Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

المخلص الموعود به من الله – من هو يسوع؟ – إبن الله وإبن الإنسان

المخلص الموعود به من الله – من هو يسوع؟ – إبن الله وإبن الإنسان

المخلص الموعود به من الله – من هو يسوع؟ – إبن الله وإبن الإنسان

المخلص الموعود به من الله – من هو يسوع؟

 

بعد أن تقابل يسوع مع يوحنا واعتمد منه، قضى معظم حياته كمعلم ديني. وكان من الطبيعي تماماً لمعلمي اليهود الدينيين، أو “الربيين” كما كانوا يسمونهم، أن يعيشوا حياة الترحال، حيث يتجولون بين مكان وآخر، وفي غالبية الأحيان يصحبون معهم تلاميذهم. ومن الواضح أن يسوع اتبع هذا النهج.

فقد كان له تلاميذه[1]، وكثيراً ما كان يخاطب بلقب “معلم”. ومثل غيره من المعلمين اليهود كان ينجز معظم عمله في المجمع، وهو المكان الذي كان اليهود يجتمعون فيه للعبادة كل يوم سبت. وكان أيضاً يتحدث إلى الناس أينما قابلهم. وقد دعا أول تلاميذه من قوارب صيدهم، وكثيراً ما كان يعلم في الخلاء حيث كانت الجماهير العريضة تستطيع أن تلتف حوله[2].

وتعليم يسوع هو الذي أسر في الواقع قلوب الشعب. لأنهم فيما كانوا يسمعونه، أدركوا أنهم ليسوا أمام معلم عادي. فلم يكن مجرد تلميذ لمعلم آخر، يقول للشعب ما سبق أن سمعه من آخرين. بل كان يتحدث عن أمور جديدة تماماً عن الرجال والنساء وعلاقتهم بالله. وكان يقول ذلك بطريقة لم يكن معها مفر بالنسبة لأي واحد من أن يتخذ قراره بشأنه.

وكان لا بد لمن يستمع إليه من أن يقبل حكم الكثيرين من الناس العاديين بأنه “كان يعلمهم كمن له سلطان”[3]، أو يقبل رأي الفريسيين بأنه كان مدعياً دينياً من أسوأ النوعيات.

والتعليم الذي تسبب في هذا الانقسام الحاد بينه وبين سامعيه، كان بخصوص موضوعين. فمن ناحية قال يسوع أشياء عظيمة وجسورة عن شخصه وأهميته. وكان يعتقد بكل وضوح أنه هو نفسه المخلص الموعود الذي كان اليهود ينتظرون أن يرسل لهم من قبل الله. فهو وحده المسيا الذي يستطيع أن يقيم المجتمع الجديد. ومن ناحية أخرى، فإلى جانب ما قاله يسوع عن مصيره وأهميته، نجد الأقوال التي تحدث بها عن الطبيعة الحقة للمجتمع الجديد ومعناه، ذلك المجتمع الذي اعتقد يسوع أنه جاء ليبدأه.

ولسوق نستعرض بعض أقوال يسوع عن المجتمع الجديد في الباب الثاني. ومن المهم أولاً وقبل كل شيء أن نتأمل فيما قاله يسوع عن نفسه. ذلك أن أفكاره عن مجتمع الله الجديد، ومكانه في حياة البشر لن تكون ذات معنى ما لم نفهم ما قاله يسوع عن أهميته الشخصية في خطة الله.

ابن الإنسان:

إلى هنا، رأينا كيف أن الشعب اليهودي كان يتطلع إلى الله لكي يرسل لهم المخلص الموعود، المسيا، الذي يبدأ المجتمع الجديد. ومن الطبيعي أن تعبير “المخلص الموعد به من الله” لم يستخدم في الأناجيل: ولقد استخدمته هنا لمحاولة أن أوصل للقارئ بلغة الحياة اليومية العادية شيئاً عن مفهوم الشعب اليهودي لكلمة المسيح (المسيا).

غير أنه مما يدعو للدهشة أن تطلع على الأناجيل وترى كيف أنه في مرات قليلة استخدمت فيها كلمة “المسيا” (أو ترجمتها اليونانية “المسيح”) لوصف يسوع. ولنأخذ على سبيل المثال إنجيل مرقص. وربما كان هذا أول ما كتب من الأناجيل، ولقد استخدمت فيه كلمة “المسيا” (المسيح) سبع مرات فقط. منها مرة في عنوان الإنجيل، ومن بين المرات الست الأخرى[4]، ثلاث مرات فقط يمكن أن تؤخذ على أنها تشير إلى يسوع على أنه المسيا أو المسيح.

وفي مرة واحدة فقط قال يسوع عن نفسه بصفة مباشرة إنه المسيح. وما يلفت النظر أيضاً أنه في الفقرة الوحيدة التي قال فيها يسوع عن نفسه صراحة إنه المسيح[5]، إذا به في الحال يستطرد ليتكلم عن شخص مختلف، ويعرف المسيح على أنه شخص يسميه “ابن الإنسان”[6].

