مثير للسخرية والشفقة، فبئس الفكر!
وهناك أسباب أخرى لن يفهمها محمود فسكتُ عن تقديمها. فالفكرة العامة له هنا أن المسيحي عندما يقول هذا يكون قد حدد العضو الذي فعل هذا! وفكر محمود هذا باطل تمامًا. فالمسيحي عندما يقول هذا يقصد أن يقول لك، أن المسيح بجسده هذا هو الذي يفعل هذه الأشياء وليس اللاهوت، على الرغم من اتحاد اللاهوت به، لكن لأن هذه الأفعال ليست من أفعال اللاهوت بل من أفعال الناسوت فالناسوت معني بها دون انفصال الناسوت نفسه عن اللاهوت. ولهذا -يا ميمو– لن تجد مسيحي يقول لك أن اللاهوت قد مات، مع معرفتهم التامة أن هذا اللاهوت متحدا تماما مع الناسوت على الصليب. فالمعلومات الأولية التي يعرفها كل طفل مسيحي تقريبًا، يجهل أساسها محمود داود، ورغم ذلك يكابر بها ويطرح الأسئلة فيها. بئس الفكر!
وهنا سؤال: ألم تسأل نفسك لماذا لم تسمع أو تقرأ لمسيحي واحد يقول أن اللاهوت أكل أو شرب أو مات؟! فهنا لا نخصص أفعال الجسد لنفصله عن اللاهوت، بل ننسب أفعال الجسد له وافعال اللاهوت للاهوت، وهذا ما قاله تقريبا كل آباء الكنيسة. فليس الجسد “عضوًا” في المسيح كما أن قدمك عضو في جسدك.
يقول ميمو:
والرد:
أولا: هل لاحظتم قول البابا شنودة عن المسيح أنه “ليجعل بلاهوته الكفارة غير محدودة”؟ هل قال بموت اللاهوت المتحد بالناسوت رغم أنه يؤكد على الإتحاد ونحن معه نؤكد؟ فمشكلة ميمو الرئيسية أنه يعتبر أن طالما أن وجود اللاهوت هو أمر لازم للفداء، فيكون المقصد بوجود اللاهوت هنا، هو أن يموت اللاهوت وهو متحدا مع الناسوت! ولا يقل بهذا مجنون فضلا عن عاقل! لكن ميمو يفهم بهذا الأسلوب!
ثانيًا: هل قرأتم قول البابا شنودة “فلو تكلمنا عن طبيعتين منفصلتين وقامت الطبيعة البشرية بعملية الفداء وحدها لما كان ممكنا على الإطلاق أن تقدم كفارة غير محدودة”؟ فالبابا شنودة يتكلم هنا عن “الإتحاد” بدليل أنه نص على كلمة “طبيعتين منفصلتين” ونص على كلمة “وحدها” فهو يقصد بكلمة “وحدها” هنا، أي “الإنفصال” لكن محمود يفهم من هذا الكلام أن البابا شنودة يقول بموت اللاهوت طالما أنه متحدا بالناسوت! وعلى الرغم من أن هذا الكلام سيعرف خطأه المسلم والمسيحي، وعلى الرغم من تصريح البابا شنودة نفسه بعدم موت اللاهوت رغم تصريحه بالإتحاد بينهما، إلا أن ميمو لا يفهم هذا الكلام إلا بأن اللاهوت قد مات! فبئس التفكير وبئس الفهم!
ثالثا: هناك فارق كبير بين الإعتقاد بأن الذي كان على الصليب هو الناسوت المتحد باللاهوت، وبين ان نظن أنه مادام الذي كان على الصليب هو الناسوت المتحد باللاهوت، فقد مات اللاهوت مع الناسوت! فالأولى عقيدة صحيحة، والثانية خبل صريح! فالبابا شنودة ذكر أكثر من مرة تعبير الإنفصال، وذكر أكثر من مرة تعبير “وحدها” مشيرا إلى الإنفصال، لكنه لم يقل ولا مرة واحدة أن معنى كلامه هذا أن اللاهوت قد مات! بل أنه يؤكد حرفيا على دور اللاهوت المتحد بالناسوت الذي مات، بأن اللاهوت أعطى موت الناسوت قيمة خلاصية غير محدودة. لكن ميمو يظن أنه لكي يحدث فداء فلابد أن يموت الإله أي اللاهوت المتحد بالناسوت.
يقول ميمو:
والرد:
أولا: من قال أن الناسوت كان منفصلا عن اللاهوت عند الصليب؟ الذي يقول أن الناسوت هو الذي مات على الصليب لا يكون ينفي وحدة الناسوت مع اللاهوت في هذا الوقت، بل كل ما يقصده أن اللاهوت لم يمت رغم اتحاده بالناسوت الذي مات.
ثانيًا: نعم، الذي كان على الصليب هو المسيح رب المجد، لكن لا يعني هذا أن التعليق والتسمير والآلام والجلد كانت تؤثر على “اللاهوت” بل هذا يعني أن الذي كان على الصليب لم يكن الناسوت منفصلا عن اللاهوت. وهذا ما كان دائما في حياة المسيح وليس في صلبه فقط، فعندما أكل المسيح فهو كان رب المجد، لكن تأثير الأكل لم يكن على اللاهوت الذي لرب المجد، بل كان للناسوت الذي لرب المجد، فتعبير “رب المجد” هو توصيف لكينونة المسيح، وليس للإدعاء بأن لاهوت رب المجد – المسيح – قد مات!
ثالثا: يعترض ميمو على مقولة أن المسيح مات أو أكل أو شرب أو نام ..إلخ بالجسد، فهل لا يعرف ان الذي قال هذا هو الكتاب المقدس ذاته حرفيًا؟
1Pe 3:18 فإن المسيح أيضا تألم مرة واحدة من أجل الخطايا، البار من أجل الأثمة، لكي يقربنا إلى الله، مماتا في الجسد ولكن محيى في الروح،
1Pe 4:1 فإذ قد تألم المسيح لأجلنا بالجسد، تسلحوا أنتم أيضا بهذه النية. فإن من تألم في الجسد كف عن الخطية،
فإن كان الكتاب المقدس نفسه يقول هذا حرفيًا، فكيف يظن هذا الشاب ميمو أن البابا شنودة يعارض هذا؟
يقول ميمو:
والرد:
أولا: ها هو البابا بنفسه يقول “صلب بالجسد” التي كان ميمو قبلها بثوان معدودة كان يستنكر أن يقولها المسيحي! فوجد الكتاب الذي يقرأ منه يقولها بنفسه! ورغم هذا لم يلحظ خطأ فكره كله، بل كابر لكي لا يرى الحق.
