و كان الكلمة الله؟ دراسة لغوية ونصية – فادى اليكساندر
و كان الكلمة الله؟ دراسة لغوية ونصية – فادى اليكساندر
لست بصدد كتابة تفصيل شامل وكامل عن كيفية ترجمة نص يوحنا 1: 1، فلا يعرف خلافاً في ترجمة هذا النص سوى الفرقتين المعتادتين: شهود يهوه، والمسلمين. ولكن هدفى هنا هو بيان بعض الحقائق، بالإضافة إلى شرح نقطتين رئيسيتين:
أولاً: ما الذي كان يعنيه يوحنا من عبارته και θεος ην ο λογος؟
ثانياً: المخطوطات العربية.
أولاً: لا يوجد أي ترجمة إنجليزية نُشِرت في التاريخ البشرى بأكمله، ترجمت النص “وكان الكلمة إلهاً” إلا ترجمتى شهود يهوه New World Translation وThe Emphatic Diaglott.
ثانياً: وردت لفظة θεός في العهد الجديد بتصريفاتها 282 مرة بدون أداة التعريف، وقام مترجمى “ترجمة العالم الجديد” لشهود يهوه، بترجمة اللفظة 16 مرة فقط “إلهاً”. هذا يعنى أن نسبة أمانة هؤلاء المترجمين لا تتعدى 6%!
ثالثاً: وردت لفظة θεός بتصريفاتها في يوحنا 1: 1 – 18 ثمانية مرات، وبها أداة التعريف مرتين فقط. رغم ذلك، ففي هذه الأعداد في “ترجمة العالم الجديد”، نجدها مُترجمة إلى “الله” ست مرات، ومرة واحدة “إله”، ومرة واحدة “الإله”!
رابعاً: وردت لفظة θεός في العهد الجديد 1344 مرة، وفى مئات المرات منها لم تأتى معرفة، ومع ذلك تمت ترجمتها إلى “الله”، ومن هذه الترجمات “ترجمة العالم الجديد”.
خامساً: لو أن عدم وجود أداة التعريف يعنى ترجمة النص “إله”، فهو يعنى أيضاً أن αρχη يجب أن تترجم “بدء” وليس “البدء” (ع 1)، وأن ζωη يجب أن تترجم “حياة” وليس “الحياة” (ع 4)، وأن παρα θεου يجب أن تترجم “من إله” وليس “من الله” (ع 6)، وأن θεον يجب أن تترجم “إله” وليس الله (ع 18). هذا لم يحدث في ترجمة العالم الجديد، ولا يستطيع أن يوافق على ذلك إلا حماراً يحمل أسفاراً!
سادساً: لا يُوجد عالم واحد في اللغة اليونانية، يقول بأن النص يجب ترجمته إلى “وكان الكلمة إلهاً”. على العكس من ذلك، فكافة علماء اللغة اليونانية يؤكدون أن النص لا يُمكن ترجمته “وكان الكلمة إلهاً”، ولا يُوجد سوى مترجمى “ترجمة العالم الجديد” الذين يؤمنون بذلك.
سابعاً: رد العلماء على هذه الإدعاءات منذ زمن بعيد، فكان ويستكوت ولانج وألفورد، ومن بعدهم روبيرتسون وبروس ميتزجر (الذى أصدر كتيباً من خمسين صفحة في الخمسينات، والعديد من المقالات، رداً على هذا الإدعاء)، واليوم فالنظرة القياسية يقدمها دانيال ب. والاس في كتابه “النحو اليونانى فيما بعد الأساسيات” Greek Grammar Beyond Basics.
بعد هذه الحقائق، فيجب علينا أن نفهم ما الذي عناه يوحنا بالضبط من كلامه.
يتكون النص من ثلاث مقاطع: “فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ”.
فالمقطع الأول يوضح أزلية الكلمة، وليس فيه قول. أما المقطع الثاني فيوضح التمايز بين الآب والإبن، فالآب والإبن “اثنين” اقنومياً، أي شخصيتين، وبهذا يكون قد تحدث يوحنا عن هوية الإبن أو شخصيته. أما المقطع الثالث فهو عن طبيعة الكلمة. يوحنا كان قد تعرض لهوية الكلمة في المقطع الثاني، ولكن في هذا المقطع فهو يتكلم عن طبيعة الكلمة. لذا، فأفضل ترجمة للنص هي: “وكان الكلمة إلهياً Divine”. أي أن طبيعة الكلمة هي طبيعة إلهية.
