صناعة الملحد – هناك إله – كيف غير أشهر ملحد رأيه؟ – أنتوني فلو
صناعة الملحد – هناك إله – كيف غير أشهر ملحد رأيه؟ – أنتوني فلو
لم أكن ملحداً على الدوام، فقد بدأت حياتي كمؤمن، نشأت في بيت مسيحي، ودرست في مدرسة مسيحية خاصة، وفي الحقيقة أنا ابن لمبشر مسيحي. والدي كان نتاجاً لكلية ميرتون في أكسفورد. وكان هو المسؤول الديني في الكنيسة المنهجية التابعة للكنيسة البروتستانتية، وليس في كنيسة إنجلترا الكاثوليكية.
ورغم أن قلبه ظل تبشيرياً Evangelism على الدوام فإن ذكرياتي الأولى عنه أنه كان يعمل مرشداً في دراسات العهد الجديد في كلية اللاهوت المنهجية في كامبردج، وبعد ذلك أصبح رئيساً للكلية. وبعد ذلك تقاعد وتوفي في كامبردج.
بالإضافة إلى مسؤولياته التبشيرية والتدريسية، اضطلع والدي بمهمة ممثل للمدرسة المنهجية Methodist[1] في عدد من المنظمات الكنسية، كما أنه رأس لفترة واحدة مدتها سنة كل من المؤتمر المنهجي والمجلس الكنسي الفيدرالي الحر.
يصعب عليّ تذكر أو تشخيص أية إشارات في مرحلة صباي تدل على قناعاتي الإلحادية اللاحقة. في شبابي درست في مدرسة كنغزوود في مدينة باث Bath وهي المدرسة التي تعرف اختصاراً K. S، ولحسن الحظ كانت – ولا تزال – مدرسة عمومية. لقد تم إنشاؤها من قبل مؤسس الكنيسة المنهجية جون وسلي John Wesley من أجل تدريس أبناء المبشرين التابعين له.
التحقت بمدرسة كنغزوود بالتزام ديني فاتر. ولم أجد أي مغزى للعبادة، وكنت بعيداً عن الاستمتاع والمشاركة في غناء الترانيم، ولم يحدث أبداً أن قرأت شيئاً في الأدب الديني بنفس الشوق الذي كنت أقرأ به كتب السياسة والتاريخ والعلوم وبقية المواضيع.
كان الذهاب إلى الكنيسة وترديد الصلوات وبقية الطقوس الدينية بالنسبة لي بمثابة مسؤولية ثقيلة. ولم أشعر على الإطلاق برغبة ولو قليلة بالاقتراب من الإله. لا أستطيع أن أجيب لماذا كنت غير مهتم بالطقوس الدينية وبقية الأمور التي شكلت حياة والدي. ببساطة… لا أتذكر أنني كنت أشعر باهتمام أو حماسة لهذه الاحتفالات.
ولم يكن عقلي مأسوراً ولا “قلبي مولعاً” (حسب تعبير ويسلي الشهير) بالدراسة الكنسية أو بالعبادة، ولا أدري إذا ما كانت عدم حماستي للدين في أيام شبابي سبب أم نتيجة؟ ولكن أستطيع القول إن أي قدر من الإيمان كان موجوداً لدي عندما دخلت مدرسة كنغزوود كان قد تلاشى عندما تخرجت منها.
نظرية في المآل A Theory of Devolution
لقد قيل لي: إن مجموعة بارنا Barna Group – وهي منظمة مسيحية لقياس انطباعات الرأي العام – توصلت من خلال استبياناتها إلى نتيجة مفادها أن ما تؤمن به في عمر الثالثة عشرة من عمرك هو ما ستظل تؤمن به حتى موتك. بغض النظر عن صحة هذه النتيجة من عدمها.
فإنني أدرك أن القناعات التي كانت لدي عندما كنت في الثالثة عشرة من عمري بقيت معي في أغلب سنوات حياتي، فقط لا أتذكر بالتحديد متى وكيف بدأ التغيير، ولكن بالتأكيد – كما هو الحال مع أي إنسان يفكر – فإن عوامل عدة تلعب دوراً في تكوين معتقداته، ليس أقلها ما أسماء إمانويل كانت Immanuel Kant “الرغبة الجامحة للعقل بعد الاستسلام للتبشير”، وهو ما أعتقد أنني أشترك فيه مع والدي.
أنا وهو نشترك في ميلنا الطبيعي لاتباع “طريق الحكمة” كما وصفها الفيلسوف كانت «إنها الحكمة التي لها خاصية اختيار المسألة التي يكون حلها مفيداً للجنس البشري من بين عدد لا حصر له من المسائل التي تعرض أمامنا».