ثانيًا: ها هو البابا يقولها لميمو حرفيا، فيقول “ولكن الجسد كان متحدا باللاهوت في طبيعة واحدة”، فهذا الذي قلناه حرفيا، أن الإتحاد بين الطبيعتين لا يعني أن اللاهوت قد مات، ولا أن الناسوت أصبح إله مثلا!
يقول ميمو:
والرد:
أولا: نعم بالطبع كان هو رئيس الحياة دائما، كما كان هو رب المجد دائما، لكن ما علاقة هذا أن اللاهوت قد مات؟ نحن كمسيحيين نقول دوما أن المسيح هو الله، ونقول دوما أن المسيح مات، فهل يعني هذا أن اللاهوت المتحد بالناسوت مات؟ لا يقول بهذا إلا الميمو!
ثانيًا: ميمو لا يفرق بين إطلاق اللقب على الملقب به، وبين وقوع التأثير على الطبيعة التي من خواصها التأثر بالتأثير. ولكي نحاول ان نقيم عقل ميمو من موته بعد ان مات وأنتن، سنضرب مثال قد أعطاه الآباء، وهو الحديد المحمى بالنار، فالحديد المحمى بالنار به هنا (مجازا) طبيعتين متحدتين (مجازا)، والطبيعتان هما الحديد والنار، فعندما نطرق على الحديد فالذي يتأثر هو الحديد فقط وليس النار، لأن من خواص الحديد التأثر بالطرق، أما النار فليس من خواصها التأثر بالترك، فعلى الرغم من اتحاد الحديد بالنار (مجازا) إلا أن هذا لا يمنع أن تتأثر طبيعة واحدة (وهي متحدة بالأخرى) بتأثير الفعل، ألا وهو الطرق. هكذا في المسيح (مع الفارق) فإن الطبيعتان متحدتان، ولكن يقوم الناسوت بالتأثر بالأفعال التي من شأنه التأثر بها، مثل النمو والنوم والأكل والشرب والتعب …إلخ، ولا يتأثر اللاهوت بكل هذا، رغم اتحاده به.
ثالثا: تعبير “وليس الجسد فقط” لا يعني “بل اللاهوت مات معه” بل يعني بكل وضوح “أن اللاهوت كان متحدا به وهو (أي الناسوت) يموت”. فلا نعرف كيف يفهم ميمو، إن كان يفعل!
يقول ميمو:
والرد:
أولاً: لم يكن الناسوت وحده (أي منفصلا عن اللاهوت) هو الذي على الصليب، لكن كان الناسوت وحده هو المتأثر بفعل الموت. ووجود اللاهوت متحدا بالناسوت أعطى لموت الناسوت عدم محدودية في التأثير.
ثانيًا: لم يكن الإنسان وحده هو الملقى للآلام، بل كان متحدا بهذا الإنسان -الذي تأثر وحده بالآلام- اللاهوت الذي لا يتألم.
يقول ميمو:
والرد:
أولاً: فيديو محمود داود كله قائم على فكرة واحدة، وهي أن اللاهوت، وهو الإله والمعبود، قد تألم، وها هو البابا شنودة يرد على كل كلام محمود داود الذي حاول التدليس عليه، فرد عليه بكلمات صريحة وقال: حقًا إن اللاهوت غير قابل للآلام! وهنا نسأل محمود داود ونقول له: إن كان اللاهوت قبل التجسد أو بعد التجسد غير قابل للآلام، فما المشكلة في تألم الناسوت وهو متحد باللاهوت؟!! فالفيديو الخاص به كله يلف ويدور حول هذه النقطة أن المسيحيين يعبدون الإله الذي مات! وقد أوضحنا في بداية الرد كيفية الرد على هذه الكلام.
ثانيًا: اقتبس محمود داود تقريبا كل الأجزاء التي تكلم فيها البابا شنودة في كتيب “طبيعة المسيح” عن مسألة الإتحاد، وهذا الجزء الذي سمعتموه أعلاه، جاء بعده كلام هام، وقد إقتبس محمود الكلام السابق له، واقتبس أيضا الكلام التالي له، لكن لم يقتب الكلام الموجود بينهما، ترى لماذا؟ الأمر بسيط! لأن الكلام الموجود بين هذا الكلام وذاك الذي اقتبسهما محمود، ينقض كل ما قاله محمود، ويقول البابا شنودة فيه بكل ما رفضه ميمو مشنعًا على المسيحيين قولهم! فصفعه البابا شنودة بشكل حرفي وصريح وواضح! وللتوضيح سأعرض كلام البابا شنودة في هيئة صورة:
فهل رأيتم كيف أوضح البابا شنودة، الذي يقول بالإتحاد تمامًا مثلما نقول نحن، كيف أنه رغما عن ذلك، ينفي تألم اللاهوت مع تألم اللاهوت؟ فلأن الكلام يدينه ويهدم كل ما حاول ان يكذب به علينا، فقد اقتبس ما سبق وما تلى هذا الموجود في منتصف الصفحة! فيا للكذب والتدليس!
ثالثًا: نعم، يمكن نسب الفعل للمسيح، وهذا ما يفعله فعلا يوميًا، فنقول إن المسيح مات، ونحن نعرف ان المسيح هو طبيعة واحدة من طبيعتين هما اللاهوت والناسوت، ومع ذلك فهذا النسب لا يعني ان اللاهوت مات! بل يعني أن الإتحاد يجعلنا ننسب كل الأفعال للمسيح بلا فصل في طبيعتيه.
رابعًا: وهي الطامة الكبرة والتي توضح أن محمود يهرف بما لا يعرف، فقد قال نصًا بالحرف الواحد [هو أه، اللاهوت ده أصلا مابيتألمش بس أخذ جسد عشان يدي لنفسه إمكانية أنه يتألم” والهاء، هنا في كلمة “نفسه” هي ضمير يعود على كلمة “اللاهوت” التي ذكرها ميمو في كلامه، فمحمود داود يعتقد أن اللاهوت قد أخذ جسد لكي يعطي الجسد للاهوت إمكانية أن يتألم اللاهوت! هل تصورتم مدى الجهل والقبح الذي يعشش في عقول هؤلاء! هكذا يفهم واحد من قدامى المهاجمين للمسيحية عقيدتها! لا يفهم شيء ولا يعرف شيء عنها! فبدلا من ان يعرف أن اللاهوت قد أخذ ووحد له الناسوت لكي بإتحاده بالناسوت الذي سيموت يعطيه عدم المحدودية في الفداء، لا، هو تخيل أن الجسد أعطى للاهوت إمكانية الموت! فهو يعتقد ان اللاهوت لم يكن له إمكانية الموت لكن بالاتحاد أصبح اللاهوت يموت وقد مات! يا لجهل هؤلاء!
