العظة العاشرة رفقة – عظات أوريجانوس على سفر التكوين
العظة العاشرة رفقة – عظات أوريجانوس على سفر التكوين
خرجت لتستقي ماءً والتقت خادم إبراهيم
عتاب للمستمعين غير المواظبين على الحضور
1 يقول الكتاب كان الولد يكبر[1]” ويتقوى، أي أن “الفرح[2]” كان يكبر بالنسبة لإبراهيم الذي كان لا يهتم بالأشياء التي ترى، بل بالتي لا ترى[3].” ولم يكن إبراهيم في الواقع يستمد سعادته من الأشياء الحاضرة ولا من ثروات العالم ولا من أحداث الدهر. هل تريد أن تعرف من أين كان إبراهيم يستمد سعادته؟ أنصت إلى الرب الذي يقول لليهود: “أبوكم إبراهيم اشتهى بأن يرى يومي فرأى وفرح.[4]” وهكذا إذاً ما كان يجعل إسحق يكبر[5] هو ما كان يزيد الفرح عند إبراهيم وهو هذه الرؤية ليوم المسيح والرجاء الموضوع فيه. فلتصيروا أنتم أيضاً مثل إسحق وتكونوا فرح أمكم الكنيسة!
ولكنني أخشى أن تلد الكنيسة أبناءها بعد في الحزن والتنهدات. فهل تظنون أنها لا تحزن ولا تتنهد عندما لا تأتون لتسمعوا كلمة الله وتذهبون بالكاد إلى الكنيسة في أيام الأعياد؟ وتأتون إليها أيضاً للتمتع بالاحتفال والاستفادة من الغفران العام أكثر مما تأتون رغبة في سماع الكلمة[6]. فماذا عليّ أن أفعل إذن، أنا الذي وكلت إليّ خدمة الكلمة[7]؟ أنا الذي أخذت من الرب، على الرغم من أنني “عبد بطال[8]“، “العلوفة لأوزعها على آل السيد[9]” لكن اسمع نهاية ما قاله الرب “ليوزع العلوفة في حينها[10]“، فماذا عليّ أن أفعل إذن؟ أين ومتى سأجد الوقت المناسب لكم؟ فأنتم تضيعون الجزء الأكبر من وقتكم، إن لم يكن وقتكم كله، في اهتمامات عالمية، وتقضون جزءًا منه في الساحة والآخر في الأعمال. الواحد لديه وقت لحقله، والآخر لقضاياه، ولا يوجد أحد، ما خلا عدد قليل جداً، لديه الوقت السماع كلمة الله.
ولكن لماذا أعاتبكم على مشاغلكم؟ ولماذا أشكو من الغائبين؟ حتى حين تكونون هناك وتجلسون في الكنيسة، فإنكم لا تكونون منتبهين وتثرثرون في ترهات مألوفة وتديرون القفا لكلمة الله أو للقراءات المقدسة. أخشى أن يوجه الرب لكم أنتم أيضاً هذا الكلام الذي قيل بالنبي: “أداروا لي القفا لا الوجه[11]“. فماذا يجب أن أفعل، أنا الذي وكلت إليّ خدمة الكلمة؟
الإهمال يعيق استقبال كلمة الله
إن ما نقرأه لكم مليء بالأسرار، ويجب تفسيره من خلال أسرار الرمز. هل أستطيع أن أدخل “درر[12]” كلمة الله في آذان صماء ولا تصفي؟ ليست هذه هي طريقة الرسول، اسمع ما يقوله: “أنتم الذين تقرأون الناموس لا تسمعون الناموس، لأنه كان لإبراهيم ابنان[13]“، ثم يضيف “هذه الأشياء لها معنى رمزي[14].” فهل كشف عن أسرار الناموس للذين لا يقرأون ولا يسمعون كلا، فقد كان يكتفي بأن يقول لمن كانوا يقرأون الناموس: “لستم تسمعونه[15]” فكيف إذن أستطيع أن أكشف وأفشي أسرار الناموس والرموز التي علمنا إياها الرسول لأشخاص لا يعرفون لا أن يسمعوا ولا أن يقرأوا الناموس؟