دانيال ب. والاس يقول عن هذه الترجمة:
“هذا الخيار لا يطعن في ألوهية المسيح أبداً. على العكس، أنه يقويها، فرغم أن شخص المسيح ليس هو شخص الآب، فإن جوهرهما واحد. يُمكن الترجمة كما يلي: “ما كانه الله، كانه الكلمة” NEB، أو “كان الكلمة إلهياً” Moffatt. في الترجمة الثانية فإن كلمة “إلهياً” Divine مقبولة، فقط إذا كانت مصطلحاً يدل فقط على الألوهية الحقيقية. لكننا في الإنجليزية الحديثة، نستخدمه في حق الملائكة، اللاهوتيين، بل وحتى الوجبات!
لهذا فإن “إلهياً” قد تكون لفظة مضللة في أي ترجمة إنجليزية. فكرة أن اللفظة تكون نوعية هي أن “الكلمة” له كل الخصائص والصفات التي لـ “الله” في المقطع الثاني. بكلمات أخرى، الكلمة يشارك الآب في الجوهر، رغم أنهما مختلفين في الأقنومية. إن التكوين اللغوى الذي اختاره الإنجيلى ليعبر عن هذه الفكرة، هو أكثر التكوينات إختصاراً لديه ليبين أن الكلمة هو الله، ولكنه مختلف عن الآب” [1].
لكن هناك أفراد قاموا، بكل جهل، بإستخدام كلام دان والاس في ترجمته NET Bible عن قاعدة كولويل، وكأنهم يقصدون أن والاس لا يرى أن قاعدة كولويل قابلة للتفعيل في هذا النص. قبل شرح ما قصده والاس، يجب أن نوضح بعض المفاهيم.
هناك مصطلح يُسمى Predicate Nominative، ولا أعرف إن كان له مقابل في العربية أم لا، ولكنه هو الفاعل إلى حد ما، فهو في الإنجليزية، الاسم الذي يأتي بعد فعل ربط غالباً ما يأتي قبله الفاعل، ويعود على الفاعل. في الجملة التالية مثلاً:
For many of students, exegesis is a difficulty
“للكثير من التلاميذ، التفسير صعب”. لفظ “صعب” في هذه الجملة، هو الـ Predicate Nominative. أي أن هذا الاسم لابد أن يكون له علاقة بالفاعل. وسأعطيه إسماً عربياً “الاسم المرفوع”. بالإضافة إلى ذلك، لدينا ثلاث حالات إعرابية ممكن للإسم: الحالة التعريفية Definite، الحالة الغير تعريفية (أو النكرة في العربية) Indefinite، والحالة النوعية أو الوصفية Qualitative. الحالة التعريفية هي وجود أداة التعريف قبل الإسم، والغير تعريفية هي عدم وجود أداة التعريف قبل الإسم، والحالة الوصفية هي التي يأتي فيها الاسم كوصف للفاعل.
بعد هذه المفاهيم، نفهم ما هي قاعدة كولويل. توصل ارنيست كولويل إلى قاعدة لغوية تقول: “الأسماء المرفوعة المعرفة والتي تسبق الفعل، عادةً تفتقد إلى أداة التعريف…الاسم المرفوع الذي يسبق الفعل لا يمكن ترجمته كاسم غير معرف أو كاسم وصفى، فقط لأن أداة التعريف غائبة؛ فلو أن سياق النص يوضح أن الاسم المرفوع يجب أن يكون معرفة، فلابد أن يُترجم كاسم مُعرف”.
ما قصده كولويل من سياق النص هو ترتيب الكلمات، وها هو المثال الذي استخدمه:
“فَقَالَ نَثَنَائِيلُ: «يَا مُعَلِّمُ أَنْتَ ابْنُ اللَّهِ! أَنْتَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ!»” (يو 1: 49). لاحظ كولويل أن الاسم المرفوع (ملك) في العبارة الثانية في حالة غير تعريفية (بحسب النص النقدى)، بينما الاسم المرفوع في العبارة الأولى (ابن) به أداة التعريف.