يقول ميمو:
والرد:
يمكن ان ينسب للاهوت فقط بإعتبار أن الناسوت كان متحدا باللاهوت، ولا يعني هنا موت اللاهوت! فكما أننا نقول أن المسيح مات، ولا نقصد موت لاهوته، هكذا ننسب الموت للمسيح وهذا هو مقصد البابا شنودة بالطبع. فالبابا شنودة قد قال هذه العبارة مباشرة بعد النص الذي لم يجرؤ محمود أن يقتبسه، فهو يكمل كلامه بعدما قال بأن اللاهوت لا يموت ولا يتألم ..إلخ، بأن هذا الفعل يمكن فقط أن “يُنسب” بسبب الاتحاد.
يقول ميمو:
والرد
إن هذا المثال لهو دليل على عدم فهم محمود لما يقرأه! لأن هذا المثال هو دليل ضد ما يريده محمود، فأقصى ما يمكن فهمه من هذا المثال هو أن الروح لا تموت ولكن فقط الجسد، ولكن لأن الروح والجسد متحدتان في إنسان واحد، فقد اعتاد البشر ان يقولوا ان هذا الانسان مات. فإن كان هؤلاء الناس يعرفون ان الروح لا تموت، وأن اللاهوت لا يموت، فما المشكلة في موت الناسوت فقط، وهو متحدا باللاهوت؟! أغريبٌ هو موت الجسد؟ أغريبٌ هو موت الناسوت؟!
يقول ميمو:
والرد:
أولاً: نعم، لا يصلح إنسان فقط أن يتمم الفداء، وإلا لكان قام به أي إنسان آخر أو نبي. لكن لابد أن يتحد الله بهذا الإنسان لكي يعطي لموت الإنسان خاصية التأثير غير المحدود للفداء. فمن الذي يقول أن الإنسان فقط هو الذي تمم الفداء؟ بل نقول أن الناسوت واللاهوت معا تمما الفداء، فالناسوت مات واللاهوت اعطى لموت الناسوت تأثير غير محدود في الفداء والغفران والخلاص. وهكذا، وهكذا فقط تمم كل من اللاهوت والناسوت المتحدان عملية الفداء، وليس معنى هذا الكلام بالطبع أن اللاهوت مات، بل دور الناسوت معروف ودور اللاهوت معروف أيضًا.
ثانيًا: لماذا لا يحاول محمود ان يأتي بقول لأحد الآباء يقول فيه ان اللاهوت قد مات على الصليب؟ أو أن اللاهوت المتحد بالناسوت قد مات؟ أو أن بموت الناسوت قد مات اللاهوت؟ إلخ، ببساطة، لأن المسيحية لا تقول بما يريده محمود داود! فما كان له طريق سوى القص واللصق وتحريف الكلم عن مواضعه لأغراضه الخبيثة!
يقول كائن الميمو:
والرد:
أولاً: ها هو البابا شنودة يقول حرفيًا “مع أنه مات على الصليب بالجسد” وهذه العبارة هي بحروفها التي يرفضها محمود داود ويطلب من المسيحيين عدم قولها وهو بنفسه يقرأها بنفسه من الكتيب الذي يقرأ منه!
ثانيًا: هذا الشاب ميمو لا يفرق بين كون المسيح مات على الصليب بالجسد، وبين أن الناسوت متحد باللاهوت وقت الصلب والموت! فإن كان لا يفهم الفارق بين العبارتين وهو كبعد المشرق عن المغرب، فكيف يخوض في أمر كهذا؟
ثالثًا: حسنا، مللنا من كثرة التكرار، فنريد أن نسأل محمود، فإن كان الابن المقصود هنا هو اللاهوت، فلماذا لم يقل البابا شنودة او أي أب من آباء الكنيسة أن اللاهوت مات؟! ميمو لا يفرق بين اللون الأبيض والأسود! فكيف نشرح له؟!
يقول ميمو:
والرد:
ولعدم التكرار، نقول: نعم، من خلق الإنسان بلاهوته مات بناسوته المتحد بلاهوته عندما تجسد، فما المشكلة؟ ألم نشرح لك أن الإتحاد لا يعني أن الجسد يخلق ولا أن اللاهوت يموت؟! متى يتعلم هؤلاء مبادئ الفهم فضلا عن الفكر فضلا عن مبادئ المسيحيية؟! فعندما حدث الإتحاد لم تنتقل خواص اللاهوت للناسوت ولا خواص الناسوت للاهوت، فلم يصبح اللاهوت يموت لانه متحد بالناسوت الذي يموت، بل ظل اللاهوت لا يموت، ولم يصبح الجسد غير محدود أو خالقًا لأنه متحد باللاهوت غير المحدود والخالق، بل صار للمسيح له المجد صفات الطبيعتين معًا مع عدم انتقال صفات طبيعة لأخرى.