قد أبدو لكم صارماً للغاية، غير أنني لا أستطيع أن “أملط بالجبس حائطا[16]” ينهار، لأنني أخشى كلمة الكتاب هذه: “يا شعبي، مطوبوك مضلون، ويقلبون طرق مسالكك[17]“، وأنذركم كأولادي الأحباء[18]“. إني أتعجب من كونكم غير متعلمين بعد طريق المسيح وأنكم حتى لم تسمعوا “أن الطريق الذي يؤدي إلى الحياة ضيق ومنحصر وليس واسعاً ورحباً.” إذاً “ادخلوا من الباب الضيق[19]“، واتركوا السعة للذين يهلكون. لقد تناهى الليل وتقارب النهار[20]“، “فاسلكوا كأولاد نور.[21]” “الوقت قصير، ولا يوجد غير شيء واحد ينبغي عمله، ليكن الذين لهم كأن[22] ليس لهم، والذين يستعملون هذا العالم كأنهم لا يستعملونه[23]“. ويوصي الرسول بالصلاة “بلا انقطاع[24]“، فكيف يمكنكم، أنتم الذين لا تحضرون الصلوات، أن تتمموا “بلا انقطاع ما تهملونه باستمرار؟ لكن الرب يوصي أيضاً: اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة[25]“، فإذا كان الذين يسهرون ويصلون ولا يكفون عن المثابرة في كلمة الله لا يفلتون مع ذلك من التجربة، فماذا عمن لا يأتون إلى الكنيسة إلا في الأعياد؟ “إذا كان الصديق بالجهد يخلص، فالخاطئ والأثيم أين يظهران[26]؟”
وليس لدي الميل في الحديث عما قد قرأناه تواً، فالرسول يقول فيما يتعلق بالآيات الشبيهة إننا “لا يمكن أن نشرحها بالكلام؛ إذ قد صرتم ضعفاء حتى تفهموا[27].”
رفقة النفس الجالسة عند ينابيع الكتاب المقدس
۲ فلنفحص مع ذلك ما قرئ لنا منذ قليل. يقول الكتاب “كانت رفقة تأتي لتستقي ماء مع بنات المدينة.[28]” ففي كل يوم كانت رفقة تذهب إلى الآبار، وكل يوم كانت تستقي ماء، ولأنها كانت تقضي وقتا كل يوم عند الآبار، فقد أمكن بسبب ذلك أن يجدها خادم إبراهيم وأن تتحد بالزواج مع إسحق. فهل تعتقد أن هذه مجرد أساطير وأن الروح القدس يروي قصصاً في الكتاب المقدس[29]؟ إن هذا يعد تعليماً للنفوس وعقيدة روحية تثقفك وتعلمك أن تأتي كل يوم إلى آبار الكتاب المقدس[30] وإلى مياه الروح القدس وأن تستقي منها على الدوام وتحمل لنفسك منها إناء ممتلئاً. هكذا فعلت القديسة رفقة التي لما استطاعت أن تتزوج بطريركاً بهذا المقدار من العظمة كإسحق، “المولود من الموعد[31]“، لو لم تكن تستقي هذه المياه ولو لم تستق منها كمية بحيث أمكنها أن تعطي ليس فقط أهل بيتها ليشربوا ولكن أيضاً خادم إبراهيم، وليس فقط أن تعطي الخادم ليشرب ولكن أن تفيض المياه التي سحبتها من الآبار لدرجة أنه أمكنها أن تسقي الجمال أيضاً “حتى فرغت من الشرب[32]“، كما يقول الكتاب.
زواج رفقة من إسحق يمثل اتحاد الروح بالمسيح
إن كل شيء في الكتاب المقدس هو سر المسيح يريد أن يخطبك لنفسه أنت أيضاً. وإليك يوجه كلامه بالنبي حين يقول: “وأخطبك لنفسي إلى الأبد. وأخطبك لنفسي في الأمانة والرحمة فتعرفين الرب.[33]” فإذ يريد إذا أن يخطبك لنفسه، يرسل لك الرب هذا الخادم، وهذا الخادم هو الكلمة النبوية التي بدون أن تقبلها أولاً لن تستطيع الاقتران بالمسيح.