ولاحظ في العبارة الثانية أن الاسم المرفوع قبل الفعل (الفعل هو يكون غير قابل للترجمة في العربية)، بينما في العبارة الأولى بعد الفعل. ولكن لأن المعنى اللغوى واحد، فقال أن الاسم المرفوع يجب أن يكون معرفاً في الحالتين. ثم كان إستنتاج كولويل النهائي، أن تعريف الاسم المرفوع، يكون من أداة التعريف أو من تغير ترتيب الكلمات.
هذه هي قاعدة كولويل، وفى حالتنا في يو 1: 1، فإن لفظ θεός في المقطع الثالث من النص، هو الاسم المرفوع. ولأن اللفظ يقع قبل الفعل (“يكون” وهو غير قابل للترجمة في العربية)، فإن اللفظ بذلك يكون معرف. المشكلة التي يعرضها والاس، هي أن القاعدة تقول بأن اكتساب التعريف يكون من سياق النص، ولكن علماء كثيرين فهموا القاعدة على أنها تقول: أن الاسم المرفوع الغير مُعرف حينما يسبق الفعل، يكون معرف. بينما تقول القاعدة أن الاسم المعرف (والذي اكتسب التعريف من خلال سياق النص)، والذي يسبق الفعل، عادةً لا تسبقه أداة تعريف. أي أن هؤلاء العلماء قد عكسوا القاعدة.
إذا كان الاسم المرفوع في هذه الحالة معرف Definite، فلا يمكن أن يكون وصفياً Qualitative. وهنا يكمن نقد دان والاس لقاعدة كولويل. والاس قدم تأريخاً لنقد قاعدة كولويل من قِبل هارنر وديكسون، ثم قدم نقده الخاص. وبعد أن قدم شرحه الوافى جداً، أكد أنه لو كانت قاعدة كولويل صحيحة، فإننا بذلك نكون قد هربنا من لهيب الأريوسية، إلى نار السابيلية!
تأمل النص: يوحنا يُسمى الآب بـ “الله”، والإبن بـ “الكلمة. وفى النص قال أن الكلمة كان عند الله، الذي هو الآب. فلو عاد وقال أن الكلمة هو الله، أي أن الكلمة هو الآب، يكون بذلك يعلم بالسابيلية. السابيلية هي هرطقة سابيليوس، الذي قال بأن الثالوث هو مجرد ظهورات لأقنوم واحد؛ أي أن الآب والإبن والروح القدس، هم أقنوم واحد، لجوهر واحد، ولكنهم مجرد ظهورات مختلفة لله.
هذا لا يعنى أن ترجمة النص “وكان الكلمة الله” خاطئة، بل والاس قال أنه يفضل هذه الترجمة عن أي ترجمة أخرى. لكن الفكرة هي أن يوحنا يعرض لاهوتاً دقيقاً جداً، يجب عرضه بالتدقيق. فلو أن لفظ θεός في المقطع الثالث كان معرفاً، فهو يعنى تماماً أن الإبن هو الآب! نحن لا نؤمن أن الإبن هو الآب من ناحية أقنوميتهما، بل في جوهرهما. لذا فإن الفهم المستقيم للنص، لا يكون إلا بفهم الاسم المرفوع على أنه في الحالة الوصفية. أن الكلمة إلهياً، أي أن طبيعته هي طبيعة إلهية.
مرة أخرى ببساطة، قاعدة كولويل تقول أن الأسماء المرفوعة الغير معرفة ولكن التي اكتسبت التعريف من خلال سياق النص، والتي تسبق الأفعال، غالباً لا تحتاج إلى أداة تعريف. ولكن بعمل هارنر، والذي قام بدراسة كافة الأسماء المرفوعة الغير معرفة، تبين أن 80% منها وصفياً، وليس تعريفياً. المشكلة التي ينقدها والاس، هي أن العلماء عكسوا قاعدة كولويل، وقالوا أن كافة الأسماء المرفوعة الغير معرفة حينما تسبق الفعل تصبح معرفة، وهذا غير صحيح، وهذا هو ما ينقده والاس.