يقول ميمو:
والرد:
نفس الخطأ السابق، الخالق باللاهوت مات بالناسوت المتحد به، فلأن المسيحي له اللاهوت الكامل الخالق، فهو “الخالق” ولأنه بعدما تجسد مات، لم يفقد لاهوته صفة “الخالق” بل ظل هو الخالق. لكن بجسده الذي مات أصبح لجسده صفة الموت. فما الصعوبة في أن يتخيل المرء منا أن للمسيح طبيعتين، لكل واحدة منهما صفات، وبالتالي فالمسيح يحمل صفات الطبيعتين معا، فنستطيع أن نفهم أنه يغفر الخطايا وأنه يموت أيضًا، فالذي يغفر الخطايا بلاهوته يموت ناسوته وهو متحدا بلاهوته. الغريب أن محمود داود الذي لم يفهم كلام البابا شنودة أو كلام المسيحيين، ذهب لمن؟ للبابا أثناسيوس لكي يجد ضالته عنده! وهذا وحده يعد من الخبل، ولسوف نقتبس من القديس أثناسيوس في نفس ذات الكتاب الذي استشهد منه محمود لنريكم كيف أنه لا يفهم عندما يقرأ:
يقول البابا أثناسيوس:
وهكذا إذ اتخذ جسدًا مماثلاً لطبيعة أجسادنا، وإذ كان الجميع خاضعين للموت والفساد، فقد بذل جسده للموت عوضًا عن الجميع، وقدّمه للآب. كل هذا فعله من أجل محبته للبشر أولاً: لكي إذ كان الجميع قد ماتوا فيه، فإنه يُبطل عن البشر ناموس الموت والفناء، ذلك لأن سلطان الموت قد استُنفَذ في جسد الرب، فلا يعود للموت سلطان على أجساد البشر (المماثلة لجسد الرب). ثانيًا: وأيضًا فإن البشر الذين رجعوا إلى الفساد بالمعصية يعيدهم إلى عدم الفساد ويحييهم من الموت بالجسد، الذي جعله جسده الخاص، وبنعمة القيامة يبيد الموت منهم كما تُبيد النار القش. (تجسد الكلمة 8: 4 – الطبعة الخامسة)
وإذا لم يكن ممكنًا أن يوقف الفساد إلاّ بالموت، أخذ الكلمة جسدًا قابلاً للموت. وإذ اتحد الكلمة بالجسد أصبح نائبًا عن الكل، وباشتراك الجسد في عدم موت الكلمة أُوقف فساد الجنس البشرى. ولكونه فوق الجميع فقد جعل جسده ذبيحة لأجل الجميع ولكونه واحدًا معنا ألبسنا عدم الموت. تشبيه لإيضاح هذا. (تجسد الكلمة 9: 0– الطبعة الخامسة)
فلقد أدرك الكلمة جيدًا أنه لم يكن ممكنًا أن يُقضى على فساد البشرية بأى طريقة أخرى سوى الموت نيابة عن الجميع. ومن غير الممكن أن يموت الكلمة لأنه غير مائت بسبب أنه هو ابن الآب غير المائت. ولهذا اتخذ لنفسه جسدًا قابلاً للموت حتى إنه عندما يتحد هذا الجسد بالكلمة الذي هو فوق الجميع، يصبح جديرًا ليس فقط أن يموت نيابة عن الجميع، بل ويبقى في عدم فساد بسبب اتحاد الكلمة به. ومن ذلك الحين فصاعدًا يُمنع الفساد من أن يسرى في جميع البشر بنعمة القيامة من الأموات. لذلك قَدّم للموت ذلك الجسد الذي اتخذه لنفسه كتقدمة مقدّسة وذبيحة خالية من كل عيب. وببذله لهذا الجسد كتقدمة مناسبة، فإنه رفع الموت فورًا عن جميع نظرائه البشر. (تجسد الكلمة 9: 1– الطبعة الخامسة)
وفى الحقيقة، إن هذا العمل العظيم هو لائق بدرجة فائقة بصلاح الله. لأنه إذا أسس مَلِك منزلاً أو مدينة ثم بسبب إهمال سكانها حاربها اللصوص، فإنه لا يهملها قط، بل ينتقم من اللصوص ويخلّصها لأنها صنعة يديه وهو غير ناظر إلى إهمال سكانها، بل إلى ما يليق به هو ذاته. هكذا وبالأكثر جدًا فإن كلمة الآب كلّي الصلاح، لم يَتَخَل عن الجنس البشري الذي خُلق بواسطته، ولم يتركه ينحدر إلى الفناء. بل أبطل الموت الذي حدث نتيجة التعدي، بتقديم جسده الخاص. ثم قوّم إهمالهم بتعاليمه، وبقوته الخاصة أصلح كل أحوال البشر. (تجسد الكلمة 10: 1– الطبعة الخامسة)
فها هو القديس أثناسيوس بنفسه، والذي يقتبس منه محمود دون أن يفهم ما يقوله القديس أثناسيوس، فهو يقول أن الكلمة “قدم جسده” للموت، وأن الجسد الذي مات كان متحدا باللاهوت (الكلمة) الذي لا يموت، وبقيّ الجسد الذي مات في عدم فساد بسبب اتحاده بالكلمة (اللاهوت). فإن كان القديس أثناسيوس يقول أن الجسد الذي مات فعلا لم يتعرض للفساد بسبب اتحاده بالموت، فكيف يعتقد أشخاص مضطربين العقل، أن اللاهوت نفسه بسبب إتحاده بالناسوت قد مات اللاهوت معه؟ ألا يُعد هذا دليلاً على جهل هؤلاء وعدم فهمهم للكلام؟!
يقول ميمو:
والرد:
نفس الخطأ، نعم يمكننا نحن المسيحيين أن نقول أن الله مات لأننا، نحن، متأصل فينا المفهوم الصحيح لهذا التعبير، أن الله بلاهوته عن طريق إتحاده بناسوت بشري إنساني، قد مات هذا الناسوت وهو متحدا باللاهوت، دون أن يمس هذا اللاهوت وهو متحدا بالناسوت أي تأثير من موت الناسوت، فلم يمت اللاهوت مع موت الناسوت المتحد به. لكن أنت بهذا التفكير الساذج، تعتقد أن قولنا “الله مات” يعني، أن اللاهوت بفعل اتحاده بالناسوت، فقد مات معه. وهذا ما نفاه المطران يوسف ريا نفسه الذي تنقل منه حيث قال:
لقد أعلن آباء المجمع أمرين هاميّن: الأمر الأوّل هو أنّ اتّحاد الله بالجسد البشريّ هو اتّحاد حقيقيّ في صُلب الطبيعة، به اتّحدت طبيعة الله بطبيعتنا البشريّة؛ والأمر الثاني هو أنّ هذا الاتحاد بين الألوهيّة هو اتّحاد من نوع خاصّ، بحيث لا تسيطر طبيعة على أخرى ولا تغيّرها. فالطبيعة الإلهيّة تبقى إلهيّة، والطبيعة البشريّة تظلّ بشريّة، ومع ذلك فالاتّحاد هو في تمام الكمال. فالمسيح هو معاً إله تامّ وإنسان تامّ. وهذا الاتّحاد الخاص بين الألوهيّة والبشريّة يجعل ما هو بشريّ يصير، بنعمة من الله، ما اللهٌ عليه بالطبيعة.
الأمر الأوّل يؤكّده القدّيس بولس بقوله: “في المسيح يحلّ كلّ ملءِ اللاهوت جسديّاً” (كو 2: 9).
لا تتغير في طبيعة المسيح الإلهيّة ولا صيرورة. لا انتقال للطّبيعة من نوع إلى آخر. فإنّ شخصَ “كلمة” الله، الأقنومَ الثّاني من الثّالوث الأقدس، باتّخاذه الطبيعة البشريّة، بقي إلهاّ كما كان منذ الأزل وكما سيبقى إلى الأبد. ولكن في الوقت نفسه كان في جسد حقيقي، وصار شريكاً لنا في اختباراتنا البشريّة. لذلك يمكننا القول حقّاً إنّ الله تجسّد، وإنّ الله وُلد وعطش وجاع، وإنّ الله تألّم ومات وقام، وإنّ الله صعد إلى السماوات.
فبفعل التجسد والاتحاد بين الطبيعتين صار الفعل كله منسوبًا لله، لكن ليس معنى هذا أن الفعل يؤثر في طبيعتي الله المتحدتان في طبيعة واحدة. فاللاهوت الذي كان لا يموت ولا يتعب ولا يأكل ولا يشرب ولا يحزن ولا يفرح. بقيّ كما هو بنفس هذا الصفات عندما تجسد، فلم يمت لأنه متحدا مع ناسوت يمكنه الموت، بل بقيّ كما هو لا يموت حتى في اتحاده مع الناسوت الذي يمكنه الموت.