لتدرك مع ذلك أنه بدون تمرن وبدون معرفة لا يقدر أحد أن يقبل كلمة الأنبياء. ويقبلها بالمقابل من يعرف أن يسحب الماء من أعماق البئر ومن يعرف أن يسحب كمية بحيث تكفي حتى للذين يبدو أنهم بلا عقل وضالين والذين ترمز لهم الجمال، ويمكن لهذا أن يقول إذاً “إني مديون للحكماء والجهلاء.[34]” باختصار، لقد قال الخادم في نفسه: “الفتاة التي تقول من بين هذه البنات اللاتي تأتين لتستقين ماء اشرب وأنا أسقي جمالك، هي تكون زوجة سيدي[35].” هكذا إذن، إذ أبصرت رفقة. وهذا الاسم يعني الصبر. الخادم إبراهيم وتأملت عن كثب الكلمة النبوية “أنزلت الجرة[36]“. التي كانت تحملها على كتفها. وهي نزل في الواقع الغرور المتعالي الذي للخطابة اليونانية وتنحني إلى اتضاع وبساطة الكلام النبوي وتقول: “اشرب وأنا أسقي جمالك[37].”
المسيح الذي هو الماء الحي يطلب أن يشرب
۳ قد تقول: إذا كان الخادم يمثل الكلمة النبوية فمن أين لرفقة أن تعطيه ليشرب في حين أنه هو الذي يجب أن يفعل ذلك؟ انتبه، فهو يفعل على الأرجح مثل الرب يسوع. فيسوع هو “خبز الحياة[38]” وهو يطعم النفوس الجائعة، إلا أنه يعلن أنه جائع هو أيضاً حين يقول: “أني جعت فأطعمتموني[39]“، وبالمثل أيضاً، هو “الماء الحي[40]” ويعطي جميع العطاش ليشربوا، إلا أنه يقول بنفسه للسامرية: “أعطيني لأشرب[41]” وهكذا يكون بالنسبة إلى الكلمة النبوية، فهي تروي العطاش غير أن الكتاب يقول إنها هي التي ترتوي بإزائهم حين تكون موضوع التدريبات والرعاية الساهرة من جانب مسيحيين غيورين.
إذاً، النفس التي من هذا النوع والتي تعمل كل شيء بصبر، وتكون أيضاً متحمسة وتستند إلى تعليم بهذا القدر من العظمة، والتي تعودت أن تسحب مياه العلم من الأعماق، فهذه النفس يمكن أن تتزوج في عرس المسيح. وعليه، فإذا لم تذهب [أنت] كل يوم بالقرب من الآبار، وإذا لم تستق من المياه كل يوم، فلن تعجز فقط عن أن تسقي الآخرين، ولكنك أنت أيضاً سوف تعاني من العطش الكلمة الله.[42]” أنصت لما يقوله الرب في الأناجيل: “من عطش فليقبل ويشرب[43]“، ولكن أنت، وفقا لما أراه “لست جائعا ولا عطشان إلى البر[44]“، فكيف سيمكنك أن تقول “كما يشتاق الإيل إلى جداول المياه، هكذا تشتاق نفسي إليك يا الله، عطشت نفسي إلى الإله الحي. متى أجيء وأتراءى قدام وجهه[45]؟”
عتاب جديد للمهملين
أرجوكم، يا من تواظبون على الحضور إلى هذا المكان الذي يسمعون فيه الكلمة، تحلوا بالصبر حتى نوبخ قليلاً المهملين والكسالى. تحلوا بالصبر؛ إذ إننا نتحدث عن رفقة، أي عن الصبر يجب علينا أن نهب بالصبر من يهملون المحفل ويتحاشون سماع كلمة الله، وهم لا يشتهون لا “خبز الحياة[46]” ولا “الماء الحي[47]” ولا يخرجون من المحلة ولا يتقدمون من بينهم الذي من طين[48]” ليجمعوا المن[49] ولا يأتون إلى الصخرة ليشربوا من “الصخرة الروحية، والصخرة هي المسيح[50]” كما يقول الرسول. تحلوا إذن بالقليل من الصبر لأننا نتحدث إلى المهملين والمرضى”. فلا يحتاج الأصحاء إلى طبيب، بل المرضى[51]“.