إذاً، من هو ابن الإنسان؟ من غير الممكن أن تتأمل أياً من القصص التي تتناول حياة يسوع دون أن تدرك أن لقب “ابن الإنسان” هذا يشكل مفهوماً في غاية الأهمية عن يسوع. والتعبير الحالي استخدم أربع عشرة مرة في إنجيل مرقص، أما في قصة متى الأكثر طولاً فقد ورد ما لا يقل عن إحدى وثلاثين مرة. والواقع أن “ابن الإنسان” هو التعبير الذي كثيراً ما استخدمه يسوع ليصف به نفسه وعمله. إذاً ما معنى هذا التعبير؟

قد يقول البعض إنه حين كان يسوع يتحدث عن نفسه على أنه “ابن الإنسان”، فإنه كان يريد ببساطة أن يؤكد على أن جانباً من طبيعته كان إنساناً عادياً، في حين أن جانباً منه يمكن أن يوصف بتعبير “ابن الله”. غير أن عبارة “ابن الأنسان” لا بد وأنها تعني أكثر من هذا. فعلى سبيل المثال، تحدث يسوع عن “ابن الإنسان آتياً في سحاب بقوة كثيرة ومجد” (مر 13: 62)، أو “جالساً عن يمين قوة الله” (لو 22: 69). ومثل هذه الأقوال لا يمكن أن يقصد به التأكيد على طبيعة يسوع كإنسان بالمقابلة مع أقواله بأن له أهمية خاصة في خطط الله.

معنى “ابن الإنسان”

المعنى الدقيق لعبارة “ابن الإنسان” كان من أكثر الموضوعات التي أثير حولها جدل عنيف في الدراسات الحديثة للعهد الجديد. وما سنذكره هنا هو ملخص مختصر جداً لما يقوله أحد الباحثين.

 وهناك نقطة اتفق عليها جميع المفسرين وهو أن أفضل سؤال مفيد في هذا الموضوع هو: ما الذي فهمه أولئك الناس الذين كانوا يعرفون يسوع بالفعل حين سمعوه يستخدم تعبير “ابن الإنسان”. وبالنظر إلى أن أول مستمعيه كانوا من اليهود، فإنه من الأفضل أن نبحث في الديانة اليهودية عن الجواب. ومن المفيد دائماً أن نرجع أولاً إلى العهد القديم. وهنا نجد أن تعبير “ابن الإنسان” قد استخدم بطريقتين.

في أغلب الأحيان، يأتي هذا التعبير للتمييز بين الله والإنسان. وفي هذا السياق، فإنه يؤكد عادة ضعف البشر وفقرهم بالمقابلة مع قدرة الله وقوته (عدد 23: 19؛ أيوب 25: 6، مز 8: 4؛ 146: 3؛ إشعياء 51: 12). وهناك نبي أو اثنان من أنبياء العهد القديم خاطبهما الله بعبارة “ابن الإنسان”، (أي يا ابن آدم) وكان هذا في معرض التأكيد على الفرق بينهما وبين سيدهما (حزقيال 2: 1؛ دانيال 8: 17).

ولكن التعبير استخدم بطريقة مختلفة تماماً في دانيال 7: 13-14. وكان أبعد ما يكون عن الإشارة إلى ضعف الإنسان بالمقابلة مع عظمة الله، مثل عبارة “ابن إنسان أتى وجاء إلى القديم الأيام فقربوه قدامه. فأعطي سلطاناً ومجداً وملكوتاً لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة”، “وسلطانه سلطان أبدي ما لن يزول وملكوته ما لا ينقرض”.

وبمقدورنا أيضاً أن نطلع على بعض الأسفار الرؤوية التي ربما كانت سائدة في زمن يسوع. ففي “2أسدارس”، و”تشبيهات أخنوخ” يظهر “ابن الإنسان” ثانية كشخص خارق للطبيعة أرسله الله على اعتبار أنه قاض البشرية مستقبلاً (2أسدارس 13، 1أخنوخ 37-71). وليس بمقدورنا التأكد من أن أياً من هذين السفرين الرؤويين كان مكتوباً بالفعل أيام يسوع. ولكن من المؤكد أنهما يعكسان بالفعل أفكاراً كان يعتنقها كثيرون من معاصريه.

ونحن في نفس الوقت في حاجة إلى أن نتذكر أنه لم يكن كل اليهود مهتمين بمثل هذه الأفكار. بل وما كانوا جميعهم على معرفة جيدة بالعهد القديم بحيث يستطيعون أن يربطوا بصفة آلية بين هذه الأفكار واستخدام يسوع لهذا التعبير. والواقع أن بعض الباحثين الآراميين المتمكنين قالوا إن الكلمات التي استخدمها يسوع بالفعل ربما لم يكن لها أي معنى محدد على وجه الإطلاق.

ولذلك، فنحن لدينا ثلاث حقائق يجب تأملها قبل أن نقرر ما الذي قصده يسوع حين أطلق على نفسه لقب ابن الإنسان:

ومن المحتمل جداً أن هذه الحقائق كلها، لها مغزاها. وإذا لم يكن لتعبير “ابن الإنسان” أي معنى واضح محدد في اللغة الآرامية التي كان يتكلم بها يسوع، فلربما رأى استخدامه بكل بساطة، لأن هذا يعطيه حرية استخدامه بحيث يعني تماماً ما قصده من استخدامه. ولو كان قد استخدم لقب “المسيح” لما سهل عليه أن يفسر بدقة دوره حسبما فهمه هو، بالنظر إلى أن الكثيرين كانت لديهم تصورات عديدة مسبقة بالنسبة لهذا الموضوع. وإذا استخدم يسوع التعبير الغامض “ابن الإنسان”، فقد استطاع بذلك تجنب هذه المشاكل.