معتقدات والدي المسيحية أقنعته بأنه لا يوجد شيء “أهم للجنس البشري” أكثر من توضيح ونشر وتطبيق الحقائق الموجودة في العهد الجديد. رحلتي الفكرية قادتني لاتخاذ اتجاهات عدة، ولكن كل منها كانت تنطوي على الرغبة العقلية الشديدة، وهو ما أشترك فيه مع والدي.
أتذكر أيضاً أنني استفدت كثيراً من تذكير والدي لي في أكثر من مناسبة بأن علماء الإنجيل عندما يريدون استيعاب مفهوم ما من العهد القديم فإنهم لم يكونوا يبحثون عن الجواب ببساطة من خلال التفكير فيه بمفردهم، وإنما كانوا يجمعون ويفحصون أكبر قدر من النصوص يمكن أن يجدوه.
هذا الأسلوب البحثي شكل من عدة أوجه الأساس لدراستي الفكرية – والذي لا زلت محافظاً عليه – في تجميع وفحص كل المعلومات التي لها علاقة بالموضوع. إنه من الأمور التي تدعو للدهشة أن مالك البيت الذي نشأت فيه غرس فيّ الحماسة للبحث الناقد، وهو ما قادني بعد ذلك إلى رفض إيمان والدي.
وجه الشيطان The Face of Evil
لقد قلت في بعض كتاباتي الإلحادية المتأخرة أنني وصلت إلى نتيجة بشأن عدم وجود إله بصورة متعجلة جداً. وبشكل مبسط جداً، والذي تبين لي فيما بعد أنها كانت أسباباً خاطئة. لقد كررت استخدام هذه النتيجة الخاطئة بشكل متكرر ومنفصل في مناقشاتي وكتاباتي. ولكن بعد سبع سنوات من ذلك، لم أجد أي أساس كاف لتسويغ هذا الموقف الأصولي. أحد الأسباب المبكرة لتحولي إلى الإلحاد كان مشكلة الشرور في العالم.
لقد كان أبي يصطحبني أنا وأمي في رحلة صيفية كل سنة، ولم يكن ممكناً القيام بهذه الرحلات اعتماداً على راتب والدي كمشرف ديني لوحده. لقد أمكن القيام بهذه الرحلات لأن والدي كان يقوم بمساعدة طلبة الثانوية في مراجعة دروسهم في بداية فصل الصيف، وكان يتقاضى أجراً مقابل ذلك، لقد كان السفر بالنسبة لنا ممكناً وبنحو رخيص نظراً إلى أن والدي كان يتكلم الألمانية بطلاقة بعد أن درس اللاهوت لمدة سنتين في جامعة ماربورغ الألمانية قبل الحرب العالمية الأولى.
ولذلك كان بمقدوره أن يأخذنا في أثناء العطلات في رحلة إلى ألمانية، ومرة أو مرتين سافرنا إلى فرنسا دون الحاجة إلى الاستعانة بمكتب سياحي. كما أن والدي كان قد تم تعيينه كممثل للكنيسة المنهجية في عدة مؤتمرات لاهوتية دولية، وقد اصطحبني – وأنا ولده الوحيد – مع والدتي كضيوف غير مشاركين في هذه المؤتمرات.
لقد تأثرت كثيراً برحلات السفر الخارجية في السنوات التي سبقت الحرب العالمية الأولى، ولا زلت أتذكر بوضوح اللافتات والعلامات المعلقة خارج القرى الصغيرة مكتوباً عليها “لا يسمح بدخول اليهود”. وأتذكر أيضاً أنه كانت تعلق لافتات خارج مدخل المكتبات العامة تقول “لا تسمح لوائح المؤسسات بإعارة الكتب لليهود”
وشاهدت أيضاً عرضاً عسكرياً لعشرة آلاف من أصحاب القمصان البنية في إحدى ليالي بافاريا الصيفية. لقد مكنتني رحلاتي العائلية أيضاً من رؤية مجموعات من جماعة وافن Waffen SS بلباسهم الأسود وقبعاتهم المرسوم عليها صورة جمجمة وعظمين متقاطعين.
هذه التجارب رسمت مخيلتي في مرحلة الشباب وشكلت لي – كما هو الحال مع الكثيرين – تحدياً حول وجود إله محب يمتلك القوة الكاملة، ولا أستطيع أن أقيس درجة تأثير ذلك على تفكيري، هذه الخبرات إذا لم يكن سواها أيقظت داخلي الوعي بثنائية الشياطين وهما معادية السامية Anti-Semitism[2] والشمولية [3]Totalitarianism.
مكان مفعم بالحيوية An Enormously Lively Place
أن تتربى خلال الثلاثينات والأربعينات من القرن العشرين في بيت مثل بيتنا – ينتمي للطائفة المنهجية – يعين أنك تعيش في كامبردج ولكن لا تنتمي لها. بداية، اللاهوت لم يعد مقبولاً على أنه “ملكة العلوم”.