أي أن والاس ينقد عكس العديد من العلماء لقاعدة كولويل، وليس قاعدة كولويل نفسها. ومع ذلك، فهو يرى أن الاسم المرفوع في يوحنا 1: 1 وصفى وليس تعريفي، في ضوء عمل هارنر، المنافس لنظرية كولويل بشكلها الصحيح. فحينما يكون ثمانين بالمئة من الأسماء المرفوعة وصفياً، فهذا ينطبق أيضاً على نص يوحنا 1: 1، أي أن الكلمة إلهياً، وطبيعته إلهية، وليس أن الكلمة هو الله الآب. ذلك لأن المقطع الثاني يتحدث عن شخصيات، الآب والإبن، فلو قلنا أن المقطع الثالث حينما يذكر θεός، يتحدث عن شخص أيضاً، فهذا يعنى أننا نقول بأن شخصية الآب هي شخصية الكلمة!
بذلك يتضح التعليم اللاهوتى الذي يقدمه يوحنا بمنتهى الدقة، وبذلك نفهم كيف أن الأريوسية والسابيلية هما بالفعل هرطقتين! نقطة أخرى، وهي أن لو لفظ θεός في المقطع الثالث من النص، تمت ترجمته في الحالة الغير تعريفية، أي “إله”، فإنه بذلك سيكون الحالة الوحيد لاسم مرفوع يسبق الفعل في إنجيل يوحنا بأكمله، ويكون في الحالية الغير تعريفية، مما يشكل طعناً صريحاً ومباشراً في الإحتجاج للحالة الغير تعريفية.
و بالتالي، قبل أن يحتج أحد بكلام والاس، عليه أن يفهمه أولاً بشكل صحيح[2]! آخر نقطة سأذكرها هنا، هي أنه ليس فقط الإحتجاج اللغوي الذي يطعن في الحالة الغير تعريفية، بل أيضاً سياق النص يطعن فيها. المقطع الأول يقول أن الكلمة كان موجود في البدء، أي أنه أزلى الوجود، فكيف يُمكن أن تكون الألوهية المقصودة هي ألوهية غير حقيقية؟! بل إن هناك توازن واضح بين الألوهية الحقيقية في يوحنا 1: 1، والتجسد الحقيقى في يوحنا 1: 14.
نأتى الآن لكلام الأب القمص متى المسكين. للأسف، مسيحين كثيرين يفهمون كلامه على أنه موافقة على أن النص يجب أن يُترجم “وكان الكلمة إلهاً”. أرجو منك أن تقرأ كلمات الأب متى المسكين الآن، في ضوء الشرح الذي قرأته بالأعلى:
” هنا كلمة “الله” جاءت في الأصل اليونانى θεος غير معرفة بـ “أل” ο، بعكس الجملة السابقة “والكلمة كان عند الله” ο θεος، حيث كلمة الله معرفة بـ “أل”. ففى الجملة الأولى “والكلمة كان عند الله”، نجد أن “الكلمة” λογος معرفة بـ “أل” ο و”الله” θεος معرف بـ “أل” ο توضحياً أن لكل منهما وجوده الشخصى، وحيث “الله” المعرف بـ “أل” يحمل معنى الذات الكلية.
أما في الجملة الثانية فالقصد من قوله:”وكان الكلمة الله”، هو تعيين الجوهر، أي طبيعة “الكلمة” أنها إلهية، ولا يُقصد تعريف الكلمة أنه هو الله من جهة الذات. وهنا يُحذر أن تُقرأ “الله” ο θεος معرفاً بـ “أل” في “وكان الكلمة الله”، وإلا يكون لا فرق بين الكلمة والله، وبالتالى لا فرق بين الآب والإبن، وهذه هي بدعة سابيليوس الذي قال أنها مجرد أسماء، في حين أن الإيمان المسيحى يقول أن الأقانيم في الله متميزة: فالآب ليس هو الإبن ولا الإبن هو الآب، وكل أقنوم له إختصاصه الإلهي.