وفي ذات الوقت، فإنه بالنسبة لمن لهم القدرة على فهم هذا التعبير، فإن خلفيته تقدم بعض الإشارات المهمة للأشياء التي أراد يسوع قولها عن نفسه. ذلك أنه أراد أن يثبت أنه كان إنساناً عادياً فيما يختص بالجانب الإنسان، وأنه أرسل بصفة خاصة من الله نفسه.

وكل من هاتين الفكرتين يمكن أن نجدهما في استخدام العهد القديم لعبارة “ابن الإنسان”.

ولقد استخدم يسوع هذا الاسم في الواقع بثلاث طرق مختلفة توضح هذا.

حياة يسوع المسجلة في الأناجيل المتشابهة

ليس من الممكن عمل جدول كامل من الأحداث التي تخللت حياة يسوع، ولكن هذا الجدول يحتوي على أهم هذه الأحداث بحسب ورودها في الأناجيل:

 

متى

مرقص

لوقا

ميلاده وطفولته

     

سلسلة أنساب يسوع

1: 1-17

 

3: 23-28

الوعد بولادة يسوع من مريم

   

1: 26-38

ولادة يسوع

1: 18-25

 

2: 1-20

زوار من الشرق

2: 1-12

   

ختان يسوع

   

2: 21-40

هروب والدي يسوع إلى مصر

2: 13-23

   

يسوع في الثانية عشرة من عمره

   

2: 41-52

في الجليل وما حولها

     

معمودية يسوع

3: 13-17

1: 9-11

3: 21-22

التجربة

4: 1-11

1: 12-13

4: 1-13

أول كرازة في الجليل

4: 12-17

1: 14-15

4: 14-15

رفض يسوع من أهل الناصرة

   

4: 16-30

دعوة التلاميذ الأوائل

4: 18-22

1: 16-20

 

تعليم وشفاء في كفر ناحوم

 

1: 21-38

4: 31-43

صيد السمك الوفير

   

5: 1-11

الموعظة على الجبل

5: 1 – 7: 29

   

يسوع يشفي الأبرص

8: 1-4

1: 40-45

5: 12-16

شفاء المرضى وإسكات الريح

8: 5-34

   

شفاء المفلوج

9: 1-8

2: 1-12

5: 17-26

دعوة متى ليكون تلميذاً ليسوع

9: 9-13

2: 13-17

5: 27-32

نقاش حول الصوم

9: 14-17

2: 18-22

5: 33-39

شفاء ابنه يايرس وامرأة عجوز

9: 18-26

5: 21-42

8: 40-56

شفاء أعميين وآخر مجنون

9: 27-34

   

إرسالية الاثني عشر

9: 35-10: 42

6: 6-13

9: 1-6

يسوع يتحدث عن يوحنا المعمدان

11: 1-19

 

7: 18-35

تعليم عن السبت

12: 1-14

   

الموعظة في السهل

   

6: 20-49

شفاء عبد وإعادة ابن إلى الحياة

   

7: 1-17

المرأة التي خدمت يسوع

   

7: 36-8: 3

مناقشة يسوع مع القادة الدينين

12: 22-50

3: 20-35

 

أمثال الملكوت

13: 1-58

4: 1-41

8: 4-25

مجنون كورة الجدريين

 

5: 1029

8: 26-39

معجزة إطعام 5000 شخص

14: 13-21

6: 30-44

9: 10-17

يسوع يمشي على الماء

14: 22-33

6: 45-52

 

تعليم بخصوص التقاليد الدينية

15: 1-20

7: 1-23

 

يسوع يشفي مرضى كثيرين

15: 21-31

7: 24-37

 

يسوع يشبع 4000 شخص

15: 32-16: 12

8: 1-21

 

تنبأ يسوع بموته

16: 13-28

8: 27-37

9: 18-27

التجلي

17: 1-27

9: 2-32

9: 28-45

إرسالية السبعين

   

10: 1-24

المحبة والصلاة ومحبة المال

   

10: 25-12: 59

شفاء وأمثال

   

13: 1-30

يسوع يغادر الجليل

   

13: 31-35

بعض الأمثال الشهيرة

   

14: 15-16: 31

شفاء البرص

   

17: 11-19

يسوع يتوجه إلى أورشليم

     

يسوع يتنبأ ثانية عن موته

20: 17-19

10: 32-24

18: 31-34

ابنا زبدى يطلبان ميزة

20: 20-28

10: 35-45

 

شفاء بارتيماوس الأعمى

20: 29-34

10: 46-52

18: 35-43

زكا يقابل يسوع

   

19: 1-10

يسوع يدخل أورشليم كملك

21: 1-9

11: 1-10

19: 28-44

يطرد التجار من الهيكل

21: 10-22

11: 11-26

19: 45-48

أمثلة أخرى

21: 28-22: 14

   