وكما هو الحال في باقي المؤسسات كما لم تكن هناك كلية للتأهيل الديني في أجواء الجامعة، وكنتيجة لذلك لم أكن معروفاً بارتباطي بكامبردج، على الرغم من أن والدي شعر وكأنه في بيته هناك، وعلى كل حال فإنه في عام 1936 وعندما بدأت بالترقي في المدرسة فإنني نادراً ما كنت أقيم في كامبردج خلال فترة الدراسة، ومع ذلك فإن مدرسة كنغزوود كانت في أيامي مكاناً يعج بالحياة.
وكان يرأسها رجل يستحق أن يقيم باعتباره واحداً من أفضل مدراء المدارس. قبل قدومي إليها بسنة، حصلت المدرسة على جوائز في أكسفورد وكامبردج في مؤتمرات المدارس أكثر من أية مدرسة أخرى، ولم يكن نشاطنا المدرسي يقتصر على قاعات الدراسة والمختبرات فقط.
عندما تكون في مثل هذه البيئة المثيرة فإنه ليس مدعاة للدهشة لأحد أنني بدأت في التشكيك بالإيمان الصارم لوالدي، وهو الإيمان الذي لم أشعر بأي ارتباط عاطفي قوي تجاهه. عندما كنت أناقش مع زملائي في الصف بشكل متكرر فكرة الإله ذو القدرة المطلقة والخير المطلق. وعدم توافق هذه الفكرة مع وجود الشرور ونواقص العالم. عندما كنت في مدرسة K.S، لم تكن مراسم يوم الأحد المنتظمة تتضمن أية إشارة إلى مصير الإنسان في الجنة أو النار.
عندما كان ساكيت A. B. Sackett – مديراً للمدرسة، وكان في الوقت ذاته أسقفاً، وهو أم غير معتاد في وقته – كانت كلمة دائماً ما تتعلق بعجائب وروعة الطبيعة. وعندما حل عيد ميلادي الخامس عشر كنت قد بدأت برفض فكرة أن الكون قد خلقه إله كامل القدرة والرحمة.
قد يسأل أحدهم عما إذا كنت قد فكرت باستشارة المرشد الديني حول شكوكي المتعلقة بوجود الإله، ولكنني في الحقيقة لم أفعل ذلك قط، ومن أجل الحفاظ على استقرار العائلة وبشكل خاص علاقتي مع والدي حاولت قدر المستطاع أن أخفي عن الجميع في البيت تحولي نحو اللادين، وحسب ما أعتقد فإنني نجحت في ذلك لسنوات عديدة. ولكن بحلول يناير من عام 1946، وحينما كنت في الثالثة والعشرين من عمري انتشر الخبر – ووصل إلى والدي – بأنني ملحد وأنني كذلك لا أؤمن بالحياة بعد الموت، وأنه لم يكن من المرجح أبداً عودتي عن قناعاتي.
لقد كان تحولي كاملاً وصارماً بحيث أن النقاش في البيت حول هذا الموضوع كان سيبدو نقاشاً عقيماً، ومع ذلك – فاليوم وبعد خمسين سنة من ذلك الوقت – فإنه يمكنني القول بأن والدي كان سيشعر بالسعادة الغامرة بقناعاتي الحالية المتعلقة بوجود الإله. فعلى الأقل سوف يعتبر أن ذلك يمثل مساعدة عظيمة للكنيسة المسيحية.
أكسفورد مختلفة A Different Oxford
من مدرسة كنغزوود انتقلت للدراسة في جامعة أكسفورد. وصلت إلى أكسفورد في يناير من عام 1942، وكانت الحرب العالمية الثانية وقتها مشتعلة. في أيامي الأولى كطالب، وكنت حينها في الثامنة عشرة من عمري، قمت بإجراء الفحص الطبي وتم بعد ذلك إلحاقي بشكل رسمي في سلاح الجو الملكي.
في أيام الحرب تلك، كان مطلوباً من كل الشباب اللائقين بدنياً أن يقوموا بالخدمة يوماً واحداً في الأسبوع في أحد مراكز الخدمة، وبالنسبة لي كان مركز الخدمة هو سرب الطائرات التابع لجامعة أكسفورد.
كانت الخدمة العسكرية لمدة سنة واحدة بنظام العمل الجزئي، وبعد ذلك تكون بنظام العمل الكلي، ولكن خدمتي العسكرية لم تكن ذات طابع قتالي. كان الخدمة تتضمن تعلم بعض من اللغة اليابانية في قسم الدراسات الشرقية والأفريقية في جامعة لندن. ومن ثم القيام بترجمة الإشارات اللاسلكية التي يتم رصدها وفك شفرتها، وكان ذلك يتم في منطقة بلتشي بارك.
بعد استسلام الجيش الياباني عملت في ترجمة الإشارات اللاسلكية التي كانت تصدر من قبل الجيش الفرنسي الذي كان قد أنشأ حديثاً للسيطرة على المنطقة المحتلة وهي ما عرفت بألمانيا الشرقية بعد ذلك.