كذلك فالله ليس هو الكلمة والكلمة ليس هو الله (الكلى). وهنا يقابلنا قصور مكشوف في اللغة العربية، فلا توجد كلمة “الله” بدون التعريف بـ “أل”. وقد يتراءى للبعض أنه يمكن أن يُقال “وكان الكلمة إلهاً”، وهذا أيضاً انحراف لأن الكلمة اللوغس (أو الإبن) ليس إلهاً “آخر” أو “ثان” غير الله الواحد، كما أن الله ليس فيه آلهة – بالمثنى أو الجمع – فالله إله واحد آب وإبن وروح قدس”[3].
إن ما قاله الأب متى المسكين، هو نفس الشرح الذي قرأته بالأعلى. أننا لا نستطيع أن نقول أن الإبن هو الله في هذا النص، لأن هذا النص يسمى الآب، بأقنومه الخاص، الله، ويُسمى الإبن، بأقنومه الخاص، الكلمة. في نفس الوقت لا يُمكن أن يكون “إلهاً” god، لأن الحالة الغير تعريفية منعدمة تماماً في النص. وبعد عمل هارنر وديكسون ووالاس، فإن الاسم المرفوع في الحالة الوصفية. هذا ما أكده الأب متى المسكين، أن النص يقصد طبيعة الإبن، أن طبيعته إلهية.
تحديث: أشار علىّ أحد اللاهوتيين من الكنيسة الأرثوذكسية، أن الأب متى المسكين قد اخطأ في قوله أن الكلمة ليس هو “الله الكلى”، لأن الله غير قابل للتجزئة، ونحن لا نؤمن أن الثلاث أقانيم هم تركيب في جوهر الله الواحد. إن كان هذا هو ما قصده الأب متى المسكين فعلاً، فهو قد أخطأ بالفعل. ولكن النقطة الخاصة بموضوع المقال، أن الأب متى المسكين شهد بأن “وكان الكلمة الله”، يجب أن تترجم “وكان الكلمة إلهياً”، ثابتةً. لأن الأب متى المسكين أوضح أن النص يتكلم عن طبيعة الكلمة، لا أقنومه الخاص.
كان هذا عن الجانب اللغوي.
بالإضافة إلى الجانب اللغوى، فقد تردد كثيراً أن المخطوطات العربية تترجم النص “إله” وليس “الله”، نقلاً عن دراسة لحكمت قشوع (لاهوتى لبنانى قدم رسالة الدكتوراه الخاصة به في جامعة برمنجهام عن التقليد العربى للأناجيل). لكن غفل هؤلاء عن أن أقدم مخطوطة عربية تقرأ النص “والله لم يزل الكلمة”:
فلا معنى للإحتجاج بمخطوطات لاحقة. بالإضافة إلى ذلك، فقد تغافل (و ليس “غفلوا”) عن ذكر ما قاله نفس اللاهوتى الذى نقلوا عنه، تحت عنوان “الحالة الغير تعريفية لـ θεός”، وهو التالى:
” يبدو أن النُساخ الذين كانوا يترجمون هذه العبارة (خاصةً من اليونانية حيث يقرأ النص Θεὸς ἦν ὁ Λόγος)، أو أولئك الذين كانوا ينسخون من مصدر عربى آخر، وجدوا أن الحالة الغير تعريفية لـ Θεὸς لها بعض الأهمية، ولهذا إتبعوا ثلاثة طرق: الطريقة الحرفية: النُساخ الذين ترجموا Θεὸς إلى إله، وὁ Θεὸς إلى الله. هذا التفريق قد يكون أدى إلى سوء تقديم للإعتقاد التوحيدى الذى شددت عليه المسيحية، خاصةً في ظل وسط إسلامى. النُسخ المبكرة للأناجيل تفضل هذه الترجمة.