اتهام الفريسيين

23: 1-36

12: 37-40

20: 45-47

يسوع يتنبأ بخراب الهيكل

24: 1-3

13: 1-4

21: 5-7

يسوع يتحدث عن الرؤويات

24: 4-36

13: 5-37

21: 8-36

موت يسوع وقيامته

     

التآمر على يسوع

26: 1-5

14: 1-2

22: 1-2

يهوذا يخون يسوع

26: 14-16

14: 10-11

22: 3-6

التلاميذ يعدون الفصح

26: 17-19

14: 12-16

22: 7-13

العشاء الأخير

26: 20-29

14: 17-25

22: 15-38

القبض على يسوع

26: 30-56

14: 26-52

22: 39-53

محاكمة يسوع

26: 57-27: 26

14: 53-15:15

22: 54-23: 25

صلب يسوع

27: 27-44

15: 16-32

23: 26-43

موته

27: 45-56

15: 33-41

23: 44-49

دفنه

27: 57-66

15: 42-47

23: 50-56

القبر الفارغ

28: 1-10

16: 1-8

24: 1-12

يسوع يظهر لأتباعه بعد القيامة

28: 11-20

 

24: 13-53

 

المسيا

لسنا في حاجة لإضاعة كثير من الوقت في التفكير فيما قاله يسوع عن نفسه من أنه هو المسيح. وهذا لم يكن لقباً اتخذه يسوع لنفسه، وفي إنجيل مرقص[7]، وهو أول الأناجيل من ناحية الكتابة، لا نجد إلا مثالاً واحداً قال يسوع فيه إنه المسيح. ومع ذلك فتوجد أربع مناسبات هامة جداً قال أناس آخرون فيها عن يسوع أنه المسيح، ويبدو أنه قبل هذا اللقب.

ويتضح من هذه الأمثلة الأربعة أنه لم يكن ليسوع نفس الموقف بالنسبة للقول بأنه المسيح “ابن داود” في كل مناسبة، وحين جاء الوقت الذي وقف فيه أمام رئيس الكهنة، كان من الواضح أنه سيدان بأي طريقة، وعلى ذلك لم يكن هناك ما يمنعه من الاعتراف بأنه المسيح. على الرغم من أنه حتى في هذا الموقف أخذ يعيد تحديد مفهوم “المسيح” في إطار لقبه المفضل “ابن الإنسان”. لكنه في مرحلة سابقة، حين اعترف بطرس أنه هو المسيح، طلب يسوع منه ومن التلاميذ الآخرين ألا يخبروا أحداً عن ذلك، بل عليهم أن يحتفظوا بالأمر سراً.

أما في المناسبتين الأخريين فيبدو أنه قبل لقب “المسياني” من أناس آخرين دون أن يعلق على ذلك بشيء. وفي حالة الرجل الذي كان به روح نجس طلب منه أن يشارك اختباره مع أصحابه وأهله. ومن الواضح أن موقف يسوع من ناحية السماح للناس أن يعرفوا أنه المسيح كان يختلف طبقاً للظروف، وكان الأمر يعتمد إلى حد ما على ما إذا كان يجب أن يخفى هذا الأمر أو يذاع. فما الذي نفهمه من كل هذا؟ يبدو أن هناك تفسيرين محتملين لهذا الموضوع:

لم يقل يسوع إطلاقاً إنه المسيح. وأحد طرق حل هذه المشكلة هو أن نقول بأن يسوع في الواقع لم يدع إطلاقاً أنه المسيح، وأن مرقص وكتبة الأناجيل الآخرين كتبوا قصصهم عن حياة يسوع وتعاليمه وذهنهم مشغول بالأكثر بما يؤمنون به عن يسوع وليس ما يدعيه هو عن نفسه. وكانوا يؤمنون بأنه المسيح، لأنهم كانوا على قيد الحياة بعد القيامة. ومن هذا المنظور الجديد أدركوا أنه من المناسب بالأكثر أخذ يسوع على أنه الشخص الذي حقق مواعيد الله المذكورة في العهد القديم.

ومع ذلك، فإنه حين جاء الوقت ليكتبوا الأناجيل أرادوا أن يوضحوا بكل جلاء أن يسوع هو في الواقع المسيح الموعود. ولذلك سدوا الثغرة بين معتقداتهم الخاصة، ولم يكونوا يعرفون أنه الحقيقة التاريخية، وذلك بأن ابتكروا فكرة “إبقاء مسيانية يسوع سراً”. وهذه عبارة صيغت لأول مرة بمعرفة أحد المفسرين الألمان وهو “ويلهلم ريد Wilhelm wrede”.

وذلك لتفسير السبب في أنه حين كان يجيء الحديث عن المسيح وهو يتكلم مع تلاميذه عن وضعه باعتباره المسيح، كان دائماً يطلب منهم إبقاء هذا الأمر سراً. وقد اعتقد “ريد Wrede” أن فكرة “السر المسياني” هذه كانت بجملتها من ابتكار مرقص كاتب أقدم إنجيل.