عندما عدت إلى نظام الدراسة الكامل في جامعة أكسفورد في يناير من عام 1946، كان عليّ أن أتقدم للاختبار النهائي في صيف عام 1947، وجدت أن أكسفورد التي عدت إليها أصبحت أكسفورد مختلفة. يبدو أنها أصبحت مؤسسة أكثر إثارة مما كانت عليه عندما تركتها قبل ثلاث سنوات تقريباً. كان هناك العديد من الوظائف المدنية، وكانت هناك وظائف عسكرية كذلك، ولكنها وظائف أكثر أماناً مما كانت عليه في فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى.
حضرت بعض المحاضرات في كلية الآداب الإنسانية، وقد كانت يلقى بعض المحاضرات محاربون قدامى من الذين كانوا فاعلين في مساعدة المقاومة اليونانية في جزيرة كريت وعلى الأراضي اليونانية، وكان الهدف من ذلك جعل المحاضرات أكثر تشويقاً وتحفيزاً لطلبة البكالوريوس.
تقدمت للاختبار النهائي في الفصل الصيفي من عام 1947، وقد كان مدهشاً ومفرحاً في ذات الوقت أنني حصلت على المرتبة الأولى، وبعد أن حصلت على هذه المرتبة عدت إلى معلمي الخص جون مابوت John Mabbott في كلية القديس جونز وقلت له: إنني تخليت عن هدفي السابق في العمل على الحصول على شهادة بكالوريوس ثانية في المدرسة التي شيدت حديثاً في الفلسفة وعلم النفس، فأنا الآن أريد أن أكمل دراستي العليا في الفلسفة.
الأصبوحات الفلسفية Waxing Philosophic
قام مابوت بمساعدتي في الالتحاق بالدراسات العليا في الفلسفة تحت إشراف غلبرت رايل[4] Gilbert Ryle، والذي كان وقتها أستاذ مادة الميتافيزيقا في جامعة أكسفورد. كان رايل أحد أساتذة كرسي الفلسفة الثلاثة خلال الفصل الثاني من العام الدراسي 1947-1948.
بعد ذلك بسنوات عملت عن طريق كتاب مابوت “ذكريات أكسفورد” Oxford Memories أنه ورايل كانا صديقين منذ أن التقيا لأول مرة في أكسفورد. لو كنت في كلية أخرى وسئلت من قبل أستاذي الخاص عن الأفضل من بين الأساتذة الثلاثة لفضلت بالتأكيد هنري برايس Henry Price، وذلك بسبب اهتماماتنا المشتركة في علم ما وراء النفس، وهو التخصص الذي كان يسمى بالبحث النفسي في ذلك الوقت.
ولذلك فإن كتابي الأول كان بعنوان “مقاربة جديدة إلى البحث النفسي” A New Approach to Psychical Research، وقد أصبحنا أنا وبرايس بعد ذلك متحدثين في المؤتمرات التي تعنى بالبحث النفسي، ولكن أنا متأكد أنني لم أكن لأحصل على جائزة الجامعة في الفلسفة في تلك السنة لو كنت تحت إشراف برايس، لأننا كنا سنقضي الوقت في النقاش حول مواضيع الاهتمام المشترك بيننا.
بعد أن قضيت العام الدراسي 1948 في الدراسات العليا في الفلسفة تحت إشراف رايل حصلت على جائزة التمييز، وكانت عبارة عن منحة جون لوك للدراسة في تخصص الفلسفة الذهنية، وبعد ذلك تم تعييني بوظيفة محاضر في المجال التدريسي.
خلال السنة التي قمت فيها بالتدريس في أكسفورد قمت بتدريس كتابات الفيلسوف لودفيج فتجنشتين[5] Ludwing Wittgenstein وهو صاحب الاتجاه الفلسفي الذي أثر فيّ عند الدراسة في أكسفورد. نشرت هذه الكتابات بعد ذلك بعنوان “الكتاب الأزرق والكتاب البني” Blue Book, Brown Book و”محاضرات في الرياضيات” Lectures on Mathematics، وقد كانت مرفقة برسائل من فنجنشتين تشير إلى نوعية القراء الموجهة لهم، وكذلك نوعية القراء الذي لا ينبغي لهم أن يقرأوها.
وقمت أنا وأحد زملائي بنشر نسخ من محاضرات فتجنشتين في أكسفورد، وجعلناها في متناول جميع من يرغبون بقراءتها. كنا نسأل كل شخص نعرف اهتمامه بالفلسفة في أكسفورد عما إذا كانت لديه مخطوطات لمحاضرات فتجنشتين، وإذا كان الجواب “نعم” كنا نسأله عن المحاضرة المتوفرة لديه، ولأن مكائن التصوير لم تكن قد ظهرت في ذلك الوقت قمنا بتوظيف طباع للقيام بمهمة طباعة عدد نسخ كافية لتلبية حاجة من يطلبها.