قولوا لي أنتم، يا من لا تأتون إلى الكنيسة إلا في أيام العيد، أليست الأيام الأخرى هي أيام أعياد[52]؟ أليست كلها أيام الرب؟ فهذا خاص باليهود أن تكون لهم أيام محددة وقليلة للاحتفال بالأعياد، لذلك يقول الله لهم: “لست أطيق رؤوس شهوركم وسبوتكم ويوم كفارتكم. صيامكم واعتكافكم وأعيادكم بغضتها نفسي[53]“. يبغض الله إذن من يعتقدون أنه لا يوجد سوى يوم واحد ليكون يوم عيد للرب. أما المسيحيون فهم يأكلون كل يوم لحم الحمل أي أنهم يأخذون كل يوم جسد الكلمة لأن المسيح “فصحنا المسيح قد ذبح.[54]” وبما أن شريعة الفصح تأمر بأن يؤكل في المساء[55] فقد تألم المسيح في مساء العالم[56] حتى تأكل أنت بلا انقطاع جسد الكلمة، لأنه المساء دائماً بالنسبة لك إلى أن يأتي النهار. وإن كنت منتبهاً أثناء هذه السهرة، وإن قضيت حياتك في “البكاء والأصوام[57]” وفي إتمام كل عمل للبر، فستستطيع أن تقول أنت أيضاً: “في المساء يمتد النواح وفي الصباح التهلل[58]“، لأنك ستبتهج بالصباح، أي بالدهر الآتي إذا كنت قد جنيت في الدهر الحاضر “ثمر البر[59]” في الدموع والألم. تعالوا إذن ولنشرب، في الوقت المناسب، من “بئر الرؤيا” التي يتجول إسحق عنده ويتقدم للتدرب”[60].
لاحظ أهمية الأمور التي تقع بالقرب من المياه. لذلك يدعوك أن تأتي كل يوم إلى مياه كلمة الله وأن تمكث بالقرب من آباره كما كانت رفقة تفعل التي قيل عنها: “وكانت فتاة جميلة جداً، وعذراء لم يعرفها أي رجل[61].” ويقول الكتاب “هوذا قد خرجت نحو المساء لتستقي ماء.[62]“
عذرية رفقة
4 لم يقل الكتاب هذا عن رفقة دون سبب. ولكن هناك شيء يدهشني: ماذا يعني القول: “وكانت فتاة، عذراء، لم يعرفها أي رجل[63]“؟ كما لو أن الفتاة العذراء يمكن أن تكون شيئا آخر غير امرأة لم تعرف رجلاً وماذا يمكن أن تعني بالنسبة للفتاة العذراء، إضافة أنه “لم يعرفها رجل؟ هل يمكن إذا أن تكون هناك عذراء قد سبق لها أن عرفت رجلاً؟ كثيرا ما أوضحت سابقاً[64] أنه لا يجب أن نرى في هذه المقاطع قصتنا تاريخية، ولكن سلسلة من الأسرار أعتقد إذا أن إشارة مثل هذه هي ذات قيمة هنا. فإذا كان المسيح يدعى عريس النفس الذي تقترن به النفس التي تأتي إلى الإيمان، فحين تتحول النفس على العكس إلى الجحود يدعى العريس الذي تتزوجه “العدو الذي يزرع الزوان على الحنطة[65].” ومن ثم لا يكفي النفس أن تكون عفيفة بالجسد ولكن يجب أيضاً ألا يكون هذا الزوج الشرير قد عرفها، لأنه من الممكن أن نحافظ على عذرية الجسد، ولكن أن نعرف هذا الزوج الشرير الذي هو الشيطان وأن نستقبل في قلبنا سهام الشهوة، وأن نفقد بذلك طهارة النفس. ولأن رفقة إذا كانت عذراء مقدسة جسداً وروحاً[66]، فقد أكثر الكتاب من مدحها وقال: “كانت عذراء لم يعرفها أي رجل[67]. “
حلي رفقة