والصعوبة التي تكتنف هذا الاقتراح هي أنه على الرغم من أنه يتناغم مع جزء من الدليل، إلا أن هناك بعض المعلومات الأخرى التي لم تتفق معه. فعلى سبيل المثال هناك الأحداث التي تضمنت الرجل الذي كان به روح نجس في كورة الجدريين وبارتيماوس في أريحا. ثم أن هناك الحقيقة التي لا يمكن إنكارها وهي أن يسوع في واقع الأمر حكم عليه بالموت لأنه ادعى أنه “ملك اليهود” أي مسيحهم. ومن الصعوبة معرفة كيف ترك مرقص هذه القصص في إنجيله، وبهذه الصيغة إذا ما كان مصمماً على جعل فكرة “السر المسياني” مقنعة.

هناك ثلاثة أمور يمكن قولها في هذا الصدد:

أولاً: علينا أن نتذكر أن الأناجيل لم تكتب فقط لحفظ قصة حياة المسيح وتعليمه، بل لتكون سنداً بعد ذلك للمسيحيين في القرن الأول. والمسيحيون الذين قرأوا الأناجيل لأول مرة كانت لهم النظرة التي لدينا الآن. كانوا يعرفون قيامة المسيح ومجيء قوة الله في حياتهم. وعلى هذا الأساس، لم تكن أمامهم أية صعوبة في معرفة أن يسوع لا بد وأن يكون هو المسيح المخلص الموعود به من الله والذي أرسل ليبدأ المجتمع الجديد، فكيف تخامرهم أي شكوك وهو أنفسهم أعضاء في هذا المجتمع الجديد؟ وشيئاً فشيئاً بدأت كلمة “المسيا” أو “المسيح” تستعمل كاسم ثان ليسوع، ولا تزال تستعمل على هذا النحو حتى يومنا هذا.

وهذا يفسر لنا السبب في أن كلمة “المسيح” استعملت عدة مرات في إنجيل يوحنا، في حين أنها نادراً ما كانت تستعمل في الأناجيل الثلاثة الأخرى. وكان الاعتقاد بصفة عامة أن يوحنا كتب إنجيله في وقت متأخر عن الآخرين، وفي ذلك الحين أصبحت الكلمة تقريباً لقباً ليسوع.

ثانياً: الأناجيل نفسها أوضحت أنه كانت ليسوع ومعاصريه مقاصد متعارضة حين كانوا يتكلمون عن المسيح. فبالنسبة لليهود كان المسيا عندهم ملكاً من الناحية السياسية. أما بالنسبة ليسوع فالمسيا معناه عند متواضع مطيع لمشيئة الله. ولو كان يسوع قد تحدث عن نفسه صراحة بأنه المسيح لكان بذلك قد أخفى المعنى الحقيقي لمجيئه، ولتسبب ذلك في مواجهة قبل أوانها مع السلطات الرومانية.

فحتى التلاميذ، بما فيهم بطرس الذي أعلن أن يسوع هو المسيح، لم يعرفوا على وجه الدقة من هو يسوع إلا بعد القيامة. فعلى الرغم من علاقتهم الوثيقة بيسوع فقد أظهروا جهلهم بمقاصده في أكثر من مناسبة. ويمكن أن نكون متأكدين من أن هذه صورة تاريخية حقيقية، لأنه حين كتبت الأناجيل كان التلاميذ أبطال الكنيسة، وما من أحد كان له أن يكتب قصصاً تصورهم بمظهر سيء.

ثالثاً: يبدو من المؤكد أن موقف يسوع كان يختلف بالفعل، وأن حياته كلها وعمله كان مزيجاً من الإعلان والسرية، فقد تم تغطية هذا بالطريقة التي كان يحب أن يسمي نفسه “ابن الإنسان”، وهو لقب لم يكن له معنى واضح. وهو بالنسبة لأولئك الذين لم يكونوا مستعدين لأن يتأملوا هذا اللقب بعمق، كان اسماً بمقدوره أن يربكهم ويخفى ادعاءات المسيح لا أن يظهرها[12]. وفي نفس الوقت، فإن أحداثاً كثيرة في حياة يسوع بما فيها المعجزات[13]، بل وأيضاً مناسبات مثل عماده، والتجربة في البرية، ودخوله أورشليم سوف تفقد معناها لو لم يقل يسوع إنه المسيح[14]. فكثير من الأمور التي عملها وقالها كانت هي الأمور التي كان من المتوقع أن يعملها ويقولها المسيح حين يأتي.

وأفضل نتيجة نستخلصها من ذلك هي أن يسوع لم يستخدم كلمة المسيح عند الإشارة إلى نفسه لأنه كان يعرف أنها ستوحي لمستمعيه بملك أرضي ودولة سياسية جديدة. ومن المؤكد أنه لم يكن لدى المسيح أية نية لأن يكون “مسيحاً” من هذه النوعية. فلقد سبق ورفض هذه الفكرة بكل حسم حين جرب من إبليس. ولذلك صاغ خدمته كلها في قالب يخفي حقيقة أنه المسيح عن أولئك الذي لا يرغبون في فهم معنى هذه الكلمة بنفس مفهومه هو، ولكنها تكشف عن هويته الحقيقية لأولئك الذين يريدون بالفعل أن يعرفوا.