ففارق كبير جدًا بين أن تقول “الله مات” معتقدا أن اللاهوت مات مع موت الناسوت، وبين أن تقول ذات العبارة بمعنى أن الجسد الذي اتخذه اللاهوت وجعله جسده الخاص قد مات وهو متحدا بهذا اللاهوت. فالمسيحي عندما يرفض عبارة “الله مات” يكون، في الحقيقة، رافضًا للمفهوم الأول وقابلًا للمفهوم الثاني. فيمكن للمسيحي القبول ورفض ذات العبارة حسب ما يفهم منها، أو بحسب ما يعرف أن السائل يفهم تلك العبارة بمفهوم معين.
يقول ميمو:
والرد:
هذا الكلام صحيح فعلا، فالكتاب يقول “كأنه” ويقول أيضًا “نستطيع أن ننسب”. فهذه الألفاظ تدل دلالة واضحة، حتى للأعمى، أن هذه الأمور هي على سبيل الإنساب وليس على سبيل التأثير، فبسبب الإتحاد نقول اليوم أن المسيح (الذي نقول أنه الله) نقول أنه مات، ولا يعني أيً منا أن اللاهوت الذي في المسيح مات. بل لأننا نعرف أن الإتحاد هو اتحاد حقيقي، فيمكن ان نقول أن المسيح (الله) مات، ونحن نعرف أن المقصود أنه مات بجسده وهو متحدًا باللاهوت. فلا مشكلة في هذا الكلام إن فُهِمَ بشكل صحيح، أي ليس كما يحاول أن يفهم ميمو بالطبع.
يقول ميمو:
والرد:
لا تعليق سوى تكرار الكلام السابق بنقاطه وحروفه وكلماته. فالله يصح أن نقول إنه مات إن كان المقصود هو الموت بحسب الجسد كما قال الآباء. تمامًا مثلما يقول اليوم المسلمون أن الله استوى على العرش وهم لا يقولون ان الله يستوي (يجلس) كما يجلس الإنسان على كرسي. ويقولون ان لله ساق ويد وقدم ووجه، وهم يقولون إن ليست هذه الأوصاف كما يفهمها البشر عن البشر أو عن أي مخلوقات أخرى. فمع قولهم بألفاظها إلا أن ما يقصدونه منها ليس هو ما يطرأ على العقل في البداية من أن هذا الاستواء يفعله كل انسان يوميًا تقريبًا. وأن يد الله كيدنا، وأن قدمه كقدمنا، او ساقه كساقنا، وأن وجهه كوجهنا.
فلا مشاحة في الاصطلاح إن كانت المعاني واحدة، لكن عندما يكون الفهم لهذا المصطلح مختلف بين واحدٍا والآخر، فهنا يجب أولا تحرير المصطلحات في الحوار ثم البناء عليها. ويكون المصطلح خاطئ بهذا المفهوم الذي يفهمه الآخر بشكل خاطئ ويظل صحيحة عند من يفهمه بشكل صحيح.
يقول ميمو:
والرد:
أولاً: نعم نستطيع الرد، وهذا الرد يعرفه القديس مار إسحق السرياني تلقائيًا، فإن الكون قد إظلم وحجاب الهيكل قد إنشق لأجل موت جسد المسيح وهو متحدا بلاهوت المسيح، وليس لأجل موت اللاهوت. الغريب ظان محمود أكمل كلام مار إسحق الذي يقول فيه “ولو أنه إنسان، فمن الذي احتمل السياط وبمن غرست المسامير”، فعندما يفرق القديس مار إسحق بين الإتحاد وبين تأثير الفعل على طبيعة دون الأخرى، فعندما تكلم عن الإتحاد قال “فلماذا إظلمت الشمس؟” وهذا لأن الذي مات كان جسد الله الخاص المتحد به اللاهوت، وعندما تكلم عن تأثير الفعل على الطبيعة، تكلم عن “الإنسان” وقال “ولو أنه إنسان” أي “وإن لم يكن إنسانًا” فهنا يتكلم عن الناسوت، فعندما تكلم عن تأثير المسامير والسياط، تكلم عن الناسوت لأنه المتأثر وحده بالمسامير والصلب والجلد والموت إلخ. فمحمود داود يقرأ ولا يفهم ما يقرأه عندما يقرأ!
ثانيًا: نعم، لم يكن الجسد وحده على الصليب! ومن قال هذا؟! هل أزدك من الشعر بيتا؟ ولا كان الجسد وحده في رحم العذراء مريم ولا كان في أي لحظة الناسوت وحده من بعد لحظة الإتحاد! فلم يكن الناسوت وحده حين كان يأكل أو يشرب او يجوع او يعطش أو يبكي …إلخ، فالناسوت متحد تمامًا مع اللاهوت. ألم تقرأ أنت بنفسك أن ناسوته لم يفارق لاهوته لحظة واحدة ولا طرفة عين؟ ألا تفهم ما تقرأه وما تقوله أيضًا؟ فمسألة عدم إنفصال الجسد عن اللاهوت محسومة، إذ لم يفارق اللاهوت الناسوت أبدا، لا عند الصليب ولا بعده، ولا من بداية الاتحاد. لكن هذا لا يعني أن اللاهوت يتم تعليقه، ففعل التعليق، كما فعل الموت، والاكل والشرب والعطش والتعب والنوم، لهي أفعال بشرية خاصة بالناسوت فقط وكانت تؤثر في الناسوت ققط مع اتحاد هذا الناسوت مع اللاهوت.
ثالثًا: هناك فارق كبير، بين الذي تم تعليقه على الصليب، وبين اتحاد أو إنفصال ذلك الجسد الذي عُلق على الصليب باللاهوت الذي يملأ الزمان والمكان وغير الزمان وغير المكان. فعدم وحدانية الناسوت وهو على الصليب لا تعني ان اللاهوت تألم مع آلام الناسوت على الصليب. الغريب أن الشاب ميمو قرأ عبارة “فلم يكن الله يتألم بدون الجسد” وفهمها أن اللاهوت يتألم مع الجسد، وهذا فهم نكون قد كرمناه لو دعيناه بالفكر الساذج، إذ هو ليس فكرًا بل قيئ فكري! فكلام الكتاب هنا عن يرتكز على كلمة “بدون” أي “منفصلا” عن هذا الجسد، فالله لا يمكن أن يتألم، أما وقد صار له جسدًا خاصًا، فقد صار نسب آلام الجسد له بفعل ان هذا الجسد له. كما أننا نقول اليوم أم فلانا قد مات ونحن نعرف أن روحه لم تمت في حقيقة الأمر، لكن نُسب الأمر كله للإنسان لأن ما نراه هو جسده الذي مات وكان متحدا بروحه التي لم تمت.