الطريقة النحوية: النُساخ الذين رأوا الحالة الغير تعريفية لـ Θεὸς كتلميح إلى أن حالة الإسم في الإسناد وليست موضوع الجملة. فأنهى البعض الجملة بـ الهٍ أو الهاً (منصوب أو مكسور) للتأكيد على أن “الكلمة” هو موضوع الجملة. والبعض عكس كلمات الجملة من “و إله لم يزل الكلمة” إلى “و الكلمة لم يزل – لم تزل إلهاً”. الطريقة اللاهوتية: النُساخ الذين رأوا أن “و الإله هو الكلمة” أو “و الله هو الكلمة” يمكن أن تعنى أن الله هو الكلمة أو أن الكلمة هو الله.
و للتخلص من سوء الفهم هذا، ولعدم رؤية الله كالكلمة ولكن بدلاً من ذلك أن الكلمة كالله، فقد يكون النساخ شعروا بأنهم يجب أن يكتبوه “اله – الها – أله” بدلاً من “الله” أو “الإله”. قد يكون هناك سبب ثانى وهو التفريق بين الكلمة والآب. وهذا قد يشرح لماذا نجد في بعض المخطوطات التعبير “الاله” وليس “الله” حينما يُشار إلى يسوع”[4].
هكذا تتضح الصورة أمام القارىء، ويفهم جيداً أن النُساخ فهموا وعرفوا أن النص يُصرح بلاهوت المسيح، ولكن كان لديهم أسبابهم لترجمته “إلهاً” في المخطوطات العربية. وقد حصلت بنعمة الرب على التقليد العربى الكامل لنص العهد الجديد، وإليكم بعض صور المخطوطات العربية التي تترجم النص “الله”:
(المخطوطة 2 عربى – المتحف القبطى)
(المخطوطة 5 عربى – المتحف القبطى)
(المخطوطة 9 عربى – المتحف القبطى)
(المخطوطة 10 عربى – المتحف القبطى)
و هذا هو فهم المسيحى العربى للنص، لإبن الطيب البغدادى:
(المخطوطة 4 عربى – المتحف القبطى)
“قال فيه أنه الله جل إسمه، إذ كان أقنوم الآب وأقنوم الإبن وأقنوم الروح، في الجوهر واحداً”.
ما لم أفهمه حول الإحتجاج بالمخطوطات العربية، هو المغزى منه. هل يريد هؤلاء أن يقولوا بأن المسيحيين العرب لم يروا في هذا النص دلالة على لاهوت المسيح؟! أم هل يريد هؤلاء أن يقولوا بأن المسيحيين العرب لم يؤمنوا بلاهوت المسيح؟! أنا لا أعتقد أن هناك من يجرؤ أن يقول هذا أبداً، لأن هذا واحدة من إثنين: إما جهل تام بالتراث العربى المسيحى بدايةً من القرن السابع، أو أنه تكبر وغطرسة وتحدى للبرهان الثابت والواضح، وإن كنت أعتقد أنه الأول. أخيراً، لمن أراد المزيد، عليه بكتاب الأب القمص عبد المسيح بسيط “و كان الكلمة الله”: هل الكلمة الله إم إله؟
[1] Daniel B. Wallace, Greek Grammar Beyond Basics: An Exegetical Syntax of The New Testament, P. 269
[2] مناقشة والاس التفصيلية لقاعدة كولويل وعلاقتها بيوحنا 1 : 1، وردت في المرجع السابق، ص 256 – 270. [3] الأب متى المسكين، شرح إنجيل يوحنا، الجزء الثانى، ص 35 – 36[4] Hikmat Kachouh, The Arabic Versions of The Gospels: A Case Study of John 1:1 & 1:18, In: The Bible In Arab Christianity, Brill 2007, Edited By David Thomas, P. 29-30
و كان الكلمة الله؟ دراسة لغوية ونصية – فادى اليكساندر
- انجيل توما الأبوكريفي لماذا لا نثق به؟ – ترجمة مريم سليمان
- هل أخطأ الكتاب المقدس في ذِكر موت راحيل أم يوسف؟! علماء الإسلام يُجيبون أحمد سبيع ويكشفون جهله!
- عندما يحتكم الباحث إلى الشيطان – الجزء الأول – ترتيب التجربة على الجبل ردًا على أبي عمر الباحث
- عندما يحتكم الباحث إلى الشيطان – الجزء الثاني – ترتيب التجربة على الجبل ردًا على أبي عمر الباحث