تعرف رايل على فتجنشتين عندما زار الفيلسوف النمساوي جامعة كامبردج، وبعدها كون رايل علاقة صداقة من فتجنشتين، وأقنعه بأن يقوما برحلة على الأقدام إلى منطقة بحيرة Lake District الإنجليزية في عام 1930 أو 1931. لم ينشر رايل أي وصف لهذه الرحلة وما الذي تعرف عليه أثناء صحبته لفتجنشتين، لكن بعد هذه الرحلة أصبح رايل يتصرف كوسيط بين فتجنشتين و”العالم الخارجي”.
وكم كانت هذه الوساطة ضرورية في بعض الأحيان، وهذا ما يكشف عنه التسجيل الذي يوثق لمحادثة بين فتجنشتين – الذي كان يهودياً – وأخواته بعد أن احتل جنود هتلر النمسا.
في هذه المحادثة، يطمئن فتجنشتين أخواته بالقول «أنه وبسبب علاقاته مع الشخصيات الرئيسية والعوائل الكبيرة في النظام السابق وعلاقته بالناس فإنهم جميعاً لن يتعرضوا لأي أذى»، ولاحقاً عندما أصبحت أستاذاً للفلسفة كنت أكره أن أكشف لطلبتي أن فتجنشتين – والذي كنت أعتبره والكثير من زملائي فيلسوفاً عبقرياً – كان شديد الغرور في الأمور العلمية.
لقد كنت شاهداً شخصياً على سلوك فتجنشتين مرة واحدة على الأقل، وحدث ذلك عندما كنت في مرحلة البكالوريوس، وكان فتجنشتين يقوم بزيارة إلى جمعية جويت Jowett Society. كان موضوع المحاضرة المعلن هو “أنا أفكر إذاً أنا موجود”، والعنوان مأخوذ بالتأكيد من عبارة الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت الشهيرة.
كانت القاعة مكتظة بالحضور، والجمهور يصغي لكل كلمة يقولها الضيف العظيم، ولكن الشيء الوحيد الذي أتذكره الآن أن المحاضرة لم تكن لها علاقة واضحة بالعنوان المعلن للمحاضرة، ولذلك عندما انتهى فتجنشتين من محاضرته نهض البروفيسور ريتشارد H. A. Richard من مكانه، وكان بادياً عليه السخط، وسأل فتجنشتين «يا فتجنشتين (ودكتوراه كامبردج لم يكن معترفاً بها في أكسفورد كما يبدو) مع ذلك أنا أفكر إذاً أنا موجود».
وضع فتجنشتين أصبع سبابته على جبهته، واكتفى بالقول: إن عبارة “أنا أفكر إذاً أنا موجود” جملة غريبة جداً. كنت ولا أزال أعتقد أن الرد الأنسب على فتجنشتين كان ينبغي أن يستوحى من أحد مشاهد المسلسل الكرتوني “الرجال والنساء والكلاب”، والذي يقول فيه أحدهم «ربما ليس لديك جاذبية يا ليلي، وإنما الذي تقوله مجرد ألغاز».
التصادم مع لويس Locking Horns with Lewis
خلال الفترة التي كنت فيها طالباً في الدراسات العليا تحت إشراف غلبرت رايل أصبحت أدرك أن من عادته أن يرد بشكل مباشر وجهاً لوجه على أي اعتراض يوجه لأي من أفكاره الفلسفية.
ورغم أن رايل لم يحدثني بذلك ولا أي شخص آخر حسب علمي، فإن حدسي يقول إن رايل يتبع المقولة التي أوردها أفلاطون في كتابه “الجمهورية” – وهي المقولة التي تنسب إلى سقراط – وفيها يقول «يجب أن نتبع الحجة أينما قادتنا»، وهذا المبدأ – ضمن أمور أخرى – يتطلب أن يتم نقاش أي اعتراض بصورة مباشرة وجهاً لوجه، وقد حاولت أن أطبق هذا المبدأ طوال حياتي الجدلية.
هذا المبدأ السقراطي شكل عنصر تحفيز للنادي السقراطي، وهو عبارة عن مجموعة كانت فاعلة في المشهد الفكري في أكسفورد أيام الحرب. لقد كان النادي السقراطي مسرحاً لمناظرات بين الملحدين والمسيحيين، وقد كنت أشارك بانتظام في هذه الجلسات، وكان رئيس النادي في الفترة من 1942 إلى 1954 الكاتب المسيحي لويس C. S. Lewis كان النادي يعقد اجتماعه في مساء كل يوم اثنين في قاعة السرداب في كلية القديس هيلدا.