ابن الله

إيمان الكنيسة المسيحية منذ نشأتها هو الإقرار بأن يسوع هو “ابن الله”. وهذا تعبير مألوف لشعب يسوع في أيامنا هذه، والشعوب الناطقة باليونانية كثيراً ما يستخدمون هذه العبارة للإشارة بها إلى شخصية إنسان نبيل يوصف بالبطولة، وحين قال قائد المئة الروماني عند الصليب “حقاً كان هذا ابن الله”[15]. فلربما كان كل ما يعنيه بهذا هو أن يسوع كان رجلاً عظيماً حقاً، وقصة لوقا تشير إلى هذا بكل وضوح، حيث أن قائد المئة قال “بالحقيقة كان هذا الإنسان باراً”[16].

وعلى مثال تعبيري “ابن الإنسان” و”المسيح” استخدم أيضاً تعبير “ابن الله” في العهد القديم[17]، فأمة إسرائيل كثيراً ما كان يشار إليها بعبارة “ابن الله”. وملوك إسرائيل ولا سيما أولئك الذين كانوا من نسل داود كانوا أيضاً يحملون هذا اللقب. وثمة مزامير كثيرة تشير إلى الملك على أنه “ابن الله” على الرغم من أنه سرعان ما نظر اليهود إلى هذه الفقرات باعتبارها تشير إلى المسيح الآتي.

إلا انه ليس من شك أن عبارة “ابن الله” في الأناجيل قد استعملت للإشارة إلى أن يسوع يقول إنه في علاقة خاصة مع الله نفسه. وكان يسوع مدركاً تماماً بعلاقته الروحية الوثيقة بالله باعتبار أنه أبوه. بل إنه وهو في مقتبل عمره، حين كان في الثانية عشرة[18]، كان يعتبر هيكل أورشليم بين أبيه “فيما لأبي”[19]. وفي قصة مستأجري الكرم الأشرار أوضح بجلاء أنه نفسه ابن المالك الذي أرسله ليضع الأمور في نصابها.

والادعاءات التي لُمّح إليها في هذه القصص وضحها يسوع بشكل تام. لتأخذ على سبيل المثال هذا القول الذي سجله كل من متى ولوقا “كل شيء قد دفع إلي من أبي. وليس أحد يعرف الابن إلا الآب. ولا أحد يعرف الآب إلا الابن ومن أراد الابن أن يعلن له”[20]. ومن الواضح أن يسوع كان يشير هنا إلى علاقة فريدة مع الله، وأنه فعل ذلك دون أن يترك أي فرصة ولو ضئيلة لسوء الفهم.

ومن المؤكد أنه لا يوجد مجال للقول – كما يفعل كثيرون من غير المسيحيين – أن يسوع كان رجلاً صالحاً، ادعى في الواقع أنه ذو طبيعة أسمى من طبيعة البشر. وإذا كان ما قاله يسوع عن نفسه ليس صحيحاً فإما أنه دجال شرير، وإما أنه أبله مخدوع – وليس هناك دليل في الأناجيل أو الآراء التاريخية العامة تتصوره على أي من هاتين الصورتين.

إذاً ما الذي كان يعنيه يسوع حين قال إنه “ابن الله” ومن الطبيعي أن هذا يوضح أهم الأسئلة التي فكر اللاهوتيون وتحدثوا عنها لعدة قرون. وعلى ذلك ليس هناك ما نستطيع قوله هنا مما يحتمل أن يكون الإجابة الشافية والحاسمة لهذا السؤال، غير أنه توجد على الأقل ثلاث حقائق جوهرية يجب مراعاتها إذا كنا نريد أن نفهم – وبوعي – ما كان يقوله يسوع والمسيحيون الأوائل حين استخدموا هذا التعبير:

علينا ألا ننسى إطلاقاً حين نصف يسوع بأنه “ابن الله” أننا نستخدم لغة تصويرية لوصف أمر هو في حقيقته فوق أي وصف. فقد كان يسوع يستخدم صيغة تشبيهية. وقد أخذ العلاقة البشرية بين الابن وأبيه وقال “علاقتي بالله تشبه هذه العلاقة”. ولا يجب أن نأخذ هذا التشبيه بمعناه الحرفي. بل وما كان يشير إلى أن كل ناحية من نواحي علاقتنا بآبائنا تماثل تماماً العلاقة بين يسوع والله. وليس كل واحد في علاقة سعيدة مع أبويه.

على الرغم من أن هناك كثيرين ممن يستطيعون القول بإخلاص “الذي يكرهني يكره أبي أيضاً”[21]، إلا أنه ما من إنسان بمقدوره أن يقول: “أنا والآب واحد”[22]. والواقع أن تعليم يسوع كله، ولا سيما في إنجيل يوحنا، يوضح أن هذه العلاقة بين الآب والابن هي علاقة فريدة، وكانت موجودة قبل أن يولد يسوع في بيت لحم بزمن طويل. فيسوع “كان في البدء عند الله”[23].