يقول ميمو:
والرد:
إن العجب العجاب، وسود السواد، لهو في عقل ميمو! هذا الشاب صار بمقدوره أن يفهم، بشكل كامل ما ينفيه الكلام الذي يقرأه بحذافيره! “فالنص أمامه يقول “فإذا شاء أن يموت تجسد” ثم يفهم هذه العبارة أن اللاهوت قد مات على الصليب مع موت الناسوت!
ويقرأ عبارة “لولا أن رآه الموت متجسدا لخاف أن يقترب منه”، فالعبارة توضح ما هو أبعد وأسمى وأرقى من موت الناسوت، بل تقول أن الموت نفسه لولا أنه رأى الله متجسدا، أي رأى جسده، لخاف أن يقترب منه لأنه لولا التجسد لكان هو فقط لاهوت، فالموت كان سيخاف أن يقترب من رئيس الحياة والذي لا يموت، لكن لأنه اتخذ جسدا ورأى الموت هذا الجسد فإقترب منه.
فكيف يظن محمود أن الموت الذي كان سيخشى الإقتراب من اللاهوت، قد تمكن من اللاهوت فعلًا وقتله مع موت الناسوت؟ المشكلة ان محمود يظن أن اللاهوت لم تكن له إمكانية الموت، ثم أصبح لهذا اللاهوت إمكانية الموت عندما أخذ جسدًا واتحد به، فلا يفهم من هذا محمود أن الناسوت هو الذي يموت مع اتحاد اللاهوت به، بل يفهم ان خواص اللاهوت قد تغيرت وأصبح يموت لأنه متحد بالناسوت الذي يموت.
والأغرب أن هذا الشخص يقرأ بنفسه [فمحرومٌ من يفصل اللاهوت عن الجسد” ثم بدلا من أن يفهم من هذا أن الموت أثر على الجسد وهو متحدا باللاهوت، يفهم أن بهذا الإتحاد مات اللاهوت مع الناسوت!
يقول ميمو:
والرد:
لا أحد من العارفين يتشكك، إذ نعرف أن الإله قد مات بجسده وليس بلاهوت بينما بقي لاهوته غير مائت. الغريب والعجيب أن محمود يقرأ بنفسه المثال “لما يموت شخص فلا يقال إن جسده مات، ومع أن نصفه لم يذق الموت، يقول عارفوه أن فلانا لم يمت” فالمثال نفسه يقول حرفيا أن “نصفه لم يذق الموت”، أي – مع الفارق- اللاهوت لم يذق الموت! فهذه هي الفكرة التي يدور حولها محمود طوال الفيديو، ان اللاهوت قد تعرض للموت بشكل ما!
لأنه لو لم يكن يقصد هذا فلا مشكلة في موت الناسوت، أو في تسمية أن الله مات بناسوته، أو أن الله مات والمقصود أن جسده الشخصي قد مات وهو متحد باللاهوت. فلا يناقش محمود في الاصطلاح بل في فحواه ومعناه، والمعنى ترفضه كل الكتب المسيحية بل وكل المسيحيين، العارفين وغير العارفين! ومع ذلك يظن أننا نؤمن به ولا يفهم ما يقرأه.
يكرر محمود فكرته المغلوطة بأن الإله قد إتخذ جسدا لكي يعطي نفسه إمكانية الموت، ويقصد هنا بكلمة “الله” أي “اللاهوت” فهو يظن أن اللاهوت لم يكن له إمكانية الموت ثم بتجسده صار اللاهوت يموت عن طريق اتحاده بالجسد! وهذا سخف صافي، إذ أن اللاهوت قبل وبعد التجسد ليس له خاصية الموت، فالموت هو فعل لا يؤثر في الموت، تمامًا كما لا يمكن إبتلال الماء، ولا إحراق النار. فهذا الإله الواحد المتجسد قد ضُرب على جسده لأن اللاهوت لا يُضرب بل لا يُدنى منه، فكيف يُضرب؟ فكل هذه التعبيرات عندما ينسبها العاقلون لله، فإنما يقصدون تأثيرها على جسده فقط دون لاهوته.
يقول ميمو:
والرد:
كل هذه الأوصاف يقصد بها ناسوت الإله المتجسد وليس لاهوته، فالديان قد دانوه في الجسد، وغير المائت قد مات في الجسد، وغير المتألم قد تألم في الجسد ..إلخ، فهنا يتم نسب هذه الأفعال لله بإعتبار أن هذا الجسد هو جسد الله، وليس إلى اللاهوت. فمحمود لا يجيد التفريق بين الإتحاد والإختلاط.
يقول ميمو:
والرد:
إن الغباء صفة، أما الاستغباء فهي موهبة، نحيي محمود عليها وعلى تفانيه في اثباتها لنا. الحاضرون أجابوا بـ”لا” بسبب المفهوم الذي يرفضونه، ألا وهو موت اللاهوت، ولم يقصد الأنبا رافائيل أن “الله كلاهوت مات” بدليل أنه نفسه قال جزء من الليتورجيا المكملة لهذه الليتورجيا الأولى، فالليتورجيا الأولى تقول “آمين آمين آمين بموتك يا رب نبشر”، والليتورجيا الثانية تقول “يا من ذات الموت بالجسد” وبعدها قال التقديسات:
قدوس الله قدوس القوي قدوس الحي الذي لا يموت، الذي صلب عنا، إرحمنا. فبلاهوته هو لا يموت، وبناسوته قد صلب عنا. فها هما التعبيران يأتيان في نفس السطر لكن محمود يشدد على كونه لا يفهم. والأنبا رافائيل بنفسه يقول “تشرحها له وتقول له [يا من ذاق الموت بالجسد]” فالذي لا يموت بلاهوته قد مات بناسوته. فالمسيحيون يعدون الإله الحقيقي الذي لا يموت ولا قبل التجسد ولا بعد التجسد. ولا يعبدون آلهه وثنية كان العرب يعبدونها.
ولبيان كيف أن محمود لا يفهم كلام من يسمعه، نجعل الأنبا رافائيل نفسه يخبره بأنه لا يفهم:
في هذا الفيديو سنجد الأنبا رافائيل يؤكد على عدم موت اللاهوت وعدم تأثره بالموت مطلقًا على الرغم من إتحاده بالناسوت الذي مات.