أشار لويس في مقدمة العدد الأول من “مجلة سقراط” إلى عبارة سقراط «يجب أن نتبع الحجة أينما قادتنا»، وقد لاحظ لويس في هذه المقدمة أن هذه الحلبة المخصصة (النادي السقراطي) للصراع بين الإلحاد والمسيحية كانت أمراً بديعاً.
تصادم العديد من كبار الملحدين في أكسفورد مع لويس وأتباعه المسيحيين، ولعل أفضل مناظرة حدثت بين الطرفين كانت في فبراير من 1948 وكانت بين لويس Lewis واليزابيث أنسكومب Elizabeth Anscombe، وهي المناظرة التي جعلت لويس يعيد كتابة الفصل الثالث من كتابه “المعاجز” Miracles. لا زلت أتذكر عودتي مع مجموعة من الأصدقاء بعد انتهاء المناظرة العظيمة، حيث كنا نسير خلف اليزابيث وأصدقاءها، وكانت مبتهجة وكذلك كان حال أصدقائها. فور الانتهاء من المناظرة، خرج لويس وحيداً وكان يمشي بأقصى ما يمكنه ليلجأ إلى غرفته في كلية ماغدن Magdden College التي كانت تقع بالقرب من المكان الذي كنا نقطع فيه الشارع.
رغم أن البعض اعتبر أن نتيجة المناظرة أثرت بشكل دائم على معنويات لويس، ولكن أنسكومب Anscombe ذاتها كانت تختلف معهم في ذلك، لقد كتبت لاحقاً: «لقد كان اجتماع النادي السقراطي الذي قرأت فيه ورقتي البحثية بالنسبة لمجموعة من أصدقاء لويس فظيعاً وصادماً وهو ما أدى إلى إحباطه بشكل كبير، ولكن لا الدكتور هارفرد Havard ولا البروفيسور جاك بينت Jack Bennett يتذكر أن مثل هذا الشعور كان بادياً على لويس…
أنا أميل إلى التحليل المناقض لهذا الاعتقاد من قبل أصدقائه…. باعتباره مثالاً جيداً على ظاهرة تسمى “الإسقاط”[6] …. لقد كان لويس أكثر المدافعين عن الدين المسيحي تأثيراً في الحقبة الأخيرة من القرن العشرين… لقد سألتني هيئة الإذاعة البريطانية BBC عما إذا كنت قد دحضت دفاع لويس عن الدين بشكل كامل… أجبت لا، أنا فقط لم أكن أعتقد أن هناك أسباباً كافية للاعتقاد بذلك، ولكن عندما عدت للتفكير في الأمور اللاهوتية بدا لي أن الوحي المسيحي قوي جداً إذا كنت تعتقد بالوحي من الأساس[7].
تطورات إيجابية جداً Highly Positive Development
خلال الفصل الأخير لي في جامعة أكسفورد، نشر آير[8] A. J. Ayer كتابه “اللغة، الصدق والمنطق” Language , Truth and Logic، وهو ما أقنع عدداً من أعضاء النادي السقراطي أنه لا بد من تفنيد هرطقة آير في الوضعية المنطقية، والتي تقول أن كل الفرضيات الدينية لا أهمية معرفية لها، وأنها يجب أن تدحض.
بدا لي أن الورقة الأولى والوحيدة التي قدمها للنادي السقراطي وكانت بعنوان “اللاهوت والتكذيب” Theology and Falsification قدمت ما اعتبره تفنيداً كافياً، واعتقدت حينها أنني حققت نصراً كاملاً، وأنه لا حاجة لأية مناظرة في المستقبل بهذا الخصوص.
التقيت في أكسفورد بأنس دونسون Annis Donnison، والتي أصبحت فيما بعد زوجتي. لقد تعرفنا على بعضنا البعض عن طريق أخت زوجتي التي دعتنا إلى اجتماع النادي العمالي في أكسفورد، وبعد أن تعرفت على أنس Annis لم أعد أعير اهتماماً لأي شخص في هذا الاجتماع سواها، وبعد هذا اللقاء اتفقنا أنا وأنس على أن نلتقي مرة أخرى، وكان ذلك اللقاء الوحيد الذي واعدت فيه فتاة على الإطلاق.
كان وضعنا الاجتماعي مختلفاً عندما التقينا لأول مرة، حيث كنت أقوم حينها بالتدريس في كنيسة مسيحية مخصصة للرجال فقط، بينما كانت أنس Annis في سنتها الأولى كطالبة في كلية سومرفيل Somerville College في أكسفورد، وهي الكلية التي كانت تقوم في ذلك الوقت بفصل كل طالب يقدم على الزواج.
لقد كانت والدة زوجتي قلقة من قيام طالب دراسات عليا مثل بمواعدة ابنتها التي كانت تصغرني كثيراً، ولذلك سألت ابنها – وهو الذي أصبح بعد ذلك أخو زوجتي – والذي أكد لها أن إبعادي عن أنس سوف يكس قلبها. كنت أفترض على الدوام أن أخا زوجتي يريد لأخته الصغيرة أن تترك وشأنها لتدبر أمور حياتها؛ لأنه كان يعرف أنها فتاة عاقلة وأنها محل ثقة وأنها لن تتخذ أي قرار طائش.
