أبحاث

كان القديس بولس يسمي كل المسيحين قديسين حتى قبل رقادهم. فلماذا يوجد قديسون معينون في الكنيسة؟

كان القديس بولس يسمي كل المسيحين قديسين حتى قبل رقادهم. فلماذا يوجد قديسون معينون في الكنيسة؟

كان القديس بولس يسمي كل المسيحين قديسين حتى قبل رقادهم. فلماذا يوجد قديسون معينون في الكنيسة؟
كان القديس بولس يسمي كل المسيحين قديسين حتى قبل رقادهم. فلماذا يوجد قديسون معينون في الكنيسة؟

كان القديس بولس يسمي كل المسيحين قديسين حتى قبل رقادهم. فلماذا يوجد قديسون معينون في الكنيسة؟

كلمة “القديس” كتابياً تعني “المفروز” أو “المتقدس” لغاية معينة. فكل من اعتمد على يد كاهن قانوني باسم الثالوث له المجد هو قدوس أي مفرز عن بقية الناس غير المؤمنين وغير المعتمدين. هذه القداسة التي يفرضها الإيمان الجديد والحياة في المسيح تقتضي من المسيحي أسلوباً جديداً من الحياة مختلفاً عن أسلوب حياة غير المؤمنين. فكل مسيحي معتمد قد لبس المسيح فولد معه وصلب معه ومات وقام معه. ونال الميرون المقدس الروح القدس، وتناول جسد المسيح ودمه بالقربان المقدس.

وهو عضو في جسد المسيح أو الكنيسة القدوسة ومرتبط بالرأس الذي هو الرب يسوع. فعلى المسيحي، كل مسيحي، واجب الجهاد الروحي ضد الخطية حتى الدم (عبر 12: 4)، والسعي لبلوغ الإنسان الكامل، إلى قياس قامة ملء المسيح (أفسس 4: 13)، لأن المسيحي لم ينل بعد ملء الحياة في المسيح، بل نال ملء العربون وملء مواهب الروح القدس ونعمه لكي يبلغ إلى المثال الإلهي.

يقول القديس بولس: «فإننا نعلم أن كل الخليقة تئن وتتمخض معاً إلى الآن. وليس هكذا فقط، بل نحن الذين لنا باكورة الروح، نحن أنفسنا أيضاً نئن في أنفسنا متوقعين التبني فداء أجسادنا. لأننا بالرجاء خلصنا. ولكن الرجاء المنظور ليس رجاء. لأن ما ينظره أحد كيف يرجوه أيضاً؟ ولكن إن كنا نرجو ما لسنا ننظره فإننا نتوقعه بالصبر» (رو 8: 22-25).

إذاً، لم نصر أبناء الله بصورة كاملة بعد، بل لنا باكورة التبني، ونرجو التبني الكامل والخلاص الكامل والفداء الكامل. هذه لن تحصل قبل يوم الدينونة العامة. فما زال المسيحي “القديس” معرضاً قبل رقاده أن يخطئ، أو أن لا يصل إلى غاية الحياة المسيحية وهي التأله أو بالتعبير الكتابي “الشركة في الطبيعة الإلهية” (2بط 1: 4). لهذا نجد في العهد الجديد دعوات لا تنتهي للعيش حسب الوصايا الإلهية، وللصلاة والتوبة الدائمتين، وللجهاد الروحي ضد الأهواء، وللامتلاء من الفضائل المسيحية. وكل مسيحي قد رقد على رجاء القيامة والحياة الأبدية إنما ينتظر اليوم الأخير، والدينونة العامة، التي فيها سيدينه رب المجد بناء على إيمانه العامل بالمحبة. لهذا تصل الكنيسة من أجل الراقدين حتى يذكرهم الله في ملكوته ويعتبرهم مستحقين له بحسب عظيم رحمته.

في الوقت نفسه تؤمن الكنيسة أنه يوجد مسيحيون معينون قد وصلوا أثناء حياتهم وجهادهم على الأرض إلى المثال الإلهي، وإلى قامة ملء المسيح، وبالتالي صاروا سلفاً مواطنين في الملكوت السماوي حتى قبل الدينونة العامة. هؤلاء المسيحيون لا ينتظرون مثلنا، ومثل الذين رقدوا قبلنا، دينونتهم؛ فهم حاضرون سلفاً أمام العرش الإلهي على درجات، يعاينون المجد الذي لا يعاين، ويقدمون صلواتهم من أجل جميع الأحياء الذين ما يزالون في جهاد هنا على الأرض. هؤلاء المسيحيون هم القديسون بالخاصة الذين طوبتهم الكنيسة بعد رحيلهم عنا. بتطويبهم. لم تقم الكنيسة سوى بإعلان أنهم قديسون لا ينتظرون الدينونة العامة مثلنا. وفي يوم الدينونة العامة سينالون إكليل البر المعد لهم (2تيمو 4: 8).

إنها بالأحرى تصلي لهم من أجل أن يتشفعوا من أجلنا، أي أن يصلوا من أجل خلاصنا. لهذا يكون عيد القديس يوم رحيله عنا، لا يوم مولده، لأنه في يوم رحيله عنا تمم بإخلاص السعي الذي تكلم عنه القديس بولس (2تيمو 4: 7-8). فوالدة الإله مثلاً، والرسل والأنبياء والشهداء والآباء والنسك والمعترفون وسواهم هم حاضرون أمام العرش الإلهي، كما رأى القديس يوحنا الإنجيلي في سفر الرؤيا. ومع ذلك فنحن نصلي للراقدين دون تمييز لأن بولس الرسول دعا للرسول أنيسيفوروس الراقد (1تيمو 1: 16: 18). وتساءل الذهبي الفم: إذا كان بولس قد صلى للرسول فكم بالأحرى يحتاج سواه من الراقدين لصلواتنا؟ (د. عدنان طرابلسي).