يقول ميمو:
والرد:
وهنا، ولوهلة، أفاق ميمو من غفلته بعد كل هذا القيء الذي تقيأهُ، وبدأ يشعر أنه بالفعل، الأباء المسيحيين لا يقولون أن اللاهوت مات، أو ان الله مات بلاهوته، أو أن الله مات بلاهوته مع ناسوت، أو ان الله مات بلاهوته المتحد بلاهوته، فأراد أن ينفي أن قولنا “الله مات” هو مجرد قول لا يدل على “موت اللاهوت”، فبدلا من أن يعطي دليل يدل على هذا، فقال: طب إزاي؟ مستنكرًا! هذا الميمو يقول لنا نحن المسيحيين: طب إزاي! فقد نسى فجأة أن الآباء مجمعون ان اللاهوت لا يموت وأنه منذ بداية الفيديو قد سلك الطريق الخطأ بإستغفال متابعيه بأن يوهمهم أن الإتحاد يعني موت اللاهوت والناسوت معًا!
ثم أعطى ميمو مثال، وقال: محمود مابيطيرش، لكن اخذ الطيارة عشان تدي له إمكانية الطيران. وهذا المثال خاطيء من وجوه:
أولًا: محمود يتغير، أما اللاهوت فلا يتغير، فإن كان اللاهوت لا يموت، فهو لا يموت أزلًا وأبدًا، وليس أنه كان لا يموت ثم أصبح بالاتحاد يموت! فهذا خرف صريح!
ثانيًا: في هذا المثال، محمود فعلا لم يطر، فمحمود نفسه لم يطر، بل طارت الطائرة وهو على متنها، فهل محمود نفسه طار؟ الحقيقة لا، لكن يمكننا ان نقول ان محمود طار إلى دولة أمريكا، لأنه ركب الطائرة التي تطير، وليس معنى ان محمود ركب الطائرة التي تطير، أن محمود نفسه أصبح يطير كما الطير بأجنحة! وهذا المثال نطبقه (ولو من بعيد) على اللاهوت، فاللاهوت لا يموت، لكن أخذ الجسد لكي يموت الجسد المتحد به اللاهوت فيكون الجسد الذي مات قد قدم فداء غير محدود بفعل اللاهوت غير المحدود المتحد به. لكن اللاهوت نفسه لم يمت.
ثالثًا: أن الجديد في أن محمود سافر أمريكا بالطائرة، هو أن محمود نفسه لم يطر، ولم يتحول إلى طائرة، ولا أخذ صفات الطيران من الطائرة الت ركبها وطارت به. هكذا اللاهوت (نسبيا) فإنه وحد لنفسه جسدا، جعله جسده الخاص، وعن طريق هذا الجسد الذي مات، فدى اللاهوت البشرية. ولم يتحول اللاهوت إلى ناسوت أو أخذ صفة الموت التي هي للناسوت الذي مات. فكما ان محمود لم يتحول إلى طائرة ولم يكتسب منها صفاتها، هكذا اللاهوت لم يتحول إلى ناسوت ولم يتخذ منه صفاته.
يقول ميمو:
والرد:
أولًا: يا للضحك! محمود داود يحذر المسيحيين من الوقوع في هرطقة! ذلك غير المسيحي يخشى على المسيحيين الوقوع في الهرطقة وهو منغمس برأسه فيها.
ثانيًا: يمكن فهم عبارة “الله لم يمت، والذي مات هو مجرد جسد دون الله، جسد فقط بدون الله” بمعنيين وليس بمعنى واحد. فالمعنى الأول هو أن اللاهوت لا يموت، وأن الذي أثر عليه تأثير الموت ومات هو فقط الناسوت وهو متحدا باللاهوت. وها المعنى صحيح، إذ أن اللاهوت لا يموت والذي يموت هو كل مخلوق، وهنا المخلوق هو الجسد. فاللاهوت لا يموت لكن الجسد هو الذي مات وهو متحدا به. أما المعنى الثاني، فهو الفصل بين الطبيعتين عند موت الناسوت، فمن قصد أن اللاهوت كان منفصلا عن الناسوت عند موت الناسوت، فهذه هي الهرطقة، وأكبر من هذه الهرطقة هي القول بأن اللاهوت قد مات عندما كان متحدا بالناسوت! فهذه هرطقة الهرطقات، وهو ما يفهمه ميمو!
ثالثًا: وفهم ميمو هذا لا علاقة له بهرطقة نسطور من قريب أو من بعيد. فهرطقة نسطور كانت تفصل بين الطبيعتين، كما فهم ميمو نفسه وقال هذا نصًا، فهل نحن عندما نقول إن اللاهوت لم يمت فنكون نفصل اللاهوت عن الناسوت؟ إذن فانت بقولك إن الله مات في المسيحية تعتقد أننا نقول أن اللاهوت قد مات مع الناسوت! وهي مزحة جيدة! ولهذا كان تأكيد الكنيسة الجامعة أن الوحدة بين الطبيعتين هي وحدة حقيقية ودائمة ولا ينتج عنها الاستحالة أو التغيير أو الامتزاج. لكن ما يفهمه ميمو هذا لهو من الخبل المحض.
يقول ميمو:
والرد:
أولاً: محمود بنفسه قال أن هرطقة نسطور تتلخص في أنه فصل بين الطبيعتين، وهذا لا يقل به أي مسيحي. إذن فقد عرفنا من هنا أن لا أحد منا يقول بفصل الطبيعتين، وأن محمود يتخذ من الهرتلة سبيلا للكلام والفهم. فلا من يقولون أن الله مات يقصدون الفصل بين الطبيعتين، ولا من يقولون انه لم يمت يقصدون الفصل بين الطبيعتين.
ثانيًا: هل معنى حرم الكنيسة لنسطور أن الكنيسة تقول أن اللاهوت قد مات؟ فنسطور يقول أن اللاهوت لا يموت ولم يمت، وهكذا تقول الكنيسة ان اللاهوت لا ولم ولن يمت، فهل هذا يعني أن إيمان الكنيسة هو نفسه إيمان نسطور؟! بئس الغثاء الفكري!
ثالثًا: إن مشكلة نسطور تكمن في انه فصل بين الطبيعتين، حتى أنه كان يظن أنه عندما كان الناسوت على الصليب لم يكن اللاهوت متحدا به وقت موت الناسوت. وليس أن اللاهوت لم يمت مع الناسوت، فيكون أن رد الكنيسة عليه هو إعتراف منها بموت الناسوت واللاهوت معًا! فهذا خبل! فبسبب الفصل بين الطبيعتين، ظن نسطور أن اللاهوت قد فارق الناسوت ولم يعد متحدا به عند آلامه (أي آلام الناسوت)، وبهذا لا يمكن أن نقول -نتيجة الفصل- أن الله مات. بل أن الجسد وهو منفصلا عن اللاهوت قد مات. وهكذا كان يظن في ميلاد المسيح، فقد ظن أن العذراء لم تلد إلا ناسوتًا مجردًا، وليس ناسوتًا متحد باللاهوت. وعلى هذا فلم يدعوها بوالدة الإله لأن الذي ولدته ليس هو الناسوت المتحد باللاهوت، بل الناسوت فقط.