ذهبت رفقة إذا إلى الماء في “وقت المساء[68]” لقد تحدثنا منذ قليل عن المساء، ولكن لاحظ حرص الخادم: فهو لا يريد أن يأخذ كزوجة لسيده إسحق سوى عذراء يكون قد وجدها فاضلة وحسنة المظهر. ولم يكفه أن تكون عذراء بل يجب أيضاً ألا يكون قد عرفها أي رجل، وكان يجب أن يجدها وهي تستقي ماء، فهو لا يريد أن يخطب لسيده فتاة أخرى. ولم يكن الخادم ليعطيها الحلي دون ذلك، وهي كانت بلا “أقراط” ولا “أساور”[69] بل باقية على طبيعتها، دون زينة. فهل ينبغي أن نعتقد أن والد رفقة، وهو رجل غني، لم يكن لديه أساور أو أقراط ليلبسها لابنته؟ هل كان يتصف بهذا القدر من اللامبالاة أو البخل حتى أنه لم يعط زينة لابنته؟ كلا، ولكن رفقة لا تريد أن تتزين بذهب بتوئيل، فزينة رجل ظالم وجاهل لا تناسبها. ولكنها تطلب حليها من بيت إبراهيم لأن “الصبر يجد زينته في بيت الحكيم. فلم تكن أذنا رفقة لتجد زينتها لو لم يأت خادم إبراهيم بنفسه ليزينها، ولا تحصل يداها على زينة أخرى غير ما بعثه إسحق لأنها تريد أن تستقبل في أذنيها كلاما ذهبياً وتمسك في يديها بأعمال كلها من ذهب. ولكنها ما كانت تستطيع لا أن تحصل ولا أن تستحق كل ذلك ما لم تكن قد أتت إلى الآبار لتستقي ماء؛ وأنت، يا من لا تريد أن تأتي إلى المياه ولا أن تستقبل في آذانك كلمات الأنبياء الذهبية، كيف تقدر أن تحمل زينة التعليم، وزينة الأعمال وزينة الأخلاق؟
البئر هي المكان المختار لإقامة العرس الروحي
5 يجب أن نمر من هنا لأن الوقت الآن ليس مناسباً للتعقيب، بل لبناء كنيسة الله ولتحريك المستمعين الكسالى والعاطلين من خلال نماذج القديسين والتفاسير المستيكية. وصلت إذاً رفقة، التي تبعت الخادم، إلى إسحق، وفي الواقع تصل الكنيسة التي تبعت الكلمة النبوية إلى المسيح، وأين تجده؟ يقول الكتاب: “عند بئر القسم، فيما هو يتجول.[70]” وهكذا نحن لا نبتعد في أي حال من الأحوال عن الآبار ولا نستغني عن المياه، فنحن نجد رفقة بجانب بئر[71]، ورفقة قد وجدت بدورها إسحق عند البئر حيث أبصرته هناك للمرة الأولى وهناك “نزلت عن الجمل[72]“، وهناك ترى إسحق الذي أشار إليه الخادم.
هل تعتقد أن الكتاب لم يذكر إشارات أخرى عن الآبار؟ يعقوب هو أيضاً قد جاء إلى بئر ووجد راحيل هناك، وهناك بدت له راحيل حسنة الصورة وحسنة المنظر[73]“، كما أنه عند البئر أيضاً وجد موسى صفورة ابنة رعوئيل[74]. ألا تفهم بعد، أن كل ذلك قد قيل بمعنى روحي؟ وهل تظن أن مجيء البطاركة دائما إلى الآبار وحدوث زيجاتهم عند المياه يعد مصادفة؟ من يفكر بهذه الطريقة هو “إنسان طبيعي ولا يدرك ما لروح الله[75].” فليبق هناك من يريد، وليبق طبيعياً” من يريد، أما أنا فعلى أثر ما قاله بولس الرسول، أقول إن هذه الأشياء “رمزية[76]” وأقول إن عرس القديسين هو اتحاد النفس مع “كلمة الله: “وأما من اتحد بالرب فهو روح واحد معه[77]“. ولكن من المؤكد أن اتحاد النفس مع “الكلمة” لا يمكن أن يتحقق إلا إذا تركنا أنفسنا لنتعلم من الأسفار الإلهية التي يدعوها الكتاب مجازاً آباراً۔ فأي واحد يأتي إلى هذه الآبار ويستقي ماء، أي يدرك-إذ يتأمل في الكتاب -معنى ومدلولاً أكثر عمقاً، فهذا سيجد عرساً يليق بالله حيث تصير روحه متحدة بالله.