ومثل كل الألقاب التي استعرضناها هنا، فإن هذا اللقب أيضاً استخدم في العهد القديم. وتعبير “ابن … ” كان تعبيراً شائعاً في اللغة العبرية. فنجد في العهد القديم – على سبيل المثال – أن الإسرائيليين كانوا يدعون دائماً “بنو إسرائيل”[24]، على الرغم من أن الترجمات الحديثة تجاهلت هذا التعبير وكثيراً ما يطلق على الأشرار عبارة “بنو لئيم” أو “بني بليعال”[25]. وبالنسبة لعبارة “الجنس البشري” فإن اللغة العبرية تترجمها “بنو البشر”[26].

ولذلك فإننا إذا وصفنا أنفسنا بأننا “بنو بشر”، فمعنى هذا أننا نقول إننا نشارك كل الجنس البشري الذي كان قبلنا في نفس سماته وطبيعته. ولذلك فإنه عندما يقول العهد الجديد أن يسوع هو “ابن الله” فهو يقرر هنا أن يسوع يشارك في طبيعة وصفات الله نفسه. وكان يقول إنه حقاً وبالفعل له طبيعة إلهية. وهناك أناس، مثل شهود يهوه – على سبيل المثال – لم يستطيعوا أن يفهموا هذا، لأنهم نسوا أن يسوع كان يستخدم تشبيهاً حين وصف نفسه بأنه “ابن الله” ثم إنهم تجاهلوا أيضاً تعبير “ابن….” في اللغة التي كان يسوع يتكلم بها.

في الأصحاح الأول من إنجيل يوحنا، وفي سفر الرؤيا، تم التعبير عن هذه العلاقة بين يسوع والله بطريقة أخرى[27]. فهناك سُمي يسوع “الكلمة” أو كلمة الله (اللوغوس)[28]. وكلمة الله بالطبع هي الطريقة التي يتصل بها الله بنا، ولكن عندما يقول العهد الجديد عن يسوع إنه “الكلمة” فهو يقصد شيئاً أكثر من ذلك. لأن يوحنا يقول “وكان الكلمة الله”[29]. أي أن رسالة الله للبشرية لم تكن مكتوبة في كتاب فحسب، بل أظهرت في شكل الله نفسه كما قال أيضاً “والكلمة صار جسداً”[30] أي أن الله نفسه تجسد في “الكلمة” في يسوع.

وعلى هذا فإنه حين قال يسوع إنه “ابن الله”، وحين يصف كتبة العهد الجديد هذا بعبارة “كلمة الله” فجميعهم كانوا يقولون هذا لأنه في المسيح نستطيع بحق أن نعرف الله. ولقد قال يسوع نفسه “الذي رآني فقد رأى الآب”[31]. وكلنا لدينا أفكارنا عن الله. وهي أفكار تشكلت طبقاً لتحليلاتنا وأفكارنا المسبقة، ولكن إذا كان ما يقوله يسوع عن نفسه صحيحاً، يصبح بمقدورنا الآن أن نضع الصورة الصحيحة عن الله بدلاً من الصورة الخيالية التي اختلقناها عنه. وهذا هو السبب في أنه من المهم لنا جداً أن نعود إلى ما كان يسوع يقوله ويعلمه فعلاً، لأننا من خلال حياته وتعاليمه نستطيع حقاً أن نرى الله ونسمعه.

العبد

ولعلنا نكتشف شبه الله بشكل أوفى في هذا اللقب الأخير “العبد” الذي يبدو أن يسوع طبقه على نفسه وعلى عمله. حتى أننا لا نجد في أي موضع في الأناجيل أن يسوع استخدم لقب “عبد الله” في مجال الحديث عن نفسه. ومع ذلك فلقد سبق لنا أن رأينا أنه نتيجة أنه عاش ومات بالطريقة التي تم التنبؤ بها عن العبد المتألم في إشعياء[32]، فإن مفهومه عن معنى أن يكون المسيح كان مختلفاً للغاية عن نوعية المسيح الذي كان يتوقعه اليهود في أيامه. كذلك نجد إشارات عديدة لقناعة يسوع أنه سيكون من نصيبه أن يتألم وكما سبق ولاحظنا، فإن أبرز استخدامات تعبير “ابن الإنسان” كانت في إطار أقوال يسوع عن آلامه وموته.

ومنذ أن تعمد، وربما قبل ذلك، رأي يسوع أن مجرى حياته سيكون عبر الآلام[33]، والصوت الذي سمعه عند عماده، والذي يردد كلمات من إحدى الفقرات في سفر إشعياء عن العبد المتألم[34]، أوضح أمامه أن عمل حياته يتركز على التواضع وإنكار الذات، وهذه القناعة كانت تتردد بشكل قوي في تصرفه إزاء اختبار تجربته في البرية. وطبقاً لما جاء في إنجيل مرقص، فقد حذر يسوع تلاميذه في مرحلة مبكرة جداً من خدمته أنه قد اقترب اليوم الذي سوف يرفع هو “العريس”[35] فيه، عن أصحابه. وفور أن أعلن بطرس إيمانه أن يسوع هو المسيح، أخذ يسوع يكرر “أن ابن الإنسان ينبغي أن يتألم كثيراً”[36]. وثمة غرض عظيم سوف ينجز من خلال خدمته وآلامه:

“لأن ابن الإنسان أيضاً لم يأت ليُخدم بل ليخدم ويبذل نفسه فدية عن كثيرين”[37].

