عام

محمد ابو الغار يكتب: لماذا كل هذا العك مع أقباط مصر؟

محمد ابو الغار يكتب: لماذا كل هذا العك مع أقباط مصر؟

محمد ابو الغار يكتب: لماذا كل هذا العك مع أقباط مصر؟

بقلم : محمد ابو الغارمنذ مذبحة الزاوية الحمراء فى السبعينيات ووضع الأقباط يتدهور تدريجياً ولم يصبح الأمر فقط إرهاباً وقتلاً من متشددين بل حدثت فجوة مخيفة بين المسلمين والمسيحيين تهدد مصر ومستقبلها. كما لم ينصت السادات إلى تقرير لجنة تقصى الحقائق التى رأسها د. جمال العطيفى وصاغ معظم توصياتها د. رشدى سعيد رحمهما الله، وترك الحبل على الغارب ليفعلوا ما يريدون، وانتهى الأمر باغتيال السادات وانطلق الإرهابيون يقتلون المصريين جميعاً. وضع أقباط مصر الفقراء أصبح متردياً والنظام مسؤول سياسياً وتنفيذياً ممثلاُ فى الداخلية والحكم المحلى.

1- الأقباط من الصفوة الذين يعيشون فى المدن الكبيرة لهم وضع اجتماعى واقتصادى متميز وعلاقات وثيقة مع أجنحة النظام والأمن يجعلهم لا يشعرون بحدة المشاكل التى يتعرض لها الفقراء من أقباط قرى الصعيد.

2- أقباط قرى الصعيد فقراء مثلهم مثل مسلمى الصعيد ونسبة الأمية والمرض والتقزم تماثل المسلمين وهم يعانون من نفس العادات والتقاليد مثل ختان البنات وعدم توريث المرأة بنفس الدرجة. الفارق الوحيد هو حجاب المرأة المسلمة. إذن لماذا يحدث كل هذا الظلم للمسيحيين؟

3- حدثت تغييرات هائلة أدت إلى انفصال اجتماعى وثقافى ومجتمعى بين المسيحيين والمسلمين، خاصة فى الريف، وكان ذلك راجعاً إلى انتشار الإسلام السياسى ومناداته بالبعد عن المسيحيين بالإضافة إلى إعلام عنصرى سمم عقول البسطاء من المسلمين.

4- تواطأت بعض أجنحة النظام بالصعيد وتُرك الأمر فى يد الداخلية ممثلة فى ضابط أمن دولة شاب فى محافظة نائية محدود الثقافة والمعرفة بالتاريخ وتفكيره ينحصر فى الحفاظ على الأمن فى اللحظة الحالية، أما أمن المواطنين فلا يهمه فى شىء. معظم الضباط من الجيل الحالى نشأ فى أسر إسلامية محافظة ونظرتهم للأقباط فيها ريبة وقلق بطبيعة التربية وعدم مخالطة الأقباط، لذا فإن تقاريرهم وتوجهاتهم تعكس وضعية ذهنية متعصبة ضد الأقباط فى أحيان كثيرة. الشرطة المصرية بطبعها تقف مع الحاكم ومع الأقوى من الناس وليس مع الحق، والضابط يظن أن وقوفه فى صف الأغلبية المسلمة دائماً سوف يحقق نجاحاً أمنياً.

5- السلطة المحلية ممثلة فى المحافظ وهو فى الأغلب لواء جيش أو بوليس سابق معلوماته عن المشكلة القبطية وتاريخها شبه معدومة وتصوره لمستقبل مصر ووحدة شعبها هامشى. أهم شىء عند معظمهم المشاريع المظهرية والتواصل مع الإعلام ومدح الرئيس حتى يستمر فى منصبه، ولذا فإن معظم المحافظين لا يهمهم حل مشاكل الأقباط وإنما يهمهم إخفاؤها والتغطية عليها. وربما يكون إعطاء المحافظين محاضرات فى حقوق الإنسان أمراً مفيداً.

6- المصريون جميعاً يعانون من البيروقراطية الحكومية ولكن تأثيرها السلبى على المسيحيين فى الحصول على وظيفة أو استخراج وثيقة كارثة كبرى بسبب تعنت سببه اختلاف فى الدين. أصبحت الكنيسة تدريجياً هى المسؤولة عن حل هذه المشاكل وذلك بالتفاهم بطرق مختلفة بعضها قانونى وبعضها ودى، وأضاف ذلك عبئا جديدا وعملا آخر للأساقفة بالإضافة إلى عملهم الدينى الأساسى.

7- سيطرت على مدارس الريف قيادات الإسلام السياسى فأصبح وضع التلاميذ والتلميذات الأقباط داخل المدارس فى فترة النضج العقلى والفكرى سيئا للغاية وتربوا على الخوف وسماع إهانات مباشرة وغير مباشرة بعضها فى الكتب المدرسية وبعضها شفاهة ووضع ذلك حاجزاً كبيراً بين المسلمين والمسيحيين.

8- اضطر فقراء الأقباط لأن يعيشوا حياتهم اليومية بدون حقوق المواطنة الكاملة، وأن يتقبلوا معاملة مواطن من الدرجة الثانية حتى يعيشوا بسلام وأمان نسبى.

9- بعد 25 يناير انكسر حاجز الخوف عند المصريين جميعاً وأصبحوا جميعاً يطالبون بحقوقهم وهذا هو سبب الاحتقان المجتمعى الحالى. ويقوم النظام بمحاولة استرجاع إعادة المصريين إلى نفس الوضع السابق وهو مستحيل. المسيحيون الآن لن يقبلوا بمعاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية ولهم كل الحق فى ذلك ويجب على القوى الوطنية والمدنية مساندتهم ولكن الإسلام السياسى والمتزمتين دينياً وكذلك رجال الشرطة يريد للأقباط أن يخضعوا تماماً. على الداخلية أن تتقبل تنفيذ الدستور وأن تعيد تأهيل ضباطها لتفهم الوضع الحالى وإلا استمر الغليان إلى ما لا نهاية.

10- أعداد المسلمين والمسيحيين تتزايد، وعدد المسيحيين فى القرى أصبح فى حاجة لكنائس جديدة ولكن القوانين والأمن مازال يعرقل هذه الطلبات حتى اضطر البعض للصلاة فى هدوء فى أحد المنازل. أنا لا أفهم ولا أتصور لماذا يمنعهم الأمن ويطالبهم بأخذ تصريح؟ هذا تخلف وانحياز ضد حرية العبادة والمواطنة التى ينص عليها الدستور، وخيبة من المحافظ ورجال الأمن. هل يأخذ المسلمون ترخيصاً للصلاة؟ يجب على المحافظ والشرطة الوقوف بوضوح مع الدستور والقانون.

أخيراً من مصلحة النظام أن يحل المشكلة بالعدل فهناك حلول عاجلة وهى التزام الشرطة باحترام القانون وإعطاء المسيحيين حقوقهم كاملة ومنها ممارسة شعائرهم الدينية. يجب إعادة تدريب الضباط ليفهموا أن المواطنة جزء من الدستور وعليهم أن يساندوها. الإعلام يجب أن يوعى الناس طوال الوقت. ويجب معاقبة من يخالف ذلك بمن فيهم ضباط الأمن الوطنى والشرطة. وعلى المدى الطويل إصلاح التعليم ضرورة ليصبح تعليماً مدنياً حديثاً.

قوم يا مصرى.. مصر دايماً بتناديك