وهي (النفس التي ترمز لها رفقة) تنزل عن الجمل[78]“، أي أنها تبتعد عن الرذائل وترفض المشاعر الطائشة وتتحد بإسحق، لأنه يليق لإسحق أن ينتقل من الفضيلة إلى الفضيلة” ابن “الفضيلة التي هي سارة، قد اقترن الآن واتحد مع “الصبر الذي هو رفقة. وهذا هو الانتقال من الفضيلة إلى الفضيلة”[79]، “ومن الإيمان إلى الإيمان”[80].
ولكن، لنأت إلى الأناجيل ونرى حين تعب الرب نفسه من السير أين طلب أن يستريح؟ يقول الكتاب “لقد جاء إلى بئر وجلس على الحافة[81]“. وكما ترى فإن الأسرار تتقابل في كل مكان، كما أن هناك توافقاً في الرموز بين العهدين الجديد والقديم. هناك [في العهد القديم] يذهب [الآباء] إلى الآبار ومياهها ليجدوا عرائس، [وفي الجديد] تتحد الكنيسة مع المسيح في حميم الماء أيضاً[82].
فأنت ترى كم الأسرار الذي يحصرنا! فيجب على الأقل أن تدفعك [تلك الأسرار] إلى الإنصات والحضور إلى المحافل. وإذا كنا قد عبرنا سريعاً بشكل مختصر على بعض هذه الأسرار، فيجب عليك عندما تعيد القراءة وتبحث أن تنقب أنت أيضاً بنفسك وأن تجد. ثابر على الأقل في البحث عن أسرار الكتاب حتى يأخذك كلمة الله؛ إذ يجدك أنت أيضاً عند الماء، ويتحد معك لكي تصير معه روحاً واحداً[83]“، في المسيح يسوع ربنا “الذي له المجد والسلطان إلى أبد الآبدين. آمين[84]“.
[1] انظر: تك 21: 8.
[2] وفقا لأصل كلمة إسحق كما فسرها أوريجينيس سابقا. ارجع إلى العظة ۷: ۱.
[3] انظر:۲۰ کو 4: ۱۸.
[4] انظر: يو 8: 56.
[5] انظر: تك ۲۱: 8.
[6] هل يمكن أن يكون هذا النص هو إشارة إلى وجود أيام محددة لمنح الغفران العام. وماذا كانت طبيعة هذا الغفران في قيصرية؟ هل كان يتمثل في رفع التأديبات؟ أو هل كان غفرانا للخطايا المعتادة؟ الحقيقة أننا لا نعلم على وجه الدقة.
[7] انظر: ۱ کو ۹: ۱۷.
[8] انظر: لو 17: 10.
[9] انظر: لو 12: 42.
[10] انظر: لو 12: 42.
[11] انظر: إر ۳۹: ۳۳.
[12] انظر: مت ۷: 6.
[13] انظر: غل 4: 21-22.
[14] انظر: غل 4: 24.
[15] انظر: غل 4: 21.
[16] انظر: حز: 13: 10.
[17] انظر: إش 3: 12.
[18] انظر: 1كو 4: 14.
[19] انظر: مت 7: 13-14.
[20] انظر: رو 13: 12.
[21] انظر: أف 5: 8.
[22] لم يقل بولس الرسول في 1كو 7: 29: “الذين لهم” ولكنه قال “الذين لهم نساء.”
[23] انظر: 1كو 7: 29، 31.
[24] انظر: 1تس 5: 17.
[25] انظر: مر 14: 38؛ مت 26: 41.
[26] انظر: أم 11: 31؛ 1بط 4: 18.
[27] انظر: عب 5: ۱۱.