في ذلك الوقت كنت قد ابتعدت منذ فترة طويلة عن إيمان والدي، ومع ذلك فإنني طبقت ما كنت تعلمته من آبائي المنهجيين، فلم أحاول قط أن أخدع أنس قبل الزواج لأني كنت أعتقد دائماً أن ذلك عمل غير أخلاقي.
وكوني أيضاً ابناً لأكاديمي لم أحاول إقناع أنس بالزواج مني قبل أن تتخرج وتحصل على الدرجة العلمية. استمريت في العمل كمدرس غير متفرغ في الكنيسة المسيحية في عام 1950. وفي نفس الوقت كنت قد بدأت في العمل كمحاضر في فلسفة الأخلاق بجامعة أبردين الإسكتلندية في أكتوبر من نفس العام.
ما بعد أكسفورد Beyond Oxford
خلال سنوات إقامتي في أبردين شاركت بعد حوارات إذاعية، كما شاركت في ثلاثة أو أربعة نقاشات إذاعية كانت تنظم من قبل البرنامج الثالث في إذاعة BBC، وقد شاركت كموضوع لتجارب نفسية متعددة.
من الأمور التي جذبتنا إلى أبردين هو أننا أصبحنا أصدقاء لكل الذين قابلناهم تقريباً، وما جذبنا أيضاً لأبردين تنوع وقوة الحركة التعليمية فيها، ولكون أبردين مدينة جديدة بالنسبة لنا توفرت فرص عديدة للتنزه، ومنها السير على الشواطئ وبالخصوص في منطقة كيرنجورمس Cairrgrones.
في صيف عام 1954، غادرت أبردين في طريقي إلى أمريكا الشمالية لأصبح بروفيسور الفلسفة بكلية ستانفورد Stanford College الشمالية والتي حصلت فيما بعد على رخصة لتصبح جامعة كييل University of Keele، وخلال السبعة عشرة عاماً التي قضيتها هناك، كانت جامعة كييل أقرب ما تكون المملكة المتحدة إلى كليات الآداب في الولايات المتحدة. سرعان ما كرست جهدي للعمل هناك، ولم أغادر جامعة كييل إلا عندما بدأت تفقد ببطء تميزها.
قضيت العام الأكاديمي 1970-1971 كأستاذ زائر في الولايات المتحدة، ولكنني استقلت في نهاية عام 1971 من جامعة كييل وانتقلت في يناير من عام 1972 إلى جامعة كالغاري بكندا.
كان هدفي الأول أن أستقر هناك ولكن بعد ثلاثة فصول فقط انتقلت إلى جامعة ردينغ University of Reading، وبقيت فيها حتى نهاية عام 1982، وقبل أن أتقدم بطلب التقاعد المبكر وأحصل عليه من جامعة ردينغ وقعت على عقد للتدريس فصلاً واحداً كل سنة في جامعة يورك في مدينة تورنتو الكندية، واستمر ذلك لآخر ستة أعوام من حياتي الأكاديمية.
في منتصف هذه المدة استقلت من جامعة يورك لكي يتسنى لي قبول دعوة مركز الفلسفة الاجتماعية والسياسية في جامعة ياولنغ غرين بولاية أوهايو الأمريكية، وذلك للعمل كباحث متميز، وقد تم تمديد الدعوة لثلاث سنوات أخرى، وبعد ذلك تقاعدت بشكل كامل، وما زلت أقيم في ريدينغ.
الخطوط العريضة لمسيرتي العلمية لا تظهر لماذا أصبحت فيلسوفاً، وعطفاً على اهتمامي الفلسفي منذ كنت في مدرسة كنغزوود كان يفترض أن أصبح فيلسوفاً محترفاً قبل وقت طويل من ذهابي إلى أكسفورد، بل حتى خلال الفصلين الذين قضيتهما في أكسفورد قبل أن ألتحق بسلاك الطيران الملكي فإن أقرب مدى وصلت إليه من الفلسفة كان خلال اجتماع النادي السقراطي. خارج نطاق أبحاثي ودراساتي، كانت اهتماماتي الرئيسية سياسية.
وهذا الأمر استمر إلى ما بعد يناير 1946، حيث صارت المواضيع التي أدرسها تشمل الفلسفة، وأول مرة شعرت فيها أن مجال عملي يمكن أن يكون في الفلسفة كان قبل أن أتقدم للاختبار النهائي في ديسمبر من عام 1947.
