مُترجَم

ماذا عن أناجيل ليست فى العهد الجديد؟ | جراهام هـ. تويلفترى

ماذا عن أناجيل ليست فى العهد الجديد؟

 

“الراسخون فى العلم”
(3)
ماذا عن أناجيل ليست فى العهد الجديد؟
جراهام هـ. تويلفترى

هذا هو الجزء الثالث من سلسلة “الراسخون فى العلم”، و هو عبارة عن مقالة للعالم الأكاديمى الأسترالى رفيع المستوى، جراهام تويلفترى، أستاذ العهد الجديد المميز بكلية العلوم اللاهوتية، جامعة ريجينت، بولاية فيرجينا، الولايات المتحدة. يُجيب جراهام فى هذه المقالة حول السؤال عن الأناجيل المزورة التى لم تتضمن فى نص العهد الجديد. للمزيد عن هذه السلسلة و مرجعها، راجع الجزء الأول. وردت المقالة فى الكتاب المقدس الدفاعى، ص 1503.

ماذا عن أناجيل ليست فى العهد الجديد؟
جراهام هـ. تويلفترى
أستاذ العهد الجديد المميز، كلية العلوم اللاهوتية، جامعة ريجينت

الأربعة أناجيل الموجودة فى كتابنا المقدس، تمت كتابتهم كلهم قبل نهاية القرن الأول. و من الواضح أنه لا يُوجد أناجيل أخرى تمت كتابتها فى هذا الوقت. و مع العشرين سنة الأخيرة من القرن الثانى، حينما كان ايريناؤس أسقف ليون يكتب، كانت الأربعة أناجيل قد تم نشرهم و قبولهم بشدة كالأناجيل الوحيدة المقبولة بواسطة الإتجاه العام للمسيحية. رغم أن العديد من القطاعات الكنسية لم تستخدمهم كلهم.

احتج ايريناؤس ضد قبول أى أناجيل أخرى، مثل “إنجيل الحقيقة”، و الذى قال أنه قد كُتِب بواسطة فالانتينوس، المعلم الغنوسى. فقال أنه قد تمت كتابته حديثاً و:”لا يتفق بأى شكل مع أناجيل الرسل”. هذا الإنجيل عبارة عن تأمل أو عظة ولا يشبه أناجيلنا الكتابية فى عرضها لتعاليم و نشاطات يسوع، بما فيهم ظهوراته بعد القيامة

[1].

نفس الأمر ينطبق على “إنجيل فيلبس”، فهو عبارة عن مقطتفات أدبية مختارة من عدة أقوال ترجع لمنتصف القرن الرابع. تماماً كإنجيل المصريين اليونانى الذى يرجع للقرن الثانى، و الذى لا نعرف عنه الكثير، غير أنه مجموعة من الأقوال.

إنجيل توما، و الذى يحتوى أيضاً على مجموعة من أقوال يسوع (حيث من المحتمل أن يكون البعض منهم أصيل تاريخياً)، بجانب بعض المادة القصصية الصغيرة،تم الإحتجاج لرجوعه لزمن مبكر. لكن لأنه يحتوى على مادة أدبية توازى الأدب المنتشر فى تلك الفترة، فإن الكثيرين يرجعونه إلى نهايات القرن الثانى. بالإضافة إلى أن هناك مجموعة من الأناجيل الخيالية، مثل إنجيل توما الطفولى، و الذى يحتوى على معجزات تتصل بالطفل يسوع، و تنتهى بقصة يسوع المذكورة فى إنجيل لوقا حينما كان عمره إثنى عشر عام فى الهيكل.

و هناك أناجيل أخرى تقترب من أناجيل العهد الجديد. كمثال، إنجيل بطرس الذى يرجع لمنتصف القرن الثانى، و المفقود حالياً إلا قصاصات منه. و فى هذا الجزء القصاصى، يسرد محاكمة يسوع، صلبه، ثم ظهوره لمجموعة من تابعيه. كذلك إنجيل الإبيونيين، الذى كُتِب فى سوريا فى نفس الفترة، هو إزائية لأناجيل متى، مرقس، و لوقا. و لاحقاً فى القرن الثانى، وضع تاتيان إزائية للأربعة أناجيل أُستُخدِمت بكثرة، و هو الدياتسرون، و الذى كان ذو قيمة عالية فى سوريا خاصةً.

و لدينا فى قصاصات من البردى، أدلة كثيرة على وجود أناجيل أخرى قديمة ترجع للقرن الثانى الميلادى. و هناك رسالة لكليمندس السكندرى (150 – 215 م.) أُكتِشفت فى عام 1958، تخبرنا عما يُسمى بـ “إنجيل مرقس السرى”، و الذى يُمكن أن يكون قطعة مزورة حديثاً

[2]!

أما انجيل العبرانيين، و الذى كُتِب قبل منتصف القرن الثانى، ربما فى مصر للمسيحيين الذين من أصل يهودى و يتحدثون اليونانية، كان هو الإنجيل الوحيد الذى كان يُعتبر جزء من الكتاب المقدس فى قطاعات من المسيحية الأرثوذكسية. الإقتباسات القليلة المتبقية منه، تبين أنه قد يكون بدأ بالوجود السابق ليسوع، و نزوله من السماء ثم ولادته. ثم يصف يسوع نفسه أنه ابن الروح القدس، و يسرد تجربته على الجبل. هناك أيضاً أمثلة لتعليمه. و فى العشاء الأخير، يقول يعقوب أخ يسوع أنه لن يأكل مرة أخرى حتى يرى يسوع القائم. و هناك قصة عن دفن يسوع، و أولئك الذين حرسوا القبر ربما شاهدوا القيامة. و هناك قصة، تجعل من يعقوب يسبق غيره، تقول أن يسوع ظهر ليعقوب، ليؤكد له بقوة أهميته لهذا الإنجيل.

إن الخواص الغنوسية، الإنحراف عن الاناجيل الكتابية، و فقدان أى صلة أو ترابط بين هذه الأناجيل و أى من الرسل، هى أسباب إستبعاد هذه الاناجيل، أخيراً، من العهد الجديد، بواسطة التيار العام للمسيحية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[1] رغم أنه يذكر صلب المسيح صراحةً فى أكثر من موضع (المترجم).
[2] أثبت علماء النقد الكتابى مُؤخراً، أن ما يُسمى بـ “انجيل مرقس السرى”، هو خدعة قام بها مورتون سميث (مُكتشف المخطوط المزعوم)، فى منتصف القرن العشرين، و صدرت عدة دراسات و أبحاث تبين زيف هذا المخطوط، و أن مورتون سميث هو الذى لفق هذه الخدعة. سأضع ملخصاً لهذه القصة اللطيفة قريباً (المترجم).