لقد صرفنا وقتاً كثيراً نتأمل فيه الألقاب المختلفة التي وصف بها يسوع نفسه. ومعظمها من الصعب فهمه على وجه التفصيل. غير أن لها كلها مضموناً واحداً واضحاً جداً. فلا ريب أن يسوع باستخدامه هذه الألقاب كان يشير إلى علاقته الفريدة بالله وإلى سلطانه الفريد، ونجد أن سلطانه هذا يتم التعبير عنه في قوله إن بمقدوره غفران خطايا الناس.

ولقد رأي علماء الدين اليهودي – وكانوا محقين في ذلك تماماً – أن يسوع يدعي بهذا أنه يمارس سلطاناً يختص به الله وحده. كما أنه طلب من تلاميذه ولاءً وإخلاصاً بشكل لا يمكن أن يكون لأي إنسان عادي الحق في ادعائه على الإطلاق. ولقد قال لكل من سيؤمنون به مستقبلاً: “ومن لا يحمل صليبه ويأتي ورائي فلا يقدر أن يكون لي تلميذاً”[38].

وقول المسيح إن له علاقة فريدة مع الله تم التعبير عنه في إنجيل يوحنا بالتساوي التام بين يسوع والله “أنا والآب واحد”[39] ونجد نفس هذه الأقوال في إنجيلي متى ولوقا[40].

وعلى الرغم من هذا فكثيراً ما يقول لنا المؤرخون غير الدينيين إن يسوع عاش كمعلم متجول، بل إنه لم يدع أنه نبي، وإن الكنيسة الأولى وبولس بصفة خاصة، هو الذي خلع الألوهية عليه. لكن ما قاله يسوع عن نفسه تم التعبير عنه في نفس المصادر الأولى التي سجلت عنه، وعلينا ألا ننسى أنه بمقارنة الأناجيل بالكتابات التاريخية الأخرى للعصر ذاته نجد أنها كتبت بعد الأحداث التي وصفوها بفترة قصيرة جداً.

وأكثر من ذلك فإن عمل الباحثين الذين فحصوا الطريقة التي تمت بها فعلاً كتابة الأناجيل ومهم “نقاد الصيغ” قد أوضحوا أنه لا توجد أية إشارة في أي موضع في العهد الجديد إلى وجود يسوع لم ينسب إلى نفسه قوى خارقة للطبيعة.

والواقع أنه يستحيل حقاً الفصل بين شخص يسوع كإنسان “يسوع التاريخي” وبين المسيح الرب المقام المساوي لله وذلك في الفكر اللاهوتي للكنيسة الأولى.

وإذا كانت ادعاءات يسوع زائفة، نكون والحالة هذه بصدد معلم يهودي تقي كما يحلو لبعض المؤرخين أن يتخيلوا أحياناً، أو نكون بصدد رجل مريض بالوهم، أو مخادع يعرف أنه كذلك. وفي كلتا الحالتين، لا يصنف يسوع إلا مع المسحاء الآخرين الذين كانوا يظهرون على فترات متقطعة في القرن الأول، والذين لم يعش تأثيرهم إلا لفترات وجيزة، والذين قد أصبحوا الآن تقريباً في عالم النسيان، غير أن يسوع لم ينس. وإذا كان تلاميذه قد ادعوا في وقت لاحق ادعاءات جديدة عن أهميته، فإن هذه الادعاءات راسخة تماماً في تعاليمه عن نفسه وعن مكانه في خطط الله.

 

[1] يوحنا 1: 38؛ 3: 2؛ 9: 12.

[2] مرقص 1: 16-21؛ لوقا 4: 16؛ 6: 6.

[3] متى 7: 29؛ مرقص 2: 7.

[4] مرقص 1: 1.

[5] مرقص 8: 29؛ 9: 41؛ 14: 61-62.

[6] مرقص 14: 62.

[7] مرقص 9: 41.

[8] متى 16: 16-17.

[9] مرقص 14: 61-62.

[10] مرقص 5: 1-20.

[11] مرقص 10: 46-52.

[12] مرقص 1: 9-11.

[13] لوقا 4: 1-13.

[14] مرقص 11: 1-11.

[15] متى 27: 54.

[16] لوقا 23: 47.

[17] هوشع 11: 1.

[18] لوقا 2: 49.

[19] مرقص 12: 1-11.

[20] متى 11: 27؛ لوقا 10: 22.

[21] يوحنا 15: 23.

[22] يوحنا 10: 30.

[23] يوحنا 1: 2.

[24] قضاة 1: 1.

[25] تثنية 13: 13.

[26] صموئيل الأول 2: 12.

[27] يوحنا 1: 1-18.

[28] رؤيا 19: 13.

[29] يو 1: 1.

[30] يو 1: 14.

[31] يوحنا 14: 9.

[32] إشعياء 52: 13؛ 53: 12.

[33] مرقص 1: 11.

[34] إشعياء 42: 1.

[35] مرقص 2: 20.

[36] مرقص 8: 31.

[37] مرقص 10: 45.

[38] لوقا 14: 27.

[39] يوحنا 10: 30.

[40] لوقا 10: 22.

المخلص الموعود به من الله – من هو يسوع؟ – إبن الله وإبن الإنسان

Exit mobile version