[28] انظر: تك 24: 15-16.
[29] هذا هو نفس اعتراض ابيليس. ارجع إلى العظة ۲: ۲.
[30] يقول أوريجينيس في عظاته على سفر العدد ۲:۱۲ “هذا السفر الذي بين أيدينا وهذا التعليم الذي قرئ لنا هما نفسيهما آبار، وفي نفس الوقت معهما أيضا كل الكتاب المقدس والناموس والأنبياء والكتابات الإنجيلية والرسولية يكونون معا بئرا واحدة.
[31] انظر: غل 4: ۲۳.
[32] انظر: تك 24: 22.
[33] انظر: هو ۲: ۱۹- ۲۰.
[34] انظر: رو 1: 14.
[35] انظر: تك 24: 14.
[36] انظر: تك 24: 18.
[37] انظر: تك 24: 14.
[38] انظر: يو 6: 35، 48.
[39] انظر: مت 25: 35.
[40] انظر: يو 7: 38.
[41] انظر: يو 4: 7.
[42] انظر: عا ۸: ۱۱.
[43] انظر: يو ۷: ۳۷.
[44] انظر: مت 5: 6.
[45] انظر: مز 41: ۲-۳ (حسب السبعينية).
[46] انظر: يو 6: 35، 48.
[47] انظر: يو 7: 38.
[48] انظر: أي 4: 19.
[49] انظر: خر 16: 13 وما بعده
[50] انظر: 1كو 10: 4.
[51] انظر: لو 5: 31.
[52] ارجع إلى عظات أوريجينيس على سفر العدد ۳:۲۳ حيث يقول إنه لا يوجد لمن يسعى إلى الكمال والقداسة أيام أعياد وأيام بلا عيد، لكن البار يجب أن يحتفل بعيد دائم.
[53] انظر: إش 1: 13 – 14.
[54] انظر: ۱ کو 5: ۷.
[55] انظر: خر 16: 8.
[56] ارجع إلى عظات أوريجينيس على سفر الخروج ۷: ۸ “جاء الرب في مساء عالم وقت أفوله، وكان موشكا على الانتهاء، لكنه قد صنع من جديد بمجيئه، من هو “شمس البر”، يوما جديدا لمن يؤمنوا. وقد خلق، إذا صح القول، يومه صباحا، إذ قد أنار للعالم نورا جديدا للعلم. لقد قدم صباحه، باعتباره “شمس البر”، ويشبع بالخبز في هذا الصباح من يتسلمون وصاياه.”
[57] انظر: يؤ ۲: ۱۲.
[58] انظر: مز 29: 6 (حسب السبعينية).
[59] انظر: يع 3: 18؛ في 1: 11؛ عب 12: 11.
[60] انظر: تك 24: 62-63.
[61] انظر: تك 24: 16.
[62] انظر: تك 24: 15: 11.
[63] انظر تك 24: 16.
[64] ارجع إلى العظة 8: 1، وفي نهاية هذه العظة ۱۰.
[65] انظر: مت ۱۳: 25.
[66] انظر: ۱ کو 7: 34.
[67] انظر: تك 24: 16.
[68] انظر: تك 24: 11.
[69] انظر: تك 24: 22.
[70] انظر: تك 24: 62.
[71] انظر: تك 24: 16
[72] انظر: تك 24: 64.
[73] انظر: تك 29: 17.
[74] انظر: خر ۲: ۱۰ وما بعده.
[75] انظر: 1كو 2: 14.
[76] انظر: غل 4: 24.
[77] انظر: ۱ کو 6: ۱۷.
[78] انظر: تك 24: 64.
[79] انظر: مز ۸۳: ۸ (حسب السبعينية).
[80] انظر: رو ۱: ۱۷.
[81] انظر: يو 4: 6.
[82] هذه إشارة واضحة إلى المعمودية، التي تأخذ حقيقتها الروحية رونقا وبريقا جديدين بفعل هذه المقارنة الرائعة مع مياه العرس في العهد القديم.
[83] انظر: ۱ کو 6: ۱۷.
[84] انظر: ۱ بط 4: 11؛ رؤ 1: 6.