يقول ميمو:
والرد:
أولًا: ماذا يقصد هذا الشاب بكلمة “الإله المتجسد بأكمله”؟ فالإله لا يتجزأ لكي يكون له “أكمله”! ألم يجف لساننا ونحن نقول أن الناسوت متحد مع اللاهوت؟ فإن كان هذا ما يقصده ميمو بتعبيره الصبياني “الإله المتجسد بأكمله” فليس معنى إتحاد الطبيعتين أن كلا الطبيعتان قد ماتتا. بل يعني هذا أن الطبيعتين كانا في حالة اتحاد حقيقي أثناء موت الطبيعة الواقع عليها فعل الموت، ألا وهو الناسوت.
ثانيًا: المسيحي يقول “الله مات بالجسد” ولا يقول “جسد الله كان منفصلا عن اللاهوت عند الموت” فميمو يمارس مغالطة رجل القش، يخترع عبارات لا يقولها المسيحي، ويخترع عقائد لا يؤمن بها المسيحي، ثم يرد عليها! فنحن نعبد الإله المتجسد لأن هذا الإله المتجسد طبيعته الواحدة هي طبيعة من طبيعتين، أحدهما اللاهوت الذي نعبده، لكن ونحن نعبد اللاهوت لا نفصل عنه الناسوت المخلوق. ولا يعني هذا عبادتنا للجسد أو للناسوت، بل نحن نعبد خالق هذا الناسوت.
يقول ميمو:
والرد:
خطأ، فمن يقول إن الناسوت فقط هو الذي مات يقصد أن فعل الموت قد أثر فقط في الناسوت. وليس أن الناسوت كان وحده أي منفصلا عن اللاهوت عند الصلب والموت. فهذا الذي يقوله نسطور، وليس أن الموت قد أثر على اللاهوت فمات اللاهوت. فلا نسطور يقول هذا ولا الكنيسة تقول بهذا. ونحن نشكر الله أن نسطور واريوس وهؤلاء المهرطقين العظام قد ماتوا ليتركوا لنا هؤلاء الكائنات البرفهمية التي لا تقرأ، وإن قرأت لا تفهم، وإن فهمت فتنسى ما قرأته وما فهمته وتعود لجهلها الأول.
أما عن تكفير الخطيئة، فقد تم بإعطاء اللاهوت غير المحدود، الفداء غير المحدود من موت الناسوت المحدود. ولا يستلزم موت اللاهوت غير المحدود.
يقول ميمو:
والرد:
الإله، أي اللاهوت، لم يتخذ جسدا لكي يموت اللاهوت به، بل لكي يموت هذا الجسد وهو، أي اللاهوت، متحدا به. وبذلك تتحقق الكفارة غير المحدودة. فمشكلة فهمك – إن جاز لنا أن ننعت هذا الخبل الذي تفهمه فهمًا- أنك تفهم أن اللاهوت جلس يفكر، ويقول في نفسه أنا لا يمكنني الموت، ثم بعد تفكير مضنٍ، قال لنفسه: وجدتها! سآخذ جسد لأتمكن من الموت (أي موت اللاهوت) وهذا لا يقل به مجنون فضلا عن عاقل. ولهذا تقله أنت.
يقول ميمو:
والرد:
خطأ، فلم يكن الناسوت مجرد أداة أو وسيلة، بل كان ناسوته الخاص الذي وحده مع طبيعته اللاهوتية. هذا أولاً، أما ثانيًا: فاللاهوت لم يمت عن طريق الناسوت، بل اللاهوت كان متحدا بالناسوت الذي مات. وبهذا يحدث الفداء. وبهذا لا يكون معبودنا، اللاهوت، مات وصلب. اللهم إلا لو تقول أن المسيح هو معبودنا عاملاً بمبدأ الإتحاد الذي جف لساننا من القول به في هذا ا لملف وغيره. فمعبودنا لم يمت، إلا بناسوته، أما لاهوته فلا يموت.
يقول ميمو:
والرد:
هنا وصل ميمو إلى الذروة في الكلام الفارغ! فكيف أن جملة “الله لا يموت” تديننا؟ فالإله قد إتخذ جسدا لكي بموت هذا الجسد وهو متحدا به يكون قد فدانا، فظل الإله كلاهوت لا يموت بينما كان متحدا بالناسوت الذي له الموت. فهذا هو الإله الذي لا يموت وهذا هو الذي نعبده.
فجملة “الله لا يموت” تدينك أنت، فنحن نعبد إله إتخذ جسد لكي يموت هذا الجسد وهو متحدا به، وليس أنه أخذ جسدا لكي يموت اللاهوت بهذا الجسد. بل أن نسب الموت لله هو بفعل موت جسده فقط وهو متحدا بلاهوته وليس بفعل موت الله كلاهوت، فحاشاه الذي يعطينا الحياة أن يموت. فهذا هو الإله الذي لا يموت الذي نبعده، كما قال الأنبا رافائيل بنفسه الذي استشهد به، أننا نقول في صلاتنا “قدوس الله، قدوس القوي، قدوس الحي الذي لا يموت”، فانت تستشهد بمن يناقض فكرتك ثم تفهم كلامه بشكل معكوس.
فبالطبع سيظهر هذا الفهم أنه غير عقلاني وغير منطقي، لأنه فهمك أنت وحدك وليس فهمنا نحن. فأنت قد حكمت في الحقيقة على فهمك لما قرأته وليس على ما قرأته، وهي شهادة في محلها إذ أنك لو تملك العقل لفهمت ما قالوه وقرأته وسمعته ورأيته. لكن ماذا نقول؟ إنها تعمى القلوب!
يقول ميمو:
والرد:
وهذا الكلام خاطيء، إذ أن الآب أو الإبن أو الروح القدس ليس لهم صفة الموت، سواء إن تجسدوا أم لا، فالذي تجسد ليس هو “جزء من اللاهوت” فاللاهوت لا يتجزأ، فكلامك هذا يدل أنك تحتاج أن تتعلم مبادئ العقيدة المسيحية التي يعرفها الأطفال، لا أن تكابر فيما لا تحسن فهمه. فاللاهوت هو الذي تجسد، وليس جزء منه أسمه الإبن مثلاً. ونحن نعبد هذا اللاهوت الذي هو الآب والإبن والروح القدس. فمشكلة محمود أنه يظن أننا نعبد ثلاثة آلهه، أحدهم تجسد، والآخران لم يتجسدا، ونحن نعبد هؤلاء الثلاثة وهذا الجسد! بئس الفهم!