في الفصلين القادمين من هذا الكتاب، أحاول أن أفصل في الأساس الذي استندت عليه لسنوات طويلة في معارضة فكرة وجود إله، وسأبدأ أولاً بالغوص في نصف قرن من الحجج الإلحادية التي كونتها وطورتها ثم بعد ذلك استخدمها، أما في الفصل الثالث فسوف أتتبع التحولات العديدة التي حدثت في مسيرتي الفلسفية، وبالتحديد تلك التي يمكن تبينها من خلال المناظرات المتكررة التي شاركت فيها في موضوع الإلحاد.
خلال كل ذلك آمل أن يتضح، كما ذكرت في السابق، أن اهتمامي الطويل بالدين لم يأت سوى من باب الحيطة والأخلاق أو ببساطة من باب الفضول. أقول “من باب الحيطة” لأنه إذا كان هناك إله أو آلهة لهم علاقة بأحوال البشر فإن من الطيش أن لا نحاول أن نقف في الجانب الذي يقف فيه هؤلاء الآلهة، وأقول: إن اهتمامي “من باب الأخلاق”، لأنني شعرت بالسعادة أن أجد ما قاله ماثيو أرنولد Matthew Arnold[9] «إن الخلود ليس لأنفسنا بل لما نفعله من أجل الخير» صحيحاً
وأقول: إن اهتماماتي كانت فضولية، لأن أي شخص صاحب عقلية علمية يجب أن يبحث قدر استطاعته لكي يتعرف على هذه المواضيع. ولعلي بعد كل هذه السنوات أكثر شخص مندهش من تحولي من نفي وجود الإله إلى إثبات اكتشافه.
[1] إحدى الكنائس البروتستانتية التي تستمد توجيهاتها من جون ويسلي.
[2] معادات السامية أو معادات اليهود هو مصطلح يعطى لمعاداة اليهودية كمجموعة عرقية ودينية وأثنية. تم استعمال المصطلح لأول مرة من قبل الباحث الألماني فيلهم مار لوصف موجة العداء لليهود في أوربا الوسطى في أواسط القرن التاسع عشر.
[3] الشمولية هي طريقة حكم ونظام سياسي يمسك فيه حزب واحد بكامل السلطة. ولا يسمح بأية معارضة فارضاً جمع المواطنين وتكتيلهم في كتلة واحدة. وبعبارة أخرى فإن الشمولية أو نظام المجتمع المغلق هو مصطلح يشير إلى نظام سياسي تكون فيه الدولة تحت سلطة فرد أو فئة أو فصيل واحد ودون أن تعرف الدولة حدوداً لسلطانها وأن تسعى بكل جد لتنظيم كل مظاهر الحياة العامة والخاصة ما أمكنها ذلك.
[4] فيلسوف بريطاني نال شهرته عن كتابه مفهوم العقل (1949)، وفيه قال أن الكثير من المعضلات الفلسفية نشأت من الخلط في تفسير المصطلحات اللغوية.
[5] واحد من أكبر فلاسفة القرن العشرين، ولد في فينا النمسا ودرس بجامعة كمبردج بإنجلترا وعمل بالتدريس هناك. وقد حظين بالتقدير بفضل كتابيه “رسالة منطقية فلسفية، وتحقيقات فلسفية”. عمل في المقام الأول في أسس المنطق. والفلسفة والرياضيات، وفلسفة الذهن، وفلسفة اللغة، اعتقد أن معظم المشاكل الفلسفية تقع بسبب اعتقاد الفلاسفة أن معظم الكلمات أسماء. كان لأفكاره أثرها الكبير في كل من “الوضعية المنطقية وفلسفة التحليل”. أحدثت كتاباته ثورة في فلسفة ما بعد الحربين.
[6] الإسقاط هي حيلة دفاعية ينسب فيها الفرد عيوبه ورغباته المحرمة والعدوانية أو الجنسية للناس حتى يبرء نفسه ويبعد الشبهات عنها.
[7] G.E. M. Anscombe, The Collected Papers of G. E. M. Anscombe, Vol. 2, Metaphysices and the Philosophy of Mind (Minneapolis: University of Min (Minneapolis: University of Minnesota Press, 1981), x.
[8] الفرد جول آير (Alfred Jules Ayer): فيلسوف بريطاني ولد في 29 أكتوبر 1910 وتوفي يونيو 1989، أبرز علام الوضعية المنطقية. تمحورت أفكاره حول نقد الميتافيزيقيا بمختلف فروعها كاللاهوت والجمال والأخلاق. حيث رأى أن الميتافيزيقيا لا يمكن التأكد من حقيقتها من خلال التجربة. كما أنكر بديهية الأحكام المتعلقة بالماضي، وذهب إلى أنها ليست كبداهة الحاضر، لأننا لا نتمكن من الرجوع إلى الوراء للتيقن من صحة ما وقع في الماضي، والنتيجة أننا لا يمكننا أن نثبت ذلك بطريقة علمية.
[9] ماثيو أرنولد (1822-1888) شاعر وناقد وكاتب ومصلح تربوي إنجليزي.